أبو بكر الصديق - الموقوفة قولًا، أو قضاء، أو خطبة، أو دعاء
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
أبو بكر الصديق - الموقوفة قولًا، أو قضاء، أو خطبة، أو دعاء
أبو بكر الصديق
الموقوفة قولًا، أو قضاء، أو خطبة، أو دعاء
أخرج اللالكائي في السنة عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: أرأيت الزنا بقدر؟
قال: نعم، قال: فإن الله قدره عليّ ثم يعذبني، قال: نعم،
يابن اللخناء! 1، أما والله لو كان عندي إنسان أمرت أن يجأ أنفك.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن الزبير: أن أبا بكر قال وهو يخطب الناس: يا معشر الناس،
استحيوا من الله، فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء مغطيًا رأسي استحياء من الله.
أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عمرو بن دينار قال: قال أبو بكر: استحيو من الله،
فوالله إني لأدخل الكنيف فأسند ظهري إلى الحائط حياء من الله.
وأخرج أبو داود2 في سننه عن أبي عبد الله الصنابحي أنه صلى وراء أبي بكر الصديق.
__________
1 ابن اللخناء: اللخناء: هي المرأة التي لم تختن، وقيل: اللخنة: النتن، وقد لخن السقاء يلخن،
وهي من عبارات الشتم عن العرب انظر: النهاية في غريب الحديث "244/4".
وهي من عبارات الشتم عن العرب انظر: النهاية في غريب الحديث "244/4".
2 أخرجه أبو داود "1832/2".
المغرب، فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل، وقرأ في الثالثة:
{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} الآية. [آل عمران: 8] .
وأخرج ابن أبي خيثمة، وابن عساكر عن ابن عيينة قال: كان أبو بكر إذا عزى رجلًا
قال: ليس مع العزاء مصيبة، وليس مع الجزع فائدة، الموت أهون مما قبله،
وأشد مما بعده، اذكروا فَقْد النبي -صلى الله عليه وسلم- تصغر مصيبتكم، وأعظم الله أجركم.
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن سالم بن عبيد وهو صحابي قال: كان أبو بكر الصديق
يقول لي: قم بيني وبين الفجر حتى أتسحر1.
وأخرج عن أبي قلابة وأبي السفر قالا: كان أبو بكر الصديق يقول: أجيفوا الباب2 حتى نتسحر.
وأخرج البيهقي وأبو بكر بن زياد النيسابوري في كتاب الزيادات، عن حذيفة بن أسيد
قال: لقد أدركت أبا بكر وعمر وما يضحيان، إرادة أن يستن بهما.
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال: شهدت على أبي بكر الصديق أنه قال: كلوا الطافي من السمك3.
وأخرج الشافعي في الأم عن أبي بكر الصديق: أنه كره بيع اللحم بالحيوان.
وأخرج البخاري عنه: أنه جعل الجد بمنزلة الأب، يعني في الميراث4.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن عطاء عن أبي بكر قال: الجد بمنزلة الأب ما لم يكن أب دونه،
ابن الابن بمنزلة الابن ما لم يكن ابن دونه.
وأخرج عن القاسم: أن أبا بكر أتى برجل انتفى من أبيه، فقال أبو بكر: اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس.
وأخرج عن ابن أبي مالك قال: كان أبو بكر إذا صلى على الميت قال: اللهم عبدك أسلمه الأهل
والمال والعشيرة، والذنب عظيم، وأنت الغفور الرحيم.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن عمر: أن أبا بكر قضى بعاصم بن عمر بن الخطاب
لأم عاصم، وقال: ريحها وشمها ولطفها خير له منك.
وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: إن أبي يريد أن يأخذ
مالي كله يجتاحه، فقال لأبيه، إنما لك من ماله ما يكفيك، فقال: يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك"؟ فقال: نعم، وإنما يعني بذلك النفقة5.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة "2/ 441/ 2".
2 أجيفوا الباب: أي أغلقوا الباب وردوه.
3 أخرجه أبو داود "3815/4".
4 أخرجه البخاري "12ص19" تعليقًا.
5 أخرجه البيهقي في سننه "481/7".
وأخرج أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أبا بكر وعمر كانا لا يقتلان الحر بالعبد.
وأخرج البخاري عن ابن أبي مليكة عن جده: أن رجلًا عض يد رجل فأندر ثنيته فأهدرها أبو بكر1.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عكرمة: أن أبا بكر قضى في الأذن بخمس عشرة من الإبل،
وقال: يواري شينها الشعر والعمامة.
وأخرج البيهقي وغيره عن أبي عمران الجوني: أن أبا بكر بعث جيوشًا إلى الشام،
وأمر عليهم يزيد بن أبي سفيان، فقال: إني موصيك بعشر خلال: لا تقتلوا امرأة، ولا صبيًّا،
ولا كبيرًا هرمًا، ولا تقطع شجرًا مثمرًا، ولا تخربن عامرًا، ولا تعقر شاة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، ولا تغرقن نخلًا، ولا تحرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن2.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي برزة الأسلمي، قال: غضب أبو بكر من رجل،
فاشتد غضبه جدًّا، فقلت: يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اضرب عنقه،
قال: ويلك! ما هي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم3.
وأخرج سيف في كتاب الفتوح عن شيوخه: أن المهاجر بن أمية وكان أمير اليمامة
رفع إليه امرأتان مغنيتان غنت إحداهما بشتم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطع يدها،
ونزع ثنيتها، وغنت الأخرى بهجاء المسلمين، فقطع يدها، ونزع ثنيتها، فكتب إليه أبو بكر:
بلغني الذي فعلت في المرأة التي غنت بشتم النبي -صلى الله عليه وسلم-
فلولا ما سبقتني فيها لأمرتك بقتلها؛ لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود،
فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد، أو معاهد فهو محارب غادر، وأما التي غنت بهجاء المسلمين،
فإن كانت ممن يدعي الإسلام فأدب وتعزير دون المثلة، وإن كانت ذمية فلعمري لما صفحت عنه من الشرك أعظم،
ولو كنت تقدمت إليك في هذا لبلغت مكروهًا فاقبل الدعة، وإياك والمثلة في الناس، فإنها مأثم ومنفرة إلا في قصاص.
وأخرج مالك والدارقطني عن صفية بنت أبي عبيدة: أن رجلًا وقع على جارية بكر واعترف،
فأمر به فجلد، ثم نفاه إلى فدك4.
وأخرج أبو يعلى عن محمد بن حاطب قال: جيء إلى أبي بكر برجل قد سرق، وقد قطعت قوائمه،
فقال أبو بكر: ما أجد لك شيئًا إلى ما قضى فيك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يوم أمر بقتلك، فإنه كان أعلم بك، فأمر بقتله.
وأخرج مالك عن القاسم بن محمد: أن رجلًا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر،
فشكا إليه أن عامل اليمن ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر
__________
1 أخرجه البخاري "2266/4".
2 أخرجه البيهقي في سننه "90/9".
3 أخرجه أبو داود "4363/4"، والنسائي "4082/7"، وأحمد في مسنده "9/1".
4 أخرجه مالك في الموطأ "13/826/2".
وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم افتقدوا حليًّا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر،
فجعل يطوف معهم، ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح،
فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف الأقطع أو شهد عليه،
فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر: والله لدعائه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته.
وأخرج الدارقطني عن أنس: أن أبا بكر قطع في مجن قيمته خمسة دراهم1.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي صالح قال: لما قدم أهل اليمن زمان أبي بكر وسمعوا القرآن جعلوا يبكون،
فقال أبو بكر: هكذا كنا، ثم قست القلوب، قال أبو نعيم: أي قويت واطمأنت بمعرفة الله تعالى.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: قال أبو بكر: ارقبوا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته2.
وأخرج أبو عبيد في الغريب عن أبي بكر قال: طوبى لمن مات في النأنأة: أي في أول الإسلام قبل تحرك الفتن.
وأخر الأربعة ومالك عن قبيصة قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها،
فقال: مالك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا،
فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أعطاها السدس: فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر3.
أخرج مالك والدارقطني عن القاسم بن محمد: أن جدتين أتتا أبا بكر تطلبان ميراثهما أم أم وأم أب،
فأعطى الميراث لأم الأم، فقال له عبد الرحمن بن سهل الأنصاري وكان ممن شهد بدرًا،
وهو أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله، أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها، فقسمه بينهما4.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عائشة -رضي الله عنها- حديث امرأة رفاعة التي طلقت منه،
وتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، فلم يستطع أن يغشها وأرادت العود إلى رفاعة،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك".
وهذا القدر في الصحيح، وزاد عبد الرزاق: فقعدت ثم جاءت فأخبرته أنه مسها،
فمنعها أن ترجع إلى زوجها الأول، وقال: "اللهم إن كان أنمى بها أن ترجع إلى رفاعة
فلا يتم لها نكاحه مرة أخرى"، ثم أتت أبا بكر وعمر في خلافتهما فمنعاها5.
__________
1 أخرجه الدارقطني في سننه "186/3".
2 أخرجه البخاري "3713/7".
3 أخرجه أبو داود "2894/3"، والترمذي "2101/2100/4"، وابن ماجه "2724/2"، والنسائي في الكبرى "5/ 9096"، ومالك في الموطأ "4/513/2".
4 أخرجه مالك في الموطأ "5/513/2"، والدارقطني في سننه "90/4".
5 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11133/6".
وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر: أن عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة بعثاه
يريدا إلى أبي بكر برأس بنان بطريق الشام، فلما قدم على أبي بكر أنكر ذلك،
فقال له عقبة، يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم يصنعون ذلك بنا،
قال: أفيستنان بفارس والروم، لا يحمل الرأس إنما يكفي الكتاب والخبر.
وأخرج البخاري عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب
فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمتة، قال لها: تكلمي،
فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتلكمت، فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين،
قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش؟ قال: إنك لسئول، أنا أبو بكر،
قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه
ما استقامت أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أو ما كان لقومك رءوس وأشراف
يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى قال: فهم أولئك الناس1.
وأخرج البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج،
وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيء، فأكل منه أبو بكر،
فقال الغلام: تدري ما هذا؟ قال أبو بكر: ما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية
وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته فلقيني، فأعطاني هذا الذي أكلت منه،
فأدخل أبو بكر يده، فقاء كل شيء في بطنه2.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن سيرين قال: لم أعلم أحدًا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر، وذكر القصة.
وأخرج النسائي عن أسلم: أن عمر اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه،
فقال: هذا الذي أوردني الموارد.
وأخرج أبو عبيدة في الغريب عن أبي بكر أنه مر بعبد الرحمن بن عوف وهو يماظ جارًا له
فقال له: لا تماظ جارك، فإنه يبقى ويذهب عنك الناس، المماظة: المنازعة والمخاصمة.
وأخرج ابن عساكر عن موسى بن عقبة: أن أبا بكر الصديق كان يخطب فيقول: الحمد الله رب العالمين،
أحمده وأستعينه، ونسأله الكرامة فيما بعد الموت فإنه قد دنا أجلي وأجلكم،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا؛
لينذر من كان حيًّا ويحق القول على الكافرين، ومن يطع الله ورسوله فقد رشد،
ومن يعصهما فقد ضل ضلالاً مبينًا، أوصيكم بتقوى الله والاعتصام بأمر الله الذي شرع لكم وهداكم به،
فإن جوامع هدى الإسلام بعد كلمة الإخلاص السمع والطاعة لمن ولاه الله أمركم
فإنه من يطع الله وأولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أفلح وأدى الذي عليه من الحق،
وإياكم واتباع الهوى، فقد أفلح من حفظ من الهوى والطمع والغضب.
__________
1 أخرجه البخاري "3834/7".
2 أخرجه البخاري "3842/3".
وإياكم والفخر، وما فخر من خلق من تراب، ثم إلى التراب يعود، ثم يأكله الدود،
ثم هو اليوم حي وغدًا ميت؟! فاعملوا يومًا بيوم، وساعة بساعة، وتوقوا دعاء المظلوم،
وعدوا أنفسكم في الموتى، واصبروا فإن العمل كله بالصبر، واحذروا الحذر ينفع،
واعملوا والعمل يقبل، واحذروا ما حذركم الله من عذابه، وسارعوا فيما وعدكم الله من رحمته،
وافهموا وتفهموا، واتقوا وتوقوا، فإن الله قد بين لكم ما أهلك به من كان قبلكم،
وما نجى به من نجى قبلكم، قد بين لكم في كتابه حلاله وحرامه وما يحب من الأعمال،
وما يكره، فإني لا آلوكم ونفسي، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
واعلموا أنكم ما أخلصتم لله من أعمالكم، فربكم أطعتم، وحظكم حفظتم، واغتبطتم،
وما تطوعتم به لدينكم فاجعلوه نوافل بين أيديكم تستوفوا لسلفكم، وتعطوا جرايتكم حين فقركم وحاجتكم إليها،
ثم تفكروا عباد الله في إخوانكم وصحابتكم الذين مضوا، قد وردوا على ما قدموا فأقاموا عليه،
وحلوا في الشقاء والسعادة فيما بعد الموت، إن الله ليس له شريك وليس بينه وبين أحد
من خلقه نسب يعطيه به خيرًا، ولا يصرف عنه سوءًا إلا بطاعته واتباع أمره،
فإنه لا خير في خير بعده النار، ولا شر في شر بعده الجنة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
وصلوا على نبيكم -صلى الله عليه وسلم- والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن عبد الله بن حكيم قال: خطبنا أبو بكر الصديق فحمد الله
وأثنى عليه بما هو له أهل، ثم قال: أوصيكم بتقوى الله، وأن تثنوا عليه بما هو له أهل،
وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، فإن الله تعالى أثنى على زكريا وأهل بيته فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين} [الأنبياء: 90] ثم اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ على
ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم،
لا يطفأ نوره ولا تنقضي عجائبه، فاستضيئوا بنوره، وانتصحوا كتابه، واستضيئوا منه ليوم الظلمة،
فإنه إنما خلقكم لعبادته، ووكل بكم كرامًا كاتبين، يعلمون ما تفعلون
، ثم اعملوا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه،
فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بإذن الله،
سابقوا في آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فتردكم إلى أسوأ أعمالكم، فإن قومًا جعلوا آجالهم لغيرهم،
ونسوا أنفسهم، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم، فالوحا الوحا1،
ثم النجاء النجاء، فإن وراءكم طالبًا حثيثًا أمره سريع2.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن يحيى بن أبي كثير:
أن أبا بكر كان يقول في خطبته: أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم؟ أين الملوك الذين
__________
1 الوحا الوحا: أي السرعة السرعة، ويمد ويقصر يقال: "توحيت توحيًا" إذا أسرعت وهو منصوب على الإغراء بفعل مضمر.
2 أخرجه الحاكم في المستدرك "383/2"، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال الذهبي: عبد الرحمن بن إسحاق كوفي ضعيف.
بنوا المدائن وحصنوها؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ قد تضعضعت
أركانهم حين أخنى بهم الدهر1 وأصبحوا في ظلمات القبور! الوحا الوحا ثم النجاء النجاء2.
وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان قال: أتيت أبا بكر، فقلت: اعهد إلي فقال: يا سلمان،
اتق الله، واعلم أنه سيكون فتوح فلا أعرفن ما كان حظك منها ما جعلته في بطنك أو ألقيته
على ظهرك، واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس، فإنه يصبح في ذمة الله، ويمسي في ذمة الله تعالى،
فلا تقتلن أحدًا من أهل ذمة الله فتخفر الله في ذمته3 فيكبك الله في النار على وجهك.
وأخرج عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: يقبض الصالحون الأول فالأول
حتى يبقى من الناس حثالة كحثالة التمر والشعير، لا يبالي الله بهم.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن معاوية بن قرة: أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه-
كان يقول في دعائه: اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن، قال: بلغني أن أبا بكر كان يقول في دعائه:
اللهم إني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر، اللهم اجعل آخر ما تعطيني من الخير رضوانك والدرجات العلا من جنات النعيم4.
وأخرج عن عرفجة قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: من استطاع أن يبكي فليبك، وإلا فليتباك.
وأخرج عن عزرة عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: أهلكنا الأحمران: الذهب، والزعفران.
وأخرج عن مسلم بن يسار عن أبي بكر قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة
وانقطاع شسعه5، والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في غبنه6.
وأخرج عن ميمون بن مهران، قال: أتى أبو بكر بغراب وافر الجناحين، فقلبه ثم
قال: ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح.
وأخرج البخاري في الأدب وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الصنابحي: أنه سمع أبا بكر
يقول: إن دعاء الأخ لأخيه في الله يستجاب7.
وأخرج عبد الله في زوائد الزهد عن عبيد بن عمير، عن لبيد الشاعر: أنه قدم على أبي بكر
فقال: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، فقال صدقت، فقال: وكل نعيم لا محالة زائل،
فقال: كذبت، عند الله نعيم لا يزول، فلما ولي قال أبو بكر: ربما قال الشاعر الكلمة من الحكمة.
__________
1 أخنى بهم الدهر: أي أسلمهم وأخفر ذمتهم. النهاية في غريب الحديث "86/2".
2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "34/1".
3 فتخفر الله في ذمته: أي تنقض عهده وذمامه وفعله الماضي: أخفر والهمزة للإزالة أي: أزلت خفارته، والخفارة: الحماية والكفالة. والخفارة: الذمام. انظر النهاية في غريب الحديث "52/2".
4 أخرجه أحمد في الزهد "ص: 139".
5 الشسع: أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الأصبعين. النهاية "472/2".
6 أخرجه أحمد في الزهد "ص: 136".
7 أخرجه البخاري في الأدب المفرد "ح486"، وأحمد في الزهد "ص: 138".
IKRaMOne- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1290نقاط التميز : 2098الجنس :العمر : 34الأبراج :
رد: أبو بكر الصديق - الموقوفة قولًا، أو قضاء، أو خطبة، أو دعاء
بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ
وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ
لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ
وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ
لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ
وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
أميرة المنتدى- مراقبة الإسلام والأسرة
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 2137نقاط التميز : 3813الجنس :العمر : 24الأبراج :
رد: أبو بكر الصديق - الموقوفة قولًا، أو قضاء، أو خطبة، أو دعاء
مشكور على الموضوع
ننتضر جديدك
ننتضر جديدك
New Post- مديرة ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 4133نقاط التميز : 6472الجنس :العمر : 25الأبراج :
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى