سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - بلاغة الآيات
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - بلاغة الآيات
سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20
بلاغة الآيات
بلاغة الآيات
1- في قوله تعالى حِكايةً عن المنافقين: إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ صيغة قصر، من قصْر الموصوف على الصِّفة،
وهو مفيد للحصر كالنفي والاستثناء، كأنهم قالوا: إنَّ شأننا ليس إلَّا الإصلاح،
وإنَّ حالنا متمحِّضة عن شوائب الفساد (76) .
2- في قوله: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ تأكيدٌ على فَسادِهم، وردٌّ بليغ على ما ادَّعوه في قولهم:
إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ حيث قصروا أنفسهم على هذا الوصف، فجاء الرد بليغًا؛
فبدأ بجُملة استئنافيَّة اسميَّة؛ للدَّلالة على الثُّبوت، وافتتحها بـألَا التي تُفيد التنبيه إلى تحقُّق ما بعدها،
وإنَّ التي للتأكيد وتقرير النسبة، وأتى بضمير الفصل هُمُ، ثم تعريف الخبَر الْمُفْسِدُونَ؛
لردِّ ما في قصْر أنفسهم على الإصلاح من التعريض بالمؤمنين.
ومثلها في التَّأكيد قوله: ألَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفهاء (77) .
- ويحتمل هُمُ أن يكون تأكيدًا للضمير في إِنَّهُمْ وإن كان فصلًا (78) .
3- في قوله تعالى حِكايةً عن المنافقين: أَنُؤْمِنُ استفهام في معنى الإنكار، أو الاستهزاء (79) ،
والغرَضُ منه: قصْد التبري من الإيمان على أبلغِ وجْهٍ (80) .
4- قوله: لا يَشْعُرُونَ ولا يَعْلَمُونَ فيه تغايرٌ في الفواصل، وهو من محاسنِ البلاغة،
وله أسرارٌ عجيبة تظهر بتأمُّل السِّياق، وهنا لمَّا كان النِّفاق-
وما فيه من بغي وفسادٍ يؤدِّي إلى اشتجار الفتنة-
أمرًا دنيويًّا مبنيًّا على العادات، وهو معلوم عند الناس، بل بمنزلة المحسوس عندهم-
قال فيه: لا يَشْعُرُونَ. ولَمَّا ذَكَر السَّفه في الآية الثانية، وهو جهلٌ مطبِق كان ذِكرُ العلم أكثرَ ملاءمةً،
فقال: لا يَعْلَمُونَ (81) . فالفرق بين قوله تعالى هنا: وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ،
وقوله تعالى فيما سبَق: وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ: أنَّ الإفساد في الأرض أمرٌ حِسيٌّ يدركه الإنسان بإحساسه وشعورِه،
وأمَّا السَّفه فأمْر معنويٌّ يُدرَك بآثاره، ولا يُحسُّ به نفسه؛ فنفَى اللهُ تعالى العِلمَ عن المنافقين؛
لكونهم سفهاءَ، بكلمة يَعْلَمُونَ دون يَشْعُرُونَ؛ لأنَّ اتِّصافهم بالسَّفه ليس ممَّا شأنه الخفاء،
حتى يكون العلمُ به شعورًا، ويكون الجهل به نفيَ شعور، بل هو وصفٌ ظاهِر لا يَخفَى (82) .
5- في قوله: وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ تأكيدٌ شديدٌ على عدم إيمانهم؛ حيث عدَل عن الفِعل- فلم يقل: (وما آمنوا)-
إلى الاسم؛ لإِخراج ذواتهم من عِداد المؤمنين، وأكَّده بالباء؛ للمبالغة في نفْي الإِيمان عنهم.
وتسلُّط النفيِ على اسم الفاعل- الذي ليس مُقيدًا بزمان؛ ليشملَ النفيُ جميعَ الأزمان (83) .
6- قوله: آمنَّا إِنَّا مَعَكُمْ فيه مفارقةٌ بين الجُمَل؛ حيث خاطَبوا المؤمنين بالجملة الفِعليَّة آمَنا،
وخاطَبوا شياطينَهم بالجملة الاسميَّة إنَّا مَعَكُمْ؛ والجملة الاسميَّة أثبتُ من الجملة الفعليَّة؛
فدلَّ أن إيمانهم قصير المدى لا يَعْدو تحريكَ اللِّسان، أو مدةَ التقائهم بالمؤمنين،
وأنَّ رُكونهم إلى شياطينهم دائمٌ ومستمر التجدُّد،
وهو أعلقُ بنفوسهم، وأكثر ارتباطًا بما رسَخ فيها (84) .
7- قوله: اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ أتى بالفِعل المضارع (يستهزئ)، ولم يقل: (مستهزئ) المطابق لقولهم:
إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ؛ ليُفيد حدوث الاستهزاء وتجدُّده وقتًا بعد وقت،
وهكذا كانتْ نكايات الله فيهم، وبلاياه النازِلة بهم (85) .
8- (أولاء) في قوله: أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُا اسم إشارة، والمشار إليه المنافقون،
وجاءتِ الإشارة بصيغة البُعد؛ لبُعد منزلة المنافِق سفولًا (86) .
9- قوله: نارًا جاءت مُنكَّرة؛ للتعظيم والتهويل (87) .
10- قوله: فَلَمَّا أَضَاءتْ.. ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ فيه مراعاةُ النَّظير، وهو التناسُب والائتلاف،
حيث جمَع بين أمرٍ وما يُناسِبه؛ إذ قال: بِنُورِهِمْ ولم يقل: بضوئهم مقابلَ أضاءتْ؛
لأنَّ ذِكْر النور أبلغُ؛ لأنَّ الضوءَ فيه دَلالةٌ على النِّور وزِيادة (وهو الحرارة والإحراق)
كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا [يونس: 5]،
فلو قيل هنا: (ذهَب الله بضوئهم)، لأوهم الذَّهاب بالزِّيادة وبقاءَ ما يُسمَّى نورًا،
والغرَض إزالة النُّور عنهم رأسًا، وطَمْسه أصلًا، وليس إزالةَ الضوء الذي هو زائدٌ عن النور؛
فأذهب النور وبَقِيت الزِّيادة (الحرارة والإحراق) (88) .
والإتيان بحرف الجر الباء أفاد أنَّه لم يبقَ مَطمعٌ في عودة ذلك النور إليهم بالكلية،
وهذا مِن أسمى ما يصِلُ إليه البيان (89) .
- وأيضًا ففيه سرٌّ بديع، وهو انقطاعُ سرِّ تلك المعية الخاصَّة التي هي للمؤمنين من الله تعالى؛
فإنَّ الله تعالى مع المؤمنين، وإنَّ الله مع الصابرين، وإنَّ الله مع الذين اتَّقوا والذين هم مُحسِنون؛
فذَهاب الله بذلك النورِ انقطاعٌ لمعيَّته التي خصَّ بها أولياءَه، فقطعها بينه وبين المنافقين،
فلم يبقَ عِندهم- بعد ذَهاب نورِهم- ولا معهم، فليس لهم نصيبٌ من قوله: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا [التوبة: 40]،
ولا مِن: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62] (90) .
11- قوله: أَوْ كَصَيِّبٍ تنكير (صيِّب) للتعظيم، وإشارة إلى أنَّه نوعٌ من المطر، شديد هائل،
كما نُكرت النَّار في التمثيل الأوَّل (91) .
12- وفي الآيات: حُسن تقسيم؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى ابتدأ هذه السُّورة بالمؤمنين الخُلَّص،
ثم الكفَّار الخلَّص، ثم بالمنافقين؛ وذلك لأنَّ التقسيم ممَّا يزيد الإنسانَ معرفةً وفَهمًا،
وهو من بلاغة القرآن (92) .
13- وفيها من محاسن البلاغَة: ضرْبُ الأمثال المحسوسات للأمور المعقولاتِ (93) .
بلاغة الآيات
الأيات :-
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ
مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)
مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)
يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)
بلاغة الآيات
1- في قوله تعالى حِكايةً عن المنافقين: إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ صيغة قصر، من قصْر الموصوف على الصِّفة،
وهو مفيد للحصر كالنفي والاستثناء، كأنهم قالوا: إنَّ شأننا ليس إلَّا الإصلاح،
وإنَّ حالنا متمحِّضة عن شوائب الفساد (76) .
2- في قوله: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ تأكيدٌ على فَسادِهم، وردٌّ بليغ على ما ادَّعوه في قولهم:
إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ حيث قصروا أنفسهم على هذا الوصف، فجاء الرد بليغًا؛
فبدأ بجُملة استئنافيَّة اسميَّة؛ للدَّلالة على الثُّبوت، وافتتحها بـألَا التي تُفيد التنبيه إلى تحقُّق ما بعدها،
وإنَّ التي للتأكيد وتقرير النسبة، وأتى بضمير الفصل هُمُ، ثم تعريف الخبَر الْمُفْسِدُونَ؛
لردِّ ما في قصْر أنفسهم على الإصلاح من التعريض بالمؤمنين.
ومثلها في التَّأكيد قوله: ألَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفهاء (77) .
- ويحتمل هُمُ أن يكون تأكيدًا للضمير في إِنَّهُمْ وإن كان فصلًا (78) .
3- في قوله تعالى حِكايةً عن المنافقين: أَنُؤْمِنُ استفهام في معنى الإنكار، أو الاستهزاء (79) ،
والغرَضُ منه: قصْد التبري من الإيمان على أبلغِ وجْهٍ (80) .
4- قوله: لا يَشْعُرُونَ ولا يَعْلَمُونَ فيه تغايرٌ في الفواصل، وهو من محاسنِ البلاغة،
وله أسرارٌ عجيبة تظهر بتأمُّل السِّياق، وهنا لمَّا كان النِّفاق-
وما فيه من بغي وفسادٍ يؤدِّي إلى اشتجار الفتنة-
أمرًا دنيويًّا مبنيًّا على العادات، وهو معلوم عند الناس، بل بمنزلة المحسوس عندهم-
قال فيه: لا يَشْعُرُونَ. ولَمَّا ذَكَر السَّفه في الآية الثانية، وهو جهلٌ مطبِق كان ذِكرُ العلم أكثرَ ملاءمةً،
فقال: لا يَعْلَمُونَ (81) . فالفرق بين قوله تعالى هنا: وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ،
وقوله تعالى فيما سبَق: وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ: أنَّ الإفساد في الأرض أمرٌ حِسيٌّ يدركه الإنسان بإحساسه وشعورِه،
وأمَّا السَّفه فأمْر معنويٌّ يُدرَك بآثاره، ولا يُحسُّ به نفسه؛ فنفَى اللهُ تعالى العِلمَ عن المنافقين؛
لكونهم سفهاءَ، بكلمة يَعْلَمُونَ دون يَشْعُرُونَ؛ لأنَّ اتِّصافهم بالسَّفه ليس ممَّا شأنه الخفاء،
حتى يكون العلمُ به شعورًا، ويكون الجهل به نفيَ شعور، بل هو وصفٌ ظاهِر لا يَخفَى (82) .
5- في قوله: وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ تأكيدٌ شديدٌ على عدم إيمانهم؛ حيث عدَل عن الفِعل- فلم يقل: (وما آمنوا)-
إلى الاسم؛ لإِخراج ذواتهم من عِداد المؤمنين، وأكَّده بالباء؛ للمبالغة في نفْي الإِيمان عنهم.
وتسلُّط النفيِ على اسم الفاعل- الذي ليس مُقيدًا بزمان؛ ليشملَ النفيُ جميعَ الأزمان (83) .
6- قوله: آمنَّا إِنَّا مَعَكُمْ فيه مفارقةٌ بين الجُمَل؛ حيث خاطَبوا المؤمنين بالجملة الفِعليَّة آمَنا،
وخاطَبوا شياطينَهم بالجملة الاسميَّة إنَّا مَعَكُمْ؛ والجملة الاسميَّة أثبتُ من الجملة الفعليَّة؛
فدلَّ أن إيمانهم قصير المدى لا يَعْدو تحريكَ اللِّسان، أو مدةَ التقائهم بالمؤمنين،
وأنَّ رُكونهم إلى شياطينهم دائمٌ ومستمر التجدُّد،
وهو أعلقُ بنفوسهم، وأكثر ارتباطًا بما رسَخ فيها (84) .
7- قوله: اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ أتى بالفِعل المضارع (يستهزئ)، ولم يقل: (مستهزئ) المطابق لقولهم:
إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ؛ ليُفيد حدوث الاستهزاء وتجدُّده وقتًا بعد وقت،
وهكذا كانتْ نكايات الله فيهم، وبلاياه النازِلة بهم (85) .
8- (أولاء) في قوله: أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُا اسم إشارة، والمشار إليه المنافقون،
وجاءتِ الإشارة بصيغة البُعد؛ لبُعد منزلة المنافِق سفولًا (86) .
9- قوله: نارًا جاءت مُنكَّرة؛ للتعظيم والتهويل (87) .
10- قوله: فَلَمَّا أَضَاءتْ.. ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ فيه مراعاةُ النَّظير، وهو التناسُب والائتلاف،
حيث جمَع بين أمرٍ وما يُناسِبه؛ إذ قال: بِنُورِهِمْ ولم يقل: بضوئهم مقابلَ أضاءتْ؛
لأنَّ ذِكْر النور أبلغُ؛ لأنَّ الضوءَ فيه دَلالةٌ على النِّور وزِيادة (وهو الحرارة والإحراق)
كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا [يونس: 5]،
فلو قيل هنا: (ذهَب الله بضوئهم)، لأوهم الذَّهاب بالزِّيادة وبقاءَ ما يُسمَّى نورًا،
والغرَض إزالة النُّور عنهم رأسًا، وطَمْسه أصلًا، وليس إزالةَ الضوء الذي هو زائدٌ عن النور؛
فأذهب النور وبَقِيت الزِّيادة (الحرارة والإحراق) (88) .
والإتيان بحرف الجر الباء أفاد أنَّه لم يبقَ مَطمعٌ في عودة ذلك النور إليهم بالكلية،
وهذا مِن أسمى ما يصِلُ إليه البيان (89) .
- وأيضًا ففيه سرٌّ بديع، وهو انقطاعُ سرِّ تلك المعية الخاصَّة التي هي للمؤمنين من الله تعالى؛
فإنَّ الله تعالى مع المؤمنين، وإنَّ الله مع الصابرين، وإنَّ الله مع الذين اتَّقوا والذين هم مُحسِنون؛
فذَهاب الله بذلك النورِ انقطاعٌ لمعيَّته التي خصَّ بها أولياءَه، فقطعها بينه وبين المنافقين،
فلم يبقَ عِندهم- بعد ذَهاب نورِهم- ولا معهم، فليس لهم نصيبٌ من قوله: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا [التوبة: 40]،
ولا مِن: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62] (90) .
11- قوله: أَوْ كَصَيِّبٍ تنكير (صيِّب) للتعظيم، وإشارة إلى أنَّه نوعٌ من المطر، شديد هائل،
كما نُكرت النَّار في التمثيل الأوَّل (91) .
12- وفي الآيات: حُسن تقسيم؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى ابتدأ هذه السُّورة بالمؤمنين الخُلَّص،
ثم الكفَّار الخلَّص، ثم بالمنافقين؛ وذلك لأنَّ التقسيم ممَّا يزيد الإنسانَ معرفةً وفَهمًا،
وهو من بلاغة القرآن (92) .
13- وفيها من محاسن البلاغَة: ضرْبُ الأمثال المحسوسات للأمور المعقولاتِ (93) .
المصدر : الدرر السنية ..
نجمة الكون- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1437نقاط التميز : 2154الجنس :العمر : 30الأبراج :
رد: سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - بلاغة الآيات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـارك الله فيك على الموضـوع القيـم والطـرح الممـــيز
بـــالــتـــوفيق ان شـــــاء الله و ننتظر جديــدك
بـارك الله فيك على الموضـوع القيـم والطـرح الممـــيز
بـــالــتـــوفيق ان شـــــاء الله و ننتظر جديــدك
القلب النابض- مشرف الهواتف والفضائيات
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1634نقاط التميز : 3364الجنس :العمر : 26الأبراج :
رد: سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - بلاغة الآيات
شكرا لك على
هذه المشاركة الرائعة
هذه المشاركة الرائعة
شموخ القوافي- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1461نقاط التميز : 1687الجنس :العمر : 32الأبراج :
رد: سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - بلاغة الآيات
لك كل الشكر والتقدير على مجهودك الرائع والمميز
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
نتمنى لك كل التوفيق والاستمرار والاستفادة
من مواضيعك المميزة
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
نتمنى لك كل التوفيق والاستمرار والاستفادة
من مواضيعك المميزة
IKRaMOne- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1290نقاط التميز : 2098الجنس :العمر : 34الأبراج :
رد: سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - بلاغة الآيات
مشكور
بارك الله فيك
بارك الله فيك
long race- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1087نقاط التميز : 2208الجنس :العمر : 26الأبراج :
مواضيع مماثلة
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 21 إلي 25 - بلاغة الآيات
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 21 إلي 25 - تفسير الآيات
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - تفسير الآيات
» سورة الفاتحة - بلاغة الآيات
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 26 إلي 29 - غريب الكلمات
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 21 إلي 25 - تفسير الآيات
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 8 إلي 20 - تفسير الآيات
» سورة الفاتحة - بلاغة الآيات
» سُورَةِ البَقَرَةِ - من أية 26 إلي 29 - غريب الكلمات
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى