آيات بينات من سورة هود
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
آيات بينات من سورة هود
آيات بينات من سورة هود
مكية إلا قوله: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وهي مائة وثلاث وعشرون آية. بسم الله الرحمن الرحيم
الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ( 1 ) أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ( 2 ) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ( 3 ) .
( الر كِتَابٌ ) أي: هذا كتاب، ( أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ) قال ابن عباس: لم ينسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع به، ( ثُمَّ فُصِّلَتْ ) بُيِّنَتْ بالأحكام والحلال والحرام. وقال الحسن: أحكمت بالأمر والنهي، ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد. قال قتادة: أحكمت أحكمها الله فليس فيها اختلاف ولا تناقض وقال مجاهد: فُصِّلت أي: فُسِّرت. وقيل: فصلت أي: أنـزلت شيئا فشيئًا، ( مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) .
( أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) أي: وفي ذلك الكتاب: أن لا تعبدوا إلا الله، ويكون محل « أن » رفعًا. وقيل: محله خَفْض، تقديره: بأن لا تعبدوا إلا الله، ( إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ ) أي: من الله ( نَذِيرٌ ) للعاصين، ( وَبَشِيرٌ ) للمطيعين.
( وَأَن ) عطف على الأول، ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) أي: ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفراء: « ثم » هنا بمعنى الواو، أي: وتوبوا إليه، لأن الاستغفار هو التوبة، والتوبة هي الاستغفار.
وقيل: أن استغفروا [ ربكم من المعاصي ثم توبوا ] إليه في المستأنف .
( يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا ) يعيشكم عيشًا [ حسنا في خفض ودعة وأمن وسعة ] . قال بعضهم: العيش الحسن هو الرضا بالميسور والصبر على المقدور.
( إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) إلى حين الموت، ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه ) أي: ويؤت كل ذي عمل صالح في الدنيا أجره وثوابه في الآخرة. وقال أبو العالية: مَنْ كثرت طاعته في الدنيا زادت درجاته في الآخرة [ في الجنة ] ، لأن الدرجات تكون بالأعمال.
وقال ابن عباس: مَنْ زادت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومَنْ زادت سيئاته على حسناته دخل النار، ومَنْ استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، ثم يدخل الجنة بعد.
وقيل: يؤت كل ذي فضل فضله يعني: مَنْ عمل لله عز وجل وفَّقه الله فيما يستقبل على طاعته.
( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) أعرضوا، ( فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) وهو يوم القيامة.
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 4 ) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 5 ) .
قوله تعالى: ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ) قال ابن عباس: نـزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر، يَلْقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب، وينطوي بقلبه على ما يكره.
قوله: « يثنون صدورهم » أي: يُخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة.
قال عبد الله بن شداد: نـزلت في بعض المنافقين كان إذا مرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره، وطأطأ رأسه، وغطّى وجهه كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال قتادة:كانوا يَحْنُون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره .
وقيل: كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه. ويقول: هل يعلم الله ما في قلبي.
وقال السدي: يثنون أي: يعرضون بقلوبهم، من قولهم: ثنيت عناني. وقيل: يعطفون، ومنه: ثني الثوب.
وقرأ ابن عباس: « يَثْنَوْنِي » على وزن « يَحْلَوْلي » جعل الفعل للمصدر، ومعناه المبالغة في الثني.
( لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ) أي: من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد: ليستخفوا من الله إن استطاعوا، ( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ) يغطون رؤوسهم بثيابهم، ( يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) قال الأزهري: معنى الآية من أولها إلى آخرها: إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى علينا حالهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الحسن بن محمد بن صَبَّاح، حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ) فقال: سألته عنها قال: كان أناس يستحيون أن يتخلَّوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنـزل ذلك فيهم .
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( 6 ) .
قوله تعالى: ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ ) أي: ليس دابة، « من » صلة. والدابة: كل حيوان يدب على وجه الأرض.
وقوله ( إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) أي: هو المتكفل بذلك فضلا وهو إلى مشيئته إن شاء رزق وإن شاء لم يرزق.
وقيل: « على » بمعنى: « من » أي: من الله رزقها.
وقال مجاهد : ما جاءها من رزق فمن الله عز وجل، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا.
( وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ) قال ابن مقسم : ويُروَى ذلك عن ابن عباس، مستقرها: المكان الذي تأوي إليه، وتستقر فيه ليلا ونهارا، ومستودعها: الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : المستقر أرحام الأمهات، والمستودع [ المكان الذي تموت فيه ] [ وقال عطاء: المستقر: أرحام الأمهات والمستودع: أصلاب الآباء ] .
ورواه سعيد بن جبير، وعلي بن أبي طلحة، وعكرمة عن ابن عباس .
وقيل المستقر: الجنة أو النار، والمستودع القبر، لقوله تعالى في صفة الجنة والنار: حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ( الفرقان - 76 ) .
( كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) أي: كلٌّ مثبت في اللوح المحفوظ قبل أن خلقها.
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ( 7 ) .
قوله تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء ) قبل أن خلق [ السماء والأرض ] وكان ذلك الماء على متن الريح .
قال كعب: خلق الله عز وجل ياقوتة خضراء، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد، ثم خلق الريح، فجعل الماء على متنها، ثم وضع العرش على الماء.
قال ضمرة: إن الله تعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض، وخلق القلم فكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبَّح الله ومجَّده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه
( لِيَبْلُوَكُمْ ) ليختبركم، وهو أعلم، ( أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) أَعْمَلُ بطاعة الله، وأَوْرَعُ عن محارم الله تعالى. ( وَلَئِنْ قُلْتَ ) يا محمد، ( إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ ) أي: ( مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) يعنون القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي: « ساحر » يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم.
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 8 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَـزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ( 9 ) .
( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) إلى أجل محدود، وأصل الأمة: الجماعة، فكأنه قال: إلى انقراض أمة ومجيء أمة أخرى ( لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ) أيُّ شيء يحبسه؟ يقولونه استعجالا للعذاب واستهزاء، يعنون: أنه ليس بشيء.
قال الله تعالى: ( أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ) يعني: العذاب، ( لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ ) لا يكون مصروفا عنهم، ( وَحَاقَ بِهِمْ ) نـزل بهم، ( مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) أي: وبال استهزائهم.
تفسير البغوي عن المصحف الإلكتروني
مكية إلا قوله: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وهي مائة وثلاث وعشرون آية. بسم الله الرحمن الرحيم
الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ( 1 ) أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ( 2 ) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ( 3 ) .
( الر كِتَابٌ ) أي: هذا كتاب، ( أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ) قال ابن عباس: لم ينسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع به، ( ثُمَّ فُصِّلَتْ ) بُيِّنَتْ بالأحكام والحلال والحرام. وقال الحسن: أحكمت بالأمر والنهي، ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد. قال قتادة: أحكمت أحكمها الله فليس فيها اختلاف ولا تناقض وقال مجاهد: فُصِّلت أي: فُسِّرت. وقيل: فصلت أي: أنـزلت شيئا فشيئًا، ( مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) .
( أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) أي: وفي ذلك الكتاب: أن لا تعبدوا إلا الله، ويكون محل « أن » رفعًا. وقيل: محله خَفْض، تقديره: بأن لا تعبدوا إلا الله، ( إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ ) أي: من الله ( نَذِيرٌ ) للعاصين، ( وَبَشِيرٌ ) للمطيعين.
( وَأَن ) عطف على الأول، ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) أي: ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفراء: « ثم » هنا بمعنى الواو، أي: وتوبوا إليه، لأن الاستغفار هو التوبة، والتوبة هي الاستغفار.
وقيل: أن استغفروا [ ربكم من المعاصي ثم توبوا ] إليه في المستأنف .
( يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا ) يعيشكم عيشًا [ حسنا في خفض ودعة وأمن وسعة ] . قال بعضهم: العيش الحسن هو الرضا بالميسور والصبر على المقدور.
( إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) إلى حين الموت، ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه ) أي: ويؤت كل ذي عمل صالح في الدنيا أجره وثوابه في الآخرة. وقال أبو العالية: مَنْ كثرت طاعته في الدنيا زادت درجاته في الآخرة [ في الجنة ] ، لأن الدرجات تكون بالأعمال.
وقال ابن عباس: مَنْ زادت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومَنْ زادت سيئاته على حسناته دخل النار، ومَنْ استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، ثم يدخل الجنة بعد.
وقيل: يؤت كل ذي فضل فضله يعني: مَنْ عمل لله عز وجل وفَّقه الله فيما يستقبل على طاعته.
( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) أعرضوا، ( فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) وهو يوم القيامة.
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 4 ) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 5 ) .
قوله تعالى: ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ) قال ابن عباس: نـزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر، يَلْقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب، وينطوي بقلبه على ما يكره.
قوله: « يثنون صدورهم » أي: يُخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة.
قال عبد الله بن شداد: نـزلت في بعض المنافقين كان إذا مرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره، وطأطأ رأسه، وغطّى وجهه كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال قتادة:كانوا يَحْنُون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره .
وقيل: كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه. ويقول: هل يعلم الله ما في قلبي.
وقال السدي: يثنون أي: يعرضون بقلوبهم، من قولهم: ثنيت عناني. وقيل: يعطفون، ومنه: ثني الثوب.
وقرأ ابن عباس: « يَثْنَوْنِي » على وزن « يَحْلَوْلي » جعل الفعل للمصدر، ومعناه المبالغة في الثني.
( لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ) أي: من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد: ليستخفوا من الله إن استطاعوا، ( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ) يغطون رؤوسهم بثيابهم، ( يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) قال الأزهري: معنى الآية من أولها إلى آخرها: إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى علينا حالهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الحسن بن محمد بن صَبَّاح، حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ) فقال: سألته عنها قال: كان أناس يستحيون أن يتخلَّوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنـزل ذلك فيهم .
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( 6 ) .
قوله تعالى: ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ ) أي: ليس دابة، « من » صلة. والدابة: كل حيوان يدب على وجه الأرض.
وقوله ( إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ) أي: هو المتكفل بذلك فضلا وهو إلى مشيئته إن شاء رزق وإن شاء لم يرزق.
وقيل: « على » بمعنى: « من » أي: من الله رزقها.
وقال مجاهد : ما جاءها من رزق فمن الله عز وجل، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا.
( وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ) قال ابن مقسم : ويُروَى ذلك عن ابن عباس، مستقرها: المكان الذي تأوي إليه، وتستقر فيه ليلا ونهارا، ومستودعها: الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : المستقر أرحام الأمهات، والمستودع [ المكان الذي تموت فيه ] [ وقال عطاء: المستقر: أرحام الأمهات والمستودع: أصلاب الآباء ] .
ورواه سعيد بن جبير، وعلي بن أبي طلحة، وعكرمة عن ابن عباس .
وقيل المستقر: الجنة أو النار، والمستودع القبر، لقوله تعالى في صفة الجنة والنار: حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ( الفرقان - 76 ) .
( كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) أي: كلٌّ مثبت في اللوح المحفوظ قبل أن خلقها.
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ( 7 ) .
قوله تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء ) قبل أن خلق [ السماء والأرض ] وكان ذلك الماء على متن الريح .
قال كعب: خلق الله عز وجل ياقوتة خضراء، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد، ثم خلق الريح، فجعل الماء على متنها، ثم وضع العرش على الماء.
قال ضمرة: إن الله تعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض، وخلق القلم فكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبَّح الله ومجَّده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه
( لِيَبْلُوَكُمْ ) ليختبركم، وهو أعلم، ( أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) أَعْمَلُ بطاعة الله، وأَوْرَعُ عن محارم الله تعالى. ( وَلَئِنْ قُلْتَ ) يا محمد، ( إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ ) أي: ( مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) يعنون القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي: « ساحر » يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم.
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 8 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَـزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ( 9 ) .
( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) إلى أجل محدود، وأصل الأمة: الجماعة، فكأنه قال: إلى انقراض أمة ومجيء أمة أخرى ( لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ) أيُّ شيء يحبسه؟ يقولونه استعجالا للعذاب واستهزاء، يعنون: أنه ليس بشيء.
قال الله تعالى: ( أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ) يعني: العذاب، ( لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ ) لا يكون مصروفا عنهم، ( وَحَاقَ بِهِمْ ) نـزل بهم، ( مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) أي: وبال استهزائهم.
تفسير البغوي عن المصحف الإلكتروني
رد: آيات بينات من سورة هود
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي .....!!
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي .....!!
MED - BOX HD- مدير ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 1156نقاط التميز : 1969
رد: آيات بينات من سورة هود
مشكور على الموضوع
سلمت يداك
بارك الله فيك
واصل ابداعك
سلمت يداك
بارك الله فيك
واصل ابداعك
هلال- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 23/08/2018المساهمات : 259نقاط التميز : 260
رد: آيات بينات من سورة هود
شكرا على الموضوع الرائعع
دمت فخرا للمنتدى
التوقيع
_________________
جودي- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/08/2018المساهمات : 321نقاط التميز : 353الجنس :العمر : 22الأبراج :
رد: آيات بينات من سورة هود
شكرا على الموضوع القيم
فؤاد- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 19/09/2018المساهمات : 282نقاط التميز : 282العمر : 24الأبراج :
رد: آيات بينات من سورة هود
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
شيكاغو- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/09/2018المساهمات : 336نقاط التميز : 336الجنس :العمر : 22الأبراج :
رد: آيات بينات من سورة هود
بصراحــه رائع جدا هذا الموضوع
بصراحه انت تمتلك ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
مواضيع مماثلة
» آيات ظاهرها التعارض / وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
» تطبيق آيات وأذكار للأندرويد
» آيات ظاهرها التعارض / ما ننسخ من آية
» آيات ظاهرها التعارض / وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
» آيات ظاهرها التعارض / فيكشف ما تدعون إليه إن شاء
» تطبيق آيات وأذكار للأندرويد
» آيات ظاهرها التعارض / ما ننسخ من آية
» آيات ظاهرها التعارض / وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
» آيات ظاهرها التعارض / فيكشف ما تدعون إليه إن شاء
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى