تاريخ إسلام أبي هريرة رضي الله عنه

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

تاريخ إسلام أبي هريرة رضي الله عنه

مُساهمة من طرف نجمة الكون الأحد ديسمبر 29, 2019 6:54 am


تاريخ إسلام أبي هريرة رضي الله عنه

إنَّ الْحَمدَ للَّهِ نحمدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللَّهِ مِنْ شُرُورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِي لَهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريكَ لَهُ، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ.

أما بعد:

فإنَّه من المنشور المشهور القولُ بتأخُّر إسلام الصحابي الجليل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه[1] حتى عَدَّ ذلك ثلةٌ من الناس مطعنًا عليه ومغمزًا له، لا سيما وهو أكثر من روى حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وفي هذه المقالة أعرض قولاً آخر للقراءة والمناقشة مع القارئ الكريم، وهو قِدَم إسلام أبي هريرة رضي الله عنه قبل هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة، وكان ذلك على يد الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه وبيان ذلك في قصة الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه:

قصة الطفيل بن عمرو الدوسي - رضي الله عنه[2] -:

كان الطفيل بن عمرو الدوسي[3] يحدث أنه قدم مكة ورسول الله بها، فمشى إليه رجال قريش، وكان الطفيل رجلاً شريفًا شاعرًا لبيبًا، فقالوا له: إنك قدمت بلادَنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا فرَّق جماعتنا، وشتَّت أمرنا، وإنَّما قوله كالسحر يُفرِّق بين المرء وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وأنَّا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه، قال: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئًا ولا أكلمه، حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفًا؛ فَرَقًا من أن يبلغني شيء من قوله.

قال: فغدوت إلى المسجد، فإذا رسولُ الله قائم يُصلي عند الكعبة، فقمت قريبًا منه، فأبى الله إلا أن يُسمعني بعضَ قوله، فسمعت كلامًا حسنًا، فقلت في نفسي: واثكل أماه، والله إني لرجل لبيب شاعر ما يَخفى عليَّ الحسن من القبيح، فما يَمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسنًا قبلت، وإن كان قبيحًا تركت، قال: فمكثت حتى انصرف رسول الله إلى بيته، فتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه، فقلت: يا محمد، إنَّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا، فوالله ما برحوا يُخوِّفوني أمرَك حتى سددت أذني بكرسف؛ لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله - عزَّ وجلَّ - إلا أن يُسمعنيه، فسمعت قولاً حسنًا، فاعرض عليَّ أمرك، قال: فعرض رسول الله عليَّ الإسلام، وتلا عليَّ القرآن، فلا والله ما سمعت قولاً قط أحسنَ منه، ولا أمرًا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق[4]، وقلت: يا نبيَّ الله، إني امرؤ مطاعٌ في قومي، وإني راجعٌ إليهم فداعيهم إلى الإسلام، فادعُ الله أن يجعل لي آية تكون لي عونًا عليهم فيما أدعوهم إليه، فقال: ((اللهم اجعل له آيةً)).

قال: فخرجت إلى قومي حتى إذا كنتُ بثَنِيَّةٍ يقال لها: كذا وكذا، تطلعُني على الحاضر، وَقَعَ نورٌ بين عيني مثل المصباح، قال: قلت: اللهم في غير وجهي، إنِّي أخشى أن يظنوا أنها مُثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم، قال: فتحول فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلق، وأنا أهبط إليهم من الثنية، حتى جئتهم فأصبحت فيهم، فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخًا كبيرًا فقلت: إليك عني يا أبتِ، فلستُ منك ولستَ مني، قال: لِمَ يا بُنَيَّ؟ قلت: أسلمت وتابعتُ دينَ محمد، قال: يا بني فديني دينك، قال: قلت: فاذهب يا أبتِ، فاغتسل وطهِّر ثيابَك، ثم تعالَ حتى أعلمَك ما علمت، قال: فذهب فاغتسل وطهَّر ثيابَه، ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أَتَتْنِي صاحبتي، فقلت لها: إليك عني، فلست منك ولست مني، قالت: لِمَ بأبي أنت وأمي؟

قلت: فرَّق الإسلام بيني وبينك؛ أسلمتُ وتابعتُ دينَ محمد، قالت: فديني دينك، قال: قلت: فاذهبي إلى حِنَى ذي الشرى فتطهري منه، وكان ذو الشرى صنمًا لدَوْس، وكان الحنى حِمى حوله، وبه وَشَلٌ من ماء يهبط من جبل إليه، قالت: بأبي وأمي، أتخشى على الصبيَّة من ذي الشرى شيئًا، قال: قلت: لا أنا ضامنٌ لك، قال: فذهبتْ واغتسلتْ، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت، ثم دعوت دَوْسًا إلى الإسلام فأبطؤوا عليَّ، فجئت رسولَ الله، فقلت: يا نبي الله، إنه قد غلبني على دوس الزِّنا، فادعُ الله عليهم، فقال: ((اللهم اهْدِ دوسًا))، ثم قال: ((ارجع إلى قومك، فادعهم إلى الله، وارفق بهم))، فرجعت إليهم، فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله، ثم قدمت على رسولِ الله بمن أسلم معي من قومي، ورسول الله بخيبر، فنزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتًا من دوس، ثم لحقنا برسول الله بخيبر، [قال: قلنا: يا رسولَ الله، اجعلنا ميمنتك، واجعل شعارنا "يا مبرور"، ففعل صلى الله عليه]، فأسهم لنا مع المسلمين.

ومما يؤكد على سبق إسلام أبي هريرة واستجابته للطفيل رضي الله عنه ما يلي:

(1) أخرج أحمد في فضائل الصَّحابة بسنده عن أبي هريرة قال: قدم الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقالوا: يا رسول الله، إنَّ دَوْسًا قد عصت وأبت، فادع الله عليها، قال أبو هريرة: فرفع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يديه، فقلت: هلكت دوس، فقال: ((اللهم اهْدِ دوسًا وائت بها))[5].

وهذا يدل على أن أبا هريرة كان مع الطفيل في مجيئه للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وفيه دلالة قاطعة على تقدُّم إسلامه.

(2) تأكيد الحافظ ابن حجر العسقلاني في الإصابة (3/522) على ذلك، فقال: عن الطفيل رضي الله عنه: "فدعا أبويه إلى الإسلام، فأسلم أبوه ولم تسلم أمه، ودعا قومه فأجابه أبو هريرة وحدَه، ثم أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: هل لك في حصن حصين ومنعة يعني أرض دوس... إلخ".

هجرته: كانت في العام السابع من الهجرة، قال أبو هريرة رضي الله عنه: خرج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى خيبر، وقدمت المدينة مهاجرًا، فصلَّيت الصبح خلفَ سِبَاع بن عُرْفُطَة - كان استخلفه - فقرأ في السجدة الأولى بسورة مريم، وفي الآخرة: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1][6]، ومعلوم أن فتح خيبر كان في العام السابع من الهجرة.

[1] يُذكَر أن إسلامَه في العام السابع من الهجرة، ولعل ذلك اختلاطٌ مع تاريخ هجرته، فإن هجرته باتفاق كانت في العام السابع من الهجرة.

[2] راجع: دلائل النبوة للبيهقي (5/363 - 365)، والطبقات الكبرى لابن سعد (4 /237)، والإصابة لابن حجر العسقلاني (3/521)، والمستدرك للحاكم (3/259)، وتاريخ دمشق (25/11)، وسير أعلام النبلاء (1 /345).

[3] هو الطُّفَيْل بن عَمْرو بن طَرِيف بن العاص بن ثَعْلَبَة بن سُلَيم بن فَهْم بن غَنْم بن دَوْس الدَّوْسي، أسلم، وصدَّق النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم بمكة، ثم رجع إِلى بلاد قومه، فلم يزل بها حتى هاجر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ثم قَدِمَ عليه، وهو بخيبر بمن تبعه من قومه، فلم يزل مُقيمًا عنده إِلى أن قُبِض النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وقُتل باليمامة شهيدًا، وقيل: قتل عام اليرموك في خلافة عمر، روى عنه جابر بن عبدالله، وأبو هريرة، وعداده في أهل الحجاز؛ راجع جامع الأصول في أحاديث الرسول؛ لابن الأثير (12/540).

[4] أخرج مسلم (116) عن جابر أنَّ الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال: (حصن كان لدوس في الجاهلية)، فأبى ذلك النبي صلَّى الله عليه وسلَّم للذي ذخر الله للأنصار، فلمَّا هاجر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة، هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة ورآه مغطيًا يديه، فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ما لي أراك مغطيًا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فقَصَّها الطفيل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اللهم وليديه فاغفر)).

[5] إسناده صحيح؛ أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (1672)، وأخرجه البخاري (4392) (6397)، ومسلم (2524).

[6] انظر: سير النبلاء للذهبي (2/589)، وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/160)، ونقله من طريقه ابن كثير في البداية والنهاية (8/104)، وأخرجه ابن سعد في الطبقات (4/327)، والبزار في مسنده، كما في مجمع الزوائد (7/135).

فدلَّت الرِّواية على أنَّه كان مسلمًا حتى صلَّى معهم صلاة الصبح - رضي الله عنه.

المصدر: مأخود من تاريخ الإسلام

نجمة الكون
نجمة الكون
عضو ستارديس

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 1437
نقاط التميز : 2154
الجنس : انثى
العمر : 29
الأبراج : العذراء

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: تاريخ إسلام أبي هريرة رضي الله عنه

مُساهمة من طرف ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ الإثنين ديسمبر 30, 2019 11:19 pm


شكرا على هذا الموضوع المميز
وهذه المعلومات القيمة والمفيدة
واصل التألق موفق إن شاء الله


ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
نجم ستارديس

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 3052
نقاط التميز : 5482
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : السرطان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع

لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان

سجل معنا الان

انضم الينا جروب تاج فعملية التسجيل سهله جدا ؟


تسجيل عضوية جديدة

سجل دخولك

لديك عضوية هنا ؟ سجل دخولك من هنا .


سجل دخولك

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى