إعلامنا كما أحلم أن يكون
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
إعلامنا كما أحلم أن يكون
لأننا لا نريد أن نكتشف ذواتنا منعكسة على مرايا الغير وأصواتنا صادحة في أبواق الآخر، ولأننا لا نقبل أن يلازمنا الإحساس بالنقص تجاه إعلام الغرب وفضائيات الخليج.
ولأن اليأس كاد يتملكنا من أن تصحو قنواتنا من سبات طال فاستحال الى حصص يومية من العذاب يصلاها مغاربة، ذنبهم الحنين إلى نسمات وطن يتوقعون أن تفوح عليهم من خلال قنواتهم الوطنية، ولأننا لم نعد نرغب في أداء الضريبة عن خدمة تستبلد ذوقنا وتقودنا على دروب الاستلاب والاغتراب، لأننا نؤمن بالتغيير، فثمة أمل في أن يفضي الحراك الذي يشهده المغرب إلى مشهد سمعي بصري يكون بديلا للمغاربة عن قنوات هجروها وطلبوا اللجوء الإعلامي لدى قنوات لا تتورع عن إظهار خريطة بلدهم عارية من صحرائها أو تقديم بناته عاريات من شرفهن، وثمة حلم يراودني كنت أراه محالا، لكني اليوم أراه ممكنا، وإن غدا لناظره أمسى قريبا.
أحلم بقناة تعيد للمغاربة ثقتهم في إعلام محلي ينبض بنبضهم وينصت لآمالهم ويتوجع لآلامهم ويناديهم أن ارجعوا، فلا حاجة بكم إلى أن تنتظروا العاشرة مساء لكي تطالعوا أخبار بلدكم من خلال قنوات تبث من الدوحة أو لندن أو باريس. عودوا، فهذي خطوطي مشرعة على آهاتكم وكاميراتي شاهدة على موتكم اليومي من أجل الخبز والكرامة. لن يخجلني أن يؤثث فقركم أو تملأ الأوحال حيث ترتعون شاشاتي. سأجعل من شريط أخباري ملاذا لشكواكم، لهمس تتداولونه سرا في مجالسكم. سأكون صورة حية عن واقعكم وانعكاسا وفيا لحقيقتكم. أم أنكم تفضلون بدل ذلك واقعا مستوردا من كوريا وقصص عشق زائفة من المكسيك أو تركيا منقولة زورا إلى لهجتكم؟ دعوني أكن مغربكم من دون مساحيق للتجميل ولا أضواء للبهرجة ولا شعارات للاستهلاك ولا مقص للرقابة، دعوني أكن صوتكم دونما حاجة إلى ترجمة فورية.
أحلم، وإن كنت أدرك سذاجة أحلامي وجبروت مغتالي الأحلام في بلدي، أن أشاهد نشرة أخبار من دون أن ترغمني الأضاليل على البصق في وجه المذيع، أن أنصت لتصريح وزير ثم لا أكون مضطرا للاستعانة بصديق من أجل أن أعي ما قال سيادته لكثرة ما حشا خطبته بمفردات مستوحاة من لغة الخشب. أحلم أن أتابع برنامجا ثم لا أحس بالاغتراب، لأن التعليق أو الحوار بلغة مستعمر حسبناه فارقنا، لكن قنواتنا، إذاعاتنا وصحفنا تصر على تذكيرنا بأنه باق لا يغادرنا.
أحلم ببرامج ينشطها أناس يشبهوننا، يتكلمون لغتنا دونما تشدق أو تصنع، يدركون مرارة العيش خارج استوديوهات مكيفة وينفعلون بما يقع حواليهم فيحسه المتتبع صادقا في بحّاتهم وعلى ملامحهم، لا يعمدون كلما تعلق الأمر ببرنامج مباشر إلى مقاطعة وإخراس من يجأر بالشكوى من ظلم أو فساد في الأرض بدعوى الخروج عن الموضوع أو انقضاء وقت البرنامج أو انقطاع الخط من المصدر أو خلل في الصوت خارج عن إرادة القناة.
أحلم بإعلام تنهض برسالته أقلام يسري في عروقها مداد من دم ودمع وعرق وماء وجه مراق في ساحات الوطن. حبر يلتحف بالسواد ليخط على البياض مرثية صاحبة الجلالة وقد أمست رهينة مستباحة للمتطفلين والوصوليين وشهود الزور. لكني إذ أطالع العناوين، أجد الصحف تلونت، واللغة تميعت، والافتتاحيات وأعمدة الرأي أضحت ميدانا لحروب بالوكالة، أجد الصحافيين وقد تفرقوا شعوبا وقبائل ليتعاركوا، أجد الدعاية اكتسحت المنابر وهموم الناس انسحبت إلى ركن قصي بالكاد تصله عين القارئ.
أحلم، وفي حلمي يتراءى طيف كاميرا وميكروفون وصوت كأنه صوتي تخلص من ارتباكه وتلعثمه. أرى شفتي ترسمان بثقة أفقا لا حدود له بعبارات واضحة صريحة. ما من حواجز أو متاريس تمنع طيفي من البوح والصراخ بما ظل يخنقني ويمنع أفكاري الخجلى والخائفة من أن يكون لها صدى، من أن ينقشع عنها ضباب كثيف يشرنقها فتتجلى واضحة كالشمس، شفافة كالحقيقة. ثم ينكشف المنام عن صوتي وقد عاد إلى ما عهدته فيه من توار وانطفاء، ولا أثر لبوح أو حقيقة.
أحلم ولا أدري لم كلما راودتني أحلام وآمال أو عشت لحظات انشراح، أتبعت ذلك بالاستغفار ولعن الشيطان وتوقع الخيبات. قد أكون متشائما أو جاحدا يعوزني النظر الحصيف والرأي السديد، لكني أبدا لا أشك في أن من صادر حق المواطن في إعلام حر نزيه قادر على تسفيه أحلامه بالمطلق.
ولأن اليأس كاد يتملكنا من أن تصحو قنواتنا من سبات طال فاستحال الى حصص يومية من العذاب يصلاها مغاربة، ذنبهم الحنين إلى نسمات وطن يتوقعون أن تفوح عليهم من خلال قنواتهم الوطنية، ولأننا لم نعد نرغب في أداء الضريبة عن خدمة تستبلد ذوقنا وتقودنا على دروب الاستلاب والاغتراب، لأننا نؤمن بالتغيير، فثمة أمل في أن يفضي الحراك الذي يشهده المغرب إلى مشهد سمعي بصري يكون بديلا للمغاربة عن قنوات هجروها وطلبوا اللجوء الإعلامي لدى قنوات لا تتورع عن إظهار خريطة بلدهم عارية من صحرائها أو تقديم بناته عاريات من شرفهن، وثمة حلم يراودني كنت أراه محالا، لكني اليوم أراه ممكنا، وإن غدا لناظره أمسى قريبا.
أحلم بقناة تعيد للمغاربة ثقتهم في إعلام محلي ينبض بنبضهم وينصت لآمالهم ويتوجع لآلامهم ويناديهم أن ارجعوا، فلا حاجة بكم إلى أن تنتظروا العاشرة مساء لكي تطالعوا أخبار بلدكم من خلال قنوات تبث من الدوحة أو لندن أو باريس. عودوا، فهذي خطوطي مشرعة على آهاتكم وكاميراتي شاهدة على موتكم اليومي من أجل الخبز والكرامة. لن يخجلني أن يؤثث فقركم أو تملأ الأوحال حيث ترتعون شاشاتي. سأجعل من شريط أخباري ملاذا لشكواكم، لهمس تتداولونه سرا في مجالسكم. سأكون صورة حية عن واقعكم وانعكاسا وفيا لحقيقتكم. أم أنكم تفضلون بدل ذلك واقعا مستوردا من كوريا وقصص عشق زائفة من المكسيك أو تركيا منقولة زورا إلى لهجتكم؟ دعوني أكن مغربكم من دون مساحيق للتجميل ولا أضواء للبهرجة ولا شعارات للاستهلاك ولا مقص للرقابة، دعوني أكن صوتكم دونما حاجة إلى ترجمة فورية.
أحلم، وإن كنت أدرك سذاجة أحلامي وجبروت مغتالي الأحلام في بلدي، أن أشاهد نشرة أخبار من دون أن ترغمني الأضاليل على البصق في وجه المذيع، أن أنصت لتصريح وزير ثم لا أكون مضطرا للاستعانة بصديق من أجل أن أعي ما قال سيادته لكثرة ما حشا خطبته بمفردات مستوحاة من لغة الخشب. أحلم أن أتابع برنامجا ثم لا أحس بالاغتراب، لأن التعليق أو الحوار بلغة مستعمر حسبناه فارقنا، لكن قنواتنا، إذاعاتنا وصحفنا تصر على تذكيرنا بأنه باق لا يغادرنا.
أحلم ببرامج ينشطها أناس يشبهوننا، يتكلمون لغتنا دونما تشدق أو تصنع، يدركون مرارة العيش خارج استوديوهات مكيفة وينفعلون بما يقع حواليهم فيحسه المتتبع صادقا في بحّاتهم وعلى ملامحهم، لا يعمدون كلما تعلق الأمر ببرنامج مباشر إلى مقاطعة وإخراس من يجأر بالشكوى من ظلم أو فساد في الأرض بدعوى الخروج عن الموضوع أو انقضاء وقت البرنامج أو انقطاع الخط من المصدر أو خلل في الصوت خارج عن إرادة القناة.
أحلم بإعلام تنهض برسالته أقلام يسري في عروقها مداد من دم ودمع وعرق وماء وجه مراق في ساحات الوطن. حبر يلتحف بالسواد ليخط على البياض مرثية صاحبة الجلالة وقد أمست رهينة مستباحة للمتطفلين والوصوليين وشهود الزور. لكني إذ أطالع العناوين، أجد الصحف تلونت، واللغة تميعت، والافتتاحيات وأعمدة الرأي أضحت ميدانا لحروب بالوكالة، أجد الصحافيين وقد تفرقوا شعوبا وقبائل ليتعاركوا، أجد الدعاية اكتسحت المنابر وهموم الناس انسحبت إلى ركن قصي بالكاد تصله عين القارئ.
أحلم، وفي حلمي يتراءى طيف كاميرا وميكروفون وصوت كأنه صوتي تخلص من ارتباكه وتلعثمه. أرى شفتي ترسمان بثقة أفقا لا حدود له بعبارات واضحة صريحة. ما من حواجز أو متاريس تمنع طيفي من البوح والصراخ بما ظل يخنقني ويمنع أفكاري الخجلى والخائفة من أن يكون لها صدى، من أن ينقشع عنها ضباب كثيف يشرنقها فتتجلى واضحة كالشمس، شفافة كالحقيقة. ثم ينكشف المنام عن صوتي وقد عاد إلى ما عهدته فيه من توار وانطفاء، ولا أثر لبوح أو حقيقة.
أحلم ولا أدري لم كلما راودتني أحلام وآمال أو عشت لحظات انشراح، أتبعت ذلك بالاستغفار ولعن الشيطان وتوقع الخيبات. قد أكون متشائما أو جاحدا يعوزني النظر الحصيف والرأي السديد، لكني أبدا لا أشك في أن من صادر حق المواطن في إعلام حر نزيه قادر على تسفيه أحلامه بالمطلق.
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ- نجم ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3052نقاط التميز : 5482الجنس :العمر : 24الأبراج :
رد: إعلامنا كما أحلم أن يكون
مزيدا من البذل والعطاء
بارك الله فيكم جميعا وجزاكم الله خير الجزاء
تحياتي وتقديري للجميع
دمتم بألف خير
بارك الله فيكم جميعا وجزاكم الله خير الجزاء
تحياتي وتقديري للجميع
دمتم بألف خير
شموخ القوافي- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1461نقاط التميز : 1687الجنس :العمر : 31الأبراج :
رد: إعلامنا كما أحلم أن يكون
كل الشكرا لكم على الموضوع المفيد
وعلى المشاركة الرائعة لهذا الموضوع الرائع
وعلى المشاركة الرائعة لهذا الموضوع الرائع
أميرة المنتدى- مراقبة الإسلام والأسرة
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 2137نقاط التميز : 3813الجنس :العمر : 23الأبراج :
رد: إعلامنا كما أحلم أن يكون
شكرا جزيلا على المتابعة
بارك الله فيك
بارك الله فيك
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
مواضيع مماثلة
» إعلامنا ومنظومة القيم والأخلاق
» سيتين: لم أحلم أبدا بتدريب برشلونة
» متى يكون نوم القيلولة مفيداً؟
» الحق لا يكون بالكثرة
» من مقال''التاريخ لا يكون بالإفتراض و لا بالتحكم''
» سيتين: لم أحلم أبدا بتدريب برشلونة
» متى يكون نوم القيلولة مفيداً؟
» الحق لا يكون بالكثرة
» من مقال''التاريخ لا يكون بالإفتراض و لا بالتحكم''
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى