ما غايتك من أعمالك؟
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
ما غايتك من أعمالك؟
ما غايتك من أعمالك؟
محاسن الشرهان
هل مرَّ عليك في حياتك أنك وأنت جالس تتحدث، فجأة أقامتك قدماك وسارت بك إلى المطبخ وتقول: لا أعلم لماذا قدماي أحضرتني إلى هنا، لعلي عطشان أو لعلي جائع؟!
أو هل سبق أن التقطت يدك كأسًا من العصير وأنت تفاجأت وقلت: لعل جسدي اشتهى العصير، فأمر يدي بالتقاطه؟! من المتحكم بالأفعال في الجسد؟! من الآمر بالحركة؟!
يشعر جسدك بالحرارة فيستنجد بالقلب: (فيحب القلب البرودة فتريد البرودة فتقصد البرودة)، فتقوم أنت لفتح جهاز التكييف في الغرفة، قبل أن تتحرك وتقوم لا بد من محبة وإرادة وقصد يحركك للقيام بالفعل، ومن ثم فإن:
أي فعل يفعله الإنسان لا بد له من شيئين:
1- (غاية أو تسمى قصد ونية).
وهي المراد بذلك العمل، وهو المطلوب والمقصود، ويعبر عنه (لماذا؟)
2- (سبب أو تسمى وسيلة)، وهي حركة إلى المراد ويعبر عنها (كيف؟)، إذًا لا بد من الوسائل والمقاصد حتى يتم العمل، والمقاصد باطنة وغير ظاهرة، أما الوسائل فظاهرة، فمثلًا حينما يتم توزيع عصير البرتقال، فيأخذه الناس ويشربونه جميعًا، هذا فعل ظاهري، (له غاية ومقصد وله وسيلة وسبب)، فعلوه كلهم بوسيلة واحدة للجميع وهي بوسيلة ظاهرة: وهي إمساك اليد ورفعها للفم، وتناول العصير، لكن هل غايتهم ومقصدهم من شرب العصير واحد؟! لا طبعًا، فأحدهم شرب العصير حبًّا له، وأحدهم شربه مجاملة، وأحدهم شربه حبًّا لمن يقدم العصير، وأحدهم شربه عطشًا، وهذه الغايات باطنة وغير ظاهرة، وهذه الغايات تسمى النيات.
• فلا بد لكل فعل من إرادة ونية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، ذكر ابن تيمية في جامع المسائل أن هذا اللفظ عام في كل عمل كائنًا من كان، سواء كان عبادة أو عادة.
كل عمل (سواء عبادة أو عادة) لا بد له من نية، ومن كانت نيته لله، فهو لله ومن كانت نيته لدنيا، فليس له إلا نيته! والكلام في هذا له وجهان:
الوجه الأول: الواقع الموجود:
أن كل إنسان حي له حركتان:
1- حركة اضطرارية كحركة ارتعاش المحموم ورجفة الخائف، وهذه لا نتحدث عنها.
2- حركة إرادية وهي التي لا بد فيها من نية وقصد وإرادة قبل حركته وفعله.
بل لا يمكن أن يوجد عمل اختياري يفعله الانسان أو يفعله الجن بلا قصد، أو بلا مراد، فهذا محال، والغاية من كل عمل لا بد أن تسبق العمل، قبل أن تفعل العمل لا بد من غاية هي التي تحركك للعمل، بمعنى: لماذا تريد أن تقوم؟ لماذا تريد أن تعمل؟
الغاية المحركة للعمل يجب أن تكون حب الله ورضاه، والقصد والغاية هي العبادة.
فتوحيد العبادة هو توحيد القصد، وهو توحيد الألوهية: وهو إفراد الله بأفعال العباد.
كل أفعال العباد تكون غايتها الله وحده، خوفك لله، حبك لله، رجاؤك لله، طلبك للرزق من الله، صلاتك لله، أكلك لله، نومك وشربك وراحتك كلها عبادة لله، ولا تنوي نية أخرى وقصدا آخر مع الله، ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء: 22].
ولا بد أن تستحضر النية قبل العمل وليس بعد العمل، والمراد من المؤمن أن تكون كل أفعاله طاعة لله ولرسوله، وهذا هو الإسلام وهو الاستسلام لله وإخلاص الدين له، وطاعة أمره ونهيه.
وكل فعل هو دين وديدن، فإن الدين ما دان به الشخص واعتاده، فهو دَيدنه، ودين المسلم هو الإسلام والاستسلام لله.
هذا بالنسبة للأفعال التي يفعلها الإنسان بقصده واختياره، أما الحوادث التي تحدث له بغير فعله، فهي على ثلاثة أقسام:
1- تارة يؤمر بدفعها بالباطن (في نيته) وفي الظاهر (في الوسائل الممكنة).
2- وتارة يؤمر بالصبر عليها؛ كالمصائب، ولا فائدة في الجزع عليها، والرضا بها أعظم من الصبر، والصبر واجب، وأما الرضا فهو مستحب.
3- تارة يخير بين دفعها أو قبولها والصبر عليها؛ كالتداوي ودفع الصائل عن المال، وطلب الحق ممن ظلمه حقَّه.
كذلك الأمور التي يفعلها العبد ويطلبها ويقصدها وهي ليست عنده، فهي على أقسام:
1- إما أن يؤمر بطلبها ويستعين الله عليها، كأداء الواجبات.
2- منها ما يُنهى عن طلبها كالظلم: (ظلم النفس بالذنوب، ظلم الغير، الظلم بالتقصير بالواجبات والعبادات).
3- منها ما يُخير بين الأمرين إما طلبها أو تركها.
فكل فعل لا بد فيه من حب، بمعنى أنك تريد أن تفعل ذلك الفعل حبًّا لنفسك أو حبًّا لشخص آخر، أو حبًّا لشيء.
وحتى البغض إنما تبغض شيئًا؛ لأنك تحب عكسه، وتبغض شخصًا وتبتعد عنه حبًّا لنفسك، أو حبًّا لغيرك، وتكره جلوسك في الحر؛ لأنك تحب نفسك. فكل فعل ينتج منك أفعالك إنما مقصوده حب أو بغض، والبغض هو بسبب الحب. فمن أحب شيئًا أبغض ما ينافيه، وابتعد عما يتسبب بالبغض وعدم الحب، فالإنسان له نية وقصد (غاية) قبل كل فعل، وله حظ ونصيب (نتيجة) يريدها بعد تحقق الفعل.
فترك أدنى الحظين والنتيجتين واللذتين لينال أعلاهما: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أسألك لذة النظر إلى وجهك).
وإنما أي عمل يعمله الإنسان فهو لنفسه وعلى نفسه، ولن يضر الله معصيةُ العاصين وإساءة المسيئين: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46]، فالعبد هو المنتفع من عبادته لله، وهو المتضرر من تركه للعبادة والتقصير فيها، والمؤمن يطلب حظه من الخالق وهي الأجور المتعلقة بالطاعات، وأعظم الحظ هو دخول الجنة، ولا يطلب حظه من المخلوق؛ كالمدح والثناء والمكافأة وغيره من حظوظ النفس، وكذلك اللذة فيترك التمتع بأي لذة من لذات الدنيا التي قد تنقص في لذات الآخرة.
ومن السلف من كان يعد ذلك بل ما هو دونه من إذهاب الطيبات:
روى البخاري (1274) أن عبدالرحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أتي يَوْمًا بِطَعَامِهِ فَقَالَ:" قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَكَانَ خَيْرًا مِني فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفنُ فِيهِ إِلا بُرْدَةٌ وَقُتِلَ حَمْزَةُ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ خَيْرٌ مِني فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفنُ فِيهِ إِلا بُرْدَةٌ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجلَتْ لَنَا طَيبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدنْيَا ثُم جَعَلَ يَبْكِي".
وفي رواية للبخاري (4045): (وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ثُم جَعَلَ يَبْكِي حَتى تَرَكَ الطعَامَ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الزهْدِ، وَأَن الْفَاضِلَ فِي الدينِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التوَسعِ فِي الدنْيَا لِئَلا تَنْقُصَ حَسَنَاتُهُ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ عَبْدُالرحْمَنِ بِقَوْلِهِ: خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا قَدْ عُجِّلَتْ".
فالإنسان المؤمن يجعل قصده في كل عمل هو محبة الله، ومحبة الله تستلزم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].
أما الوجه الثاني ففي الواجب من المقاصد والوسائل:
فالله هو المقصود والمطلوب من كل عمل، وهو المراد بذاته في كل عمل، ولا يجوز أن يعبد إلا الله لا إله إلا هو، وهذا أصل الدين وأساسه وأوله وآخره.
وأما الوسائل فهي الأعمال الصالحة الحسنة المشروعة، وليس كل عمل يعمل هو لله إلا أن يتحقق به شرطان:
١- أن يكون قصده لله فقط.
٢- أن يكون العمل صحيحًا صالحًا، وليس مبتدعًا ولا مخالفًا لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم؛
فليس كل عمل يصلح لأن يعبد به الله ويُراد به وجهُه: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9]، ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112].
فهذا حصول الخير والثواب والنعيم واللذة، وعدم الخوف في المستقبل، وعدم الحزن من الحاضر والماضي، وذلك في الدنيا والآخرة.
وذلك بشرط: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾، أسلم وجهه لله: هو استسلامه وإخلاص دينه، وعمله لله وهو مُحسن بعمله لله.
والإسلام هو السلامة والاستسلام، ويتضمن الخضوعَ لله والإخلاص، وضدُّه إما الكبر، وإما الشِّرك، فهما أعظمُ الذنوب، فليس فيهما استسلامٌ ولا سلامة.
محاسن الشرهان
هل مرَّ عليك في حياتك أنك وأنت جالس تتحدث، فجأة أقامتك قدماك وسارت بك إلى المطبخ وتقول: لا أعلم لماذا قدماي أحضرتني إلى هنا، لعلي عطشان أو لعلي جائع؟!
أو هل سبق أن التقطت يدك كأسًا من العصير وأنت تفاجأت وقلت: لعل جسدي اشتهى العصير، فأمر يدي بالتقاطه؟! من المتحكم بالأفعال في الجسد؟! من الآمر بالحركة؟!
يشعر جسدك بالحرارة فيستنجد بالقلب: (فيحب القلب البرودة فتريد البرودة فتقصد البرودة)، فتقوم أنت لفتح جهاز التكييف في الغرفة، قبل أن تتحرك وتقوم لا بد من محبة وإرادة وقصد يحركك للقيام بالفعل، ومن ثم فإن:
أي فعل يفعله الإنسان لا بد له من شيئين:
1- (غاية أو تسمى قصد ونية).
وهي المراد بذلك العمل، وهو المطلوب والمقصود، ويعبر عنه (لماذا؟)
2- (سبب أو تسمى وسيلة)، وهي حركة إلى المراد ويعبر عنها (كيف؟)، إذًا لا بد من الوسائل والمقاصد حتى يتم العمل، والمقاصد باطنة وغير ظاهرة، أما الوسائل فظاهرة، فمثلًا حينما يتم توزيع عصير البرتقال، فيأخذه الناس ويشربونه جميعًا، هذا فعل ظاهري، (له غاية ومقصد وله وسيلة وسبب)، فعلوه كلهم بوسيلة واحدة للجميع وهي بوسيلة ظاهرة: وهي إمساك اليد ورفعها للفم، وتناول العصير، لكن هل غايتهم ومقصدهم من شرب العصير واحد؟! لا طبعًا، فأحدهم شرب العصير حبًّا له، وأحدهم شربه مجاملة، وأحدهم شربه حبًّا لمن يقدم العصير، وأحدهم شربه عطشًا، وهذه الغايات باطنة وغير ظاهرة، وهذه الغايات تسمى النيات.
• فلا بد لكل فعل من إرادة ونية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، ذكر ابن تيمية في جامع المسائل أن هذا اللفظ عام في كل عمل كائنًا من كان، سواء كان عبادة أو عادة.
كل عمل (سواء عبادة أو عادة) لا بد له من نية، ومن كانت نيته لله، فهو لله ومن كانت نيته لدنيا، فليس له إلا نيته! والكلام في هذا له وجهان:
الوجه الأول: الواقع الموجود:
أن كل إنسان حي له حركتان:
1- حركة اضطرارية كحركة ارتعاش المحموم ورجفة الخائف، وهذه لا نتحدث عنها.
2- حركة إرادية وهي التي لا بد فيها من نية وقصد وإرادة قبل حركته وفعله.
بل لا يمكن أن يوجد عمل اختياري يفعله الانسان أو يفعله الجن بلا قصد، أو بلا مراد، فهذا محال، والغاية من كل عمل لا بد أن تسبق العمل، قبل أن تفعل العمل لا بد من غاية هي التي تحركك للعمل، بمعنى: لماذا تريد أن تقوم؟ لماذا تريد أن تعمل؟
الغاية المحركة للعمل يجب أن تكون حب الله ورضاه، والقصد والغاية هي العبادة.
فتوحيد العبادة هو توحيد القصد، وهو توحيد الألوهية: وهو إفراد الله بأفعال العباد.
كل أفعال العباد تكون غايتها الله وحده، خوفك لله، حبك لله، رجاؤك لله، طلبك للرزق من الله، صلاتك لله، أكلك لله، نومك وشربك وراحتك كلها عبادة لله، ولا تنوي نية أخرى وقصدا آخر مع الله، ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء: 22].
ولا بد أن تستحضر النية قبل العمل وليس بعد العمل، والمراد من المؤمن أن تكون كل أفعاله طاعة لله ولرسوله، وهذا هو الإسلام وهو الاستسلام لله وإخلاص الدين له، وطاعة أمره ونهيه.
وكل فعل هو دين وديدن، فإن الدين ما دان به الشخص واعتاده، فهو دَيدنه، ودين المسلم هو الإسلام والاستسلام لله.
هذا بالنسبة للأفعال التي يفعلها الإنسان بقصده واختياره، أما الحوادث التي تحدث له بغير فعله، فهي على ثلاثة أقسام:
1- تارة يؤمر بدفعها بالباطن (في نيته) وفي الظاهر (في الوسائل الممكنة).
2- وتارة يؤمر بالصبر عليها؛ كالمصائب، ولا فائدة في الجزع عليها، والرضا بها أعظم من الصبر، والصبر واجب، وأما الرضا فهو مستحب.
3- تارة يخير بين دفعها أو قبولها والصبر عليها؛ كالتداوي ودفع الصائل عن المال، وطلب الحق ممن ظلمه حقَّه.
كذلك الأمور التي يفعلها العبد ويطلبها ويقصدها وهي ليست عنده، فهي على أقسام:
1- إما أن يؤمر بطلبها ويستعين الله عليها، كأداء الواجبات.
2- منها ما يُنهى عن طلبها كالظلم: (ظلم النفس بالذنوب، ظلم الغير، الظلم بالتقصير بالواجبات والعبادات).
3- منها ما يُخير بين الأمرين إما طلبها أو تركها.
فكل فعل لا بد فيه من حب، بمعنى أنك تريد أن تفعل ذلك الفعل حبًّا لنفسك أو حبًّا لشخص آخر، أو حبًّا لشيء.
وحتى البغض إنما تبغض شيئًا؛ لأنك تحب عكسه، وتبغض شخصًا وتبتعد عنه حبًّا لنفسك، أو حبًّا لغيرك، وتكره جلوسك في الحر؛ لأنك تحب نفسك. فكل فعل ينتج منك أفعالك إنما مقصوده حب أو بغض، والبغض هو بسبب الحب. فمن أحب شيئًا أبغض ما ينافيه، وابتعد عما يتسبب بالبغض وعدم الحب، فالإنسان له نية وقصد (غاية) قبل كل فعل، وله حظ ونصيب (نتيجة) يريدها بعد تحقق الفعل.
فترك أدنى الحظين والنتيجتين واللذتين لينال أعلاهما: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أسألك لذة النظر إلى وجهك).
وإنما أي عمل يعمله الإنسان فهو لنفسه وعلى نفسه، ولن يضر الله معصيةُ العاصين وإساءة المسيئين: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46]، فالعبد هو المنتفع من عبادته لله، وهو المتضرر من تركه للعبادة والتقصير فيها، والمؤمن يطلب حظه من الخالق وهي الأجور المتعلقة بالطاعات، وأعظم الحظ هو دخول الجنة، ولا يطلب حظه من المخلوق؛ كالمدح والثناء والمكافأة وغيره من حظوظ النفس، وكذلك اللذة فيترك التمتع بأي لذة من لذات الدنيا التي قد تنقص في لذات الآخرة.
ومن السلف من كان يعد ذلك بل ما هو دونه من إذهاب الطيبات:
روى البخاري (1274) أن عبدالرحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أتي يَوْمًا بِطَعَامِهِ فَقَالَ:" قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَكَانَ خَيْرًا مِني فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفنُ فِيهِ إِلا بُرْدَةٌ وَقُتِلَ حَمْزَةُ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ خَيْرٌ مِني فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفنُ فِيهِ إِلا بُرْدَةٌ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجلَتْ لَنَا طَيبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدنْيَا ثُم جَعَلَ يَبْكِي".
وفي رواية للبخاري (4045): (وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ثُم جَعَلَ يَبْكِي حَتى تَرَكَ الطعَامَ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الزهْدِ، وَأَن الْفَاضِلَ فِي الدينِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التوَسعِ فِي الدنْيَا لِئَلا تَنْقُصَ حَسَنَاتُهُ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ عَبْدُالرحْمَنِ بِقَوْلِهِ: خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا قَدْ عُجِّلَتْ".
فالإنسان المؤمن يجعل قصده في كل عمل هو محبة الله، ومحبة الله تستلزم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].
أما الوجه الثاني ففي الواجب من المقاصد والوسائل:
فالله هو المقصود والمطلوب من كل عمل، وهو المراد بذاته في كل عمل، ولا يجوز أن يعبد إلا الله لا إله إلا هو، وهذا أصل الدين وأساسه وأوله وآخره.
وأما الوسائل فهي الأعمال الصالحة الحسنة المشروعة، وليس كل عمل يعمل هو لله إلا أن يتحقق به شرطان:
١- أن يكون قصده لله فقط.
٢- أن يكون العمل صحيحًا صالحًا، وليس مبتدعًا ولا مخالفًا لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم؛
فليس كل عمل يصلح لأن يعبد به الله ويُراد به وجهُه: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9]، ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112].
فهذا حصول الخير والثواب والنعيم واللذة، وعدم الخوف في المستقبل، وعدم الحزن من الحاضر والماضي، وذلك في الدنيا والآخرة.
وذلك بشرط: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾، أسلم وجهه لله: هو استسلامه وإخلاص دينه، وعمله لله وهو مُحسن بعمله لله.
والإسلام هو السلامة والاستسلام، ويتضمن الخضوعَ لله والإخلاص، وضدُّه إما الكبر، وإما الشِّرك، فهما أعظمُ الذنوب، فليس فيهما استسلامٌ ولا سلامة.
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
رد: ما غايتك من أعمالك؟
الله يعطيكـِ العافيه يارب
على المعلومات المفيدة
نترقب المزيد من حديدك المميز
تحياتي وتقديري..
على المعلومات المفيدة
نترقب المزيد من حديدك المميز
تحياتي وتقديري..
التوقيع
_________________
رد: ما غايتك من أعمالك؟
بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ
وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ
لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ
وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ
لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ
وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ- نجم ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3052نقاط التميز : 5482الجنس :العمر : 25الأبراج :
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى