بحث حول علاقه علم الاجتماع بالعلوم الاجتماعية الأخرى

بحث حول علاقه علم الاجتماع بالعلوم الاجتماعية الأخرى

تنقسم العلوم بشكل عام إلى قسمين رئيسين هما العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية ولكل من هذه العلوم طابعه التخصصي وله نظرياته ومناهجه البحثية التي تميزه عن باقي العلوم الأخرى؛ ومع هذا فإنَّ هناك ظواهر اجتماعية يشترك في دراستها أكثر من علم واحد ولكن كل علم يدرسها من زاوية تخصصه، وهذا الأمر أدى إلى أنْ تكون جميع هذه العلوم متداخلة فيما بينها، وهذه التداخلات ولدت ميادين جديدة فمثلاً التداخل بين علم الاجتماع وعلم النفس ولد لنا علم النفس الاجتماعي كذلك التداخل بين علم الاجتماع وعلم الاقتصاد ولد لنا علم الاجتماع الاقتصادي وكذلك التداخل بين علم الاجتماع والتأريخ أنتج لنا تأريخ الفكر الاجتماعي. وهذا الأمر يشمل العلوم الطبيعية أيضاً، وهذا يعني أنَّه لا يوجد استقلال مطلق بين العلوم الاجتماعية بالرغم من الموضوعات التي تخص كل علم والتي تميزه عن بقية العلوم الأخرى. ونحاول في هذه المحاضرة أنْ

علم التاريخ : HISTORY

هو دراسة ماضي المجتمعات وحاضرها دراسة علمية، ودراسة فنها وتاريخها الأدبي وموسيقاها في حربها وسلمها. وإذا عقدنا موازنة بين علم الاجتماع والتأريخ سنقف على الآتي:

التأريخ

1- يهتم بالماضي وأحداثه الفريدة بكل دقة خلال مدة زمنية معينة ويبحث في أسباب وقوع الأحداث.
2- يهتم بدراسة حياة القائد السياسي أو العسكري أو الديني أو المصلح الاجتماعي أو العالم.
3- يهتم بتباين الأحداث المتباينة أو المختلفة مثلا اهتمامه بثورة العشرين في العراق او حروب نابليون أو الحرب العالمية الأولى أو الثانية.

علم الاجتماع

1- يهتم بسلوك الأفراد وليس السلوكيات الفردية، فهو يهتم بدرجة تكرار الحدث ومعرفة أسبابه مثل اهتمامه بالثورة وأسبابها ونتائجها على المجتمع.
2- لا يهتم بدراسة حياة القائد بل بالقيادة بوصفها ظاهرة اجتماعية.
3- لا يهتم بنتائج هذه الحروب فحسب بل يهتم بالحرب بوصفها ظاهرة اجتماعية صراعية وما يمكن أنْ تنتجه من تماسك اجتماعي.

علم الاقتصاد : ECONOMICS

يحتوي علم الاقتصاد على دراسة الإنتاج Production والتوزيع Distribution والاستهلاك Consumption للبضائع والخدمات. فحين يدرس عالم الاقتصاد عرض القوة العاملة يدرس عالم الاجتماع سلوك العمال ومدى إنتاجيتهم ونوعية العمال وجنسهم و مستواهم العلمي وأعمارهم والمشكلات التي يعانونها وبيئة ومكان العمل وهكذا. ويستطيع عالم الاجتماع أنْ يفيد الاقتصادي في نقل حاجة الناس الى تخطيط اقتصاد يفي بمطالب الناس خاصة ما يتعلق بالعرض والطلب Supply and Demand

العلوم السياسية: POLITICAL SCIENCE

تهتم العلوم السياسية بدراسة الظواهر السائدة في المجتمع، مثل الدولة والسلطة والنفوذ ومعرفة نشوء الأنظمة السياسية ونوع السيطرة ودراسة التنظيمات الرسمية الحزبية، وهذه الموضوعات هي أوجه حياة المجتمع التي يهتم بها علم الاجتماع أيضاً.

علم الإنسان- الأنثروبولوجي: ANTHROPOLOGY

يدرس علم الانثروبولوجي الفروق الإنسانية من خلال البيئة المقارنة للشعوب والثقافات المختلفة. حيث يقضي عالم الإنسان حياته بين قبائل متحركة منعزلة في الصحاري والغابات ويدرس طريقة حياتها ويطبق ما درسه على المجموعات الصغيرة في المجتمعات الصناعية . وقد ساعدت الدراسات الانثروبولوجية على دراسة أفراد العصابات في المدن والفرق المدرسية الشاذة وتغير العادات بين المهاجرين الجدد وتصرفات الجنسين ودورهما في الحياة الخاصة والعامة. ولهذا العلم صلة وثيقة بعلم الاجتماع وهو يدرس في الجامعات الكبرى ويمنح الدارسون فيه منح بحثية لدراسة غرائب العادات والظروف الحياتية في المجتمعات المنعزلة البعيدة عن الحضارة وطرق المواصلات. ومن مفاهيم الأنثروبولوجيا الثقافة والتراث ووسائل العيش واللغة والرموز والإشارات وطرق الملبس والمأكل والمسكن والزواج والطلاق والإنجاب والتنشئة الاجتماعية والعادات والقيم والأعراف ، وجميع هذه الموضوعات تقع في صلب اهتمام علم الاجتماع. بالرغم من أنَّ علم الاجتماع يميل ‘إلى دراسة المجتمعات الكبيرة القطرية او القومية أو لكونية في حين يهتم علم الإنسان بدراسة المجتمعات المحلية غير الحضرية أو الحديثة.

علم النفس: PSYCHOLOGY
يدرس العالم النفسي أصل السلوك الإنساني بشقيه البيولوجي والاجتماعي من خلال التفكير والشعور والتصور ويهتم بالعامل الوراثي أكثر من العامل المكتسب عند دراسة الحالات المرضية أو الغريبة المنفردة وله تخصصات في الطب النفسي والتعليم الخاص والمعوقات الجسدية والعقلية ويدرس الشخصية والدوافع والعلم والذكاء وغيرها. أمَّا عالم الاجتماع النفسي فيقوم بدراسة المؤثرات الاجتماعية على انحراف أو انسجام السلوك الإنساني ضمن المجموعة. وتطور شخصية الإنسان خلال حياته بوصفه فرد في أسرته أو مدرسته أو مكان عمله أو مركزه الاجتماعي. الملاحظ أنَّ جميع موضوعات علم النفس تنشأ في المحيط الاجتماعي الذي يهتم به علم الاجتماع؛ لذا يمكن القول أنَّ علاقة علم الاجتماع بعلم النفس هي الأقرب من بقية العلوم الاجتماعية.

ولتوضيح العلاقة بين علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية الأخرى ننتقل على ما كتبه الأستاذ بتريم سروكن في هذا الخصوص حين صور علم الاجتماع بصورة العمود الفقري لجميع العلوم الاجتماعية وأنَّه الوعاء الكبير الذي يتضمنها جميعاً لأنَّ جميع العلوم الاجتماعية كما مرّ بنا سابقاً تأخذ جانباً واحداً من الظاهرة الاجتماعية؛ بينما يأخذ علم الاجتماع الظاهرة الاجتماعية ويدرسها بكاملها.