من دعا إلى ضلالة
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
من دعا إلى ضلالة
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
الدرس (025-101) : حديث من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه
1989-02-05
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
إليكم بياناً في شرح هذا الحديث :
أيها الأخوة المؤمنون، من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تحضُّ على فعل الخير، والتي تحض على هداية الناس، حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى, كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا, وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ, كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة في الصحيح]
الحقيقة: أن هذا الحديث، والنبي عليه الصلاة والسلام كما تعلمون، لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وما دام هذا الحديث الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، جاء به عن ربه، فيجب أن نستبشر أن كل من دعا إلى هدى؛ لو دعوت إنساناً إلى طاعة الله، أعماله كلها التي يفعلها في حياته, إنما يكتب لك أجر مثلها من غير أن ينقص أجره شيئا، فالإنسان حينما يتكلم، حينما يقنع الناس بشيء، حينما يوضح لهم فكرةً، حينما يغريهم بفعلٍ ما، هذا شيء خطير جداً، إن دعوتهم إلى معصية، هذه المعصية كتبت في صحيفتك، من فعلها إلى يوم القيامة، لأن الإنسان الذي دل عليها, سيتحمل إثم فاعلها، ومن فعلها بتوجيه فاعلها إلى يوم القيامة .
قد يبدو هذا الكلام مبالغاً فيه، ولكن كرم الله سبحانه وتعالى لا يعرفه عامة الناس، فمن أحيا نفساً, فكأنما أحيا الناس جميعاً، لو أن الله سبحانه وتعالى قدر على يديك, أن تنقذ إنسان من الضلال؛ كان ضالاً، كان تائهاً، كان حائراً، كان شقياً، كان منحرفاً، عرَّفته بالله عز وجل، حملته على طاعته، دللته على طريق التقرب إليه، فعل هذا الإنسان هذه التوجيهات, فسعد بالله، حينما أزمع أن يتزوج، بحث عن امرأة مؤمنة، أسس بيتاً إسلامية، جاءته ذريةٌ صالحة، زوَّج بناته من شباب مؤمنين، هذه الأسرة وما يَنْسُل منها من ذرية صالحة إلى يوم القيامة، وأعمال كل هذه الأسرة الصالحة في صحيفة التي دل الزوج على هذا الهدى .
فحينما تتاجر, لا تنسى أن ربح مئة بالمئة ربح فاحش، فما قولك إذا تاجرت مع الله عز وجل، فإن الأرباح التي سوف تأتيك, لا يمكن أن يعقلها إنسان، إن كل إنسان دعوته إلى الله، إن كل إنسان دللته على الخير، إن كل إنسان أغريته بطاعة الله، إن كل إنسان حملته على الاستقامة، إن كل إنسان نصحته بأن يقف عند حدود الله، إن كل مَن اتبع نصيحتك, وائتمر بأمر الله عز وجل، إن أعماله كلها في صحيفتك، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً .
فهل من الممكن مثلاً بالحياة العامة أن تدل إنسان على تجارة، وهذه التجارة تنمو وتنمو وتَنمو، فأصبح رصيد هذا الذي دللته على هذه التجارة مئة مليون، أيعقل في حياتنا العامة, أن يسجل لك في حسابك مائة مليون, من دون أن ينقص من حساب هذا التاجر, الذي دللته على هذه التجارة شيئاً؟ هذا شيء مستحيل، لو دللت عشرين تاجرًا على تجارة رابحة، أيعقل أن تسجل لك في صحيفتك في الحساب كل أرصدة هؤلاء التجار؟!! .
هذا الواقع، هذا الذي جاء به النبي، فهذا اللسان, قبل أن تغري إنسان أن يفعل هذه المعصية، قبل أن تغري إنسان أن يذهب إلى هذه النزهة التي لا ترضي الله، قبل أن تغري إنسانًا أن يسافر إلى هذا البلد، هل تدري ماذا سيكون في هذا السفر؟ لا تنصح أحداً إلا بالهدى، لا تنصح أحداً إلا بطاعة الله عز وجل، لا تدع أحداً إلا بخير، لأنك إذا دعوت إلى خير, كان لك مثل أجر هؤلاء الذين فعلوا الخير, من دون أن تنقص أجورهم شيئا, قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
[سورة الصف الآية: 10]
تجارة, قال تعالى:
﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
[سورة الصف الآية: 11]
لو أن الإنسان تجارته رابحة جداً، ومعه أرصدة كبيرة، إذا جاء ملك الموت ترك كل هذا المال، ولكنه إذا تاجر مع الله عز وجل, فإن أرباحه كلها تجيَّر له للآخرة، أرباحك في الدنيا تبقى في الدنيا، إذا غادر الإنسان البيت، يبقى ماله في البيت، ويرافقه الأهل إلى شفير القبر، بعض ممن يلوذ بك, يرافق المتوفى إلى شفير القبر، وبعض ممن يلوذ بالميت, يبقى في البيت، فإذا دخل إلى القبر, لا يدخل معه إلا عمله الصالح، المال يبقى في مكانه، له بناء، له أرض، له مزرعة، المال يبقى في مكانه، والمشيِّعون يقفون عند شفير القبر، ولا يدخل معه في القبر إلا عمله، إذا تاجرت مع الله عز وجل, إن كل الأرباح معفاةٌ من الضرائب، وسوف تنتقل معك إلى الدار الآخرة، فتسعد بها إلى الأبد، لهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((لا بورك لي في يومٍ لم أزدد فيه من الله قرباً))
((لا بورك لي في يومٍ لم أزدد فيه من الله علماً))
اليوم الذي يمضي من دون أن تتعرف إلى الله معرفة جديدة، ومن دون أن تعمل عملاً صالحًا, يكون لك زاداً لك في الآخرة، فهذا اليوم يوم خاسر، ولو رأيت الغلة كبيرة جداً، يوم خاسر، هذه السورة القصيرة:
﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾
[سورة العصر الآية: 1-3]
إذا خلا اليوم من معرفة بالله، وعمل صالح، ودعوة إليه، وصبر على الأذى، ففي هذا اليوم خسارة كبيرة .
إذاً: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى): ادعُه إلى كتاب الله، ادعه إلى سنة رسول الله، ادعه ليقف عند حدود الشرع، مر بالمعروف، انه عن المنكر، دله على مجلس علم، دله على عمل صالح يتقرب به من الله عز وجل، إن كل عمل يفعله هذا الذي دعوته في صحيفتك، ومثل هذا المبلغ يسجل في حساب فلان، ومثل هذا المبلغ يسجَّل في حساب فلان، إذا جاءك من فلان مبلغ، ومن فلان مبلغ، يصبح لك رصيدٌ كبير، لذلك أربح تجارة أن تتاجر مع الله، والله سبحانه وتعالى حينما تتاجر معه, يحب أن تربح عليه، بخلاف ما لو تاجرت مع إنسان, إذا تاجرت مع إنسان، فهذا الإنسان يحب أن يربح منك، ولكنك إذا تاجرت مع الله, فالله سبحانه وتعالى يحب أن تربح عليه، قال تعالى:
﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾
[سورة البقرة الآية: 245]
أضعافاً كثيرة، أرباح فاحشة، بالمائة مليون، بالمائة مائة مليون، بالمئة ألف مليون.
﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾
[سورة البقرة الآية: 245]
أيّ عمل صالح يعد قرضاً حسناً لله عز وجل .
سيدنا سعد بن أبي وقاص حينما قال:
((ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك, فأنا واحد من الناس، ما سمعت حديثاً من رسول الله, إلا علمت أنه حقٌ من الله تعالى))
وهذا حديث من رسول الله، فلنعلم علم اليقين: أنه حق من الله تعالى، لذلك دُل الناس على الخير، ادعهم إلى مجالس العلم، عرفهم بربهم، أعنهم، استجلب قلوبهم، ليِّن قلوبهم بالإحسان إليهم، ذلل طريق الهدى بإكرامهم، قدِّم لهم خدمة حقيقية، اخدمهم في دنياهم، حتى يستمعوا إليك، حتى يصغوا إليك، هذه التجارة الرابحة، هذه الصنعة صنعة الأنبياء، من أجرى الله على يديه الخير, فهذا عز عظيم، إذا أردت أن تعرف مقامك, فانظر فيما استعملك .
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
رد: من دعا إلى ضلالة
بصراحــه رائع جدا هذا الموضوع
بصراحه انت تمتلك ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى