لا غنى لي عن بركتك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

لا غنى لي عن بركتك

مُساهمة من طرف ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ الجمعة يناير 03, 2020 12:56 am


لا غنى لي عن بركتك

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، أمَّا بَعْدُ:

فإنَّ وجود المال مع المسلم الصالح فيه فائدة عظيمة؛ حيث إنَّهُ سيستخدمُ هذا المال فيما يرضي الله تعالى.

روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى، قَالَ بَلَى يَا رَبِّ؛ وَلَكِنْ لا غِنى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ))؛ (البخاري، حديث: 3391).

معاني الكلمات:

فَخَرَّ: نَزَلَ.

رِجْلُ: جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.

يَحْثِي: يَضَعُ.

بَلَى: نَعَم.

الشرح:

قَوْلُهُ: (جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ)؛ أيْ: ذهبٌ أنزله اللهُ تعالى على نبيه أيوب صلى الله عليه وسلم، على صورة الجراد، وذلك من جزاء صبره على البلاء، ورضاه بما قَدَّرَه سُبحانه عليه.

قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ)؛ أي: يَجمعُ مِن ذلك الذهب بيديه جميعًا، ويضعه في ثوبه.

قَوْلُهُ: (فَنَادَاهُ رَبُّهُ)؛ أَيْ: نِدَاءَ تَلَطُّفٍ.

قَوْلُهُ: (يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى)، قَالَ الْحسَنُ بنُ مُحَمَّد الطَّيِّبِي رحمه الله: هَذَا لَيْسَ بِعِتَابٍ مِنْهُ تَعَالَى، إِنَّ الْإِنْسَانَ وَإِنْ كَانَ مُثْرِيًا لَا يَشْبَعُ بِثَرَاهُ؛ بَلْ يُرِيدُ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ التَّلَطُّفِ وَالامْتِحَانِ بِأَنَّهُ هَلْ يَشْكُرُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، فَيَزِيدُ فِي الشُّكْرِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَلَكِنْ لَا غِنى)؛ أَيْ: لَا اسْتِغْنَاءَ (بِي عَنْ بَرَكَتِكَ)؛ أَيْ: عَنْ كَثْرَةِ نِعْمَتِكَ، وَزِيَادَةِ رَحْمَتِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ لا غِنى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ)؛ أَيْ: لَا اسْتِغْنَاءَ عَنْ كَثْرَةِ نِعْمَتِكَ، وَزِيَادَةِ رَحْمَتِكَ؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح؛ علي الهروي، جـ 9، صـ 3643).

فوائد الحديث:

(1) سُمي هذا الذهب بَرَكَة؛ لأنه أُرسِلَ على أيوب صلى الله عليه وسلم بدون صُنع آدمي أو تعبه؛ بل هو من عند الله تعالى، ففي ذلك طلب الزيادة من الخير.

(2) هذا الحديث دليلٌ ما جُبِلَ عليه الإنسان مِن حُبِّ المال؛ (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري؛ عبدالله الغنيمان، جـ2، صـ354).

(3) قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فِي هَذَا الْحَدِيثِ نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ مَعَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح؛ علي الهروي، جـ 7، صـ 2676).

وروى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَل مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ))؛ (حديث صحيح) (صحيح سنن الترمذي؛ للألباني، حديث:2006).

الشرح:

قَوْلُهُ: (تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي)؛ أَيْ: بَالِغْ فِي فَرَاغِ قَلْبِكَ لِعِبَادَةِ رَبِّكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَسُدَّ فَقْرَكَ)؛ أَيْ: وَأَسُدَّ بَابَ حَاجَتِكَ إِلَى النَّاسِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَا تَفْعَل)؛ أَيْ: مَا أَمَرْتُكَ مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا، وَالْإِقْبَالِ عَلَى عِبَادَةِ الله تعالى النَّافِعَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخرة.

قَوْلُهُ: (مَلَأْتُ يَدَيكَ شُغْلًا)؛ أَيْ: مَلَأْتُ اشْتِغَالًا مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ)؛ أَيْ: لَا مِنْ شُغْلِكَ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، فَإنَّكَ تُتْعِبُ نَفْسَكَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ فِي طَلَبِ الْمَالِ، وَلَا تَنَالُ إِلَّا مَا قَدَّرْتُ لَكَ مِنَ الْمَالِ، وَتُحْرَمُ عَنْ غِنَى الْقَلْبِ لِتَرْكِ عِبَادَةِ الرَّبِّ؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح؛ علي الهروي، جـ 8، صـ 3238).

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكرامِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِه وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

شبكة الالوكة

ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
نجم ستارديس

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 3052
نقاط التميز : 5482
الجنس : انثى
العمر : 25
الأبراج : السرطان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: لا غنى لي عن بركتك

مُساهمة من طرف شموخ القوافي الجمعة يناير 03, 2020 1:50 am


موضوع جد مميّز و ممتع كالعادة بارك الله فيك

شموخ القوافي
شموخ القوافي
عضو ستارديس

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 1461
نقاط التميز : 1687
الجنس : ذكر
العمر : 32
الأبراج : الثور

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع

لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان

سجل معنا الان

انضم الينا جروب تاج فعملية التسجيل سهله جدا ؟


تسجيل عضوية جديدة

سجل دخولك

لديك عضوية هنا ؟ سجل دخولك من هنا .


سجل دخولك

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى