كيف تحلل نص قانوني

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

كيف تحلل نص قانوني

مُساهمة من طرف professeur الثلاثاء ديسمبر 17, 2019 1:00 am


:: كيف تحلل نص قانوني ::

بقلم الاستاذ يوسف حنان باحث بسلك الدكتوراه ، محام متمرن بهيئة الدار البيضاء //مقدمة: إن إجراء أي بحث أو دراسة ميدانية كانت أم نظرية وفي شتى حقول المعرفة عامة، وفي فروع الدراسات القانونية على وجه الخصوص تتطلب معرفة العديد من التقنيات والمهارات والإلمام بخطوات وقواعد منهجية، التي تعتبر المرحلة الأهم في إنجاز البحث العلمي، هذه القواعد والتي من بينها تحليل النص القانوني كآلية يلتجأ إليها الباحث من أجل الإحاطة ما أمكن بفحوى النص واستيعابه وبيان أًصله ومصدره وتحليل لغة كتابته ،وتقنية التحليل هذه ظهرت مند القديم خصوصاً عند فقهاء الشريعة الإسلامية،في تحليلهم للنصوص الدينية، لكن ليس بالمفهوم الحديث الذي يعرفه النص القانوني حاليا.

ولا جدال في أن تقنية تحليل النص القانوني لها أهمية سواء في اكتساب الباحث لتقنيات ومهارات دقيقة تساعده في بحثه وفي استيعابه للنص القانوني حتى يفهمه فهما سليما، ويضعه في الموضع الصحيح ضمن بحثه ،بل وحتى المهني هو بحاجة لهذه التقنية من أجل العمل على تطبيق النص بالشكل السليم.

لذلك هل يمكن القول بأن الإلمام بالخطوات المنهجية لتحليل النص القانوني كفيلة بأن يتم تحليله بالشكل السليم؟

ومن أجل دراسة هذا الموضوع والاجابة على التساؤل أعلاه فإنه ارتأينا إتباع منهج تحليلي وتطبيقي، تحليلي لأهم الخطوات المنهجية المتبعة في تحليل النص كما هي متعارف عليها بين جميع الباحثين في هذا المجال، وتطبيقي من أجل إخضاع نص من النصوص القانونية لهذه الخطوات المنهجية.

وبذلك سنتناول الموضوع وفقا لخطة البحث التالية:

المطلب الأول: الجانب النظري في منهجية تحليل النص القانوني.

المطلب الثاني: الجانب التطبيقي في منهجية تحليل النص القانوني (الفصل 149 من ق.م.م. نموذجا).

التصميم:

المطلب الأول: الجانب النظري في منهجية تحليل النص القانوني

الفقرة الأولى: مفهوم تحليل النص القانوني

الفقرة الثانية: مراحل تحليل النص القانوني

المطلب الثاني: الجانب التطبيقي في منهجية تحليل النص القانوني. (الفصل 149 من ق.م.م. نموذجا)

الفقرة الأولى: الإطار العام للفصل 149 من ق م م

الفقرة الثانية: تحليل الفصل 149 من ق م م

المطلب الأول: الجانب النظري في منهجية تحليل النص القانوني

تستند آلية تحليل النص القانوني ، على أسس علمية تقنية، يجب التقيد بها،وهو ما يستدعي تحديد مفهوم هذه الآلية (الفقرة الأولى) قبل المرور إلى تحديد الخطوات المنهجية التي يجب إتباعها في ذلك (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم تحليل النص القانوني

يقصد بتقنية تحليل النص القانوني كآلية منهجية، تفكيك النص وتجزيئه إلى مجموعة العناصر التي يتألف منها، وتحديد أجزائه ومكوناته،رغم أن هناك من يطلق على هذه الآلية معالجة النص القانوني وهناك من يستعمل مصطلح التحليل، لكن رغم ذلك تبقى كلها مصطلحات تصب في نفس المنحى أي شرح وتقييم للنص محل التحليل[1] و بمعنى أكثر دقة يمكن القول بأنه عملية التحليل تقوم على دراسة مفصلة حتى يتمكن المتفحص لذلك النص من استيعابه وتحديد المعنى الذي قصده من كان وراء وضع ذلك النص.

هذا ولا ينبغي الخلط بين تحليل النص والتعليق على النص وتفسير النص.

فعندما نتحدث عن التعليق على النص فإننا نكون بصدد عملية تفسير وتوضيح للموضوع محل ذلك التعليق ويكون ذلك بقدر من الحرية، وبأسلوب شخصي، والذي يخلص فيه المعلق إلى إعطاء فكرة عن الموضوع أو عن ذلك النص، وبالتالي فإن التعليق هو بمثابة فحص انتقادي لمضمون وشكل النص (غالبا ما نجد بعض الاجتهاذات القضائية التي تكون قد أسست لمبدأ معين أو تراجعت عنه هي التي تكون محل تعليق ) .

أما فيما يتعلق بتفسير النص فإنه يعنى به تحديد مضمونه ومعناه من عدة زوايا، ويمكن لأي نص أن يكون محل تفسير سواء كان نصا واضحا وسليما أو كان غامضاً ومعيبا ،وفي هذا الإطار ظهرت العديد من المدارس كمدرسة الشرح على المثون والمدرسة التاريخية أو الاجتماعية...الخ.

لذلك فالذي يظهر أن تحليل النص لا ينحصر فقط في القيام بعملية تحليل اللغة التي كتب بها النص أو أسلوب النص، وتحليل مضمونه بل الأكثر من ذلك ،يجب أن يعمل المحلل على إظهار أصل النص ومصدره وبنيته وشكله، والقيام بمقابلته ومقارنته بنصوص أخرى عامة أو خاصة وطنية أو أجنبية، ويمكن أن يكون كذلك من بين النصوص القانونية الموضوعية أو الإجرائية الشكلية.

علما أن هناك من يتجه إلى القول أن النص الذي يمكن أن يكون محل تحليل لا يكون فقط النص الصادر عن السلطة التشريعية بل يمكن أن يكون مقولة لأحد الفقهاء أو يكون عبارة عن وثيقة علمية أو محاضر لنقاش برلماني، ما دام الهدف حسب هذا الرأي ليس نوعية النص بحد ذاته بل الهدف هو المعرفة القانونية والقدرة على تحليل النص واكتساب المهارة في عرض المعارف في إطار ربطها دائما بالنص موضوع التحليل.

وما دمنا نتحدث عن اكتساب المهارة والمعرفة فهذا يعني أن ذلك الشخص الذي سيقوم بتحليل النص يجب أن يقوم بإضافة كمية معينة من المعلومات لمحتوى النص محل التحليل، ولا يجب الاكتفاء به وحده هذا مع إمكانية ترك النص جانبا، والتحدث أثناء التحليل عن الموضوع العام الذي يناقشه ذلك النص نظراً لارتباطه بالإطار العام الذي جاء فيه .

فعلى سبيل المثال لو كان النص موضوع التحليل هو نص تشريعي وجب تحديد طبيعته والظروف التي كانت وراء وضع ذلك النص والحقبة التي وضع فيها وتاريخ النص وهذا لن يتأتى إلى بالقراءة المتكررة للنص والعمل على احترام الخطوات المنهجية للتحليل.

الفقرة الثانية: الخطوات المنهجية لتحليل النص القانوني

من أجل العمل على تحليل النص القانوني يجب اتباع الخطوات المنهجية المتفق عليها من قبل الدارسين لهذا العلم، فهي أدوات تساعد الباحث في استجلاء ما يحتويه النص القانوني ويعالجه، فلابد من فهم النص، وتحديد مجالات موضوعه (أولا) لتسهيل وضع تصميم متين وتيسير عملية التحليل (ثانيا).

أولا: مرحلة فهم النص القانوني:

تقتضي هذه المرحلة، جمع العديد من المعلومات المتعلقة بالنص القانوني والتي تكون مدخلا له، حيث بدونها لن يستطيع الباحث أن يفهم مضمون النص وتحليله، ويتعلق الأمر ب:

الدراسة الوصفية: فبعد القراءة المتعددة والمتمعنة لنص يتعين على الباحث أن يحدد العناصر التالية:
طبيعة النص: هل هو نص مدني أم تجاري، أم جنائي أم موضوعي مسطري ،عام أو خاص وهل هو مجرد مشروع ،مرسوم ،اتفاقية دولية...
مصدر النص: ويقصد بها الجهة المصدرة للنص فقد يكون البرلمان أو الحكومة الوزير....
تاريخ صدور النص: وذلك لمعرفة ما إذا كان النص جديداً، معدلاً تغييرا لموقف معين ، حتى يشير إليه المحلل عند تحليله.
تحديد النص أو الكتاب الذي أخذ منه المصدر الأصلي للنص.
استخراج موضوعه المحدد.
الدراسة البنيوية: هنا يتم تقسيم النص والتسطير على الكلمات والمصطلحات أو العبارات المتضمنة فيه ،وتتمثل هذه الدراسة في معرفة:
البنية الطباعية أو الطبوغرافية للنص: ويقصد بها بيان عدد الفقرات أو المقاطع التي يتكون منها النص، وهذا يساعد المحلل ويسهل عليه عملية وضع خطة للتحليل.
البنية الاصطلاحية: على الباحث أو المحلل أن يقوم بتحديد المصطلحات المعتمدة في النص، وتحديد نوعها، فقد تكون مصطلحات قانونية أو تقنية أو اقتصادية، حتى يعلم من خلالها اللغة المستعملة هل هي لغة سليمة، مترجمة.... ثم استخراج الكلمات المفاتيح، والتي من شأنها أن تسهل على المحلل تحديد مضمون النص بشكل دقيق.
البنية الخارجية للنص: فالمعلوم أن النص ليس عنصراً منعزلا، بل هو جزء من كل، ولا يمكن أن نحلله إلا على ضوء محيطه الخارجي، أي بربطه بما قبله أو بما يوازيه أو بما بعده من نصوص أخرى كما يجب البحث في العمل القضائي المنصب حول ذلك النص وبالتالي الاستعانة بتفسيراته الاجتهادية، بالإضافة إلى الآراء الفقهية التي تطرقت لهذا النص، سواء التي استحسنته، أو التي انتقدته.
ثانيا: مرحلة التحليل

يتوقف تحليل النص القانوني على ضرورة احترام التقسيم المتعارف عليه، والذي يبدأ بمقدمة ثم عرض فخاتمة. ،

المقدمة:

إذا كانت المقدمة هي الممهدة للعرض والمدخل له، فإنه لا يجب أن تطغى عليه وأن تكون مقتضية ومركزة.

ومن أهم العناصر التي يجب أن تتضمنها المقدمة في تحليل أي نص قانوني نذكر:

تقديم الإطار العام الذي يندرج فيه النص: فكل نص قانوني إلا ويتضمن قواعد قانونية، وتحديد هذه الأخيرة يقتضي بيان أحكامه بشكل تدريجي من العام إلى الخاص.
ذكر طبيعة النص ومصدره وتاريخه ومكانه.
تحديد هل النص آمر أم مكمل، مع التبرير.
الإشارة إلى نوع النص هل هو نص عام وهنا لابد من سرد الأحكام العامة التي ينص عليها، أم هو نص خاص، وهنا يتم استعراض أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين القواعد العامة.
تحديد موضوع النص.
ذكر النصوص المماثلة والمشابهة، التي لها نفس الهدف سواء من حيث المسطرة أو من حيث النتيجة المرجوة من النص.
إثارة الإشكالية أو الإشكاليات التي يتمحور حولها النص موضوع التحليل.
الإعلان عن التصميم: وعادة يؤخذ من بنية النص، وهذا هو المحبذ، ويمكن أن يكون في جزئين أو ثلاثة إذا كان النص مقسما إلى ثلاثة أجزاء مختلفة[7] وإذا كان أكثر من ذلك فإنه يجب على الباحث المحلل أن يبذل قصارى جهده ويجمع أجزاء النص حتى لا يخرج عن ما هو مطلوب.
العرض:

فيه يتم مناقشة كل الأفكار المتضمنة بالنص والمتعلقة به ويعتمد فيه على ما يلي:

الاستنتاج عن طريق القياس، أي قياس قاعدة مشابهة خصها المشرع بنص صريح آخر، أو عن طريق إعمال مفهوم المخالفة، أي استعمال المعنى العكسي لفحوى النص أو استعمال مفهوم الموافقة.
المقابلة والمقارنة مع كل واقعة منظمة قانوناً، سواء من حيث الشبه أو من حيث الاختلاف أو ذكر قانون مفسر أو رأي فقهي أو اجتهاد قضائي، تماشيا مع كل الأفكار التي تلقاها الباحث أو المحلل و اجتهد في الحصول عليها.
ذكر تقييم للموضوع، يتم فيه الحديث حول مدى ملائمة القواعد التي ينص عليها النص موضوع التحليل مع الظروف الواقعية (اجتماعية، اقتصادية، سياسية...) المصاحبة للنص وانعكاساتها على المجتمع.

الخاتمـــة:

هي عبارة عن استنتاجات وخلاصة لما تم التوصل إليه من خلال موضوع التحليل ويمكن أن تكون:

قناعات شخصية
مقترحات مقدمة لتعديل أو مراجعة أو إلغاء، أو ترميم النص سواء من حيث الصياغة أو من حيث الأحكام، مع إمكانية طرح صيغة جديدة بديلة.

professeur
professeur
مراقب المنتدى

تاريخ التسجيل : 31/08/2018
المساهمات : 1825
نقاط التميز : 3849
العمر : 35
الأبراج : العقرب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: كيف تحلل نص قانوني

مُساهمة من طرف New Post الجمعة ديسمبر 20, 2019 1:33 am


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك على هذه المعلومات
وعلى هذه المشاركة الرائعة
والموضوع المميز

New Post
New Post
مديرة ستار ديس

تاريخ التسجيل : 24/08/2018
المساهمات : 4133
نقاط التميز : 6472
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : الميزان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع

لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان

سجل معنا الان

انضم الينا جروب تاج فعملية التسجيل سهله جدا ؟


تسجيل عضوية جديدة

سجل دخولك

لديك عضوية هنا ؟ سجل دخولك من هنا .


سجل دخولك

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى