أسباب معينة على القبول في برامج الدراسات العليا

((أسباب معينة على القبول في برامج الدراسات العليا))

بسم اللهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ أمَّا بَعْدُ:
فإنََّ الهمَّةَ والطموحَ هُما من علاماتِ نُبْلِ المرءِ وعدمِ قنوعِهِ بالدُّونِ ورضاهُ بِهِ, فهو يتمثَّلُ قولَ أبي القاسمِ الشابيِّ:
ومَنْ يَتَهَيَّبْ صُعُودَ الجِبَـالِ***** يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَرْ
قال ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ في مدارجِ السالكين (3/ 3):
وسمعتُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميَّةَ, رحمهُ اللهُ، يقولُ: في بعضِ الآثارِ الإلهيةِ يقولُ اللهُ تعالى: إني لا أنظرُ إلى كلامِ الحكيمِ وإنما أنظرُ إلى هِمَّتِهِ ,
قال- يعني شيخ الإسلام-: والعامةُ تقولُ قيمةُ كلِّ امرىءٍ ما يُحْسِنُ, والخاصةُ تقولُ قيمةُ كلِّ امرىءٍ ما يطلبُ، يريدُ أنَّ قيمةَ المرءِ همَّتُهُ ومطلبُهُ. اهـ

ومن علاماتِ وجودِ الهمَّةِ عندَ المرءِ محبتُهُ لطلبِ العلمِ والازديادِ منه، وطرقُ طلبِ العلمِ كثيرةٌ متعددةٌ فمنها: ما كان عن طريقِ العلماءِ ومجالستِهم، ومنها: الإكثارُ من القراءةِ والبحثِ، ومنها: إكمالُ الدِّرَاسةِ حتى الوصولِ إلى آخرِ مرحلةٍ دراسيَّةٍ عُليا، وأرقاها درجةً هي الجمعُ بين هذهِ الطُّرقِ, ولكن ما يعنِينَا هنا هُوَ التكلُّمُ عنِ الأسبابِ المُعينةِ على القَبولِ في برامجِ الدراساتِ العُليا, فسنذكرُها من وجهةِ نظرِنَا القاصرةِ، لينتفعَ بها إخوانُنا وأخواتُنا ممن عَلَتْ همَّتُهُ ونبُلَتْ نفسُهُ، وأُذَكِّرُ إخوتي وأخواتي بأنْ يخلصوا النيةَ في طلبِ العلمِ فيطلبوا العلمَ للهِ أوَّلاً ثم لرفعِ الجهلِ عن أنفسِهم ونفعِ الناسِ وإفادتِهم، فمن تلك الأسباب:
أولاً: التوكلُ على اللهِ ودُعاؤُه وحسنُ الظنِّ بهِ، وأنه هو القادرُ على تيسيرِ أمورِكَ وليس لأحدٍ مهما كانت منزلتُهُ أن يمنعَ أمرًا قدَّرَ اللهُ حدوثَهُ.
ثانيًا:القراءةُ في العلمِ الذي تُريدُ التقدمَ إليهِ، وخاصةً القراءةُ في الكتبِ الجامعةِ لهذا العلمِ ومعرفةُ مسائِلِهِ وقضاياهُ الأساسيةِ.
مثال: إذا أرادَ شخصٌ أن يكملَ دراستَه في علمِ الأدبِ والنقدِ, فإنه يقرأُ الكتبَ التي جمعتْ لُبَّ الأدبِ من الأمهاتِ كدواوينِ الأدبِ الأربعةِ التي ذكرَها ابنُ خلدونَ في مقدمتِهِ (ص507-508) فقالَ:
وسمعنا من شيوخِنَا في مجالسِ التعليمِ أنَّ أصولَ هذا الفنِّ وأركانَهُ أربعةُ دواوين وهي: أدبُ الكاتبِ لابنِ قُتيبةَ وكتابُ الكاملِ للمُبَرِّدِ، وكتابُ البيانِ والتبيينِ للجاحظِ، وكتابُ النوادرِ لأبي عليٍّ القالي البغدادي. وما سوى هذه الأربعةِ فتَبَعٌ لها وفروعٌ عنها.اهـ
ولا يعني أنَّك تقرأُ هذه الكتبَ كلَّها فذلك يستغرقُ وقتًا طويلاً، ولكن تقرأُ في فُصولٍ منها حتى تكونَ لديكَ فكرةٌ عن الكتابِ ومؤلفِهِ, ثم تقرأُ الكتبَ التي جمعتْ عصورَ الأدبِ ككتابِ: تاريخِ الأدبِ العربيِّ للزيَّات وكتابِ: تاريخِ آدابِ العربِ للرافعيِّ وجميعِ كُتبِ الدكتورِ شوقي ضيف في الأدبِ, وإذا اقتصرَ على كتبِ شوقي ضيف فهذا يكفي، ويقرأ في قضاياه: كقضيةِ الانتحالِ وشياطينِ الشعراءِ و شعرِ التفعيلةِ وغيرِها من القضايا الأدبيةِ القديمةِ والحديثةِ, ثم يقرأُ كتبَ النقد، ففي النقدِ القديمِ يقرأُ: تاريخَ النقدِ الأدبيِّ عندَ العرب للدكتور إحسان عباس وكتاب أُسس النقدِ الأدبيِّ عندَ العرب لأحمد أحمد بدوي، وفي النقدِ الحديثِ كتاب:النقدِ الأدبيِّ الحديثِ للدكتورِ محمد غنيمي هلال وكتاب أصولِ النقدِ الأدبيِّ الحديثِ للدكتور أحمد الشايب.
ثالثًا: الاطلاعُ على أسئلةِ اختبارِ القَبولِ في الأعوامِ الماضية، وسؤالُ الناجحين في الاختبارِ عن أسباب نجاحهم وتجربتِهم, وسؤالُ المخفقينَ عن أسبابِ إخفاقِهم.
رابعًا: الإجابةُ عن أسئلةِ الاختبارِ بِلُغَةٍ فصيحةٍ سليمةٍ.
خامسًا: الإسهابُ المناسبُ في الإجابةِ عن أسئلةِ الاختبارِ ولو لم يُطلبْ ذلك.

وبعدَ ذكرِ الأسبابِ أرجو من إخوتي وأخواتي الذين تقدموا لاختبارِ القَبولِ في الدراساتِ العُليا أنْ يخبرونا بما حصلَ لهم سواءً أخفقوا أم نجحوا, ليستفيدَ غيرُهم من تجاربِهم.
هذا واللهَ أسألُ أنْ يوفِّقَ إخوتنا وأخواتنا وأنْ يُيَسِّرَ لهم طريقَ طلبِ العلمِ, وأنْ يجعلَ ما كتبتُه خالصًا لوجهِه, نافعًا لأصحابِ الهِمَمِ العاليةِ, ودليلاً لهم إلى مُبتغاهِم.

وصلى اللهُ على نبيِّنَا محمد.