أهمية التحضير في عملية التدريس

لا بدّ لكل صاحب عمل أو مهنة من أن يعدّ العدّة لعمله اليومي ، قبل البدء فيه ، وبما أنه يجب على كل صاحب صناعة أن يهيئ العدّة والأدوات التي

يستعملها في صناعته ، والمادة التي يصنعها ، فانّ كل صاحب فكرة ، لا يمكنه عرضها على الآخرين ، قبل التّفكير في طريقة تبليغها ، من حيث التّنسيق والترتيب والاخراج

في اطار مشوق ومفهوم ، لتنقل الى الآخرين سائغة ، مهضومة . وكذلك ينبغي للمعلّم أن لا يدخل قاعة درسه ويواجه تلاميذه

قبل أن يعدّ لهم العدّة الكاملة يهيئهم بواسطتها الى تقبل المعلومات ، وبذلك يقرب المادة من الأفهام والأذهان

وقد يعرض بعض الأساتذة عن تحضير الدروس مبررين اعراضهم بكون الخبرة الطّويلة والممارسة المستمرة تغنيان الأساتذة

عن الاعداد ، وهؤلاء قد وقعوا في الخطأ البيّن ، لأنه مهما كانت معلومات الأستاذ ومعارفه واسعة ، فذاكرته تبقى لا محالة معرضة للنسيان .

وقد سئل المربّي الكبير ( توماس أرنولد) : لماذا تعدّ دروسك كل يوم قبل تقديمها ؟ فأجاب : لأني أودّ ألاّ يشرب تلاميذي الاّ من منبع

جديد ، وماء عذب لا من ماء راكد .

والتّدريس فنّ ، أقرب ما يكون الى الخلق والابداع ، والمدرّس الحق لا ينقل المعلومات من عقل الى عقل ، وانما يعمل على فتح

عقول تلاميذه ليكتشفوا الحقائق ،لأنّ التّلميذ ليس اناء يملأ وانما نفس تكوّن

هذه الحقائق لا تتكدّس في أذهان التلاميذ ، بل تكون مجال تفاعل ، ومع هذا التّفاعل تزيد مداركهم في النّمو ، وقدرتهم على التّكيف

والخلق ، وعملية صعبة كهذه لا ترتجل ارتجالا بل تهيّأ وتحضّر بدقّة وعناية . وما هو جذير بالذّكر أنّ تحضير الدّروس مظهر من مظاهر اخلاص الأستاذ

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( انّ الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) وبالمقابل ، فانّ الذي يتخلّى عن التّحضير

يأتي عمله ناقصا وفي النّقص شيئ من الكتمان ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : ( من سئل عن علم فكتمه ، ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) و اذن فخير لكلّ من اختار هذه الرّسالة الشّريفة أن يكون عند حسن ظنّ تلاميذه .

شكرا لك وعلى المعلومات القيمة