أبو بكر الصديق - صحبته ومشاهده
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
أبو بكر الصديق - صحبته ومشاهده
أبو بكر الصديق
صحبته ومشاهده
قال العلماء: صحب أبو بكر النبي -عليه الصلاة والسلام- من حين أسلم إلى حين توفي، لم يفارقه سفرًا ولا حضرًا، إلا فيما أذن له عليه الصلاة والسلام في الخروج فيه من حج وغزو، وشهد معه المشاهد كلها، وهاجر معه، وترك عياله وأولاده رغبة في الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو رفيقه في الغار، قال تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: 40] وقام بنصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غير موضع، وله الآثار الجميلة في المشاهد، وثبت يوم أحد ويوم حنين، وقد فرّ الناس، كما سيأتي في فصل شجاعته.
أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: تباشرت الملائكة يوم بدر، فقالوا: أما ترون الصديق مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العريش؟
وأخرج أبو يعلى، والحاكم، وأحمد، عن علي قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر ولأبي بكر: "مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل"5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورده ابن كثير في البداية والنهاية "27/3".
2 أخرجه البيهقي في دلائل النبوة "164/2".
3 أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان "325/2".
4 أخرجه البخاري "4640/8".
5 أخرجه أبو يعلى في مسنده "340/1" ، وأحمد في المسند "117/1" بنحوه، والحاكم في المستدرك "68/3". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
ص -33- وأخرج ابن عساكر عن ابن سيرين: أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان يوم بدر مع المشركين، فلما أسلم قال لأبيه: لقد أهدفت لي يوم بدر، فانصرفت عنك ولم أقتلك، فقال أبو بكر: لكنك لو أهدفت لي لم أنصرف عنك.
قال ابن قتيبة: معنى أهدفت: أشرفت، ومنه قيل للبناء المرتفع: هدف.
فصل: في شجاعته وأنه أشجع الصحابة رضي الله عنه
أخرج البزار في مسنده عن علي أنه قال: أخبروني من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت، قال: أما إني ما بارزت أحدًا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر، فجعلنا لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- عريشًا، فقلنا: من يكون مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لئلا يهوى إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لا يهوى إليه أحد إلا هوى إليه؛ فهو أشجع الناس، قال علي رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وأخذته قريش، فهذا يجبأه1، وهذا يتلتله2، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا؟ قال: فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا، ويجبأ هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم! أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، ثم رفع على بردة كانت عليه، فبكى حتى اخضلّت3 لحيته ثم قال: أنشدكم الله، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ فوالله لساعة من أبي بكر خير من ألف ساعة من مثل مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه.
وأخرج البخاري عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبيانات من ربكم؟4.
وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده عن أبي بكر، قال: لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فكنت أول من فاء، وسيأتي تتمة الحديث في مسند ما رواه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يجبأ: أي يخرج، يقال: جبأ عليه يجبأ إذا خرج، وفي حديث أسامة: "فلما رأونا جبئوا من أخبيتهم" أي: خرجوا. انظر: النهاية في غريب الحديث "233/1".
2 يتلتله: هو في الأصل: السوق بعنف، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أتى بشارب فقال: تلتلوه" وهو أن يحرك ويستنكه ليعلم هل شرب أم لا.
3 اخضلّت لحيته: أي ابتلت بالدموع، يقال: خضل، واخضل إذا ندى.
4 أخرجه البخاري "3678/7".
ص -34- وأخرج ابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما اجتمع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً، أَلَحَّ أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهور، فقال: يا أبا بكر، إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتفرق المسلمون في نواحي المسجد، كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، وضربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا1. وسيأتي تتمة الحديث في ترجمة عمر رضي الله عنه.
وأخرج ابن عساكر عن علي -رضي الله عنه- قال: لما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
فصل: في إنفاقه ماله على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه أجود الصحابة
قال الله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل: 18،17] إلى آخر السورة. قال ابن الجوزي: أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر" فبكى أبو بكر، وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟2.
وأخرج أبو يعلى من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا مثله.
قال ابن كثير: وروى أيضًا من حديث علي، وابن عباس، وأنس، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، رضي الله عنهم، وأخرجه الخطيب عن سعيد بن المسيب مرسلاً، وزاد: وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه3.
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة -رضي الله عنها- وعروة بن الزبير: أن أبا بكر -رضي الله عنه- أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار -وفي لفظ: أربعون ألف درهم- فأنفقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو سعيد الأعرابي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أسلم أبو بكر رضي الله عنه يوم أسلم وفي منزله أربعون ألف درهم فخرج إلى المدينة في الهجرة وما له غير خمسة آلاف، كل ذلك ينفقه في الرقاب والعون على الإسلام. وأخرج ابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورده ابن كثير في البداية والنهاية "30/3".
2 أخرجه أحمد في المسند "235/2".
3 أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه "21/8، 364/10".
ص -35- وأخرج ابن شاهين في السنة، والبغوي في تفسيره، وابن عساكر عن ابن عمر قال: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو بكر الصديق، وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال، فنزل عليه جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها في صدره بخلال؟ فقال: "يا جبريل أنفق ماله عليّ قبل الفتح"، قال: فإن الله تعالى يقرأ عليه السلام، ويقول: قل له: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال أبو بكر: أسخط علي ربي!! أنا عن ربي راضٍ، أنا عن ربي راضٍ. غريب، وسنده ضعيف جدًّا.
وأخرج أبو نعيم عن أبي هريرة، وابن مسعود مثله، وسندهما ضعيف أيضًا.
وأخرج ابن عساكر نحوه من حديث ابن عباس.
وأخرج الخطيب بسند واهٍ أيضًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هبط عليّ جبريل -عليه السلام- وعليه طنفسة1 وهو متخلل بها، فقلت له: يا جبريل، ما هذا؟ قال: إن الله تعالى أمر الملائكة أن تتخلل في السماء كتخلل أبي بكر في الأرض".
قال ابن كثير: وهذا منكر جدًّا، وقال: ولولا أن هذا والذي قبله يتداوله كثير من الناس لكان الإعراض عنهما أولى.
وأخرج أبو داود والترمذي، عن عمر بن الخطاب، قال: أمرنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن نتصدق فوافق ذلك مالاً عندي، قلت: اليوم أسبق أبا بكر -إن سبقته يومًا- فجئت بنصف مالي، فقال رسو الله عليه الصلاة والسلام: "ما أبقيت لأهلك؟" قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: "يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟" قال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسبقه في شيء أبدًا2. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن البصري: أنا أبا بكر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بصدقته فأخفاها، فقال: يا رسول الله هذه صدقتي ولله عندي معاد، وجاء عمر بصدقته فأظهرها، فقال: يا رسول الله هذه صدقتي ولي عند الله معاد، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما بين صدقتيكما كما كلمتيكما"3. إسناده جيد لكنه مرسل.
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه إلا أبا بكر، فإن له عندنا يد يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر"4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طنفسة: بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء: هي البساط الذي خمل رقيق، وجمعه طنافس.
2 أخرجه أبو داود "1678/2"، والترمذي "3675/5" وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "32/1".
4 أخرجه الترمذي "3661/5". وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
ص -36- وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: جئت بأبي قحافة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هلا تركت الشيخ حتى آتيه"، قال: بل هو أحق أن يأتيك، قال: "إننا نحفظه لأيادي ابنه عندنا"1.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما أحد عندي أعظم يدًا من أبي بكر، واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته".
صحبته ومشاهده
قال العلماء: صحب أبو بكر النبي -عليه الصلاة والسلام- من حين أسلم إلى حين توفي، لم يفارقه سفرًا ولا حضرًا، إلا فيما أذن له عليه الصلاة والسلام في الخروج فيه من حج وغزو، وشهد معه المشاهد كلها، وهاجر معه، وترك عياله وأولاده رغبة في الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو رفيقه في الغار، قال تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: 40] وقام بنصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غير موضع، وله الآثار الجميلة في المشاهد، وثبت يوم أحد ويوم حنين، وقد فرّ الناس، كما سيأتي في فصل شجاعته.
أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: تباشرت الملائكة يوم بدر، فقالوا: أما ترون الصديق مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العريش؟
وأخرج أبو يعلى، والحاكم، وأحمد، عن علي قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر ولأبي بكر: "مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل"5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورده ابن كثير في البداية والنهاية "27/3".
2 أخرجه البيهقي في دلائل النبوة "164/2".
3 أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان "325/2".
4 أخرجه البخاري "4640/8".
5 أخرجه أبو يعلى في مسنده "340/1" ، وأحمد في المسند "117/1" بنحوه، والحاكم في المستدرك "68/3". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
ص -33- وأخرج ابن عساكر عن ابن سيرين: أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان يوم بدر مع المشركين، فلما أسلم قال لأبيه: لقد أهدفت لي يوم بدر، فانصرفت عنك ولم أقتلك، فقال أبو بكر: لكنك لو أهدفت لي لم أنصرف عنك.
قال ابن قتيبة: معنى أهدفت: أشرفت، ومنه قيل للبناء المرتفع: هدف.
فصل: في شجاعته وأنه أشجع الصحابة رضي الله عنه
أخرج البزار في مسنده عن علي أنه قال: أخبروني من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت، قال: أما إني ما بارزت أحدًا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر، فجعلنا لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- عريشًا، فقلنا: من يكون مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لئلا يهوى إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لا يهوى إليه أحد إلا هوى إليه؛ فهو أشجع الناس، قال علي رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وأخذته قريش، فهذا يجبأه1، وهذا يتلتله2، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا؟ قال: فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا، ويجبأ هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم! أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، ثم رفع على بردة كانت عليه، فبكى حتى اخضلّت3 لحيته ثم قال: أنشدكم الله، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ فوالله لساعة من أبي بكر خير من ألف ساعة من مثل مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه.
وأخرج البخاري عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبيانات من ربكم؟4.
وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده عن أبي بكر، قال: لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فكنت أول من فاء، وسيأتي تتمة الحديث في مسند ما رواه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يجبأ: أي يخرج، يقال: جبأ عليه يجبأ إذا خرج، وفي حديث أسامة: "فلما رأونا جبئوا من أخبيتهم" أي: خرجوا. انظر: النهاية في غريب الحديث "233/1".
2 يتلتله: هو في الأصل: السوق بعنف، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أتى بشارب فقال: تلتلوه" وهو أن يحرك ويستنكه ليعلم هل شرب أم لا.
3 اخضلّت لحيته: أي ابتلت بالدموع، يقال: خضل، واخضل إذا ندى.
4 أخرجه البخاري "3678/7".
ص -34- وأخرج ابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما اجتمع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً، أَلَحَّ أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهور، فقال: يا أبا بكر، إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتفرق المسلمون في نواحي المسجد، كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، وضربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا1. وسيأتي تتمة الحديث في ترجمة عمر رضي الله عنه.
وأخرج ابن عساكر عن علي -رضي الله عنه- قال: لما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
فصل: في إنفاقه ماله على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه أجود الصحابة
قال الله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل: 18،17] إلى آخر السورة. قال ابن الجوزي: أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر" فبكى أبو بكر، وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟2.
وأخرج أبو يعلى من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا مثله.
قال ابن كثير: وروى أيضًا من حديث علي، وابن عباس، وأنس، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، رضي الله عنهم، وأخرجه الخطيب عن سعيد بن المسيب مرسلاً، وزاد: وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه3.
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة -رضي الله عنها- وعروة بن الزبير: أن أبا بكر -رضي الله عنه- أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار -وفي لفظ: أربعون ألف درهم- فأنفقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو سعيد الأعرابي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أسلم أبو بكر رضي الله عنه يوم أسلم وفي منزله أربعون ألف درهم فخرج إلى المدينة في الهجرة وما له غير خمسة آلاف، كل ذلك ينفقه في الرقاب والعون على الإسلام. وأخرج ابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورده ابن كثير في البداية والنهاية "30/3".
2 أخرجه أحمد في المسند "235/2".
3 أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه "21/8، 364/10".
ص -35- وأخرج ابن شاهين في السنة، والبغوي في تفسيره، وابن عساكر عن ابن عمر قال: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو بكر الصديق، وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال، فنزل عليه جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها في صدره بخلال؟ فقال: "يا جبريل أنفق ماله عليّ قبل الفتح"، قال: فإن الله تعالى يقرأ عليه السلام، ويقول: قل له: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال أبو بكر: أسخط علي ربي!! أنا عن ربي راضٍ، أنا عن ربي راضٍ. غريب، وسنده ضعيف جدًّا.
وأخرج أبو نعيم عن أبي هريرة، وابن مسعود مثله، وسندهما ضعيف أيضًا.
وأخرج ابن عساكر نحوه من حديث ابن عباس.
وأخرج الخطيب بسند واهٍ أيضًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هبط عليّ جبريل -عليه السلام- وعليه طنفسة1 وهو متخلل بها، فقلت له: يا جبريل، ما هذا؟ قال: إن الله تعالى أمر الملائكة أن تتخلل في السماء كتخلل أبي بكر في الأرض".
قال ابن كثير: وهذا منكر جدًّا، وقال: ولولا أن هذا والذي قبله يتداوله كثير من الناس لكان الإعراض عنهما أولى.
وأخرج أبو داود والترمذي، عن عمر بن الخطاب، قال: أمرنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن نتصدق فوافق ذلك مالاً عندي، قلت: اليوم أسبق أبا بكر -إن سبقته يومًا- فجئت بنصف مالي، فقال رسو الله عليه الصلاة والسلام: "ما أبقيت لأهلك؟" قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: "يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟" قال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسبقه في شيء أبدًا2. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن البصري: أنا أبا بكر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بصدقته فأخفاها، فقال: يا رسول الله هذه صدقتي ولله عندي معاد، وجاء عمر بصدقته فأظهرها، فقال: يا رسول الله هذه صدقتي ولي عند الله معاد، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما بين صدقتيكما كما كلمتيكما"3. إسناده جيد لكنه مرسل.
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه إلا أبا بكر، فإن له عندنا يد يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر"4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طنفسة: بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء: هي البساط الذي خمل رقيق، وجمعه طنافس.
2 أخرجه أبو داود "1678/2"، والترمذي "3675/5" وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "32/1".
4 أخرجه الترمذي "3661/5". وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
ص -36- وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: جئت بأبي قحافة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هلا تركت الشيخ حتى آتيه"، قال: بل هو أحق أن يأتيك، قال: "إننا نحفظه لأيادي ابنه عندنا"1.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما أحد عندي أعظم يدًا من أبي بكر، واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته".
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
رد: أبو بكر الصديق - صحبته ومشاهده
ويستمر الأبداع والروعة والجمال
سلم نبضك ايها المبدع المتألق والانيق دوماً
سلم نبضك ايها المبدع المتألق والانيق دوماً
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
مواضيع مماثلة
» أبو بكر الصديق - أولياته
» أبو بكر الصديق - مبايعته
» أبو بكر الصديق رضي الله عنه
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
» أبو بكر الصديق - مبايعته
» أبو بكر الصديق رضي الله عنه
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى