ابن كثير وكتابه التفسير
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
ابن كثير وكتابه التفسير
{{ ابن كثير وكتابه التفسير}}
((للأمانة..الكاتب:عبد الغني الغرابي))
ابن كثير وكتابه التفسير
الإمام الحافظ ابن كثير الدمشقي من أكثر المفسِّرين ثقة في نفوس المسلمين منذ العصر الذي عاش فيه وإلى أيام الناس هذه وعند أتباع المذاهب المختلفة لأهل السُّنَّة والجماعة، نظراً لما يمثله هذا الإمام الكبير من الاعتدال والتوسط والواقعية، مما جعل العلماء وطلبة العلم يعتمدون عليه في بحوثهم ومؤلفاتهم ودراساتهم المتصلة بموضوع التفسير بشكل خاص، وعلوم القرآن بشكل عام، وجعل الكثير من العلماء يهتمون باختصاره وتلخيصه وخدمته، فمن هو ابن كثير، وما هي قيمة كتابه التفسير؟
أولاً: ابن كثير(1):
هو الإمام الحافظ المؤرّخ الفقيه عماد الدِّين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القَيسيّ البُصروي الدمشقي.
ولد في قرية القرْيَة)(2) من قرى بُصرى من أرض الشام في الجنوب الشرقي من سورية سنة 701)هـ، ومات أبوه سنة 703)هـ(3) فانتقل مع أخ له إلى دمشق سنة 706)هـ وفيها نشأ، فسمع الشيخ شهاب الدِّين أحمد بن أبي طالب بن نْعِمَة بن حسن الصَّالحي الحجَّار ابن الشِّحْنَة المتوفى سنة 730)هـ، والشيخ إسحاق ابن يحيى بن إسحاق الآمدي المتوفى سنة 725)هـ، والشيخ علم الدِّين القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي المتوفى سنة 739)هـ، والحافظ جمال الدِّين أبا الحجَّاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المِزِّى المتوفي سنة 742)هـ، و شيخ الإسلام تقي الدِّين أبا العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تَيْميَّة الحرَّاني الدمشقي المتوفى سنة 728)هـ.
وكان لملازمته شيخ الإسلام ابن تيميَّة، والشيخين علم الدِّين البرزالي، والحافظ المِزِّي أكبر الأثر في تكوين شخصيته، فقد تأثر في جوانب الفكر والعقيدة والاجتهاد والتفسير بشيخه ابن تيميَّة، بينما تأثر في دراسته للتاريخ والحديث بشيخيه المِزِّي والبرزالي.
وأجازه من مصر عدد من العلماء الأعلام.
وكان ابن كثير كثيرَ الاستحضار، قليل النسيان، جيد الفهم، يشارك في العربية، وينظم نظماً وسطاً، ومن نظمه قوله:
تُمُرُّ بنا الأيَامُ تَتْرَى وإنَّمَا ***نُسَاقُ إلى الآجالِ والعَيْنُ تَنْظُرُ
فلا عائدٌ ذاكَ الشَبابُ الذي مَضَى ***ولا زَائلٌ هذا المشيبُ المُكَدّرُ
أقوال العلماء فيه:
ذكره الحافظ الذهبي في"المعجم المختص"فقال عنه: الإمام المُحدِّث المفتي البارع.
ووصفه بحفظ المتون وكثرة الاستحضار جماعة منهم الحُسيني وابن العراقي.
وقال ابن حجّي: ما اجتمعت به قط إلا استفدت منه، وقد لازمته ست سنين.
وقال ابن حبيب: إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بأقواله وشنَّف(4)، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه في البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير.
وقال ابن حجر: كان كثير الاستحضار، وسارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع الناس به بعد وفاته، ولم يكن على طرييق المحدثين في تحصل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من مُحَدِّثي الفقهاء.
وعقب الحافظ السيوطي على كلام الحافظ ابن حجر هذا في"طبقات الحفاظ"بقوله: قلت: العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحاً وتعديلاً، وأما العالي والنازل ونحو ذلك، فهو من الفضلات لا من الأصول المهمة.
أهم مصنَّفاته:
صنَّف ابن كثير عدداً كبيراً من المصنَّفات في التاريخ والحديث والتفسير، والسيرة، منها:
1- البداية والنهاية:
وهو كتاب عظيم القدر، انتفع به العلماء على مرّ الأيام، وتداولته أيدي الباحثين في كل مكان من أطراف العالم الإسلامي الكبير، تكلم فيه عن أحوال الدنيا منذ بدء الخليقة، وتطرق فيه إلى الحديث عن سير الأنبياء، وتحدث فيه بتوسع وإسهاب عن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأرَّخ للفترة التي تلت حياته - صلى الله عليه وسلم - منذ عهد الخلفاء الراشدين وحتى نهاية سنة 767) هـ بتوسع مفيد، وانتهى فيه إلى الكلام عن الفتن التي ستظهر بين يدي الساعة، وقد طبع هذا الكتاب العظيم في مصر منذ فترة طويلة وصورت طبعته عدة مرات،
ولكنها خلت من التحقيق والتدقيق والتخريج والضبط والتوثيق والفهرسة المفصلة المفيدة النافعة، وذلك ما حملنا على القيام بتحقيقه تحقيقاً علمياً يتناسب وقيمة الكتاب الكبرى، فتقاسمنا أجزاءه مع عدد من الأساتذة الباحثين وشرعنا نعمل في تحقيقه لصالح دار ابن كثير بدمشق وفق منهج للتحقيق وضعه والدنا وأستاذنا المحدِّث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، وسوف يقوم والدنا الجليل بمراجعة نصوص الأحاديث الواردة في جميع أجزاء الكتاب، وسينشر بجميع أقسامه لأول مرة.
2- تفسير القرآن العظيم:
وهو من أهم كتبه، ويعد من خيرة كتب التفسير التي اعتمد أصحابها في تفسير آيات الكتاب العزيز على أحاديث رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في المقام الأول، ولقد كتب لهذا السِّفر العظيم القبول والانتشار في عموم الأقطار والإسلامية.
3- جامع المسانيد والسنن:
ويعد من خيرة مصنّفات ابن كثير في الحديث النبوي، وهو من أواخر الكتب التي صنَّفها إن لم يكن آخرها، وقد توفي - رحمه الله -دون أن يتمه، وقد شرع بتحقيقه صديقنا الفاضل الدكتور عبد الملك بن عبد اللَّه بن دهيش من أعيان مكة المكرمة، وقد أخرج منه أربعة مجلدات كبيرة إلى الآن ولا زال يتمم عمله في تحقيقه وإخراجه.
4- ذكر مولد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ورضاعه:
وهو عبارة عن رسالة صغيرة، وقد خصصه للكلام عن مولد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ورضاعه باختصار، فقام بسرد الروايات المتعلقة بموضوعه، معولاً في النقل على كتب السيرة النبوية ومستعيناً ببعض المصنفات الحديثة التي عنيت بإيراد أحاديث تخص موضوع الكتاب وما يتصل به من الموضوعات الأخرى، وقد قمنا بتحقيقه بالاشتراك مع الأستاذ ياسين محمد السوَّاس، ونشرته دار ابن كثير بدمشق سنة 1407هـ= 1987م)
5- الفصول في اختصار سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
ويعتبر من المُصنَّفات المختصرة القيمة التي تحدثت عن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - باختصار مفيد نافع للعام والخاص وذلك في القسم الأول منه، وأما القسم الثاني فقد تكلم فيه عن أحواله وشمائله وخصائصه - صلى الله عليه وسلم - باختصار نافع مفيد أيضاً، الأمر الذي جعله محبباً إلى الناس جميعاً. وقد طبع هذا الكتاب أول مرة في مصر طبعة سقيمة غير محققة، ثم طبع للمرة الثانية في دمشق بتحقيق الدكتورين محمد العيد الخطراوي ومحيي الدين مستو، وهي طبعة جيدة محررة متقنة مفهرسة نافعة، كتب لها الانتشار فأعيد طبعها عدة مرات آخرها عن دار ابن كثير بدمشق ومكتبة دار التراث بالمدينة المنورة.
وفاته:
مات ابن كثير يوم الخميس الواقع في 26/ شعبان/ من سنة 774)هـ، فخرجت دمشق كلها خلف جنازته، و دفن إلى جوار شيخه شيخ الإسلام ابن تيميَّة بمقبرة الصوفية، - رحمه الله تعالى - وأحسن إليه.
ثانياً: كتابه التفسير(5):
واسمه"تفسير القرآن العظيم"وهو من خيرة التفاسير التي اعتمد أصحابها في التفسير على صحيح المنقول من تفسير القرآن بالقرآن أو بالسُّنَّة لأنها مبينة لكتاب اللَّه - تعالى -، أو بما قاله كبار الصحابة والتابعين لأنهم تلقوا ذلك عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا المنحى يحرص على الإتيان بالآثار الواردة في معنى الآية فيذكرها، ولا يجتهد في بيان معنى من غير أصل ويتوقف عمّا لا طائل تحته ولا فائدة في معرفة ما لم يرد فيه نقل صحيح، وقد اقتفى ابن كثير أثر الإمام محمد بن جرير الطبري في"تفسيره"حيث أورد فيه الأحاديث والآثار بالأسانيد إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام والتابعين، وقدَّم لتفسيره بمقدمة طويلة هامة أبان فيها عن رأيه في شؤون التفسير حيث يقول:"فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطريق إلى ذلك أن يفسَّر القرآن بالقرآن فما أُجمل في مكان فإنه قد بُسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسُّنَّة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - تعالى - كل ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن. قال اللَّه - تعالى -: وأنزلنا إليك الذكر لتُبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم)(6) ولهذا قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:"أَلا إني أُوتيت القرآن ومثله معه"(7) يعني السُّنَّة، والسُّنَّة أيضاً تنزل عليهم بالوحي كما ينزل القرآن إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن، وقد استدل الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع بيان ذلك".
وابن كثير يرجح في"تفسيره"بعض الأقوال على بعض، ويضعف بعض الروايات ويصحّح بعضها الآخر، ويساعد على ذلك خبرته بعلوم الحديث ومصطلحه، وينقل عن التفاسير الأخرى التي تقدمته، كتفسير الطبري، وتفسير أبي حاتم، وتفسير ابن عطية، وغير ذلك من التفاسير الأخرى.
ويبيّن ابن كثير -رحمه الله- معاني الآيات القرآنية ويدخل باختصار في المناقشات الفقهية، واستنباط الأحكام، ويُنبِّه إلى ما ورد من التفسير بالمأثور من منكرات الإسرائليات، ويحذر منها إجمالاً تارة، وعلى وجه التعيين والبيان لبعضها تارة أخرى، ويتحاشى المباحث الإعرابية وفنون البلاغة والاستطراد للعلوم الأخرى.
فمثلاً عند تفسيره لقوله - تعالى - في الآية(67) وما بعدها من سورة البقرة إن اللَّه يأمركم أن تذبحوا بقرة...) إلى آخر القصة، نراه يقص لنا قصة طويلة وغريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة، وعن وجودهم لها عند رجل من بني إسرائيل كان من أبرّ الناس بأبيه.. الخ، ويروي كل ما قيل في ذلك عن بعض علماء السلف.. ثم بعد أن يفرغ من هذا كله يقول ما نصه:"وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسُّدِّي وغيرهم فيها اختلاف، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدَّق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليه إلا ما وافق الحق عندنا، واللَّه أعلم.
ومثلاً عند تفسيره لأول سورة ق نراه يعرض لمعنى هذا الحرف في أول السورة ق) ويقول:"... وقد روي عن بعض السَّلف أنهم قالوا: ق جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف، وكأن هذا -والله أعلم- من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم مما لا يصدّق ولا يكذّب، وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاف بعض زنادقتهم، يلبّسون به على الناس أمر دينهم، كلما افترى في هذه الأمة مع جلاله قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلّة الحفّاظ النقاد فيهم، وشربهم الخمور وتحريف علمائهم عنهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"(8) فيما قد يجوزه العقل، فأما فيما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم.
كما يلاحظ على ابن كثير أنه يدخل في المناقشات الفقهية، ويذكر أقوال العلماء وأدّلتهم عندما يشرح آية من آيات الأحكام، وإن شئت أن ترى مثالاً لذلك فارجع إليه عند قوله - تعالى - في الآية 185) من سورة البقرة:.. فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّة من أيام أخر..) فإنه يذكر أربع مسائل تتعلق بهذه الآية، ويذكر أقوال العلماء فيها، وأدلتهم على ما ذهبوا إليها.
وهكذا يدخل ابن كثير في خلافات الفقهاء، ويخوض في مذاهبهم وأدلتهم كلما تكلم عن آية لها تعلق بالأحكام، ولكنه مع هذا مقتصد مقل لا يسرف كما أسرف غيره من فقها المفسرين.
وبالجملة، فإن"تفسير ابن كثير"من خير ما كتب في التفسير المأثور، وقد شهد له بعض العلماء بالخيرية، فقال السيوطي في"ذيل تذكرة الحفاظ"والزرقاني في"شرح المواهب اللدنية"إنه لم يؤلف على نمطه مثله.
ويمكن تلخيص مميزات تفسير ابن كثير في النقاط التالية:
أ- الاعتماد على النصوص في التفسير.
ب- يبدأ في تفسير الآية بذكر المعنى العام لها ثم يذكر الآراء في ذلك.
ج- يذكر أسباب النزول حين يبين الأحكام المستنبطة من الآيات لأن معرفة السبب سبيل إلى معرفة المسبب.
د- ذكره للأحاديث وبيان رواتها ومن خرَّجها من أصحاب المصادر في مصنفاتهم.
هـ- إيراده للآراء والرد عليها، فابن كثير يورد الآراء في تفسير الآيات ويرجح أو يرد عليها.
و- ذكره للناسخ والمنسوخ لما لهذا الأمر من تبيين الحكم ومعرفة ما آل إليه، والعلم بهذا أمر ضروري لكل من يتصدى لكتاب الله - تعالى - في استبيانه معانيه وإيضاح أحكامه.
ز- تحذيره من أهل الكتاب والروايات الإسرائيلية.
ومع ذلك كله مما أشرنا إليه من حسنات هذا"التفسير"العظيم الشأن فإنه لم يسلم من بعض الانتقاد فيما يتصل بإيراده بعض الإسرائيليات، يضاف إلى ذلك عدم تحريه الاستيعاب لما نقل في تفسير بعض الآيات من كلام أهل اللغة، والكمال للَّه وحده.
مختصرات التفسير وملخصاته:
ونظراً لشهرة"تفسير ابن كثير"بين جماهير المسلمين واستحسانهم لمنهج مؤلِّفه بالإجمال، فقد اتجهت جهود عدد من العلماء في العصر الحديث نحو تلخيصه واختصاره.
1- وأول تلك الاختصارات هو"عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير"للعلاَّمة المحدِّث المحقّق للشيخ أحمد محمد شاكر المصري، المتوفى سنة 1377هـ= 1957م) ولكنه لم يكمل عمله في اختصاره ووصل فيه إلى قوله - تعالى -: ليُحقَّ الحَقَّ ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)(9) وهو ما يعدل ربع التفسير تقريباً، ولو أنه تممه لكان أحسن مختصراته دون شك وريب، ومع ذلك فهو عظيم النفع والفائدة على حاله التي تركه عليها، ونسأل الله - تعالى - أن يلهم أحد شيوخ العلم في هذا العصر إلى إتمام ما بدأ به العلاَّمة الشيخ أحمد محمد شاكر في اختصاره له وعلى منهجه.
2- وثاني تلك المختصرات أهمية مختصر الأستاذ الشيخ محمد نسيب الرفاعي الحلبي المتوفى سنة 1413هـ= 1992م) والمسمى"تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير"وتأتي أهميته من حرص مختصره على الإتيان بما هو صحيح من الروايات والأحاديث والآثار مما أورده ابن كثير"تفسيره"قدر الإمكان، يضاف إلى ذلك صفاء الرجل وبعده عن الشطط والمبالغة إلى حد بعيد، ويقع مختصره في أربع مجلدات.
3- وثالث تلك المختصرات أهمية مختصر الأستاذ محمد علي الصابوني ويقع في ثلاث مجلدات والمسمى"مختصر تفسير ابن كثير"وهو مختصر جيد لولا ما انتقد عليه من إيراد الكثير من الروايات الضعيفة.
طبعات تفسير ابن كثير:
لقد طبع"تفسير ابن كثير"طبعات عديدة في مصر ولبنان والسعودية، وكل طبعة من تلك الطبعات تمتاز عن غيرها بمزايا مختلفة، وبعضها أحسن من بعض بنسب مختلفة تتبع قيمة الجهود المبذولة فيها وحرص الناشر على إخراجها الإخراج الذي يليق بمثل هذا الكتاب العظيم.
الكـاتب : عبد الغني الغرابي
((للأمانة..الكاتب:عبد الغني الغرابي))
ابن كثير وكتابه التفسير
الإمام الحافظ ابن كثير الدمشقي من أكثر المفسِّرين ثقة في نفوس المسلمين منذ العصر الذي عاش فيه وإلى أيام الناس هذه وعند أتباع المذاهب المختلفة لأهل السُّنَّة والجماعة، نظراً لما يمثله هذا الإمام الكبير من الاعتدال والتوسط والواقعية، مما جعل العلماء وطلبة العلم يعتمدون عليه في بحوثهم ومؤلفاتهم ودراساتهم المتصلة بموضوع التفسير بشكل خاص، وعلوم القرآن بشكل عام، وجعل الكثير من العلماء يهتمون باختصاره وتلخيصه وخدمته، فمن هو ابن كثير، وما هي قيمة كتابه التفسير؟
أولاً: ابن كثير(1):
هو الإمام الحافظ المؤرّخ الفقيه عماد الدِّين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القَيسيّ البُصروي الدمشقي.
ولد في قرية القرْيَة)(2) من قرى بُصرى من أرض الشام في الجنوب الشرقي من سورية سنة 701)هـ، ومات أبوه سنة 703)هـ(3) فانتقل مع أخ له إلى دمشق سنة 706)هـ وفيها نشأ، فسمع الشيخ شهاب الدِّين أحمد بن أبي طالب بن نْعِمَة بن حسن الصَّالحي الحجَّار ابن الشِّحْنَة المتوفى سنة 730)هـ، والشيخ إسحاق ابن يحيى بن إسحاق الآمدي المتوفى سنة 725)هـ، والشيخ علم الدِّين القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي المتوفى سنة 739)هـ، والحافظ جمال الدِّين أبا الحجَّاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المِزِّى المتوفي سنة 742)هـ، و شيخ الإسلام تقي الدِّين أبا العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تَيْميَّة الحرَّاني الدمشقي المتوفى سنة 728)هـ.
وكان لملازمته شيخ الإسلام ابن تيميَّة، والشيخين علم الدِّين البرزالي، والحافظ المِزِّي أكبر الأثر في تكوين شخصيته، فقد تأثر في جوانب الفكر والعقيدة والاجتهاد والتفسير بشيخه ابن تيميَّة، بينما تأثر في دراسته للتاريخ والحديث بشيخيه المِزِّي والبرزالي.
وأجازه من مصر عدد من العلماء الأعلام.
وكان ابن كثير كثيرَ الاستحضار، قليل النسيان، جيد الفهم، يشارك في العربية، وينظم نظماً وسطاً، ومن نظمه قوله:
تُمُرُّ بنا الأيَامُ تَتْرَى وإنَّمَا ***نُسَاقُ إلى الآجالِ والعَيْنُ تَنْظُرُ
فلا عائدٌ ذاكَ الشَبابُ الذي مَضَى ***ولا زَائلٌ هذا المشيبُ المُكَدّرُ
أقوال العلماء فيه:
ذكره الحافظ الذهبي في"المعجم المختص"فقال عنه: الإمام المُحدِّث المفتي البارع.
ووصفه بحفظ المتون وكثرة الاستحضار جماعة منهم الحُسيني وابن العراقي.
وقال ابن حجّي: ما اجتمعت به قط إلا استفدت منه، وقد لازمته ست سنين.
وقال ابن حبيب: إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بأقواله وشنَّف(4)، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه في البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير.
وقال ابن حجر: كان كثير الاستحضار، وسارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع الناس به بعد وفاته، ولم يكن على طرييق المحدثين في تحصل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من مُحَدِّثي الفقهاء.
وعقب الحافظ السيوطي على كلام الحافظ ابن حجر هذا في"طبقات الحفاظ"بقوله: قلت: العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحاً وتعديلاً، وأما العالي والنازل ونحو ذلك، فهو من الفضلات لا من الأصول المهمة.
أهم مصنَّفاته:
صنَّف ابن كثير عدداً كبيراً من المصنَّفات في التاريخ والحديث والتفسير، والسيرة، منها:
1- البداية والنهاية:
وهو كتاب عظيم القدر، انتفع به العلماء على مرّ الأيام، وتداولته أيدي الباحثين في كل مكان من أطراف العالم الإسلامي الكبير، تكلم فيه عن أحوال الدنيا منذ بدء الخليقة، وتطرق فيه إلى الحديث عن سير الأنبياء، وتحدث فيه بتوسع وإسهاب عن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأرَّخ للفترة التي تلت حياته - صلى الله عليه وسلم - منذ عهد الخلفاء الراشدين وحتى نهاية سنة 767) هـ بتوسع مفيد، وانتهى فيه إلى الكلام عن الفتن التي ستظهر بين يدي الساعة، وقد طبع هذا الكتاب العظيم في مصر منذ فترة طويلة وصورت طبعته عدة مرات،
ولكنها خلت من التحقيق والتدقيق والتخريج والضبط والتوثيق والفهرسة المفصلة المفيدة النافعة، وذلك ما حملنا على القيام بتحقيقه تحقيقاً علمياً يتناسب وقيمة الكتاب الكبرى، فتقاسمنا أجزاءه مع عدد من الأساتذة الباحثين وشرعنا نعمل في تحقيقه لصالح دار ابن كثير بدمشق وفق منهج للتحقيق وضعه والدنا وأستاذنا المحدِّث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، وسوف يقوم والدنا الجليل بمراجعة نصوص الأحاديث الواردة في جميع أجزاء الكتاب، وسينشر بجميع أقسامه لأول مرة.
2- تفسير القرآن العظيم:
وهو من أهم كتبه، ويعد من خيرة كتب التفسير التي اعتمد أصحابها في تفسير آيات الكتاب العزيز على أحاديث رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في المقام الأول، ولقد كتب لهذا السِّفر العظيم القبول والانتشار في عموم الأقطار والإسلامية.
3- جامع المسانيد والسنن:
ويعد من خيرة مصنّفات ابن كثير في الحديث النبوي، وهو من أواخر الكتب التي صنَّفها إن لم يكن آخرها، وقد توفي - رحمه الله -دون أن يتمه، وقد شرع بتحقيقه صديقنا الفاضل الدكتور عبد الملك بن عبد اللَّه بن دهيش من أعيان مكة المكرمة، وقد أخرج منه أربعة مجلدات كبيرة إلى الآن ولا زال يتمم عمله في تحقيقه وإخراجه.
4- ذكر مولد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ورضاعه:
وهو عبارة عن رسالة صغيرة، وقد خصصه للكلام عن مولد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ورضاعه باختصار، فقام بسرد الروايات المتعلقة بموضوعه، معولاً في النقل على كتب السيرة النبوية ومستعيناً ببعض المصنفات الحديثة التي عنيت بإيراد أحاديث تخص موضوع الكتاب وما يتصل به من الموضوعات الأخرى، وقد قمنا بتحقيقه بالاشتراك مع الأستاذ ياسين محمد السوَّاس، ونشرته دار ابن كثير بدمشق سنة 1407هـ= 1987م)
5- الفصول في اختصار سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
ويعتبر من المُصنَّفات المختصرة القيمة التي تحدثت عن سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - باختصار مفيد نافع للعام والخاص وذلك في القسم الأول منه، وأما القسم الثاني فقد تكلم فيه عن أحواله وشمائله وخصائصه - صلى الله عليه وسلم - باختصار نافع مفيد أيضاً، الأمر الذي جعله محبباً إلى الناس جميعاً. وقد طبع هذا الكتاب أول مرة في مصر طبعة سقيمة غير محققة، ثم طبع للمرة الثانية في دمشق بتحقيق الدكتورين محمد العيد الخطراوي ومحيي الدين مستو، وهي طبعة جيدة محررة متقنة مفهرسة نافعة، كتب لها الانتشار فأعيد طبعها عدة مرات آخرها عن دار ابن كثير بدمشق ومكتبة دار التراث بالمدينة المنورة.
وفاته:
مات ابن كثير يوم الخميس الواقع في 26/ شعبان/ من سنة 774)هـ، فخرجت دمشق كلها خلف جنازته، و دفن إلى جوار شيخه شيخ الإسلام ابن تيميَّة بمقبرة الصوفية، - رحمه الله تعالى - وأحسن إليه.
ثانياً: كتابه التفسير(5):
واسمه"تفسير القرآن العظيم"وهو من خيرة التفاسير التي اعتمد أصحابها في التفسير على صحيح المنقول من تفسير القرآن بالقرآن أو بالسُّنَّة لأنها مبينة لكتاب اللَّه - تعالى -، أو بما قاله كبار الصحابة والتابعين لأنهم تلقوا ذلك عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا المنحى يحرص على الإتيان بالآثار الواردة في معنى الآية فيذكرها، ولا يجتهد في بيان معنى من غير أصل ويتوقف عمّا لا طائل تحته ولا فائدة في معرفة ما لم يرد فيه نقل صحيح، وقد اقتفى ابن كثير أثر الإمام محمد بن جرير الطبري في"تفسيره"حيث أورد فيه الأحاديث والآثار بالأسانيد إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام والتابعين، وقدَّم لتفسيره بمقدمة طويلة هامة أبان فيها عن رأيه في شؤون التفسير حيث يقول:"فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطريق إلى ذلك أن يفسَّر القرآن بالقرآن فما أُجمل في مكان فإنه قد بُسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسُّنَّة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - تعالى - كل ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن. قال اللَّه - تعالى -: وأنزلنا إليك الذكر لتُبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم)(6) ولهذا قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:"أَلا إني أُوتيت القرآن ومثله معه"(7) يعني السُّنَّة، والسُّنَّة أيضاً تنزل عليهم بالوحي كما ينزل القرآن إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن، وقد استدل الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع بيان ذلك".
وابن كثير يرجح في"تفسيره"بعض الأقوال على بعض، ويضعف بعض الروايات ويصحّح بعضها الآخر، ويساعد على ذلك خبرته بعلوم الحديث ومصطلحه، وينقل عن التفاسير الأخرى التي تقدمته، كتفسير الطبري، وتفسير أبي حاتم، وتفسير ابن عطية، وغير ذلك من التفاسير الأخرى.
ويبيّن ابن كثير -رحمه الله- معاني الآيات القرآنية ويدخل باختصار في المناقشات الفقهية، واستنباط الأحكام، ويُنبِّه إلى ما ورد من التفسير بالمأثور من منكرات الإسرائليات، ويحذر منها إجمالاً تارة، وعلى وجه التعيين والبيان لبعضها تارة أخرى، ويتحاشى المباحث الإعرابية وفنون البلاغة والاستطراد للعلوم الأخرى.
فمثلاً عند تفسيره لقوله - تعالى - في الآية(67) وما بعدها من سورة البقرة إن اللَّه يأمركم أن تذبحوا بقرة...) إلى آخر القصة، نراه يقص لنا قصة طويلة وغريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة، وعن وجودهم لها عند رجل من بني إسرائيل كان من أبرّ الناس بأبيه.. الخ، ويروي كل ما قيل في ذلك عن بعض علماء السلف.. ثم بعد أن يفرغ من هذا كله يقول ما نصه:"وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسُّدِّي وغيرهم فيها اختلاف، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدَّق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليه إلا ما وافق الحق عندنا، واللَّه أعلم.
ومثلاً عند تفسيره لأول سورة ق نراه يعرض لمعنى هذا الحرف في أول السورة ق) ويقول:"... وقد روي عن بعض السَّلف أنهم قالوا: ق جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف، وكأن هذا -والله أعلم- من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم مما لا يصدّق ولا يكذّب، وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاف بعض زنادقتهم، يلبّسون به على الناس أمر دينهم، كلما افترى في هذه الأمة مع جلاله قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلّة الحفّاظ النقاد فيهم، وشربهم الخمور وتحريف علمائهم عنهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"(8) فيما قد يجوزه العقل، فأما فيما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم.
كما يلاحظ على ابن كثير أنه يدخل في المناقشات الفقهية، ويذكر أقوال العلماء وأدّلتهم عندما يشرح آية من آيات الأحكام، وإن شئت أن ترى مثالاً لذلك فارجع إليه عند قوله - تعالى - في الآية 185) من سورة البقرة:.. فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّة من أيام أخر..) فإنه يذكر أربع مسائل تتعلق بهذه الآية، ويذكر أقوال العلماء فيها، وأدلتهم على ما ذهبوا إليها.
وهكذا يدخل ابن كثير في خلافات الفقهاء، ويخوض في مذاهبهم وأدلتهم كلما تكلم عن آية لها تعلق بالأحكام، ولكنه مع هذا مقتصد مقل لا يسرف كما أسرف غيره من فقها المفسرين.
وبالجملة، فإن"تفسير ابن كثير"من خير ما كتب في التفسير المأثور، وقد شهد له بعض العلماء بالخيرية، فقال السيوطي في"ذيل تذكرة الحفاظ"والزرقاني في"شرح المواهب اللدنية"إنه لم يؤلف على نمطه مثله.
ويمكن تلخيص مميزات تفسير ابن كثير في النقاط التالية:
أ- الاعتماد على النصوص في التفسير.
ب- يبدأ في تفسير الآية بذكر المعنى العام لها ثم يذكر الآراء في ذلك.
ج- يذكر أسباب النزول حين يبين الأحكام المستنبطة من الآيات لأن معرفة السبب سبيل إلى معرفة المسبب.
د- ذكره للأحاديث وبيان رواتها ومن خرَّجها من أصحاب المصادر في مصنفاتهم.
هـ- إيراده للآراء والرد عليها، فابن كثير يورد الآراء في تفسير الآيات ويرجح أو يرد عليها.
و- ذكره للناسخ والمنسوخ لما لهذا الأمر من تبيين الحكم ومعرفة ما آل إليه، والعلم بهذا أمر ضروري لكل من يتصدى لكتاب الله - تعالى - في استبيانه معانيه وإيضاح أحكامه.
ز- تحذيره من أهل الكتاب والروايات الإسرائيلية.
ومع ذلك كله مما أشرنا إليه من حسنات هذا"التفسير"العظيم الشأن فإنه لم يسلم من بعض الانتقاد فيما يتصل بإيراده بعض الإسرائيليات، يضاف إلى ذلك عدم تحريه الاستيعاب لما نقل في تفسير بعض الآيات من كلام أهل اللغة، والكمال للَّه وحده.
مختصرات التفسير وملخصاته:
ونظراً لشهرة"تفسير ابن كثير"بين جماهير المسلمين واستحسانهم لمنهج مؤلِّفه بالإجمال، فقد اتجهت جهود عدد من العلماء في العصر الحديث نحو تلخيصه واختصاره.
1- وأول تلك الاختصارات هو"عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير"للعلاَّمة المحدِّث المحقّق للشيخ أحمد محمد شاكر المصري، المتوفى سنة 1377هـ= 1957م) ولكنه لم يكمل عمله في اختصاره ووصل فيه إلى قوله - تعالى -: ليُحقَّ الحَقَّ ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)(9) وهو ما يعدل ربع التفسير تقريباً، ولو أنه تممه لكان أحسن مختصراته دون شك وريب، ومع ذلك فهو عظيم النفع والفائدة على حاله التي تركه عليها، ونسأل الله - تعالى - أن يلهم أحد شيوخ العلم في هذا العصر إلى إتمام ما بدأ به العلاَّمة الشيخ أحمد محمد شاكر في اختصاره له وعلى منهجه.
2- وثاني تلك المختصرات أهمية مختصر الأستاذ الشيخ محمد نسيب الرفاعي الحلبي المتوفى سنة 1413هـ= 1992م) والمسمى"تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير"وتأتي أهميته من حرص مختصره على الإتيان بما هو صحيح من الروايات والأحاديث والآثار مما أورده ابن كثير"تفسيره"قدر الإمكان، يضاف إلى ذلك صفاء الرجل وبعده عن الشطط والمبالغة إلى حد بعيد، ويقع مختصره في أربع مجلدات.
3- وثالث تلك المختصرات أهمية مختصر الأستاذ محمد علي الصابوني ويقع في ثلاث مجلدات والمسمى"مختصر تفسير ابن كثير"وهو مختصر جيد لولا ما انتقد عليه من إيراد الكثير من الروايات الضعيفة.
طبعات تفسير ابن كثير:
لقد طبع"تفسير ابن كثير"طبعات عديدة في مصر ولبنان والسعودية، وكل طبعة من تلك الطبعات تمتاز عن غيرها بمزايا مختلفة، وبعضها أحسن من بعض بنسب مختلفة تتبع قيمة الجهود المبذولة فيها وحرص الناشر على إخراجها الإخراج الذي يليق بمثل هذا الكتاب العظيم.
الكـاتب : عبد الغني الغرابي
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
رد: ابن كثير وكتابه التفسير
يعطيك العافيه على الطرح المميز
جعله فى ميزان حسناتك يوم القيمه
دمت بحفظ الرحمن
جعله فى ميزان حسناتك يوم القيمه
دمت بحفظ الرحمن
التوقيع
_________________
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى