هل يمكن للمربي تشكيل شخصية طفله؟
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
هل يمكن للمربي تشكيل شخصية طفله؟
هل يمكن للمربي تشكيل شخصية طفله!
عملية التربية سهلة في أهم جوانبها، وهو "تربية الولد على الإسلام والعقيدة الصحيحة"؛ إذ ((كل مولود يولد على الفطرة))، الله وفَّر علينا هذه المهمة الصعبة، وزرَع فينا الإيمان، وجعل التوحيد والإسلام والاستِسلام فِطرة في كل نفس، وعلى الوالدَين المحافظة على هذه الفطرة وصيانتها من التشوُّه والانحراف، والأبوان قد يُخرِبان الفطرة السوية الصحيحة؛ بدليل قوله: ((فأَبواهُ يُهوِّدانه أو يُمجِّسانه أو يُنصِّرانه)).
وعملية التربية سَهلةٌ في أكثر جوانبِها؛ لأن الأطفال جاهِزون في أربعة أمور:
1- كلُّ طفل يولد على الفطرة؛ أي: يولد موحِّدًا مؤمنًا بالله.
2- ويولَد ولدَيهِ القدرةُ الكاملة على الاتجاه إلى الخير، وهذا ما نريده، (وإن كان لديه أيضًا إمكانية الاتجاه إلى الشر).
3- ويولد وعنده حسُّ الفضول، وحب الاستكشاف، والاستعداد التامُّ للتعلُّم.
4- ويولد وقد حمَل في جيناته صفاتٍ وراثيةً قد يَصعُب مَحوها، ويولد بطِباع لا يَسعنا التحكم بها ولا تَغييرها، ولا يُمكِننا تشكليه على هوانا.
وهذه الأربع تُقلِّل من عبء عملية التربية المُلقاة على الوالدَين، فما دَور الأمِّ والأب في طفل قد وُلد جاهزًا؟!
الطفل يولد جاهزًا، كالبذرة الجيدة المستعِدَّة للإنبات، وواجب الوالدَين يَكمُن في تعهُّد هذه النبتة بالتربة الصالحة؛ أي إصلاح نفسيهما ليكونا قدوة جيدة، وكل نوع من النبات يَحتاج لشُروط معيَّنة خاصَّة لينمو نموًّا سليمًا، من حيث الحرارة وكمية الماء والضوء، وعلى الوالدَينِ تعهُّد هذه النبتةِ بالطَّريقة المُلائمة لفصيلتها، فكلُّ طفل له قدراته واستيعابه، وأسلوب خاص يتقبَّل به التوجيه.
مثلاً: النبتة تحتاج إلى السقي باستمرار - أي: تكرير التوجيه والتنويع في أسلوبه - فإذا اصفرَّت النبتة أضافا السِّماد - أي: استَعانا بطرف ثالث كالعمِّ أو الأستاذ - وإذا اعوجَّت قوَّماها ولو بعود - أي: بصديق صالح - وإذا لحقتْها آفة رشَّاها بالمُبيد - أي: قطَعوا أسباب الفساد بالعقاب أو الحرمان - وهَكذا.
إن دور الأمِّ والأب بسيط وقليل، ولكنه دائم ويحتاج لاهتمام وتركيز، ويَحتاج تنفيذُه إلى ذَكاءٍ ومُلاحَظة وسُرعة بديهة، ولدأب وانتِظام.
فما هي التربية؟ وما هو المَطلوب من الأمِّ والأب في طفل قد وُلِد جاهزًا:
المطلَب الأول: "المُحافَظة على الفطرة":
من أول واجباتنا تربية الأبناء على الإسلام، والله - سبحانه وتعالى - وفَّرَ علَينا كثيرًا حين جعل الطفل يولَد مؤمنًا موحِّدًا، والمُحافَظة على الموجود أسهل من الإتيان به من العدم.
والمحافَظة على الفِطرة تَكمُن في تنمية التقوى في القلب، وتَعظيم الخَوفِ من اللهِ، وتَكونُ بكَثرةِ ذكرِ اللهِ أمام الصِّغار: "بسم الله" نبدأ أي عمل، "الحمد لله" كلما أصابَنا خير، ونَنسب كل نعمةٍ إلى الله، ونتحدَّث أمامَهم عن كرمه وفضله بما أَعطانا من حواس ومواهِبَ، ونَشكره باللسان وبالصلاة وبالصدقة.
وإن وصَل للطفلِ ما يَسرُّه من لعبة أو حلوى أو هدايا ظريفة، قولي له: "الله يُحبُّك؛ ولذا وهبَكَ لعبًا وطعامًا لذيذًا وشرابًا..."، وفي مرة أخرى قولي له: "لأنَّك أطعتَ أمَّك أعطاكَ اللهُ هذه المُكافَأة"، وإذا طلب شيئًا، قُلنا له: "اطلب من الله؛ فهو الواهِب ونحن لا نَملِك شيئًا إلا بأمرِه، وأنا لا أستطيع إحضار طلبك إلا بتوفيق الله، فادعه هو"، (ثمَّ نُحضِر له ما طلبه ونقول: "اللهُ سمعَكَ، واستَجاب دعاءك ورزقنا فأحضَرْنا لك حاجتك")، وأضيفي: "كلَّما أحسنْتَ وكنتَ مطيعًا لوالدَيكَ ومهذَّبًا أعطاك الله ما تُحب وما تَطلُب"، وإنْ عصى عوقِب بالحِرمان وقيلَ له: "هذا العِقاب جاءك مِن اللهِ"، وإن أصابه ألم أو وقَعَ به مَكروهٌ قُلنا له: "ادعُ الله يُفرِّج عنك".
الله معنا دائمًا، ناظِرٌ إلينا، ومُطَّلعٌ علينا، ومهما حدَث نستعِن بالله: "احفظِ اللهَ تجدْه تجاهك"، وإذا التزم الصبي بالدعاء المأثور عند كل محنة تزول بإذن الله، وانظري لهذا القصة الرائعة: "أُسِرَ ابني عوف فأرسل إليه - صلى الله عليه وسلم - أن يُكثِرَ مِن قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فأكبَّ عوف عليها، وكانوا قد شدُّوه بالقَدِّ فسقَط عنه، فخرَج فإذا هو بناقة لهم فركبَها، فأقبل فإذا هو بماشيَتِهم فساقها، فلم يلبث أن فاجأ والدَيه وهو ينادي ببابِهم، فصاح أبوه لما سمع صوته: عوف ورب الكعبة!"، وما أجمل الحديث القدسي: ((ما زال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه...)).
ذكِّريه يوميًّا بأن يَدعو ويقرأ الرُّقى والمُعوِّذات وأدعية الحفظ، وحتى لا يَحزن الابنُ على ما فاته ولا يَفرح بما آتاه الله، اربطي كل أمر بالقضاء والقدر، فإن ساقتْه الاستِخارة لشيء أو لم يُجبِ اللهُ دعاءه، أو أصابه ما لا يُحبُّ، رضي وسعِد، وعلم أن الله يُريد به خيرًا، وليس بعد العُسرِ إلا اليُسر، وكل هذا يزيد الإيمان ويُقوِّي الرابطة بالله.
فيكون الله هو الملجأ وهو الملاذ، وهو المؤنِس والرفيق، ويكون مع الطفل دائمًا في الفرح والحزن.
ولا تَنسَيْ تحذير الصغير من كل قبيح - مثل الكذب والغشِّ - ولو في الخفاء؛ لأن الله يَراه ومطلِعٌ عليه، والمعاصي تُغضِب الله، وغضبُ الله مُخيف؛ لأنه سيَحجب الهدايا والملابس الجَميلة والنُّزهات المُمتِعة، ولا طاقة لنا بغضبِ الله.
وحين تكون الفطرة نقيَّةً يَسهُل على الوالدَين الانتِقال إلى المرحلة التالية.
المطلب الثاني: "تغليب الخير على الشر":
ويُولَد الطفل وقد هَداه الله النجدَين؛ نجدَ الخير ونجدَ الشرِّ، والإنسان إذا تُركَ تغلَّب نجدُ الشرِّ، ونزَع للعُدوانية وكَبرت فيه الأنانية، وصار هلوعًا جزوعًا منوعًا ظلومًا جهولاً، وواجبُنا نحن المُربيات تغليبُ نجدِ الخير على نجدِ الشرِّ، وتعليمه الفضائل والأخلاق الكريمة؛ فنُعلِّمه حبَّ الخيرِ للناس، وكفَّ أذاهُ عنهم، فإنْ آذَوه دفَع الأذى بما يستطيع، ولا يكون هو البادئ بالظلمِ إطلاقًا.
تغليب الخير على الشر يتحقَّق بالتوجيه اليومي، فإذا رأيته يَميلُ للعنف والتعدِّي؛ فيرمي لعبه بقوة بحجة أنها الحرب، واللعب هي القنابل، فقولي له: "السلام أجمل"، ومرة بعد مرة أفهميه هذه المعاني: "الحرب تَقتُلُ وتُشرِّد وتُخرِّب وتَهدِم الأبنية، ويَموتُ فيها الآباء، وتتهدَّم البيوت ويَجوع الناس، والسلام يُحقِّق لنا الأمن والسعادة..."، واللُّعَبُ لم تُصنَع لهذا، رميُها يَكسِرُها فلا تَصلُح مِن بعد للعب بها، ولو لعب بالسكِّين أو آذى به، فيَجب أن يُعلَّمَ لماذا صُنِعت السكين وكيف تُستَخدم؛ "فهي أداة للمساعدة على التقطيع، وليست لعبةً أو أداةً للإيذاء"، ومثلها كل أداة صنَعها الإنسان أو خلَقها الله؛ "كلٌّ له استِعماله المُناسِب..".
أكثر ما يُفيدُ مع الصغير "الكلام" الهادئ الموجَّه، والمعلومات العِلمية لها دور فعَّالٌ في هذا المجال، فكلِّميهِ دائمًا عن الأشياء التي خلقها الله، وعن استِعمالاتها الصحيحة، الله خلَق العينَينِ لنتفكَّر في خلقه، ونستعين على عبادته، فلا تتبَّع بها عورات الناس، ولا تَنظر من ثقوب الأبواب، وأيضًا الأشياء التي صنَعها البشر واستعمالاتها الصحيحة، وكيف يُسبِّب الاستعمال الخاطئ الفساد، الكرة - مثلاً - صُنعَت ليَلعب بها الأولاد، ولو رماها على النافذة عَمدًا لكسرتْها وآذت الناس.
نبِّهيهم بلطف وحبٍّ، وحاولي تغييرهم نحو الأحسن بالتوجيه المباشر أو القصص، أو ربطهم بالصديق الصالح العالي الخلق، واستبِقي الأحداث، وبغِّضي لأبنائك ومِن صِغَرِهم كل ما هو كريه، مثلاً: انظري شزرًا لكل مُدخِّن، وتحدَّثي بإسهاب عن مضارِّه وعن كل ناحية سلبية فيه، ولا سبيلَ لديك "لتغليب الخير على الشر" إلا بالكلام، والتكرار مع تنويع الأساليب، وقد فكَّرتُ كثيرًا وتبحَّرتُ بحثًا عن طريقة أخرى لتربية الصغار سوى "الكلام" فلم أجد غيرها؛ ولذلك كان أسلوبَ القرآنِ، وتذكَّرتُ أنها الوسيلة التي تُستعمَل لتغيير العقول، وما "غسيل الدماغ" الذي كُنَّا نسمَعُ عنه ونحن صغار إلا شيء من هذا، (فيُعرَّض المرء لظُروفٍ مَدروسة وخلالها يتمُّ إقناعه بالمراد)، وقد نجحت هذه الطريقة مع الرجال الكبار والمُفكِّرين العظام، فلا بد إذًا أن تنجح مع الأطفال الصِّغار.
المطلب الثالث: التفقُّه في الدين والحياة:
وتتلخَّص هذه المرحلة في تعليم الولد الفُروض الأساسية، وبعض الأخلاق والتوجيهات الاجتماعية، وينتهي الموضوع، وهذه الأمور يتعلمها الصغار بالقُدوة، فإذا صام الأهل صام الصِّغار وسألوا: "كيف يكون الصوم؟"، وإذا ذهَبَ الأب إلى صلاة الجماعة رَغِبُوا في مُرافَقتِه، وتعلموا أصول الجمعة والجماعة، والبنتُ تسعد حين تضع الحجاب على رأسها وتتشبَّه بأمها، وهكذا يَمشي الأبناء مع ذويهم حتى يأتي يوم يُتقِنون فيه كل ما هو مطلوب منهم.
ويولد الطفل جاهلاً بالآداب الاجتماعية، ومُفتقِدًا إلى بعض الأخلاق الحميدة، فيَحتاج لبعض الصقل، وهذه يتعلَّمها كلاًّ في مناسبتها، وهذا مهمٌّ وضَروريٌّ جدًّا، وإن لم يتعلمها الصبي في وقتِها لم يتعلمها أبدًا، وإليك الطريقة:
حين تَجتمِع العائلة كل يوم ثلاث مرات على الطعام يتعلَّم آدابه؛ فإذا رأى أمَّه تَسكُب مما يليها تعلَّم منها، وإن فتح فمه وهو يأكل أرشدته لإغلاقه، وفي كل لحظة وفي كل يوم يتعلَّم الولد شيئًا من الآداب؛ فحين يَقتحِم الصغير غرفة أمِّهِ تَنهاه ألا يدخلها مرة أخرى دون استئذان، وحين تذهب معه لزيارة الأقرباء تُعلِّمه أن يقرع الباب مرة واحدة، وينتظر مقدار ركعة ثم يقرعه ثانية، وأن يقف وظهره للباب بحيث لا يرى باطن الدار.
ويُحبَّذُ لو نسأل الصغار عما يدور بينهم وبين أقرانهم لنعلم كيف هم في غَيبتِنا، ولنصوِّب السلوك، فإذا بَخَسوا الناس أشياءهم نوهَّنا إلى حرمته، وإذا فعلوا مُنكَرًا حذرناهم من تكراره، وهكذا ومع ظروف الحياة المُختلفة ومع متابَعة الأمِّ يتعلَّم الأبناء كل يوم شيئًا من الأشياء التي يحتاجونها، ويعرفون أن للحياة قوانينها، وأن الدين اعتنى بأمورِنا كلِّها، والسنَّة مليئة بالإرشادات والتوجيهات الهامَّة، وسوف يُحفِّزُهم هذا للسؤال عن القوانين الأخرى وعن السنن التي يجهلونها، وسيَسألوننا عن كيفية التصرُّف في المواقف التي تُواجِهُهم في المدرسة وفي النادي، وعن رأي الإسلام فيما يَعترِضُهم من مشكلات، وهكذا حتى يَصِلوا إلى يومٍ وقد اكتمل تثقيفهم وتعليمهم وتهذيبهم.
المطلب الرابع: معالجة الصفات الوراثية السيئة وتعديلها وتثبيت الحسنة ومباركتها:
الناس معادن، وكل طفل يولَد بمَزايا عَظيمة ويولد ببعض العيوب، وهذه الخِصال تأتيه بالوراثة من والدَيهِ، فأبواه هما السبب ولا دخلَ له فيها؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((تخيَّروا لنُطفِكم؛ فإن العِرقَ دسَّاسٌ))، ولا أقلَّ مِن أن يقوم الوالدان على تَعدين ولدِهم؛ أي: يَعملان على اكتِشاف المعادن الثمينة في ابنِهم، ثم يقومان باستِخراجِ هذه المعادن الأصيلة من مكامِنها ليستفيد صاحبُها منها ويَستثمرَها في علاقته بربِّه وبذويه.
ولا بد من اكتِشاف الخبثِ في شخصية الطفل واستبعادِه، وتقويم العيوب التي ولد بها، وإدخال بعض التعديل على شخصيته - التي ولد عليها - ليُصبِح فردًا صالحًا، ويَحصُل هذا بمُراقَبة الطفل، وكلما تنبَّه الأهل إلى خيرٍ في ولدِهم أثبَتوه وبارَكُوه، وكلما اكتَشفوا شرًّا فيه حارَبوهُ ومحَوه.
مراقبة الأطفال تكون منذ الولادة وإلى ما بعد البُلوغ، مع الانتباه الدقيق إلى سلوكهم لتحديد صفاتهم السلبية والإيجابية، ومراقبة كلامهم لاكتِشاف قناعتهم ودوافعهم، وملاحظة شخصياتهم بدقة وعمقٍ لمَعرفة مواطنِ القوة والضعف فيها، مع الاهتمام بما يطرأ عليهم من تغيُّراتٍ خلال الأشهر والسنين.
واعلَمي أن طفلك يولَدُ جاهِزًا بصفاته، ولا يُمكنُكِ تشكيله كما تشائين، ولو كان الأمر كذلك لكان الناسُ في كل بلد أمة واحدة وشخصية مُتماثِلة، أو لكان أولادك طبعةً واحدةً، وليسوا كذلك، وابنك مُتفرِّد في شخصيته، فدعيهِ كذلك واترُكيه على سجيته وطبيعته - ما دامَت مقبولةً اجتماعيًّا وفي حدود الشرع - ودورُك يَكمُن في مراقبَة ذلك الصغير، وتعديل الأخطاء وتعليمه الدِّين والخُلقِ.
وواجبُنا - نحن المربِّين - الوصول بالطفل إلى أفضل صورة وأحسنِ سُلوكٍ بحسب جهدنا البشري، ثم الاتِّكال، ولعلَّ اللهَ يَجعل من أولادنا ذرية طيبة وقرة أعين.
المطلب الخامس - المتابَعة المُستمرَّة، والمثابَرة، والدأب على المراقبة والتوجيه، وتجنُّب الإهمال أو اليأس والملل:
الصغار يَنسون ويَلهون ويَصرِفُهم اللعبُ واتِّباعُ الهوى عن الالتزام بما علموه، فذكريهم، وإن الذِّكرى تنفَعُ المؤمنين، وفي انتباهِك لهم ودأبك على تعديلهم يَكمُن سرُّ النجاح في عملية التربية.
ولا تنسَيْ أطفالك من دعائك المستمر ليستقيموا لك.
والخلاصة:
نحن لا نستطيع تبديل طباع الأبناء تبديلاً جذريًّا، ولا يُمكِننا تحييد الظروف والعوامل الخارجية المؤثِّرةِ سلبًا، على أننا نستطيع تشكيل عقول أبنائنا وصوغ مبادئهم، وتغيير طريقة تفكيرهم، ونستطيع تدريبهم على النظام والنظافة، ليكونوا لَبِنات صالحةً وفعالةً، وهذا ما يعطي "التربية" القوة الخارقة، وهو ما يجعلها الأداة الوحيدة القادرة على الرقيِّ بالمُجتمَعات.
أيها المُربُّون، هذه خلاصة لعملية التربية، فهل هي مهمَّة عسيرة إلى هذا الحد؟!
••••
ولقد كان الرجل يأتي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيعلمه دينه في عشر دقائق، والتربية - أيضًا - تتلخَّص في أَسطُرٍ قليلة، وكما أن للإسلام أركانًا وللإيمان أركانًا، التربيةُ لها أركان رئيسية، ولها أسس مهمة ودعائم قوية تقوم عليها، وهي مَطلوبة من كل مُرَبٍّ، فإن قصَّر في أحدها فسَدت التربية وخرج الابن عن السيطرة.
وهي ثلاث:
1- الخوف: خافي على ابنك يَنصلِح ويَنصَعْ.
2- السُّلطة: عزِّزي سلطتك وادفعيه للطاعة والانضباط.
3- الحبُّ: أشبعيه حبًّا وحنانًا.
عملية التربية سهلة في أهم جوانبها، وهو "تربية الولد على الإسلام والعقيدة الصحيحة"؛ إذ ((كل مولود يولد على الفطرة))، الله وفَّر علينا هذه المهمة الصعبة، وزرَع فينا الإيمان، وجعل التوحيد والإسلام والاستِسلام فِطرة في كل نفس، وعلى الوالدَين المحافظة على هذه الفطرة وصيانتها من التشوُّه والانحراف، والأبوان قد يُخرِبان الفطرة السوية الصحيحة؛ بدليل قوله: ((فأَبواهُ يُهوِّدانه أو يُمجِّسانه أو يُنصِّرانه)).
وعملية التربية سَهلةٌ في أكثر جوانبِها؛ لأن الأطفال جاهِزون في أربعة أمور:
1- كلُّ طفل يولد على الفطرة؛ أي: يولد موحِّدًا مؤمنًا بالله.
2- ويولَد ولدَيهِ القدرةُ الكاملة على الاتجاه إلى الخير، وهذا ما نريده، (وإن كان لديه أيضًا إمكانية الاتجاه إلى الشر).
3- ويولد وعنده حسُّ الفضول، وحب الاستكشاف، والاستعداد التامُّ للتعلُّم.
4- ويولد وقد حمَل في جيناته صفاتٍ وراثيةً قد يَصعُب مَحوها، ويولد بطِباع لا يَسعنا التحكم بها ولا تَغييرها، ولا يُمكِننا تشكليه على هوانا.
وهذه الأربع تُقلِّل من عبء عملية التربية المُلقاة على الوالدَين، فما دَور الأمِّ والأب في طفل قد وُلد جاهزًا؟!
الطفل يولد جاهزًا، كالبذرة الجيدة المستعِدَّة للإنبات، وواجب الوالدَين يَكمُن في تعهُّد هذه النبتة بالتربة الصالحة؛ أي إصلاح نفسيهما ليكونا قدوة جيدة، وكل نوع من النبات يَحتاج لشُروط معيَّنة خاصَّة لينمو نموًّا سليمًا، من حيث الحرارة وكمية الماء والضوء، وعلى الوالدَينِ تعهُّد هذه النبتةِ بالطَّريقة المُلائمة لفصيلتها، فكلُّ طفل له قدراته واستيعابه، وأسلوب خاص يتقبَّل به التوجيه.
مثلاً: النبتة تحتاج إلى السقي باستمرار - أي: تكرير التوجيه والتنويع في أسلوبه - فإذا اصفرَّت النبتة أضافا السِّماد - أي: استَعانا بطرف ثالث كالعمِّ أو الأستاذ - وإذا اعوجَّت قوَّماها ولو بعود - أي: بصديق صالح - وإذا لحقتْها آفة رشَّاها بالمُبيد - أي: قطَعوا أسباب الفساد بالعقاب أو الحرمان - وهَكذا.
إن دور الأمِّ والأب بسيط وقليل، ولكنه دائم ويحتاج لاهتمام وتركيز، ويَحتاج تنفيذُه إلى ذَكاءٍ ومُلاحَظة وسُرعة بديهة، ولدأب وانتِظام.
فما هي التربية؟ وما هو المَطلوب من الأمِّ والأب في طفل قد وُلِد جاهزًا:
المطلَب الأول: "المُحافَظة على الفطرة":
من أول واجباتنا تربية الأبناء على الإسلام، والله - سبحانه وتعالى - وفَّرَ علَينا كثيرًا حين جعل الطفل يولَد مؤمنًا موحِّدًا، والمُحافَظة على الموجود أسهل من الإتيان به من العدم.
والمحافَظة على الفِطرة تَكمُن في تنمية التقوى في القلب، وتَعظيم الخَوفِ من اللهِ، وتَكونُ بكَثرةِ ذكرِ اللهِ أمام الصِّغار: "بسم الله" نبدأ أي عمل، "الحمد لله" كلما أصابَنا خير، ونَنسب كل نعمةٍ إلى الله، ونتحدَّث أمامَهم عن كرمه وفضله بما أَعطانا من حواس ومواهِبَ، ونَشكره باللسان وبالصلاة وبالصدقة.
وإن وصَل للطفلِ ما يَسرُّه من لعبة أو حلوى أو هدايا ظريفة، قولي له: "الله يُحبُّك؛ ولذا وهبَكَ لعبًا وطعامًا لذيذًا وشرابًا..."، وفي مرة أخرى قولي له: "لأنَّك أطعتَ أمَّك أعطاكَ اللهُ هذه المُكافَأة"، وإذا طلب شيئًا، قُلنا له: "اطلب من الله؛ فهو الواهِب ونحن لا نَملِك شيئًا إلا بأمرِه، وأنا لا أستطيع إحضار طلبك إلا بتوفيق الله، فادعه هو"، (ثمَّ نُحضِر له ما طلبه ونقول: "اللهُ سمعَكَ، واستَجاب دعاءك ورزقنا فأحضَرْنا لك حاجتك")، وأضيفي: "كلَّما أحسنْتَ وكنتَ مطيعًا لوالدَيكَ ومهذَّبًا أعطاك الله ما تُحب وما تَطلُب"، وإنْ عصى عوقِب بالحِرمان وقيلَ له: "هذا العِقاب جاءك مِن اللهِ"، وإن أصابه ألم أو وقَعَ به مَكروهٌ قُلنا له: "ادعُ الله يُفرِّج عنك".
الله معنا دائمًا، ناظِرٌ إلينا، ومُطَّلعٌ علينا، ومهما حدَث نستعِن بالله: "احفظِ اللهَ تجدْه تجاهك"، وإذا التزم الصبي بالدعاء المأثور عند كل محنة تزول بإذن الله، وانظري لهذا القصة الرائعة: "أُسِرَ ابني عوف فأرسل إليه - صلى الله عليه وسلم - أن يُكثِرَ مِن قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فأكبَّ عوف عليها، وكانوا قد شدُّوه بالقَدِّ فسقَط عنه، فخرَج فإذا هو بناقة لهم فركبَها، فأقبل فإذا هو بماشيَتِهم فساقها، فلم يلبث أن فاجأ والدَيه وهو ينادي ببابِهم، فصاح أبوه لما سمع صوته: عوف ورب الكعبة!"، وما أجمل الحديث القدسي: ((ما زال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه...)).
ذكِّريه يوميًّا بأن يَدعو ويقرأ الرُّقى والمُعوِّذات وأدعية الحفظ، وحتى لا يَحزن الابنُ على ما فاته ولا يَفرح بما آتاه الله، اربطي كل أمر بالقضاء والقدر، فإن ساقتْه الاستِخارة لشيء أو لم يُجبِ اللهُ دعاءه، أو أصابه ما لا يُحبُّ، رضي وسعِد، وعلم أن الله يُريد به خيرًا، وليس بعد العُسرِ إلا اليُسر، وكل هذا يزيد الإيمان ويُقوِّي الرابطة بالله.
فيكون الله هو الملجأ وهو الملاذ، وهو المؤنِس والرفيق، ويكون مع الطفل دائمًا في الفرح والحزن.
ولا تَنسَيْ تحذير الصغير من كل قبيح - مثل الكذب والغشِّ - ولو في الخفاء؛ لأن الله يَراه ومطلِعٌ عليه، والمعاصي تُغضِب الله، وغضبُ الله مُخيف؛ لأنه سيَحجب الهدايا والملابس الجَميلة والنُّزهات المُمتِعة، ولا طاقة لنا بغضبِ الله.
وحين تكون الفطرة نقيَّةً يَسهُل على الوالدَين الانتِقال إلى المرحلة التالية.
المطلب الثاني: "تغليب الخير على الشر":
ويُولَد الطفل وقد هَداه الله النجدَين؛ نجدَ الخير ونجدَ الشرِّ، والإنسان إذا تُركَ تغلَّب نجدُ الشرِّ، ونزَع للعُدوانية وكَبرت فيه الأنانية، وصار هلوعًا جزوعًا منوعًا ظلومًا جهولاً، وواجبُنا نحن المُربيات تغليبُ نجدِ الخير على نجدِ الشرِّ، وتعليمه الفضائل والأخلاق الكريمة؛ فنُعلِّمه حبَّ الخيرِ للناس، وكفَّ أذاهُ عنهم، فإنْ آذَوه دفَع الأذى بما يستطيع، ولا يكون هو البادئ بالظلمِ إطلاقًا.
تغليب الخير على الشر يتحقَّق بالتوجيه اليومي، فإذا رأيته يَميلُ للعنف والتعدِّي؛ فيرمي لعبه بقوة بحجة أنها الحرب، واللعب هي القنابل، فقولي له: "السلام أجمل"، ومرة بعد مرة أفهميه هذه المعاني: "الحرب تَقتُلُ وتُشرِّد وتُخرِّب وتَهدِم الأبنية، ويَموتُ فيها الآباء، وتتهدَّم البيوت ويَجوع الناس، والسلام يُحقِّق لنا الأمن والسعادة..."، واللُّعَبُ لم تُصنَع لهذا، رميُها يَكسِرُها فلا تَصلُح مِن بعد للعب بها، ولو لعب بالسكِّين أو آذى به، فيَجب أن يُعلَّمَ لماذا صُنِعت السكين وكيف تُستَخدم؛ "فهي أداة للمساعدة على التقطيع، وليست لعبةً أو أداةً للإيذاء"، ومثلها كل أداة صنَعها الإنسان أو خلَقها الله؛ "كلٌّ له استِعماله المُناسِب..".
أكثر ما يُفيدُ مع الصغير "الكلام" الهادئ الموجَّه، والمعلومات العِلمية لها دور فعَّالٌ في هذا المجال، فكلِّميهِ دائمًا عن الأشياء التي خلقها الله، وعن استِعمالاتها الصحيحة، الله خلَق العينَينِ لنتفكَّر في خلقه، ونستعين على عبادته، فلا تتبَّع بها عورات الناس، ولا تَنظر من ثقوب الأبواب، وأيضًا الأشياء التي صنَعها البشر واستعمالاتها الصحيحة، وكيف يُسبِّب الاستعمال الخاطئ الفساد، الكرة - مثلاً - صُنعَت ليَلعب بها الأولاد، ولو رماها على النافذة عَمدًا لكسرتْها وآذت الناس.
نبِّهيهم بلطف وحبٍّ، وحاولي تغييرهم نحو الأحسن بالتوجيه المباشر أو القصص، أو ربطهم بالصديق الصالح العالي الخلق، واستبِقي الأحداث، وبغِّضي لأبنائك ومِن صِغَرِهم كل ما هو كريه، مثلاً: انظري شزرًا لكل مُدخِّن، وتحدَّثي بإسهاب عن مضارِّه وعن كل ناحية سلبية فيه، ولا سبيلَ لديك "لتغليب الخير على الشر" إلا بالكلام، والتكرار مع تنويع الأساليب، وقد فكَّرتُ كثيرًا وتبحَّرتُ بحثًا عن طريقة أخرى لتربية الصغار سوى "الكلام" فلم أجد غيرها؛ ولذلك كان أسلوبَ القرآنِ، وتذكَّرتُ أنها الوسيلة التي تُستعمَل لتغيير العقول، وما "غسيل الدماغ" الذي كُنَّا نسمَعُ عنه ونحن صغار إلا شيء من هذا، (فيُعرَّض المرء لظُروفٍ مَدروسة وخلالها يتمُّ إقناعه بالمراد)، وقد نجحت هذه الطريقة مع الرجال الكبار والمُفكِّرين العظام، فلا بد إذًا أن تنجح مع الأطفال الصِّغار.
المطلب الثالث: التفقُّه في الدين والحياة:
وتتلخَّص هذه المرحلة في تعليم الولد الفُروض الأساسية، وبعض الأخلاق والتوجيهات الاجتماعية، وينتهي الموضوع، وهذه الأمور يتعلمها الصغار بالقُدوة، فإذا صام الأهل صام الصِّغار وسألوا: "كيف يكون الصوم؟"، وإذا ذهَبَ الأب إلى صلاة الجماعة رَغِبُوا في مُرافَقتِه، وتعلموا أصول الجمعة والجماعة، والبنتُ تسعد حين تضع الحجاب على رأسها وتتشبَّه بأمها، وهكذا يَمشي الأبناء مع ذويهم حتى يأتي يوم يُتقِنون فيه كل ما هو مطلوب منهم.
ويولد الطفل جاهلاً بالآداب الاجتماعية، ومُفتقِدًا إلى بعض الأخلاق الحميدة، فيَحتاج لبعض الصقل، وهذه يتعلَّمها كلاًّ في مناسبتها، وهذا مهمٌّ وضَروريٌّ جدًّا، وإن لم يتعلمها الصبي في وقتِها لم يتعلمها أبدًا، وإليك الطريقة:
حين تَجتمِع العائلة كل يوم ثلاث مرات على الطعام يتعلَّم آدابه؛ فإذا رأى أمَّه تَسكُب مما يليها تعلَّم منها، وإن فتح فمه وهو يأكل أرشدته لإغلاقه، وفي كل لحظة وفي كل يوم يتعلَّم الولد شيئًا من الآداب؛ فحين يَقتحِم الصغير غرفة أمِّهِ تَنهاه ألا يدخلها مرة أخرى دون استئذان، وحين تذهب معه لزيارة الأقرباء تُعلِّمه أن يقرع الباب مرة واحدة، وينتظر مقدار ركعة ثم يقرعه ثانية، وأن يقف وظهره للباب بحيث لا يرى باطن الدار.
ويُحبَّذُ لو نسأل الصغار عما يدور بينهم وبين أقرانهم لنعلم كيف هم في غَيبتِنا، ولنصوِّب السلوك، فإذا بَخَسوا الناس أشياءهم نوهَّنا إلى حرمته، وإذا فعلوا مُنكَرًا حذرناهم من تكراره، وهكذا ومع ظروف الحياة المُختلفة ومع متابَعة الأمِّ يتعلَّم الأبناء كل يوم شيئًا من الأشياء التي يحتاجونها، ويعرفون أن للحياة قوانينها، وأن الدين اعتنى بأمورِنا كلِّها، والسنَّة مليئة بالإرشادات والتوجيهات الهامَّة، وسوف يُحفِّزُهم هذا للسؤال عن القوانين الأخرى وعن السنن التي يجهلونها، وسيَسألوننا عن كيفية التصرُّف في المواقف التي تُواجِهُهم في المدرسة وفي النادي، وعن رأي الإسلام فيما يَعترِضُهم من مشكلات، وهكذا حتى يَصِلوا إلى يومٍ وقد اكتمل تثقيفهم وتعليمهم وتهذيبهم.
المطلب الرابع: معالجة الصفات الوراثية السيئة وتعديلها وتثبيت الحسنة ومباركتها:
الناس معادن، وكل طفل يولَد بمَزايا عَظيمة ويولد ببعض العيوب، وهذه الخِصال تأتيه بالوراثة من والدَيهِ، فأبواه هما السبب ولا دخلَ له فيها؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((تخيَّروا لنُطفِكم؛ فإن العِرقَ دسَّاسٌ))، ولا أقلَّ مِن أن يقوم الوالدان على تَعدين ولدِهم؛ أي: يَعملان على اكتِشاف المعادن الثمينة في ابنِهم، ثم يقومان باستِخراجِ هذه المعادن الأصيلة من مكامِنها ليستفيد صاحبُها منها ويَستثمرَها في علاقته بربِّه وبذويه.
ولا بد من اكتِشاف الخبثِ في شخصية الطفل واستبعادِه، وتقويم العيوب التي ولد بها، وإدخال بعض التعديل على شخصيته - التي ولد عليها - ليُصبِح فردًا صالحًا، ويَحصُل هذا بمُراقَبة الطفل، وكلما تنبَّه الأهل إلى خيرٍ في ولدِهم أثبَتوه وبارَكُوه، وكلما اكتَشفوا شرًّا فيه حارَبوهُ ومحَوه.
مراقبة الأطفال تكون منذ الولادة وإلى ما بعد البُلوغ، مع الانتباه الدقيق إلى سلوكهم لتحديد صفاتهم السلبية والإيجابية، ومراقبة كلامهم لاكتِشاف قناعتهم ودوافعهم، وملاحظة شخصياتهم بدقة وعمقٍ لمَعرفة مواطنِ القوة والضعف فيها، مع الاهتمام بما يطرأ عليهم من تغيُّراتٍ خلال الأشهر والسنين.
واعلَمي أن طفلك يولَدُ جاهِزًا بصفاته، ولا يُمكنُكِ تشكيله كما تشائين، ولو كان الأمر كذلك لكان الناسُ في كل بلد أمة واحدة وشخصية مُتماثِلة، أو لكان أولادك طبعةً واحدةً، وليسوا كذلك، وابنك مُتفرِّد في شخصيته، فدعيهِ كذلك واترُكيه على سجيته وطبيعته - ما دامَت مقبولةً اجتماعيًّا وفي حدود الشرع - ودورُك يَكمُن في مراقبَة ذلك الصغير، وتعديل الأخطاء وتعليمه الدِّين والخُلقِ.
وواجبُنا - نحن المربِّين - الوصول بالطفل إلى أفضل صورة وأحسنِ سُلوكٍ بحسب جهدنا البشري، ثم الاتِّكال، ولعلَّ اللهَ يَجعل من أولادنا ذرية طيبة وقرة أعين.
المطلب الخامس - المتابَعة المُستمرَّة، والمثابَرة، والدأب على المراقبة والتوجيه، وتجنُّب الإهمال أو اليأس والملل:
الصغار يَنسون ويَلهون ويَصرِفُهم اللعبُ واتِّباعُ الهوى عن الالتزام بما علموه، فذكريهم، وإن الذِّكرى تنفَعُ المؤمنين، وفي انتباهِك لهم ودأبك على تعديلهم يَكمُن سرُّ النجاح في عملية التربية.
ولا تنسَيْ أطفالك من دعائك المستمر ليستقيموا لك.
والخلاصة:
نحن لا نستطيع تبديل طباع الأبناء تبديلاً جذريًّا، ولا يُمكِننا تحييد الظروف والعوامل الخارجية المؤثِّرةِ سلبًا، على أننا نستطيع تشكيل عقول أبنائنا وصوغ مبادئهم، وتغيير طريقة تفكيرهم، ونستطيع تدريبهم على النظام والنظافة، ليكونوا لَبِنات صالحةً وفعالةً، وهذا ما يعطي "التربية" القوة الخارقة، وهو ما يجعلها الأداة الوحيدة القادرة على الرقيِّ بالمُجتمَعات.
أيها المُربُّون، هذه خلاصة لعملية التربية، فهل هي مهمَّة عسيرة إلى هذا الحد؟!
••••
ولقد كان الرجل يأتي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيعلمه دينه في عشر دقائق، والتربية - أيضًا - تتلخَّص في أَسطُرٍ قليلة، وكما أن للإسلام أركانًا وللإيمان أركانًا، التربيةُ لها أركان رئيسية، ولها أسس مهمة ودعائم قوية تقوم عليها، وهي مَطلوبة من كل مُرَبٍّ، فإن قصَّر في أحدها فسَدت التربية وخرج الابن عن السيطرة.
وهي ثلاث:
1- الخوف: خافي على ابنك يَنصلِح ويَنصَعْ.
2- السُّلطة: عزِّزي سلطتك وادفعيه للطاعة والانضباط.
3- الحبُّ: أشبعيه حبًّا وحنانًا.
الطائر المبكر- عضو جديد
- تاريخ التسجيل : 07/09/2018المساهمات : 196نقاط التميز : 584الجنس :العمر : 34الأبراج :
رد: هل يمكن للمربي تشكيل شخصية طفله؟
شكرا جزيلا على المتابعة
بارك الله فيك
بارك الله فيك
MED - BOX HD- مدير ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 1156نقاط التميز : 1969
مواضيع مماثلة
» بيرج يكشف سر خروجه من تشكيل العين الأساسي
» تغييرات عديدة في تشكيل يوفنتوس أمام يانج بويز
» يورجن كلوب يعلن تشكيل فريقه لمواجهة إيفرتون، في ديربي الميرسيساي
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
» تغييرات عديدة في تشكيل يوفنتوس أمام يانج بويز
» يورجن كلوب يعلن تشكيل فريقه لمواجهة إيفرتون، في ديربي الميرسيساي
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
» التوازن في شخصية أبي بكر الصديق
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى