ترجمة : عامر بن عبد قيس
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
ترجمة : عامر بن عبد قيس
عامر بن عبد قيس
القدوة الولي الزاهد المراقب المستحي ، السالم المستضي ., أبو عبد الله
ويقال :أبو عمرو التميمي ، العنبري ، البصري .
روى عن عمر وسلمان . وعنه : الحسن ، ومحمد بن سيرين ، وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم ، وقلما روى .
قال العجلي : كان ثقة من عباد التابعين ، رآه كعب الأحبار فقال : هذا راهب هذه الأمة .
وهو أول من عرف بالنسك واشتهر من عباد التابعين بالبصرة
وكان عامر بن عبد قيس ممن تخرج على أبي موسى الأشعري في النسك والتعبد
وقال أبو عبيد في " القراءات " : كان عامر بن عبد الله - الذي يعرف بابن عبد قيس - يقرئ الناس .
وقد تلقن القرآن من أبي موسى وأصحابه حين قدم البصرة وعلم أهلها القرآن
وكان عامر يقول : من أقرئ؟ فيأتيه ناس ، فيقرئهم [ القرآن ] ثم يقوم فيصلي إلى الظهر ، ثم يصلي إلى العصر ، ثم يقرئ الناس إلى المغرب
ثم يصلي ما بين العشاءين ثم ينصرف إلى منزله ، فيأكل رغيفا ، وينام نومة خفيفة ، ثم يقوم لصلاته ، ثم يتسحر رغيفا ويخرج .
عن علقمة عن مرثد قال : انتهى الزهد إلى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، وأويس القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خيثم ، ومسروق بن الأجدع
والأسود بن يزيد ، وأبو مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن
، فأما عامر بن عبد الله فكان ، يقول :
في الدنيا الغموم والأحزان ، وفي الآخرة النار والحساب ، فأين الراحة والفرح ، إلهي خلقتني ولم تؤامرني في خلقي ، وأسكنتني بلايا الدنيا ثم قلت لي :
استمسك ، فكيف أستمسك إن لم تمسكني ؟ إلهي إنك لتعلم أن لو كانت لي الدنيا بحذافيرها ثم سألتنيها لجعلتها لك ، فهب لي نفسي ، وكان يقول :
لذات الدنيا أربعة : المال والنساء والنوم والطعام ، فأما المال والنساء فلا حاجة لي فيهما ، وأما النوم والطعام فلا بد لي منهما ، فوالله لأضرن بهما جهدي
ولقد كان يبيت قائما ويظل صائما ، ولقد كان إبليس يلتوي في موضع سجوده ، فإذا ما وجد ريحه نحاه بيده ثم يقول :
لولا نتنك لم أزل عليك ساجدا
وهو يتمثل كهيئة الحية ، ورأيته وهو يصلي فيدخل تحت قميصه حتى يخرج من كمه وثيابه فلا يحيد ، فقيل له : ألا تنحي الحية ، فيقول :
والله إني لأستحي من الله تعالى أن أخاف شيئا غيره ، والله ما أعلم بهذا حين يدخل ولا حين يخرج .
وقيل له : إن الجنة تدرك بدون ما تصنع ، وإن النار تتقى بدون ما تصنع ، فيقول :
لا ، حتى لا ألوم نفسي
قال : ومرض فبكى ، فقيل له : ما يبكيك وقد كنت وقد كنت ؟ فيقول :
ما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني ؟ والله ما أبكي حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت ، ولكن لبعد سفري وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود وهبوط ، جنة أو نار ، فلا أدري إلى أيهما أصير .
وقال : لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن دخلت النار فلبعد جهدي ، وكان يقول : ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء .
لله درهم كانوا أحرص مايكونون على أوقاتهم؛ لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها.
قال بلال بن سعد : وشي بعامر بن عبد قيس إلى زياد ، فقالوا : هاهنا رجل قيل له : ما إبراهيم - عليه السلام - خيرا منك فسكت ، وقد ترك النساء .
فكتب فيه إلى عثمان ، فكتب إليه : انفه إلى الشام على قتب . فلما جاءه الكتاب ، أرسل إلى عامر ، فقال : أنت قيل لك : ما إبراهيم خيرا منك فسكت؟ !
قال : أما والله ، ما سكوتي إلا تعجب ، ولوددت أني غبار قدميه .
قال : وتركت النساء؟
قال : والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنه يجيء الولد وتشعب في الدنيا ، فأحببت التخلي .
فأجلاه على قتب إلى الشام ، فأنزله معاوية معه في الخضراء وبعث إليه بجارية ، وأمرها أن تعلمه ما حاله . فكان يخرج من السحر ، فلا تراه إلا بعد العتمة فيبعث معاوية إليه بطعام
فلا يعرض له ، ويجيء معه بكسر ، فيبلها ويأكل ، ثم يقوم إلى أن يسمع النداء فيخرج ، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر حاله . فكتب : اجعله أول داخل وآخر خارج
ومر له بعشرة من الرقيق ، وعشرة من الظهر ، فأحضره وأخبره
فقال : إن علي شيطانا قد غلبني ; فكيف أجمع علي عشرة . وكانت له بغلة .
فروى بلال بن سعد ، عمن رآه بأرض الروم عليها ، يركبها عقبة ، ويحمل المهاجرين عقبة قال بلال : كان إذا فصل غازيا يتوسم من يرافقه
فإذا رأى رفقة تعجبه ، اشترط عليهم أن يخدمهم ، وأن يؤذن ، وأن ينفق عليهم طاقته.
عن قتادة ، قال : كان عامر بن عبد قيس يسأل ربه أن ينزع شهوة النساء من قلبه ، فكان لا يبالي أذكرا لقي أم أنثى .
وسأل ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة فلم يقدر عليه . وقيل : إن ذلك ذهب عنه .
وعن أبي الحسين المجاشعي ، قال : قيل لعامر بن عبد قيس : أتحدث نفسك في الصلاة؟ قال : أحدثها بالوقوف بين يدي الله ، ومنصرفي .
وعن كعب ، أنه رأى بالشام عامر بن عبد قيس ، فقال : هذا راهب هذه الأمة .
قال أبو عمران الجوني : قيل لعامر بن عبد قيس : إنك تبيت خارجا ، أما تخاف الأسد !؟
قال : إني لأستحيي من ربي أن أخاف شيئا دونه . وروى همام عن قتادة مثله .
حماد : عن أيوب ، عن أبي قلابة ، لقي رجل عامر بن عبد قيس ، فقال : ما هذا؟ ألم يقل الله :
وجعلنا لهم أزواجا وذرية ؟ قال : أفلم يقل الله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .
وقيل : كان من أفضل العابدين ، وفرض على نفسه كل يوم ألف ركعة ، يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر ، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه
فيقول : يا نفس إنما خلقت للعبادة يا أمارة بالسوء ، فوالله لأعملن بك عملا حتى لا يأخذ الفراش منك نصيبا.
وهبط واديا به عابد حبشي ، فانفرد يصلي في ناحية ، والحبشي في ناحية ، أربعين يوما لا يجتمعان إلا في فريضة .
وفي خبر هذه القصة على التفصيل :
أنه هبط واديا يقال له وادي السباع ، في الوادي عابد حبشي يقال له : حممة ،
فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان ، لا هذا ينصرف إلى هذا ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة ، إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان
ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما فجاء إلى حممة ، فقال : من أنت يرحمك الله ؟
قال دعني وهمي ،
قال : أقسمت عليك ،
قال : أنا حممة ، قال عامر : لئن كنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض ، أخبرني عن أفضل خصلة ؟
قال : إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا ووجهي مفترشا حتى ألقاه ، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك ، فمن أنت رحمك الله ؟
قال :أنا عامر بن عبد قيس ، قال : إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس ، فأخبرني بأفضل خصلة ؟
قال : إني لمقصر ولكن واحدة ، عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئا غيره ، فاكتنفته السباع فأتاه سبع فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبه
وعامر يتلو هذه الآية : ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب ،
قال حممة : بالله يا عامر ما هالك ما رأيت ؟ قال : إني لأستحي من الله عز وجل أن أهاب شيئا غيره ،
قال حممة : لولا أن الله عز وجل ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا
، وكان يصلي في اليوم ثمانمائة ركعة ، وكان يقول : إني لمقصر في العبادة ، وكان يعاتب نفسه .
رحمك الله يا عامر ويا حممة , ماذا نقول نحن عن حالنا ونحن نتفنن في تقطيع الأوقات بشتى وسائل الترفيه والتسلية كما يقال ؟
ولقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"
محمد بن واسع : عن يزيد بن الشخير ، أن عامرا كان يأخذ عطاءه ، فيجعله في طرف ثوبه ، فلا يلقى مسكينا إلا أعطاه ، فإذا دخل بيته ، رمى به إليهم ، فيعدونها فيجدونها كما أعطيها .
قال مالك بن دينار : حدثني فلان ، أن عامرا مر في الرحبة ، وإذا رجل يظلم ، فألقى رداءه وقال : لا أرى ذمة الله تخفر وأنا حي ، فاستنقذه .
ويروى أن سبب إبعاده إلى الشام ، كونه أنكر وخلص هذا الذمي .
وقال صخر بن أبي صخر قال عامر بن عبد قيس : أنا من أهل الجنة ؟ أوأنا من أهل الجنة ؟ أومثلي يدخل الجنة ؟ .
وبعث معاوية إلى عبد الله بن عامر أن انظر عامر بن عبد قيس فأحسن إذنه وأكرمه ومره أن يخطب إلى من شاء وأمهر عنه من بيت المال ، فأرسل إليه :
إن أمير المؤمنين قد كتب إلي أن أحسن إذنك وأكرمك ، قال : يقول عامر : ف
لان أحوج إلى ذلك مني ، يعني رجلا كان أطال الاختلاف إليهم لا يؤذن له .
وأمرني أن آمرك أن تخطب إلى من شئت وأمهر عنك من بيت المال ، قال :
أنا في الخطبة دائب ، قال : إلى من ؟ قال :إلى من يقبل مني الفلقة والتمرة ،
قال : ثم أقبل على جلسائه ، فقال : إني سائلكم فأخبروني ، هل منكم من أحد إلا لأهله من قلبه - شعبة ؟
قالوا : اللهم لا ؛ أي بلى ، قال : فهل منكم من أحد إلا لولده من قلبه - شعبة ؟ قالوا : اللهم لا ؛ أي بلى
قال : والذي نفسي بيده لأن تختلف الأسنة في جوانحي أحب إلي من أن أكون هكذا ، أما والله لأجعلن الهم هما واحدا ، قال الحسن : وفعل .
ويروى عنه قوله : قال : وجدت أمر الدنيا تصير إلى أربع : المال والنساء والنوم والأكل ، فلا حاجة لي في المال والنساء ، فأما النوم والأكل فايم الله لئن استطعت لأضرن بهما .
رحمه الله وغفر له وإن اعتذرنا له بأن سبب تركه للزواج هو انشغاله بالعبادة وعظيم إيثاره لها إلا أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
قال الحسن البصري : بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام ، فقال : الحمد لله الذي حشرني راكبا .
وقد روي في سبب تسييره للشام أنه مر برجل من أعوان السلطان وهو يجر ذميا والذمي يستغيث به ، قال : فأقبل على الذمي فقال : أديت جزيتك ؟
قال : نعم ، فأقبل عليه ، فقال : ما تريد منه ؟ قال : أذهب به يكسح دار الأمير ، قال : فأقبل على الذمي ، فقال : تطيب نفسك له بهذا ، قال : يشغلني عن ضيعتي ، قال : دعه
قال : لا أدعه ، قال : دعه ، قال : لا أدعه ، قال : فوضع كساءه ثم قال : لا تخفر ذمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا حي ، ثم خلصه منه ، قال : فتراقى ذلك حتى كان سبب تسييره .
وقيل : لما سيرعامر بن عبد الله شيعه إخوانه وكان بظهر المربد ، فقال : إني داع فأمنوا ، قالوا : هات فقد كنا نشتهي هذا منك
قال : اللهم من وشى بي وكذب علي وأخرجني من مصري ، وفرق بيني وبين إخواني ، اللهم أكثر ماله وولده ، وأصح جسمه وأطل عمره .
عن قتادة ، قال : سأل عامر بن عبد قيس ربه أن يهون عليه الطهور في الشتاء ، وكان يؤتى بالماء وله بخار .
وعن مالك بن دينار ، قال : مر عامر بن عبد قيس فإذا قافلة قد احتبست فقال لهم : ما لكم لا تمرون ؟
فقالوا : الأسد حال بيننا وبين الطريق ، قال : هذا كلب من الكلاب ، فمر به حتى أصاب ثوبه فم الأسد .
عن أبي سليمان الداراني ، قال : قيل لعامر بن عبد قيس : النار قد وقعت قريبا من دارك ، فقال : دعوها فإنها مأمورة ، وأقبل على صلاته ، فأخذت النار فلما بلغت داره عدلت عنها .
وعن مالك بن دينار : رأى رجل في المنام كأن مناديا ينادي : أخبروا الناس أن عامر بن عبد الله يلقى الله تعالى يوم يلقاه ووجهه مثل القمر ليلة البدر .
وعن الحسن ، قال : سمعهم عامر بن عبد قيس وما يذكرونه من أمر الضيعة في الصلاة ، قال : أتجدونه ؟
قالوا : نعم ، قال : والله لأن تختلف الأسنة في جوفي أحب إلي من أن يكون هذا مني في صلاتي .
و قال رجل لعامر بن عبد الله : استغفر لي ، فقال : إنك تسأل من قد عجز عن نفسه ، ولكن أطع الله ثم ادعه يستجب لك .
وكانت له ابنة عم يقال لها عبيدة ترى ما يصنع بنفسه ، فتعالج له الثريد فتأتيه به ، فيخرج إلى أيتام الحي فيدعوهم فتقول : إنما عملتها لك بيدي لتأكلها
فيقول : أليس إنما أردت أن تنفعيني ؟ قال : وكان يقول لها :
يا عبيدة تعزَّي عن الدنيا بالقرآن ، فإنه من لم يتعز بالقرآن عن الدنيا تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .
قال قتادة : لما احتضر عامر بكى ، فقيل : ما يبكيك؟ قال : ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر ، وقيام الليل .
وروى عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، أن قبر عامر بن عبد قيس ببيت المقدس .
وقيل : توفي في زمن معاوية .
المصدر . اهل الحديث
القدوة الولي الزاهد المراقب المستحي ، السالم المستضي ., أبو عبد الله
ويقال :أبو عمرو التميمي ، العنبري ، البصري .
روى عن عمر وسلمان . وعنه : الحسن ، ومحمد بن سيرين ، وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم ، وقلما روى .
قال العجلي : كان ثقة من عباد التابعين ، رآه كعب الأحبار فقال : هذا راهب هذه الأمة .
وهو أول من عرف بالنسك واشتهر من عباد التابعين بالبصرة
وكان عامر بن عبد قيس ممن تخرج على أبي موسى الأشعري في النسك والتعبد
وقال أبو عبيد في " القراءات " : كان عامر بن عبد الله - الذي يعرف بابن عبد قيس - يقرئ الناس .
وقد تلقن القرآن من أبي موسى وأصحابه حين قدم البصرة وعلم أهلها القرآن
وكان عامر يقول : من أقرئ؟ فيأتيه ناس ، فيقرئهم [ القرآن ] ثم يقوم فيصلي إلى الظهر ، ثم يصلي إلى العصر ، ثم يقرئ الناس إلى المغرب
ثم يصلي ما بين العشاءين ثم ينصرف إلى منزله ، فيأكل رغيفا ، وينام نومة خفيفة ، ثم يقوم لصلاته ، ثم يتسحر رغيفا ويخرج .
عن علقمة عن مرثد قال : انتهى الزهد إلى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، وأويس القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خيثم ، ومسروق بن الأجدع
والأسود بن يزيد ، وأبو مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن
، فأما عامر بن عبد الله فكان ، يقول :
في الدنيا الغموم والأحزان ، وفي الآخرة النار والحساب ، فأين الراحة والفرح ، إلهي خلقتني ولم تؤامرني في خلقي ، وأسكنتني بلايا الدنيا ثم قلت لي :
استمسك ، فكيف أستمسك إن لم تمسكني ؟ إلهي إنك لتعلم أن لو كانت لي الدنيا بحذافيرها ثم سألتنيها لجعلتها لك ، فهب لي نفسي ، وكان يقول :
لذات الدنيا أربعة : المال والنساء والنوم والطعام ، فأما المال والنساء فلا حاجة لي فيهما ، وأما النوم والطعام فلا بد لي منهما ، فوالله لأضرن بهما جهدي
ولقد كان يبيت قائما ويظل صائما ، ولقد كان إبليس يلتوي في موضع سجوده ، فإذا ما وجد ريحه نحاه بيده ثم يقول :
لولا نتنك لم أزل عليك ساجدا
وهو يتمثل كهيئة الحية ، ورأيته وهو يصلي فيدخل تحت قميصه حتى يخرج من كمه وثيابه فلا يحيد ، فقيل له : ألا تنحي الحية ، فيقول :
والله إني لأستحي من الله تعالى أن أخاف شيئا غيره ، والله ما أعلم بهذا حين يدخل ولا حين يخرج .
وقيل له : إن الجنة تدرك بدون ما تصنع ، وإن النار تتقى بدون ما تصنع ، فيقول :
لا ، حتى لا ألوم نفسي
قال : ومرض فبكى ، فقيل له : ما يبكيك وقد كنت وقد كنت ؟ فيقول :
ما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني ؟ والله ما أبكي حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت ، ولكن لبعد سفري وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود وهبوط ، جنة أو نار ، فلا أدري إلى أيهما أصير .
وقال : لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن دخلت النار فلبعد جهدي ، وكان يقول : ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء .
لله درهم كانوا أحرص مايكونون على أوقاتهم؛ لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها.
قال بلال بن سعد : وشي بعامر بن عبد قيس إلى زياد ، فقالوا : هاهنا رجل قيل له : ما إبراهيم - عليه السلام - خيرا منك فسكت ، وقد ترك النساء .
فكتب فيه إلى عثمان ، فكتب إليه : انفه إلى الشام على قتب . فلما جاءه الكتاب ، أرسل إلى عامر ، فقال : أنت قيل لك : ما إبراهيم خيرا منك فسكت؟ !
قال : أما والله ، ما سكوتي إلا تعجب ، ولوددت أني غبار قدميه .
قال : وتركت النساء؟
قال : والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنه يجيء الولد وتشعب في الدنيا ، فأحببت التخلي .
فأجلاه على قتب إلى الشام ، فأنزله معاوية معه في الخضراء وبعث إليه بجارية ، وأمرها أن تعلمه ما حاله . فكان يخرج من السحر ، فلا تراه إلا بعد العتمة فيبعث معاوية إليه بطعام
فلا يعرض له ، ويجيء معه بكسر ، فيبلها ويأكل ، ثم يقوم إلى أن يسمع النداء فيخرج ، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر حاله . فكتب : اجعله أول داخل وآخر خارج
ومر له بعشرة من الرقيق ، وعشرة من الظهر ، فأحضره وأخبره
فقال : إن علي شيطانا قد غلبني ; فكيف أجمع علي عشرة . وكانت له بغلة .
فروى بلال بن سعد ، عمن رآه بأرض الروم عليها ، يركبها عقبة ، ويحمل المهاجرين عقبة قال بلال : كان إذا فصل غازيا يتوسم من يرافقه
فإذا رأى رفقة تعجبه ، اشترط عليهم أن يخدمهم ، وأن يؤذن ، وأن ينفق عليهم طاقته.
عن قتادة ، قال : كان عامر بن عبد قيس يسأل ربه أن ينزع شهوة النساء من قلبه ، فكان لا يبالي أذكرا لقي أم أنثى .
وسأل ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة فلم يقدر عليه . وقيل : إن ذلك ذهب عنه .
وعن أبي الحسين المجاشعي ، قال : قيل لعامر بن عبد قيس : أتحدث نفسك في الصلاة؟ قال : أحدثها بالوقوف بين يدي الله ، ومنصرفي .
وعن كعب ، أنه رأى بالشام عامر بن عبد قيس ، فقال : هذا راهب هذه الأمة .
قال أبو عمران الجوني : قيل لعامر بن عبد قيس : إنك تبيت خارجا ، أما تخاف الأسد !؟
قال : إني لأستحيي من ربي أن أخاف شيئا دونه . وروى همام عن قتادة مثله .
حماد : عن أيوب ، عن أبي قلابة ، لقي رجل عامر بن عبد قيس ، فقال : ما هذا؟ ألم يقل الله :
وجعلنا لهم أزواجا وذرية ؟ قال : أفلم يقل الله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .
وقيل : كان من أفضل العابدين ، وفرض على نفسه كل يوم ألف ركعة ، يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر ، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه
فيقول : يا نفس إنما خلقت للعبادة يا أمارة بالسوء ، فوالله لأعملن بك عملا حتى لا يأخذ الفراش منك نصيبا.
وهبط واديا به عابد حبشي ، فانفرد يصلي في ناحية ، والحبشي في ناحية ، أربعين يوما لا يجتمعان إلا في فريضة .
وفي خبر هذه القصة على التفصيل :
أنه هبط واديا يقال له وادي السباع ، في الوادي عابد حبشي يقال له : حممة ،
فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان ، لا هذا ينصرف إلى هذا ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة ، إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان
ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما فجاء إلى حممة ، فقال : من أنت يرحمك الله ؟
قال دعني وهمي ،
قال : أقسمت عليك ،
قال : أنا حممة ، قال عامر : لئن كنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض ، أخبرني عن أفضل خصلة ؟
قال : إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا ووجهي مفترشا حتى ألقاه ، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك ، فمن أنت رحمك الله ؟
قال :أنا عامر بن عبد قيس ، قال : إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس ، فأخبرني بأفضل خصلة ؟
قال : إني لمقصر ولكن واحدة ، عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئا غيره ، فاكتنفته السباع فأتاه سبع فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبه
وعامر يتلو هذه الآية : ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب ،
قال حممة : بالله يا عامر ما هالك ما رأيت ؟ قال : إني لأستحي من الله عز وجل أن أهاب شيئا غيره ،
قال حممة : لولا أن الله عز وجل ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا
، وكان يصلي في اليوم ثمانمائة ركعة ، وكان يقول : إني لمقصر في العبادة ، وكان يعاتب نفسه .
رحمك الله يا عامر ويا حممة , ماذا نقول نحن عن حالنا ونحن نتفنن في تقطيع الأوقات بشتى وسائل الترفيه والتسلية كما يقال ؟
ولقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"
محمد بن واسع : عن يزيد بن الشخير ، أن عامرا كان يأخذ عطاءه ، فيجعله في طرف ثوبه ، فلا يلقى مسكينا إلا أعطاه ، فإذا دخل بيته ، رمى به إليهم ، فيعدونها فيجدونها كما أعطيها .
قال مالك بن دينار : حدثني فلان ، أن عامرا مر في الرحبة ، وإذا رجل يظلم ، فألقى رداءه وقال : لا أرى ذمة الله تخفر وأنا حي ، فاستنقذه .
ويروى أن سبب إبعاده إلى الشام ، كونه أنكر وخلص هذا الذمي .
وقال صخر بن أبي صخر قال عامر بن عبد قيس : أنا من أهل الجنة ؟ أوأنا من أهل الجنة ؟ أومثلي يدخل الجنة ؟ .
وبعث معاوية إلى عبد الله بن عامر أن انظر عامر بن عبد قيس فأحسن إذنه وأكرمه ومره أن يخطب إلى من شاء وأمهر عنه من بيت المال ، فأرسل إليه :
إن أمير المؤمنين قد كتب إلي أن أحسن إذنك وأكرمك ، قال : يقول عامر : ف
لان أحوج إلى ذلك مني ، يعني رجلا كان أطال الاختلاف إليهم لا يؤذن له .
وأمرني أن آمرك أن تخطب إلى من شئت وأمهر عنك من بيت المال ، قال :
أنا في الخطبة دائب ، قال : إلى من ؟ قال :إلى من يقبل مني الفلقة والتمرة ،
قال : ثم أقبل على جلسائه ، فقال : إني سائلكم فأخبروني ، هل منكم من أحد إلا لأهله من قلبه - شعبة ؟
قالوا : اللهم لا ؛ أي بلى ، قال : فهل منكم من أحد إلا لولده من قلبه - شعبة ؟ قالوا : اللهم لا ؛ أي بلى
قال : والذي نفسي بيده لأن تختلف الأسنة في جوانحي أحب إلي من أن أكون هكذا ، أما والله لأجعلن الهم هما واحدا ، قال الحسن : وفعل .
ويروى عنه قوله : قال : وجدت أمر الدنيا تصير إلى أربع : المال والنساء والنوم والأكل ، فلا حاجة لي في المال والنساء ، فأما النوم والأكل فايم الله لئن استطعت لأضرن بهما .
رحمه الله وغفر له وإن اعتذرنا له بأن سبب تركه للزواج هو انشغاله بالعبادة وعظيم إيثاره لها إلا أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
قال الحسن البصري : بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام ، فقال : الحمد لله الذي حشرني راكبا .
وقد روي في سبب تسييره للشام أنه مر برجل من أعوان السلطان وهو يجر ذميا والذمي يستغيث به ، قال : فأقبل على الذمي فقال : أديت جزيتك ؟
قال : نعم ، فأقبل عليه ، فقال : ما تريد منه ؟ قال : أذهب به يكسح دار الأمير ، قال : فأقبل على الذمي ، فقال : تطيب نفسك له بهذا ، قال : يشغلني عن ضيعتي ، قال : دعه
قال : لا أدعه ، قال : دعه ، قال : لا أدعه ، قال : فوضع كساءه ثم قال : لا تخفر ذمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا حي ، ثم خلصه منه ، قال : فتراقى ذلك حتى كان سبب تسييره .
وقيل : لما سيرعامر بن عبد الله شيعه إخوانه وكان بظهر المربد ، فقال : إني داع فأمنوا ، قالوا : هات فقد كنا نشتهي هذا منك
قال : اللهم من وشى بي وكذب علي وأخرجني من مصري ، وفرق بيني وبين إخواني ، اللهم أكثر ماله وولده ، وأصح جسمه وأطل عمره .
عن قتادة ، قال : سأل عامر بن عبد قيس ربه أن يهون عليه الطهور في الشتاء ، وكان يؤتى بالماء وله بخار .
وعن مالك بن دينار ، قال : مر عامر بن عبد قيس فإذا قافلة قد احتبست فقال لهم : ما لكم لا تمرون ؟
فقالوا : الأسد حال بيننا وبين الطريق ، قال : هذا كلب من الكلاب ، فمر به حتى أصاب ثوبه فم الأسد .
عن أبي سليمان الداراني ، قال : قيل لعامر بن عبد قيس : النار قد وقعت قريبا من دارك ، فقال : دعوها فإنها مأمورة ، وأقبل على صلاته ، فأخذت النار فلما بلغت داره عدلت عنها .
وعن مالك بن دينار : رأى رجل في المنام كأن مناديا ينادي : أخبروا الناس أن عامر بن عبد الله يلقى الله تعالى يوم يلقاه ووجهه مثل القمر ليلة البدر .
وعن الحسن ، قال : سمعهم عامر بن عبد قيس وما يذكرونه من أمر الضيعة في الصلاة ، قال : أتجدونه ؟
قالوا : نعم ، قال : والله لأن تختلف الأسنة في جوفي أحب إلي من أن يكون هذا مني في صلاتي .
و قال رجل لعامر بن عبد الله : استغفر لي ، فقال : إنك تسأل من قد عجز عن نفسه ، ولكن أطع الله ثم ادعه يستجب لك .
وكانت له ابنة عم يقال لها عبيدة ترى ما يصنع بنفسه ، فتعالج له الثريد فتأتيه به ، فيخرج إلى أيتام الحي فيدعوهم فتقول : إنما عملتها لك بيدي لتأكلها
فيقول : أليس إنما أردت أن تنفعيني ؟ قال : وكان يقول لها :
يا عبيدة تعزَّي عن الدنيا بالقرآن ، فإنه من لم يتعز بالقرآن عن الدنيا تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .
قال قتادة : لما احتضر عامر بكى ، فقيل : ما يبكيك؟ قال : ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر ، وقيام الليل .
وروى عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، أن قبر عامر بن عبد قيس ببيت المقدس .
وقيل : توفي في زمن معاوية .
المصدر . اهل الحديث
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ- نجم ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3052نقاط التميز : 5482الجنس :العمر : 25الأبراج :
رد: ترجمة : عامر بن عبد قيس
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
التوقيع
_________________
رد: ترجمة : عامر بن عبد قيس
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
شيكاغو- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/09/2018المساهمات : 336نقاط التميز : 336الجنس :العمر : 22الأبراج :
رد: ترجمة : عامر بن عبد قيس
بصراحــه رائع جدا هذا الموضوع
بصراحه انت تمتلك ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
رد: ترجمة : عامر بن عبد قيس
شكرا لك علي الموضوع المميز
MasTar- عضو مميز
- تاريخ التسجيل : 26/10/2018المساهمات : 602نقاط التميز : 606الجنس :العمر : 23الأبراج :
رد: ترجمة : عامر بن عبد قيس
بارك الله فيك وشكرا على المتابعة
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
رد: ترجمة : عامر بن عبد قيس
موضوع مميز جدا شكرا لك
MasTar- عضو مميز
- تاريخ التسجيل : 26/10/2018المساهمات : 602نقاط التميز : 606الجنس :العمر : 23الأبراج :
مواضيع مماثلة
» ترجمة : عامر بن عبد قيس
» ترجمة : عامر بن عبد قيس
» ترجمة : عامر بن عبد قيس
» عامر بن شراحيل بن عبد أبو عمر الهمدانى ثم الشعبي
» أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه
» ترجمة : عامر بن عبد قيس
» ترجمة : عامر بن عبد قيس
» عامر بن شراحيل بن عبد أبو عمر الهمدانى ثم الشعبي
» أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى