فطنة الأعرابي تجاوزت «ألغام» الحجّاج

هناك رجال في التاريخ يكاد صدى ذكر أسمائهم يقرع الآذان، بما حملته أفعالهم وأقوالهم وشخصياتهم من آثار صاخبة، ومن أولئك الحجاج بن يوسف الثقفي الذي تفيض كتب الروايات والتاريخ الإسلامي بذكره وأحداثه وأفعاله، فهذا الرجل الذي عرف بالشدة والظلم، لم يسلم منه صغير ولا كبير، ولا ذو شأن ولا حقير، حتى كانت الفرائص ترتعد من ذكر اسمه، فمع قدوم الحجاج يأتي السيف، ومع ذكر اسمه يرتفع الخوف في فضاء المتحدثين.

وكم عاش ذلك الأعرابي لحظات عصيبة، مليئة بالخوف والاضطراب، عندما ساقته الأقدار للالتقاء بهذا الرجل الشرس. فقد وقعت مناقشة سريعة، كان السائل فيها الحجاج، والمسؤول فيها بدوي عابر، ولم تكن المشكلة في النقاش بشكل عام، بقدر ما كانت في طيّات هذا النقاش. فقد كانت أسئلة الحجاج ملغومة، مليئة بالحفر والشِّراك، في حين كانت إجابات الأعرابي تفيض بالصدق والعفوية، وكانت هذه العفوية والتلقائية تدفع بصاحبها إلى حتفه، لكن "حلاوة الروح"، تمخضت فولدت في ذهنه فكرة تنم عن فطنة. هذه الفطنة كانت سببا في إنقاذ روحه من بطش الحجاج، الذي حالما سمع ما يتلفظ به الأعرابي من كلمات دافع بها عن نفسه بطريقة فيها ذكاء، حتى انطلق في الضحك، وأمر جنوده بالإفراج عن البدوي، بعد أن كان الأخير قاب قوسين أو أدنى من الاعتقال، وربما القتل.

وفي هذه القصة الكثير من العبر المستفادة، تمتد مساحة الفائدة وتتسع على مدى أذهان وأفهام القراء الكرام، ومن تلك الفوائد أن يعي المرء ما يقول، وأن لا يتلفظ بما يسوقه للندم لاحقا.

وهذه القصة غيض من فيض الروايات التي وردت في الحجاج بن يوسف الثقفي.

انفرد الحجَّاج يومًا عن عسكرهِ، فلقي أعرابيًّا، فقال له: كيف الحجَّاج؟

قال: ظالمٌ غاشم. قال: فهلاَّ شكوتموه إلى عبدالملك.

قال: هو أظلم وأغشم. فأحاط به العسكر، قال: أركبوا البدوي. فلما ركب سأل عنه، فقيل له: هذا الحجَّاج. فركض خلفه وقال: يا حجَّاج. قال: ما لك؟ قال: السرُّ الذي بيني وبينك لا يطَّلع عليه أحد. فضحك منه وأطلقه.

بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ

وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ

لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ

وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ