علماء يكتشفون «ثلجًا حديديًا» في نواة الأرض

اكتشف بحث جديد أن نواة الأرض الداخلية ساخنة وتحت ضغط هائل ومغطاة بالثلوج، وقد يساعد ذلك العلماء على فهم القوة التي تؤثر على الكوكب على نحو أفضل.

الثلج المكتشف أثقل وزنًا من الثلج العادي الذي يتساقط على سطح الأرض، لأنه يتكون من جزئيات صغيرة من الحديد تتساقط من نواة الأرض الخارجية الذائبة إلى قمة نواتها الداخلية، وتغطيها بسماكة تصل إلى 320 كيلومترًا. وقد يبدو ذلك كفصل شتاء على سطح كوكب بارد، لكن العلماء الذين قادوا البحث صرحوا أنه شبيه بكيفية تكون الصخور داخل البراكين.

صرح جونج-فو لين، أستاذ في كلية جاكسون لعلوم الأرض التابعة لجامعة تكساس في أوستن والمؤلف المشارك للدراسة «تعمل نواة الأرض المعدنية كحجرة الماغما.» تتوفر الدراسة على شبكة الإنترنت، وستنشر نسخة مطبوعة منها في مجلة «جيه جي آر سولد إيرث.» في 23 ديسمبر/كانون الأول.

قاد هذه الدراسة الأستاذ المساعد يوجون تشانغ من جامعة سيتشوان في الصين، وشارك فيها كذلك بيتر نيلسون طالب الدراسات العليا من كلية جاكسون، بالإضافة إلى نيك دايجرت، الأستاذ المساعد في جامعة تينيسي الذي أجرى البحث خلال زمالة ما بعد الدكتوراه في كلية جاكسون.

ومع استحالة أخذ عينات من نواة الأرض، أجرى العلماء دراستهم بتسجيل الإشارات الصادرة عن الموجات الزلزالية وتحليلها بعد وصولها إلى سطح الأرض. لكن الانحرافات بين بيانات الموجات الزلزالية والقيم المتوقعة وفقًا لنموذج نواة الأرض الحالي تثير التساؤلات. إذ تتحرك الموجات ببطء أكبر من المتوقع خلال عبورها قاعدة النواة الخارجية، ثم تتحرك بسرعة أكبر من المتوقع خلال عبورها النصف الشرقي من قمة النواة الداخلية.

ولتفسير هذه الانحرافات، اقترحت الدراسة أن نواة الأرض مغطاة بثلج حديدي. وقبل ذلك في مطلع ستينيات القرن الماضي، اقترح العالم إس. آي براجنسكي وجود طبقة طينية بين النواتين الداخلية والخارجية، لكن المعرفة السائدة عن ظروف الضغط والحرارة نفت صحة تلك المزاعم. ولذلك أجرى تشانغ تجارب على مواد شبيهة بالنواة واستعان بمؤلفات علمية حديثة، فأشارت البيانات الجديدة التي خلص إليها إلى أن عملية البلورة كانت ممكنة وأن 15% من طبقات النواة الخارجية السفلى ربما صنعت من بلورات حديدية تساقطت على النواة الخارجية السائلة ثم استقرت على قمة النواة الداخلية الصلبة.

وصرح دايجرت «إنها ظاهرة غريبة حقًا، فالبلورات داخل النواة الخارجية تثلج على النواة الداخلية لمسافة مئات الكيلومترات.» وعلى هذا الأساس، توقع الباحثون أن الغطاء الثلجي المتراكم هو سبب الانحرافات الزلزالية، إذ أن هذا التركيب شبه الطيني يبطئ الموجات الزلزالية. أما التباينات في سماكة ذلك الغطاء -أقل سماكة في النصف الشرقي من النواة وأكثر سماكة في النصف الغربي- فهي السبب للاختلافات في السرعة.

وأضاف تشانغ «إن الحد الفاصل بين النواتين ليس ملسًا ولا بسيطًا، ما قد يؤثر على التوصيل والحمل الحراريين في النواة.»

تقارن الدراسة كذلك بين تساقط الثلوج على شكل جسيمات حديدية مع العمليات التي تحدث داخل حجرات الماغما القريبة من سطح الأرض، والتي تضم معادن تتبلور من الذوبان وتتحد معًا. إذ يؤدي تراص المعادن في حجرات الماغما إلى ما يعرف بالصخور التراكمية. أما في نواة الأرض، فإن تراص الحديد يساهم في نمو النواة الداخلية وانكماش النواة الخارجية.

وتكمن أهمية هذه الظاهرة في أنها تؤثر على الكوكب بأكمله، إذ تلعب النواة دورًا مهمًا في توليد المجال المغناطيسي وإشعاع الحرارة التي تدفع حركة الصفائح التكتونية، لذلك فإن مزيدًا من فهم تركيب النواة وعملياتها قد يساعد في فهم العمليات الكبرى في الكوكب.

وتحدث بروس بافيت، وهو أستاذ علوم الأرض في جامعة كاليفورنيا في بركلي، عن الدراسة فقال أنها تتناول تساؤلات كثيرة عن باطن الأرض، وقد تساعدنا في فهم كيف تشكلت النواة.

وقال بروس «إذا ربطنا توقعات هذا النموذج مع القياسات الواقعية التي لم تتفق مع النموذج السابق سنخلص إلى نتائج عن التراكيب المحتملة للنواة السائلة، وربما نربط هذه المعلومات مع الظروف التي سادت خلال تشكل الكوكب، لأن الظروف البدائية تشكل عاملًا مهمًا في نشأة الأرض وتطورها إلى هذه الحالة.»

بارك الله فيكم وأرضاكم واصلوا اتحافنا بكل جديد ومفيد