أبو بكر الصديق - مبايعته
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
أبو بكر الصديق - مبايعته
أبو بكر الصديق - مبايعته
روى الشيخان أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطب الناس مرجعه من الحج،
فقال في خطبته: قد بلغني أن فلانًا منكم يقول: لو مات عمر بايعت فلانًا، فلا يغترن امرؤ أن
يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلته وتمت، ألا وإنها كانت كذلك، إلا أن الله وقى شرها،
وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر،
وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وإن عليًّا والزبير ومن معهما تخلفوا في بيت فاطمة، وتخلفت الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة،
واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار،
فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم،
فقالا: أين تريدون، يا معشر المهاجرين؟ قلت: نؤيد إخواننا من الأنصار،
فقال: عليكم ألا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين؟
فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون،
وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة،
فقلت: ما له؟ قالوا: وجع، فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى
على الله بما هو أهله، وقال: أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا،
وقد دفت دافة منكم تريدون أن تختزلونا من أصلنا وتغصبونها من الأمر،
فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة أعجبتني، أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر،
وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر، فقال أبو بكر: على رسلك! فكرهت أن أغضبه،
وكان أعلم مني، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بداهته مثلها وأفضل منها حتى سكت،
فقال: أما بعد، فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله، ولم تعرف العرب هذا الأمر لهذا الحي من قريش،
هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم،
فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها،
وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلى من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر،
فقال قائل من الأنصار: أن جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش،
وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر،
فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار،
أما والله ما وجدنا فيمن حضرنا أمرًا هو أوفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم،
ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فيهم فساد1.
وأخرج النسائي وأبو يعلى والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا معشر الأنصار،
ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟
فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر2.
وأخرج ابن سعد والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري، قال: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر، قام خطباء الأنصار، فجعل الرجل منهم
يقول: يا معشر المهاجرين إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استعمل رجلاً منكم قرن معه رجلاً منا،
فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان منا ومنكم، فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك، فقام زيد بن ثابت
فقال: أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان من المهاجرين وخليفته من المهاجرين،
ونحن كنا أنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره،
ثم أخذ بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم، فبايعه عمر، ثم بايعه المهاجرون والأنصار،
وصعد أبو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم، فلم ير الزبير، فدعا بالزبير فجاء،
فقال: قلت ابن عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحواريه! أردت أن تشق عصا المسلمين،
فقال: لا تثريب يا خليفة رسول
__________
1 أخرجه البخاري "6830/12".
2 أخرجه النسائي "776/2"، وأبو يعلى في مسنده "1358/2"، والحاكم في المستدرك "67/3"
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
الله. فقام فبايعه، ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليًّا فدعا به فجاء، فقال: قلت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وختنه على ابنته! أردت أن تشق عصا المسلمين، فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبايعه1.
وقال ابن إسحاق في السيرة: حدثني الزهري قال: حدثني أنس بن مالك، قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد،
جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه،
ثم قال: إن الله قد جمع أمركم على خيركم -صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وثاني اثنين إذ هما في الغار- فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة،
ثم تكلم أبو بكر وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم وليست بخيركم،
فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة،
والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله،
ولا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء،
أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
وأخرج أبو موسى بن عقبة في مغازيه، والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف قال: خطب أبو بكر،
فقال: والله ما كنت حريصًا على الإمارة يومًا ولا ليلة قط، ولا كنت راغبًا فيها ولا سألتها الله سرًّا ولا علانية،
ولكني أشفقت من الفتنة، ومالي في الإمارة من راحة، لقد قلدت أمرًا عظيمًا ما لي به من طاقة
ولا يد إلا بتقوية الله، فقال علي والزبير: ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها،
إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي بالناس وهو حي2.
وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التميمي قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى عمر أبا عبيدة بن الجراح
فقال: ابسط يدك لأبايعك، إنك أمين هذه الأمة على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-
فقال أبو عبيدة لعمر: ما رأيت لك فهَّة قبلها منذ أسلمت! أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين؟! الفهَّة: ضعف الرأي3.
وأخرج ابن سعد أيضًا عن محمد أن أبا بكر قال لعمر: ابسط يدك لأبايعك، فقال له عمر: أنت أفضل مني،
فقال أبو بكر، أنت أقوى مني، ثم كرر ذلك، فقال عمر: فإن قوتي لك مع فضلك، فبايعه4.
وأخرج أحمد عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر
__________
1 أخرجه ابن سعد في الطبقات "169/2" والبيهقي في السنن "143/8".
2 أخرجه الحاكم في المستدرك "66/3". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
3 أخرجه ابن سعد في الطبقات "168/2".
4 أخرجه ابن سعد في الطبقات "171/2".
في طائفة من المدينة، فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال: فداء لك أبي وأمي ما أطيبك حيًّا وميتًا، مات محمد ورب الكعبة ...
- فذكر الحديث، قال: وانطلق أبو بكر وعمر يتفاودان حتى أتوهم، فتكلم أبو بكر،
فلم يترك شيئًا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأنهم إلا ذكره
وقال: لقد علمتم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: "لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا لسلكت وادي الأنصار".
ولقد علمت يا سعد أن رسول الله قال وأنت قاعد: "قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم،
وفاجرهم تبع لفاجرهم". فقال له سعد: صدقت، ونحن الوزراء، وأنتم الأمراء1.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: لما بويع أبو بكر رأى من الناس بعض الانقباض
فقال: أيها الناس، ما يمنعكم؟ ألست أحقكم بهذا الأمر؟ ألست أول من أسلم؟ ألست؟ ألست؟ فذكر خصالًا.
وأخرج أحمد عن رافع الطائي، قال: حدثني أبو بكر عن بيعته، وما قالته الأنصار، وما قاله عمر،
قال: فبايعوني وقبلتها منهم، وتخوفت أن تكون فتنة يكون بعدها ردة.
وأخرج ابن إسحاق وابن عابد في مغازيه عنه أنه قال لأبي بكر: ما حملك على أن تلي أمر الناس
وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين؟ قال: لم أجد من ذلك بدًّا، خشيت على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- الفرقة.
وأخرج أحمد عن قيس بن أبي حازم قال: إن لجالس عند أبي بكر الصديق بعد
وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بشهر، فذكر قصته، فنودي في الناس: الصلاة جامعة،
فاجتمع الناس، فصعد المنبر، ثم قال: أيها الناس، لوددت أن هذا كفانيه غيري،
ولئن أخذتموني بسنّة نبيكم ما أطيقها، إن كان لمعصومًا من الشيطان، وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء2.
وأخرج ابن سعد عن الحسن البصري قال: لما بويع أبو بكر قام خطيبًا
فقال: أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره، والله لوددت أن بعضكم كفانيه،
ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- لم أقم به،
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدًا أكرمه الله بالوحي وعصمه به، ألا وإنما أنا بشر،
ولست بخير من أحدكم، فراعوني، ما رأيتموني استقمت فاتبعوني، وإذا رأيتموني زغت فقوموني،
واعلموا أن لي شيطانًا يعتريني، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني، ولا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم3.
وأخرج ابن سعد والخطيب في رواية مالك عن عروة قال: لما ولي أبو بكر خطب الناس
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني قد وليت أمركم، ولست بخيركم،
ولكنه نزل القرآن، وسن النبي -صلى الله عليه وسلم- السنن، وعلمنا فعلمنا،
فاعلموا -أيها الناس- أن أكيس الكيس التقي وأعجز العجز الفجور،
وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن
__________
1 أخرجه أحمد في المسند "5/1".
2 أخرجه أحمد في المسند "14،13/1".
3 أخرجه ابن سعد في الطبقات "192/2".
أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس إنما أنا متبع، ولست بمبتدع،
فإذا أحسنت فأعينوني، وإن أنا زغت فقوموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم1.
قال مالك: لا يكون أحدًا إمامًا أبدًا إلا على هذا الشرط.
وأخرج الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ارتجت مكة، فسمع أبو قحافة ذلك، قال: ما هذا؟ قالوا: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: أمر جلل فمن قام بالأمر بعده؟ قالوا: ابنك، قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة؟
قالوا: نعم، قال: لا واضع لما رفعت، ولا رافع لما وضعت.
وأخرج الواقدي من طرق عن عائشة، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، وغيرهم -رضي الله عنهم-
أن أبا بكر بويع يوم قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة2.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: لم يجلس أبو بكر الصديق في مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
على المنبر حتى لقي الله، ولم يجلس عمر في مجلس أبي بكر حتى لقي الله،
ولم يجلس عثمان في مجلس عمر حتى لقي الله3.
IKRaMOne- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1290نقاط التميز : 2098الجنس :العمر : 34الأبراج :
رد: أبو بكر الصديق - مبايعته
بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ
وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ
لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ
وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ
لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ
وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
أميرة المنتدى- مراقبة الإسلام والأسرة
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 2137نقاط التميز : 3813الجنس :العمر : 24الأبراج :
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى