السنة وحي وطرق حفظها
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
السنة وحي وطرق حفظها
السنة وحي وطرق حفظها
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي فتح لنا أبوب الهدى بمن جعله خير الأنام، وجعل أمته خير الأمم، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره من ذوي الإجرام، نحمده على ما أسبغ الأنام من جزيل الإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البدر التمام، الذي بعثه الله رحمة للعباد وفارقاً بين الحلال والحرام، وداعياً إلى كلمة الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج، ونصح الأمة وأزال الظلمة وجاهد عباد الأصنام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله - تعالى - واعملوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالسنة نور يتلألأ، وبدر يضيء، وسراج يزهر، وعبق يفوح، وعلم يتفجر، وكنز عظيم، السنة في معناها اللغوي تعني الطريقة، وفي الاصطلاح ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير، وهي مع الكتاب من حيث الاعتبار والاحتجاج بها على الأحكام الشرعية في مرتبة واحدة، إلا أن القرآن أفضل منها وأجل منها قدرا؛ لأنه معجزة خالدة ومتعبد بتلاوته، ولكنهما في مرتبة واحدة من حيث الاحتجاج، فالسنة وحي لا يجوز تركها ولا يسوغ إهمالها ولا يصح مخالفتها، من عصاها فقد عصى القرآن ومن هجرها فقد خالف البرهان، ومن تنكر لها فقد أسخط الديان قال - عز وجل -: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) [آل عمران:31]، وقال - سبحانه -: (ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7]، وقال: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) [النساء:65].
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، ألا وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله)).
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)).
فالسنة متمِّمة للكتاب وشارحة له، ومبيِّنة لمبهمه، ومفصِّلة لمجمله، ومؤكِّدة لأحكامه، ومقيِّدة لمطلقه، وموضِّحة لمشكله قال - عز وجل: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران:164].
فالكتاب هو القرآن، والحكمة هي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول الإمام أحمد - رحمه الله -: "السنة تفسر الكتاب وتعرف الكتاب وتبينه".
ويقول ابن عبد البر: "والبيان منه - صلى الله عليه وسلم - على ضربين:
الأول: بيان المجمل في الكتاب العزيز كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها، وكبيانه - صلى الله عليه وسلم - للزكاة وحدها ووقتها، وما الذي تؤخذ منه الأموال، وبيان مناسك الحج.
والثاني: زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وكتحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع إلى أشياء يطول ذكرها".
وقد أخبر - تعالى - في كتابه الكريم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبين للقرآن وموضح لآياته فقال - سبحانه -: (وأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل:44].
ولقد اعتنى الصحابة - رضي الله عنه - بالسنة النبوية عناية فائقة، فتلقوها بالقبول وامتثلوها بالتطبيق، والتزموا الحدود وامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي، واقتدوا به - صلى الله عليه وسلم - في كل أعماله وعباداته ومعاملاته سواء في حياته أو بعد مماته - عليه الصلاة والسلام -.
أخذوا عنه أحكام الصلاة وأركانها وهيئتها وصفتها عملا بقوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، وأخذوا عنه مناسك الحج وشعائره امتثالا لأمره: ((خذوا عني مناسككم)).
بل بلغ من إقتداءهم أنهم كانوا يفعلون ما يفعل، ويتركون ما يترك دون أن يعلموا لذلك سببا أو يسألوه عن علته وحكمته.
اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذْتُهُ))، وقال: ((وإني لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا))، فنبذ الناس خواتيمهم.
وبينما هو يصلي بأصحابه ذات مرة إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى الصلاة قال: ((مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ))، قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ جِبْرِيلَ - عليه السلام - أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا)).
انظر إلى هذه المتابعة الصادقة، ثم انظر إلى أحوال بعض من الناس اليوم تأتيهم بالحديث وتخبرهم بالسنة فيقطبون جباههم، ويلوون أعناقهم وتضيق صدورهم، وتأبى قلوبهم.
ومن أعجب ما روي عن الصحابة في حرصهم على طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وامتثال أمره ما حصل من عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - فعن جابر قال: ولما استوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة قال: ((اجْلِسُوا))، فسمع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد فرآه - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((تَعَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ))، فانظر كيف بادر إلى امتثال الأمر وهو لم يدخل المسجد.
وهكذا حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على اتباع أوامره - صلى الله عليه وسلم - واجتناب نواهيه، والأخذ بسنته والسير على محجَّته، وقد حفظوا العهد وصانوا الميثاق، ومضوا على النهج بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام -، وبلغوا سنته ونشروا هدايته امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ)).
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: ((ألا هل بلغت؟))، قالوا: نعم قال: ((اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع)).
وكانوا - رضي الله عنهم - غاية في الصدق وغاية في الأمانة، مبرئين من الكذب، منزهين عن العبث، فهم الذين حفظوا عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).
اللهم امنحنا الفقه في الدين، واجعلنا اللهم من العلماء العاملين، وذريّاتنا وذريّاتهم إلى يوم الدين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، أحمده - سبحانه - وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله - تعالى -، واعلموا أن سنة رسول الله وأحاديثه الشريفة المعظمة قد بقيت سليمة من الأذى، محفوظة من العداء، بعيدة عن الردى، لا يتجرأ عليها حاسد للنيل من قدسيتها، ولا يطمع منافق في تشويه جمالها أو العبث بكرامتها، وكيف يطمع أحد في ذلك؟ وقد قعد أهل العلم القواعد التي لا نظير لها في علم الحديث ومصطلحه، فصانوا بها السنة وحفظوا بها الملة وحرسوا بها الشريعة.
فمنها: دراسة أسانيد الحديث فلا يقبلون منها إلا ما عرفوا طريقها ورجالها واطمأنوا إلى ثقتهم وعدالتهم.
يقول ابن سيرين فيما يرويه عن الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم".
ويقول ابن المبارك: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
ومنها: التوثق من الأحاديث، وذلك بالرجوع إلى الصحابة والتابعين أئمة هذا الفن، وكان الصحابة أنفسهم يرحل الواحد منهم شهرا كاملا من أجل حديث واحد، كما فعل جابر ابن عبد الله حينما رحل إلى الشام، ورحل أبو أيوب إلى مصر من أجل حديث واحد فلما سمعه عاد إلى المدينة من فوره ولم يحل رحله.
ويقول سعيد بن مسيب - رحمه الله -: "إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام"، وخرج الشعبي - رحمه الله - من الكوفة إلى مكة المكرمة في طلب ثلاثة أحاديث.
وهذا إمام أهل السنة الإمام أحمد ابن حنبل - رحمه الله - يقول: "رحلت في طلب العلم والسنة إلى الثغور، والشامات، والموصل، والمغرب، والجزائر، ومكة، والمدينة، والحجاز، واليمن، والعراقين، جميعاً وفارس وخراسان، والجبال والأقاف، ثم عدت إلى بغداد".
ومنها: أي من الأمور التي اتخذها السلف لحفظ السنة وتنقيتها: هو نقد الرواة وبيان حالهم من صدق أو كذب، وهذا باب عظيم وصل منه العلماء إلى تمييز الصحيح من المكذوب، والقوي من الضعيف، وقد أبلوا فيه بلاء حسنا، وتتبعوا الرواة ودرسوا حياتهم وتاريخهم وسيرتهم وما خفي من أمرهم وما ظهر ولم تأخذهم في الله لومة لائم.
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "المقبول الثقة الضابط لما يرويه، وهو المسلم العاقل البالغ سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، وأن يكون مع ذلك متيقظاً غير مغفل، حافظاً إن حدَّث من حفظه، فاهماً إن حدَّث عن المعنى، فإن اختل شرط مما ذكرنا ردت روايته".
بهذه الطريقة العظيمة والقواعد الدقيقة حفظ السلف سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وصانوا أحاديثه، فبقيت السنة عالية الذرى، ناصعة الجبين، واضحة المحجَّة، ظاهرة الحُجَّة، داعية إلى الحق والهدى، نابذة للضلالة والعمى، وقد قيض الله علماء أخيار ونجباء أبرار محقوا الدسائس، وأتوا بالنفائس، أرهقوا الأجساد والأرواح، فجاءوا لنا بمختار الصحاح.
يقول الإمام مالك - رحمه الله -: "كتبت بيدي مائة ألف حديث".
وقال الإمام أحمد - رحمه الله - عن مسنده: "هذا كتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألفٍ وخمسين ألفاً".
فيا خسارة من ترك محَجَّة المصطفى وخالف سنته وهجر طريقته، وتنكب ملته، فلا صلاح لهذه الأمة إلا بالعودة الصادقة إلى الكتاب والسنة، قراءة وتدبراً وتطبيقاً وعملاً، وأي أرض لم تشرق فيها أنوار الرسالة وشمس الهداية فهي أرض مذمومة، وأي قلب لم يستنر بضياء الكتاب والسنة فهو قلب مظلم.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا متقبلا ورزقا طيبا.
عباد الله:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب :56].
وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين.
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا، وأصلح ووفق ولاة أمورنا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم امنحنا الفقه في الدين، واجعلنا اللهم من العلماء العاملين، وذرياتنا وذرياتهم إلى يوم الدين.
يا حي يا قيوم، يا الله يا ذا الجلال والإكرام يا رحمن يا رحيم.
اللهم اغفر لنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي فتح لنا أبوب الهدى بمن جعله خير الأنام، وجعل أمته خير الأمم، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره من ذوي الإجرام، نحمده على ما أسبغ الأنام من جزيل الإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البدر التمام، الذي بعثه الله رحمة للعباد وفارقاً بين الحلال والحرام، وداعياً إلى كلمة الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج، ونصح الأمة وأزال الظلمة وجاهد عباد الأصنام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله - تعالى - واعملوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالسنة نور يتلألأ، وبدر يضيء، وسراج يزهر، وعبق يفوح، وعلم يتفجر، وكنز عظيم، السنة في معناها اللغوي تعني الطريقة، وفي الاصطلاح ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير، وهي مع الكتاب من حيث الاعتبار والاحتجاج بها على الأحكام الشرعية في مرتبة واحدة، إلا أن القرآن أفضل منها وأجل منها قدرا؛ لأنه معجزة خالدة ومتعبد بتلاوته، ولكنهما في مرتبة واحدة من حيث الاحتجاج، فالسنة وحي لا يجوز تركها ولا يسوغ إهمالها ولا يصح مخالفتها، من عصاها فقد عصى القرآن ومن هجرها فقد خالف البرهان، ومن تنكر لها فقد أسخط الديان قال - عز وجل -: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) [آل عمران:31]، وقال - سبحانه -: (ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7]، وقال: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) [النساء:65].
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، ألا وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله)).
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)).
فالسنة متمِّمة للكتاب وشارحة له، ومبيِّنة لمبهمه، ومفصِّلة لمجمله، ومؤكِّدة لأحكامه، ومقيِّدة لمطلقه، وموضِّحة لمشكله قال - عز وجل: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران:164].
فالكتاب هو القرآن، والحكمة هي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول الإمام أحمد - رحمه الله -: "السنة تفسر الكتاب وتعرف الكتاب وتبينه".
ويقول ابن عبد البر: "والبيان منه - صلى الله عليه وسلم - على ضربين:
الأول: بيان المجمل في الكتاب العزيز كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها، وكبيانه - صلى الله عليه وسلم - للزكاة وحدها ووقتها، وما الذي تؤخذ منه الأموال، وبيان مناسك الحج.
والثاني: زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وكتحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع إلى أشياء يطول ذكرها".
وقد أخبر - تعالى - في كتابه الكريم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبين للقرآن وموضح لآياته فقال - سبحانه -: (وأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل:44].
ولقد اعتنى الصحابة - رضي الله عنه - بالسنة النبوية عناية فائقة، فتلقوها بالقبول وامتثلوها بالتطبيق، والتزموا الحدود وامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي، واقتدوا به - صلى الله عليه وسلم - في كل أعماله وعباداته ومعاملاته سواء في حياته أو بعد مماته - عليه الصلاة والسلام -.
أخذوا عنه أحكام الصلاة وأركانها وهيئتها وصفتها عملا بقوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، وأخذوا عنه مناسك الحج وشعائره امتثالا لأمره: ((خذوا عني مناسككم)).
بل بلغ من إقتداءهم أنهم كانوا يفعلون ما يفعل، ويتركون ما يترك دون أن يعلموا لذلك سببا أو يسألوه عن علته وحكمته.
اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذْتُهُ))، وقال: ((وإني لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا))، فنبذ الناس خواتيمهم.
وبينما هو يصلي بأصحابه ذات مرة إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى الصلاة قال: ((مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ))، قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ جِبْرِيلَ - عليه السلام - أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا)).
انظر إلى هذه المتابعة الصادقة، ثم انظر إلى أحوال بعض من الناس اليوم تأتيهم بالحديث وتخبرهم بالسنة فيقطبون جباههم، ويلوون أعناقهم وتضيق صدورهم، وتأبى قلوبهم.
ومن أعجب ما روي عن الصحابة في حرصهم على طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وامتثال أمره ما حصل من عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - فعن جابر قال: ولما استوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة قال: ((اجْلِسُوا))، فسمع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد فرآه - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((تَعَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ))، فانظر كيف بادر إلى امتثال الأمر وهو لم يدخل المسجد.
وهكذا حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على اتباع أوامره - صلى الله عليه وسلم - واجتناب نواهيه، والأخذ بسنته والسير على محجَّته، وقد حفظوا العهد وصانوا الميثاق، ومضوا على النهج بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام -، وبلغوا سنته ونشروا هدايته امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ)).
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: ((ألا هل بلغت؟))، قالوا: نعم قال: ((اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع)).
وكانوا - رضي الله عنهم - غاية في الصدق وغاية في الأمانة، مبرئين من الكذب، منزهين عن العبث، فهم الذين حفظوا عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).
اللهم امنحنا الفقه في الدين، واجعلنا اللهم من العلماء العاملين، وذريّاتنا وذريّاتهم إلى يوم الدين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، أحمده - سبحانه - وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله - تعالى -، واعلموا أن سنة رسول الله وأحاديثه الشريفة المعظمة قد بقيت سليمة من الأذى، محفوظة من العداء، بعيدة عن الردى، لا يتجرأ عليها حاسد للنيل من قدسيتها، ولا يطمع منافق في تشويه جمالها أو العبث بكرامتها، وكيف يطمع أحد في ذلك؟ وقد قعد أهل العلم القواعد التي لا نظير لها في علم الحديث ومصطلحه، فصانوا بها السنة وحفظوا بها الملة وحرسوا بها الشريعة.
فمنها: دراسة أسانيد الحديث فلا يقبلون منها إلا ما عرفوا طريقها ورجالها واطمأنوا إلى ثقتهم وعدالتهم.
يقول ابن سيرين فيما يرويه عن الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم".
ويقول ابن المبارك: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
ومنها: التوثق من الأحاديث، وذلك بالرجوع إلى الصحابة والتابعين أئمة هذا الفن، وكان الصحابة أنفسهم يرحل الواحد منهم شهرا كاملا من أجل حديث واحد، كما فعل جابر ابن عبد الله حينما رحل إلى الشام، ورحل أبو أيوب إلى مصر من أجل حديث واحد فلما سمعه عاد إلى المدينة من فوره ولم يحل رحله.
ويقول سعيد بن مسيب - رحمه الله -: "إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام"، وخرج الشعبي - رحمه الله - من الكوفة إلى مكة المكرمة في طلب ثلاثة أحاديث.
وهذا إمام أهل السنة الإمام أحمد ابن حنبل - رحمه الله - يقول: "رحلت في طلب العلم والسنة إلى الثغور، والشامات، والموصل، والمغرب، والجزائر، ومكة، والمدينة، والحجاز، واليمن، والعراقين، جميعاً وفارس وخراسان، والجبال والأقاف، ثم عدت إلى بغداد".
ومنها: أي من الأمور التي اتخذها السلف لحفظ السنة وتنقيتها: هو نقد الرواة وبيان حالهم من صدق أو كذب، وهذا باب عظيم وصل منه العلماء إلى تمييز الصحيح من المكذوب، والقوي من الضعيف، وقد أبلوا فيه بلاء حسنا، وتتبعوا الرواة ودرسوا حياتهم وتاريخهم وسيرتهم وما خفي من أمرهم وما ظهر ولم تأخذهم في الله لومة لائم.
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "المقبول الثقة الضابط لما يرويه، وهو المسلم العاقل البالغ سالماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة، وأن يكون مع ذلك متيقظاً غير مغفل، حافظاً إن حدَّث من حفظه، فاهماً إن حدَّث عن المعنى، فإن اختل شرط مما ذكرنا ردت روايته".
بهذه الطريقة العظيمة والقواعد الدقيقة حفظ السلف سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وصانوا أحاديثه، فبقيت السنة عالية الذرى، ناصعة الجبين، واضحة المحجَّة، ظاهرة الحُجَّة، داعية إلى الحق والهدى، نابذة للضلالة والعمى، وقد قيض الله علماء أخيار ونجباء أبرار محقوا الدسائس، وأتوا بالنفائس، أرهقوا الأجساد والأرواح، فجاءوا لنا بمختار الصحاح.
يقول الإمام مالك - رحمه الله -: "كتبت بيدي مائة ألف حديث".
وقال الإمام أحمد - رحمه الله - عن مسنده: "هذا كتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألفٍ وخمسين ألفاً".
فيا خسارة من ترك محَجَّة المصطفى وخالف سنته وهجر طريقته، وتنكب ملته، فلا صلاح لهذه الأمة إلا بالعودة الصادقة إلى الكتاب والسنة، قراءة وتدبراً وتطبيقاً وعملاً، وأي أرض لم تشرق فيها أنوار الرسالة وشمس الهداية فهي أرض مذمومة، وأي قلب لم يستنر بضياء الكتاب والسنة فهو قلب مظلم.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا متقبلا ورزقا طيبا.
عباد الله:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب :56].
وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين.
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا، وأصلح ووفق ولاة أمورنا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك، اللهم امنحنا الفقه في دينك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم امنحنا الفقه في الدين، واجعلنا اللهم من العلماء العاملين، وذرياتنا وذرياتهم إلى يوم الدين.
يا حي يا قيوم، يا الله يا ذا الجلال والإكرام يا رحمن يا رحيم.
اللهم اغفر لنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].
New Post- مديرة ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 4133نقاط التميز : 6472الجنس :العمر : 25الأبراج :
رد: السنة وحي وطرق حفظها
شكرا لك على هذه المعلومات
وعلى هذه المشاركة الرائعة
والموضوع المميز
وعلى هذه المشاركة الرائعة
والموضوع المميز
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ- نجم ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3052نقاط التميز : 5482الجنس :العمر : 25الأبراج :
مواضيع مماثلة
» "الشعرى" نجم السنة الجديدة يزين قبة السماء بليل رأس السنة حتى الفجر
» ألام الرقبة وطرق علاجها
» مناهج وطرق التدريس الحديثة
» للحديث شواهد وطرق كثيرة
» حصى الكلى وطرق العلاج الطبيعية
» ألام الرقبة وطرق علاجها
» مناهج وطرق التدريس الحديثة
» للحديث شواهد وطرق كثيرة
» حصى الكلى وطرق العلاج الطبيعية
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى