مؤسس دولة اليمن الصليحيه الوحدويه الملك الكامل على بن محمد الصليحي

في عام 439 هـ ( 1046 م ) قامت دولة اليمن الصليحيه بزعامة الملك الكامل على بن محمد الصليحي .. وقد شملت الدوله الصليحيه كل ارجأ اليمن الطبيعيه من مفاوز عمان شرقاً الى البحر الاحمر غرباً ومن عدن والبحر العربي جنوباً الى مكه واليمامه شمالاً .. ثم شملت مكه واعمالها عام 455 هجريه **وكانت مدينة صنعأ هي عاصمة الدوله الصليحيه في عهد الملك الكامل على بن محمد الصليحي ( 439 – 473 هـ ) وهو على بن محمد بن على بن يوسف بن عبد الجبار الصليحي – [ نسبة الى صليحه بلدة كانت في منطقة الاخروج بناحية الحيمه من نواحي صنعاء ] – ويتصل نسب الصليحي الى همدان بن زيد سليل كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن النبىّ هود العادىّ عليه السلام .
** يمكن تقدير زمن مولد على بن محمد الصليحي بحوالى عام 390 هجريه لان المؤرخ عماره يذكران الصليحي بدأ دعوته ( السياسيه ) عام 429 هـ وانه {{ كان قبل ذلك يحج بالناس دليلاً على طريق السراة عدة سنين بالناس احد غيره }} [ ص 97 ] – [ والسراة هي الجبال المتقاطره من قعرة المعافر الحجريه ( تعز ) حتى الطائف والجبال المطله على تهامه ] – وجأ في تاريخ ثغر عدن انه {{ كان يحج بالناس دليلاً على طريق السراة والطائف – الى مكه – 15 سنه }} [ ص 160 ] .. وبالتالى يمكن القول :-
1 – في حوالى عام 390 هـ كان مولد على بن محمد الصليحي ، وهو تاريخ هام ، حيث انتهت في ذلك العام الدوله اليمنيه التى كانت تحكم اغلب اليمن في عهد { عبد الله بن قحطان اليعفري الحميري ( 352 – 387 هـ ) – وهو حفيد على بن الفضل الحميري – ثم عهد { اسعد بن عبد الله بن قحطان ( 387 – 390 هـ ) ، وكانت تلك الدوله ترتبط بالخلفأ الفاطميين العُبيديين في مصر ، حيث كانت الخطبه في عهد عبد الله بن قحطان للخليفه المعز لدين الله ثم الخليفه العزيز بن المعز ( 365 – 386 هـ ) ثم فى السنيين الاولى الثلاثه للحكم بآمر الله ، حيث تفككت دولة اغلب اليمن بعد { اسعد بن عبد الله بن قحطان } وانقطعت الخلفأ الفاطميين والعلاقة بهم ( من حـ / 390 هـ ) – وربما كان لما يقال عن سؤسيرة ( الحاكم بآمر الله ) وبعض تصرفاته غير الشرعيه علاقة لا نقطاع ارتبط اليمن بالخلفأ الفاطميين بمصر آنذاك – حيث عاد حكم بني نجاح في زبيد وتهامه [ ودعوتهم للخلفأ العباسيين في بغداد ] وانتعشت الدعوه الهادويه بصعده واعالى المن [ الامام القاسم العياني الرسي الهادي ] وسيطر بنو الضحاك الحاشدي على اغلب نواحي صنعاء .. واصبح بنو معن الحميريون ملوكاً لعدن ولحج والسرو الى حضرموت [ وكان بنو معن نواباً لعبد الله بن قحطان ] وتغلب العديد من الزعمأ المشائخ المحليين على حكم مناطقهم كملوك عليها .. اما الدعوه الفاطميه ( المتصله بالقاهره ) فتولى زعامتها باليمن { الداعيه سليمان الزواحي الحميري } ثم استمال اليها ( حـ / عام 415 هـ ) على بن محمد الصليحي ..
2 – من حـ / عام 413 هـ كان على بن محمد الصليحي يحج بالناس دليلاً ورائداً لهم .. وقد ذكر ابن كثير في كتاب ( البدايه والنهايه ) انه فى موسم حج عام 413 هـ اتفق جماعة من الحجاج [( الذين ربما كانوا من القرامطه او العجم )] – على امرسوء فقام واحد منهم فضرب الحجر الاسود بدبوس كان معه ثلاث ضربات متواليات وقال : الى متى نعبد هذا الحجر .. فخاف منه اكثر الحاضرون {{ فتقدم اليه رجل من اهل اليمن معه خنجر فكعنه بالخنجر وتكاثر الناس عليه فقتلوه ، وتتبعوا اصحابه فقتلوا منهم جماعة ، وجرت فتنة كبيره ، ثم سكن الحال .. }} – [ ص 14 جـ 12 / البدايه والنهايه ] –
*ونعود الى على بن محمد الصليحي فانه ( منذ ذلك العام تقريباً ) اصبح دليلاً ورائداً للحجاج اليمنيين ومكث كذلك 15 سنه ( الى حوالى عام 428 هـ ) .
*وكان الصليحي قد اقتنع بفكر الدعوه الفاطميه منذ وقت مبكر وانتمى اليها ( سرياً ) على يد {{ سليمان بن عامر الزواحي الحميري }} فلما مات سليمان ( حـ / 428 هـ ) اصبح الصليحي زعيما للدعوه .
3 – ان انتمأ الصليحي والدوله الصليحيه الى دعوة الخلفأ العُبيديين الفاطميين لم يكن ، في الواقع انتماءً مذهبياً ( المذهب الاسماعيلي ) وكذلك اليمنيون داخل اليمن وخارجها منذ بداية تلك الدعوه في اليمن على يد ( على بن الفضل ) وفي المغرب على يد ( ابى عبد الله الصنعاني ) .... ان التفاف وتعاطف اليمنيين مع تلك الدعوه كان سياسياً باعتبارها مشروعاً وحدوياً عروبياً إسلامياً ، يمكن القول انه يتضمن انه ثلاث مسائل رئيسيه كانت عامل جذب لليمنيين وهي :-
اولاً – وحدة اليمن ظل حاكم يمني قحطاني واحد ( ملك اليمن ) وتكون الخطبه للخلفأ العبيديين الفاطميين هي المظهر الرئيسي لارتباط دولة اليمن بالمشروع العربي الاسلامي الوحدوي ( الفاطمي ) .. كما حصل في اوائل عهد على بن الفضل وعهد عبد الله بن قحطان ( حفيد على بن الفضل ) ثم عهد الصليحي والدوله الصليحيه .
ثانياً – وحدة اغلب البلاد العربيه الاسلاميه التى كانت قد انقسمت الى ممالك ودويلات قبيل العصر الفاطمي – [ مثل دولة الادارسه ودولة الاخشيديين العجم التى كانت تحكم مصر واغلب الشام والحرمين في عهد العبد كافور الاخشيدي ( توفى عام 356 هـ ) وحتى انضوأ مصر واغلب الشام والحرمين فى خلافة المعز لدين الله الفاططمي ( منذ عام 358 هـ وعام 359 هـ ) بحيث شملت الخطبه للخلفأ الفاطميين ( او الدوله الفاطميه ) كل بلاد المغرب العربي ومصر والشام واليمن والحجاز .. اما العراق وجهات الموصل فكانت تحت حكم الملوك البويهيين العجم باسم الخلفأ العباسيين الذين كانوا مجرد واجهة شكليه صوريه لحكم العجم آنذاك .
ثالثاً – الدور القيادي لليمنيين في ظل الخلفأ الفاطميين في كل البلاد التى شملتها الخلافه الفاطميه ، .. ومنهم على سبيل المثال حتى عهد الصليحي :-
(أ)- من وزراء الخلفأ الفاطميين :- ابو عبد الله الصنعاني ( وزير المهدي ) والحسن بن عمار الكتامي الحميري ( وزير العزيز ثم الحاكم الى عام 387 هـ ) والوزير القاضي ابو عبد الله القضاعي صاحب كتاب الشهاب {{ وزير الظاهر الى ايام المستنصر ) – [ ص 37 / البديه والنهايه ] .
(ب)- من حكام دمشق والشام :- جعفر بن فلاح الحميري اول امرأ الشام في العصر الفاطمي – و {{ سند الدوله الحسن بن محمد بن شعبان اللخمي امير حلب واعمالها ( عام 414 هـ ) وهو الذي كتب اليه ابو العلأ المعري ( الرساله السنديه ) – [ ص 632 / الجامع ] – [ توفى ابو العلأ المعري عام 449 هـ ] .
(ج)- حكام جزيرة صقليه وسردينيه :- ابتدأ بالحسن بن على الكلبى الحميري الذي ولاه المنصور الفاطمي اميراً لصقليه ( 336 هـ - 352 هـ ) ووصولاً الى {{ اسد الدوله احمد بن يوسف الكلبي ( 410 – 417 هـ ) ثم {{ الصمصام حسن بن يوسف الكلبي الحميري 417 – 431 هـ }} معاصر الصليحي .
(د)- حكام القيروان وبلاد المغرب :- ابتدأ بيوسف بلكين بن زيري الصنهاجي الحميري ( 350 – 373 هـ ) ثم { المنصور بن يوسف بلكين 374 – 386 هـ } ثم {{ باديس بن منصور 386 – 406 هـ }} ثم {{ العز بن باديس 406 – 454 هـ }} معاصر على بن محمد الصليحي ..
4 – توحيد اليمن بزعامة الصليحي
(أ)- بدأ على محمد الصليحي دعوته السياسيه [ بشكل غير علني ] من عام 429 هـ ولم تمض نحو عشر سنوات حتى بلغ عدد انصاره زهأ اربعين الفاً – [ في قسم مخاليف صنعا وصعده ] – غير العديد من الزعمأ والفرسان والقبائل في بقية ارجأ اليمن الذين يبدو انهم عاهدوه سراً على الانضوأ تحت رايته حين يتقدم الى مناطقهم – [ في قسم الجَنَد واعمال عدن الى حضرموت ] – لتوحيد اليمن .
(ب)- وفي عام 439 هـ ( 1046 م ) اعلن الصليحي دعوته وبداية عهده في حصن جبل مسار – [ من نواحي صنعاء ] – فاصبح ثالث ثلاثة زعمأ حكام بارزين في قسم مخاليف صنعأ وصعده وهم ( الامام القاسم الرسي الهادوي ) – الذي كان يعتبر نفسه امام اليمن – والزعيم ابن ابى حاشد الضحاكي الحاشدي الهمداني – ابرز الحكام المتغلبين على صنعأ ونواحيها – والزعيم الوحدوي ( الجديد ) على بن محمد الصليحي الذي يصفه صاحب كتاب ثغر عدن بانه {{ كان الصليحي حازماً عازماً جواداً شجاعاً فصيحاً بليغاً شاعراً .. }} [ أهـ ] ومن شعر الصليحي انه لما ارسل اليه الامام الرسي الهادوي رسالة يتهدده ويتوعده فيها ، اجاب عليه الصليحي برسالة اختتمها قائلاً :-
{{ هذا اليقين وخيل الله مُقبلة * تخب في نقعها جرى السراحين
هناك لاتنفع الرسي ندامته * وعض ابهامه في الوقت والحين }}
وانتصر الصليحي انتصاراً ساحقاً على جيش الامام الرسي الهادوي .. ثم على جيش ابن ابي حاشد ومن معه ، ومال الكثيرون اليه .. وقال الصليحي [ بعد ان هزم الامام القاسم واسر ابنه جعفربن القاسم ] ؛ قال الصليحي :-
{{ أنكحت بيض الهند سُمرَ رماحهم * فرؤ وسهم عِوَض النثار نُثارُ
وكذا العُلىَ لايستباح نكاحها * إلا بحيث تُطلقُ الأعمارُ }} .
واقام الصليحي بمدينة صنعأ وارسى دعائم الدوله والعهد الجديد في مخاليف صنعأ .
(جـ)- ثم سار الصليحي الى مناطق ( الجَنَد ) وما اليها ثم الى ( عدن ) واعمالها فانضوت اغلبها دون قتال تحت لواء الصليحي فلم يحاربه إلا بعض الامراء الملوك المتغلبين الذين مالبث ان استسلموا .. قال المؤرخون {{ طوى الصليحى اليمن طيّا ، سهله ووعره ، وبره وبحره ، في مدة قصيره ، وذلك امر لم يعهد مثله في جاهلية والا اسلام ، حتى قال الصليحي يوماً وهو يخطب على منبر جامع الجَنَد {{ وفي مثل هذا اليوم نخطب على منبر عدن انشأ الله ، فقال رجل مستهزئاً : سبوح قدوس . فامر الصليحي بالحوطة عليه . وخطب الصليحي في مثل ذلك اليوم . فقال ذلك الرخل : سبوحان قدوسان ، واصبح من رجال الصليحي }} .. ومضى الصليحي الى اقصى حضرموت (( ظفار عُمان حالياً )) فانضوت تحت لواء الصليحي والوحده ، فقال الشاعر الهيثمي على لسان الصليحي :-
{{ والذ من قرع المثاني عنده * في الحرب : ألجِم يافلانُ واسرِج
خيلُ باقصى حضرموت اشدها * وزئيرها بين العراق فمنبَج }}
(د)- وعاد الصليحى من حضرموت وعدن الى صنعأ وقد أجَلّ الصليحي أمر تهامه وزبيد التى كان يحكمها ( نجاح ) ويخطب للعباسيين في بغداد ، وكان تأجيل أمر تهامه لحكمة رأها الصليحي ذلك ، ومات نجاح ( حـ / عام 442 هـ ) قتله جارية اهداها اليه الصليحي فيما يقال .. – {{ ثم في عام ( 443 هـ / 444 هـ ) كتب الصليحي الى الخليفه المستنصر بالله الفاطمي في القاهره يستأذنه في إظهار الدعوه ووجه اليه بهدية جليله فيها 70 سيفاً قوائمها من عقيق فكتب له المستنصر وأذن له ، فسار الصليحي الى التهائم بعد موت نجاح واستفتحها ( عام 444 هـ ) ولم تخرج سنة ( 445 هـ ) {{ إلا وقد ملك الصليحى كافة قطر اليمن من حضرموت الى مكه }} – [ أهـ ] – وقال ابن كثير فى كتاب ( البدايه والنهايه ) {{ استولى الكامل على بن محمد الصليحي الهمداني على اعمال اليمن وخطب للفاطميين وقطع خطبة العباسيين سنة 447 هـ }} [ ص 66 جـ 12 ] والمقصود هنا اعمال تهامه لان الخطبه للعباسيين كانت باقية فيها فقط وبذلك شملت دولة اليمن الصليحيه كل ربوع اليمن الطبيعيه .
5 – طائفة من انبأ عهد الصليحي
(أ)- كانت مدينة صنعأ هي عاصمة اليمن في عهد الصليحي حيث توسعت صنعأ في عهده توسعاً كبيراً وارتفعت فيها عشرات المنارات للمساجد ومئات القصور .. قال ابو مخرمه فى تاريخ ثغر عدن {{ اقام الصليحي بصنعأ وجعلها مستقر ملكه ، واخذ معه اغلب ملوك اليمن الذين ازال ملكهم فاسكنهم معه بصنعأ }} وقال عماره {{ .. واختط الصليحي بصنعاء عدة قصور .. وجمع من بنى داراً بصنعاء يبنى بانقاض قصور الصليحي من تلك المده الى الان [ اى الى ايام عماره المتوفي عام 569 هـ ] .. }} [ ص 120 / المفيد ] وجأ في تاريخ المستبصر لأبن المجاور ان الصليحي قام ببناء سور صنعاء بالحجر والجص ، وركب عليه سبعة ابواب ، باب غمدان .. وباب دمشق .. وباب السبحه .. وباب خندق اعلى .. وباب خندق اسفل .. وباب النصر .. وباب شرعه }} [ ص 180 ]
(ب)- كان لقب على بن محمد الصليحي {{ الملك الكامل السلطان المظفر في الدين – ملك اليمن عظيم العرب – على بن محمد الصليحي – ولى امير المؤمنين المستنصر بالله .. }} قال المؤرخ الوصابي :-
{{ وكان الصليحي اشقر ازرق العينين ليس فى اليمن له نظير متواضعاً اذ اجاز على اناس سلم عليهم بيده ، وكان فطناً مايخبر بشئ إلا ويصح ، ولما تملك اليمن كان يركب على فرس على راسه مائة وعشرون قصبة ملبسة بالذهب والفضه }} [ أهـ ] ..
(ج)- وكانت اسمأ بنت شهاب زوجة الصليحي تشارك في الحكم .. قال عماره {{ كانت اسمأ بنت شهاب الصليحي قليلة النظير فى الجمال معدومة المثل فى الادب والعقل وذات كرم وسؤدد ، وتهب الجوائز الجزيله للشعرأ والصلات الواسعه في سبيل الله وسبيل المرؤة والخير }} .. قال ابو مخرمه :-
{{ وكانت اسمأ بنت شهاب يقال لها الحره الكامله وكانت كاسمها ذات تدبير ويمدحها الشعراء ويُدعى لها على المنابر فيخطب اولاً للمستنصر ثم للصليحي ثم يقال : اللهم وادم ايام الكامله السيده كافلة المؤمنين }} .. وفيها قال الشاعر الهيثمي قصيدة منها :-
{{ .. قلت إذ عظموا لبلقيس عرشاً * دست اسماء من ذرى النجم اسما }}
(د)- أقرّ الملك الصليحى على نيابة عدن واعمالها {{ ابا الفضل عباس بن معن الحوشبي الكندي }} وولاه على ( عدن ولحج وابين الى حضرموت والشحر وظفار عُمان ) فكان عمال تلك النواحي نواباً لعباس بن معن .. وهو الذي فيه قال الشاعر ابراهيم بن قيس الهمداني الحضرمي :-
{{ وفى الشرق قد اضحى بعد ذلة * عزيزاً بَملك راجح الحلم حازم
.. ابى الفضل عباس ابن معن ابن حوشب * ذرى كندة العليا الملوك القاقم }}
وكان ابن معن يؤدى خراج وايرادات عدن واعمالها وموانيها الى نائب الصليحي في مدينة ( جبله ) مما يشير الى ان ( جبله ) اصبحت بمثابة عاصمة اداريه لمناطق عدن واعمالها ومناطق الجَنَدَ واعمالها .. وكانت نائب جبله والذي اختطها هو {{ عبد الله بن محمد الصليحي }} وكان مقره {{ حصن التعكر الذي يطل على جبله وهي في سفحه بين نهرين [ سيلين ] جاريين في الصيف والشتاء }} وتشير الوقائع اللاحقه الى ان المناطق المرتبطه بجبله كانت تشمل بالتسميات السائده بلاد المعافر وتعز والجَنَد واب ورداع الى ذمار ، بالاضافة الى عدن واعمالها الى حضرموت ، وقد توسعت جبله وازدانت بالقصور في عهد الملك المكرم والملكه اروى بنت احمد الصليحي .
(هـ)- واستعمل الصليحي على تهامة اليمن [ من قرب عدن الى جيزان وعسير وبيثه وتخوم الطائف ] الامير اسعد بن شهاب الصليحي وولى معه ثلاثة رجال وهم {{ احمد بن سالم كان اليه امر العماله من وادى حرض الى قرب عدن . ومنهم القاضي الحسن بن ابى عقامه ،. وابو الحسين على بن محمد القم والد الشاعر الحسين بن على المعروف بابن القيم ، وجعله الصليحي وزيراً وكاتب انشأ مع اسعد بن شهاب }} وكانت مدينة زبيد العاصمه الاداريه لذلك القسم وازدهرت كثيراً في العصر الصليحي كما ازدهرت كل مدن وارجاء اليمن .
(و)- شمولية الدوله الصليحيه لمكه واعمالها :-
*وفي عام 455 هـ ( 1062 م ) شملت دولة اليمن الصليحيه مكة المكرمه واعمالها ..
** قال ابن كثير في كتاب ( البديه والنهايه ) :- {{ .. وفي سنة 455 هـ مَلَكَ الصليحي صاحب اليمن مكه ، وجلب الاقوات اليها ، واحسن الى اهلها }} [ ص 90 جـ 12 ] ..
** وقال ابن الاثير في كتاب ( الكامل في التاريخ ) :- {{ .. في هذه السنه 455هـ دخل الصليحي صاحب اليمن الى مكه مالكاً لها فاحسن السيره فيها وجلب اليها الاقوات ورفع جور من تقدم وظهرت منه افعال جميله }} [ ص 96 جـ 8 ] – وفى تاريخ ثغر عدن {{ اظهر الصليحى العدل والاحسان واستعمل الجميل مع اهل مكه وجلب الاقوات فرخصت الاسعار وكسا البيت بالثياب والحلىّ ، وكان بنو ابى الطيب الحسنيون قد عَرّوا البيت والميزاب واخذوا الحلىّ لما ملكوا مكه فرد الصليحى الحلىّ الى البيت وكساه ثياباً بيضاً .. }} – [ ص 161 ] – وساد الاستقرار والرخاء مكة واعمالها في عصر الدوله الصليحيه كما ساد كل ربوع اليمن .
6 – من معالم الواقع الخارجي واعلام اليمنيين
خارج اليمن في عهد على بن محمد الصليحي
*كانت بداية عهد الملك الكامل على بن محمد الصليحي عام 439 هـ ( 1046 م ) وفي عام 459 هـ كان مقتل الصليحي ونهاية عهده – ( فيما يبدو ) – بينما جأ في تاريخ عماره ان مقتل على بن محمد الصليحى كان في ذي القعده ( 473 هـ ) وكذلك في كتاب البدايه والنهايه لابن كثير ، مما قد يعني ان الصليحى الذي قتل عام 459 هـ قد يكون الامير عبد الله بن محمد الصليحي وان عهد الكامل على بن محمد الصليحى استمر الى عام 473 هـ وهو الارجح ..
** ومن معالم الواقع الخارجي في عهد الصليحي :-
(أ)- في مصر :- كانت اليمن ترتبط بعلاقة وثيقه بمصر والخليفه المستنصر بالله العبيدى الفاطمي ( 427 – 487 هـ ) وكانت الخطبة في منابر اليمن ومكه للخليفه المستنصر ثم الملك الكامل الصليحي .. شاهداً على قوة ذلك الارتباط .
(ب)- في بلاد المغرب العربي وجزيرة صقليه :-
(1)- عاصر الصليحي {{ المعز بن باديس الصنهاجي الحميري حاكم القيروان وبلاد المغرب ( 406 – 454 هـ ) وكان مرتبطاً بالخلافه الفاطميه .. كما عاصر {{ تميم بن المعز بن باديس ( 454 – 501 هـ ) وقد انفصل ( تميم بن المعز بن باديس ) عن الفاطميين مما ادى الى اضطراب بلاد المغرب وانقسامها
(2)- عاصر الصليخي {{ يحى بن عمر اللمتوني / الصنهاجي الحميرى }} ملك دولة المرابطين التى قامت في الغرب الاقصى ( حـ / 446 هـ ) ثم {{ ابو بكر بن عمر اللمتوني }} الذي تنازل عن الحكم ( عام 463 هـ ) للقائد الفذ {{ يوسف بن تاشفين / اللمتوني / الصنهاجي / الحميري }} [ 463 هـ - 500 هـ ] ولم يكن مرتبطاً بالفاطميين .
(3)- عاصر الصليحي {{ الصمصام حسن بن يوسف الكلبى الحميري امير صقليه ( 417 – 431 هـ ) وكان الصمصام آخر الحكام الكلبيين الحميريين لصقليه في العصر الفاطمي .. وقد استمر الحكم العربي الاسلامس لصقليه ، وامتد اليها نفوذ ( تميم بن المعز بن باديس ) الي ( حـ / عام 484 هـ )
(ج)- في بلاد الاندلس حيث كان عصر ملوك الطوائف سائداً من حـ / عام 400 هـ / عاصر الصليحي :-
(1)- دولة بني زيرى الصنهاجيين الحميريين ( 403 – 483 هـ ) وكانت عاصمتها ( غرناطه ) .
(2)- الدوله العامريه المعافريه اليمانيه ( عاصمتها بلنسيه ) ومن ملوكها ( عبد العزيز العامري المعافري / توفى عام 452 هـ ( 1060 م ) وكان معاصراً للصليحي وقد استمرت الدوله العامريه الى عام 478 هجريه .
(3)- دولة بني جهور الكلبيين الحميريين [ 422 هـ - 461 هـ ] وكانت عاصمتها ( قرطبه ) .
(4)- دولة عباد اللخميين اليمانيين [ 414 – 484 هـ ] وكانت عاصمتها ( اشبيليه ) وقد عاصر الصليحي ملكها { عباد بن محمد اللخمي صاحب اشبيليه ( توفى 461 هـ ) ثم {{ المعتمد بن عباد 461 – 484 هـ }} وقد شمل حكم المعتمد بن عباد ( قرطبه واغلب امارات الاندلس ) وكان وزيره وشاعر عهده ( ابن زيدون ) المتوفى عام 463 هـ
(د)- ومن انبأ الشام والعراق في ذلك العهد :-
(1)- كانت بلاد الشام مرتبطة بالخلفأ الفاطميين في مصر وكان حكام الشام من العرب ... وكان هناك صراع مع اتباع الخلفأ العباسيين في بغداد بين الحين والآخر .. وخاصة عام 461 هـ حيث تم إحراق الجامع الاموي العظيم بدمشق .. وفي عام 468 هـ استولى الملك افسيس الخوارزمي الاعجمي المرتبط بالعباسيين في بغداد استولى على دمشق وانهزم عنها {{ المعاى بن حيدر نائب المستنصر الفاطمي }} فانقطعت الخطبه للفاطميين في دمشق واغلب الشام {{ بعد ان كانت الخطبه للفاطميين في دمشق وسائر الشام طيلة 106 سنه }}
(2)- في عام 402هـ وعام 444 تم فى العراق تسطير اول كتاب يطعن في نسب الخلفاء العبيديين الفاطميين وينفى انهم من سلالة الحسين ويقول انهم من بني {{ عبيد بن سعد الجرمي اليماني }} - [ ص 345 جـ 11 / البدايه والنهايه ] – وقد وقع على ذلك الكتاب العشرات من علمأ العراق وفارس والعجم ، وتم توزيع نسخه من الكتاب فى امصار عديده .. ثم في زمن لاحق تحول الطعن الى نفىّ عربية الخلفأ العبيديين الفاطميين ، وهو إدعأ لاشك في بطلانه ، .... اما القول بانهم من بني {{ عبيد بن سعد الجرمي القضاعي اليماني }} فربما يعود الى ان اليمنيين كانوا اصحاب الدور القيادي في العصر الفاطمى كما سلف التبيين .
(3)- وفي عام 449 هـ توفى الفيلسوف الشاعر اليماني الاصل ابو العلأ المعري .
(4)- وفي عام 471 هـ استولى {{ تنش بن الب السلجوقي التركي }} على دمشق من يد {{ افسيس الخوارزمي }} .. وكان الخلفأ العباسييين في بغداد مجرد واجهه صوريه لحكم العجم كما هو معروف ..
7 - استشهاد الملك الصليحي
عام 473 هجريه / 1080 ميلاديه .
*تتنازع واقعة وزمن مقتل الصليحي روايتان :-
الروايه الاولى :- ان الملك الصليحي ذهب لادأ فريضة الحج عام 459 هجريه فقتله {{ بعض امراء اليمن في الموسم وخطب للخليفه العباسي }} [ ص 90 جـ 11 / البدايه والنهايه لابن كثير ] – وكذلك في بعض المصادر اليمنيه التى تحدد مقتل الصليحي بيوم الاثنين 7 ذي القعده سنة 459 هجريه .
الروايه الثانيه :- تؤكد ان مقتل الصليحي كان عام 473 هجريه وانه :-
(أ)- في شهر صفر عام 460 هـ سار الصليحي من صنعأ الى عسير وحارب ( ابن طرف الحكمي المذحجي ومن كان مع ابن طرف من الحبشه والسودان وغيرهم ، قال المؤرخ عماره : وكانوا عشرين الفاً فحاربهم الصليحي في موقعة ( الزرائب / بوادي بيش باعالى عسير جنوب مكه ) قال عماره {{ فلم يبق من اصحاب ابن طرف إلا الف رجل أجارهم جدي احمد بن محمد الحكمي في حصنه بعكوه بجبل عكاد فوق مدينة الزرائب }} - [ أ هـ ] – لذلك ليس من المستبعد ان الصليحي المقتول عام 459 هـ هو { عبد الله بن محمد الصليحي } وان القاتل ( ابن طرف الحكمي ) فسار الملك على بن محمد الصليحي من صنعأ في صفر 460 هـ وحارب ابن طرف واباد اتباعه في موقعة الزرائب .
(ب)- في عام 473 هـ ـ كما يذكر ابن كثير في كتاب البدايه والنهايه وكما يذكر عماره فى كتاب المفيد – كان مقتل الملك على بن محمد الصليحي وهو ذاهب لادأ فريضة الحج ، وكان القاتل {{ سعيد الاحول ابن نجاح }} كما هو مذكور بالتفصيل في تاريخ عماره وان مقتل الصليحي كان في يوم السبت 12 ذي القعده عام 473 هجريه .
(( والله الموفق))