في رحاب سورة النور
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
في رحاب سورة النور
في رحاب سورة النور - أ. د. ناصر العمر
في رحاب سورة النّور الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر | 28/1/1433 هـ سورة النُّور، سورة عظيمة جداً، قال الله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور:1]. يُشير إلى عظمتها هذا المطلع القويٌّ، وكلُّ سور القرآن عظيمة، ولا خيار لنا سوى العمل بالقرآن كلِّه، جملةً وتفصيلاً، ولكن اختيار سورة دون سورة، يكون مراعاةً لمناسبة ما، أو حالةٍ معينة، كما أنّ الاستشهاد بآيةٍ دون آية، يكون بحسب ما تقتضيه المناسبة، وكما هو معروف لدى الجميع، أنَّ القرآن نزل للسَّماء الدُّنيا دفعةً واحدةً، ثمَّ نزل منجَّماً على النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم، حسب الأحوال والوقائع. وهذه السُّورة تناقش وتعالج قضايا ومعاني عدَّة، منها:1- أنّها تضمّنت فيما يتعلقُ بتزكية قلب المؤمن، معانٍ دقيقة، لا نجدها في السُّور الأخرى التي تناولت التزكية.2- أنّها وقفت عند بيان الطَّيب والخبيث.3- أنها ذكرت المنافقين وأعمالهم ومواقفهم المخزية، تجاه الإسلام وأهله.4- أنّها ضبطت شؤون الأسرة، وخاصّةً أمر حجاب المرأة المسلمة، حيث المعركة دائرةٌ الآن؛ لتحرير المرأة من عفَّتها وطهارتها.5- أنها وقفت عند قضايا التَّثبت في الشَّهادة، كما ورد في حادثة الإفك. وفوق كلّ ذلك: يجيء في هذه السورة شرح معنى نورِ الله تعالى، وذلك عن طريق ضرب المثل، فيقول الله عزّ وجل: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} [النور:35]. فنور الله يغمر السَّموات والأرض. وقد يقول قائل: مادام نور الله في السَّموات والأرض، فلماذا نجدُ بعض القلوب قاتمة ومظلمة! نقول: إنَّ السَّبب هو وجود حجابٍ من قبل معاصي العبد، يحجب نور الله، فكما أنَّ الشَّمس في رابعة النَّهار، قد يحجب ضوءها سحب وغيوم، ولله المثل الأعلى، كذلك تحجب المعاصي والذنوبُ نور الله عزّ وجل من أن يلِجَ إلى قلبه، وفي قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} نجد كما قالوا: تشبيهاً للرُّؤية بالرُّؤية، لا تشبيهاً للمرئيِّ بالمرئيِّ، وهذه قاعدة معروفة، ذلك أنه لمَّا سأل الصحابةُ الرُّسول صلّى الله عليه وسلَّم، عن رؤية الله– جلَّ وعلا- يوم القيامة، كيف تكون؟ فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: "هل ترونَ القمر ليلة البدر؟ وهل تُضامُون في رؤيته؟" فقالوا: لا. فقال: "هو كذلك" متفق عليهٍ، فذلك من باب تشبيه الرُّؤية بالرُّؤية، لا من باب تشبيه المرئيِّ بالمرئيِّ، لأنَّه لا يمكن تشبيهُ الله -جلَّ وعلا- بشيء من مخلوقاته. الشَّاهد: أنَّ من وجد في قلبه قسوةً، وبغياً، وظلماً، فقد حُجب عن نور الله، وإلا فالله نور السَّموات والأرض، وكما أنّ الشَّمس في وسط النَّهار، قد يُحجب ضوؤها بشيءٍ ما عن بعض النّاس، رغم كونها تغمر كلّ أرجاء الأرض في كل مكان، كذلك قد يحول حجاب الذّنوب والمعاصي بين نور الله عزّ وجلّ وقلب الإنسان! فهذا المعنى الكبير الّذي تتضمنه سورة النور، يُشيع النور وروح التفاؤل في السورة كلّها، رغم أنها تناولت حادث الإفك، وواجهت مكايد المنافقين، وسعيهم لإشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلاميّ، وهي قضايا حدثت في زمن النبوة، ونعيشها الآن، واجهتها السورة وعالجتها بأحكامٍ قابلة للتجدُّد، وهذا يدلُّ دلالة واضحة، على أنَّ هذا القرآن مصلح لكلِّ زمان ومكان. وسُمِّيت السُّورة باسمٍ واحدٍ هو سورة النُّور، فلذا يجب ألا يفارق النُّور أعمالنا وتفكيرنا، وهذا هو التَّفاؤل المطلوب من المسلم، لأنَّ نور الإيمان الموجود في قلب المؤمن، يرشح على وجهه وجوارحه ومشاعره، فينتشر النُّور فيمن حوله، وفيمن يلوذ به. والنُّور مقابل الظَّلام، كيف نحوِّله إلى واقع، وليس مجرَّد تنظير؟ هذا ما ترسمه سورة النُّور من خلال آياتها؛ فنسأل الله ألا يحرمنا من هذا النُّور في الدُّنيا والآخرة. هذه السُّورةُ تُقيِّم حياتنا، وتدلُّنا على الطَّريق المستقيم، قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} [النور:63]. وقد شدَّد بعض العلماء في هذا المعنى، مستدلاً بهذه الآية، على لزوم النَّص الحرفيِّ لكتاب الله، وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، في المسائل الخلافيَّة، حرصاً على أمر الله الوارد في آية سورة النُّور.
نسأل الله التَّوفيق والعون والسَّداد.
في رحاب سورة النّور الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر | 28/1/1433 هـ سورة النُّور، سورة عظيمة جداً، قال الله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور:1]. يُشير إلى عظمتها هذا المطلع القويٌّ، وكلُّ سور القرآن عظيمة، ولا خيار لنا سوى العمل بالقرآن كلِّه، جملةً وتفصيلاً، ولكن اختيار سورة دون سورة، يكون مراعاةً لمناسبة ما، أو حالةٍ معينة، كما أنّ الاستشهاد بآيةٍ دون آية، يكون بحسب ما تقتضيه المناسبة، وكما هو معروف لدى الجميع، أنَّ القرآن نزل للسَّماء الدُّنيا دفعةً واحدةً، ثمَّ نزل منجَّماً على النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم، حسب الأحوال والوقائع. وهذه السُّورة تناقش وتعالج قضايا ومعاني عدَّة، منها:1- أنّها تضمّنت فيما يتعلقُ بتزكية قلب المؤمن، معانٍ دقيقة، لا نجدها في السُّور الأخرى التي تناولت التزكية.2- أنّها وقفت عند بيان الطَّيب والخبيث.3- أنها ذكرت المنافقين وأعمالهم ومواقفهم المخزية، تجاه الإسلام وأهله.4- أنّها ضبطت شؤون الأسرة، وخاصّةً أمر حجاب المرأة المسلمة، حيث المعركة دائرةٌ الآن؛ لتحرير المرأة من عفَّتها وطهارتها.5- أنها وقفت عند قضايا التَّثبت في الشَّهادة، كما ورد في حادثة الإفك. وفوق كلّ ذلك: يجيء في هذه السورة شرح معنى نورِ الله تعالى، وذلك عن طريق ضرب المثل، فيقول الله عزّ وجل: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} [النور:35]. فنور الله يغمر السَّموات والأرض. وقد يقول قائل: مادام نور الله في السَّموات والأرض، فلماذا نجدُ بعض القلوب قاتمة ومظلمة! نقول: إنَّ السَّبب هو وجود حجابٍ من قبل معاصي العبد، يحجب نور الله، فكما أنَّ الشَّمس في رابعة النَّهار، قد يحجب ضوءها سحب وغيوم، ولله المثل الأعلى، كذلك تحجب المعاصي والذنوبُ نور الله عزّ وجل من أن يلِجَ إلى قلبه، وفي قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} نجد كما قالوا: تشبيهاً للرُّؤية بالرُّؤية، لا تشبيهاً للمرئيِّ بالمرئيِّ، وهذه قاعدة معروفة، ذلك أنه لمَّا سأل الصحابةُ الرُّسول صلّى الله عليه وسلَّم، عن رؤية الله– جلَّ وعلا- يوم القيامة، كيف تكون؟ فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: "هل ترونَ القمر ليلة البدر؟ وهل تُضامُون في رؤيته؟" فقالوا: لا. فقال: "هو كذلك" متفق عليهٍ، فذلك من باب تشبيه الرُّؤية بالرُّؤية، لا من باب تشبيه المرئيِّ بالمرئيِّ، لأنَّه لا يمكن تشبيهُ الله -جلَّ وعلا- بشيء من مخلوقاته. الشَّاهد: أنَّ من وجد في قلبه قسوةً، وبغياً، وظلماً، فقد حُجب عن نور الله، وإلا فالله نور السَّموات والأرض، وكما أنّ الشَّمس في وسط النَّهار، قد يُحجب ضوؤها بشيءٍ ما عن بعض النّاس، رغم كونها تغمر كلّ أرجاء الأرض في كل مكان، كذلك قد يحول حجاب الذّنوب والمعاصي بين نور الله عزّ وجلّ وقلب الإنسان! فهذا المعنى الكبير الّذي تتضمنه سورة النور، يُشيع النور وروح التفاؤل في السورة كلّها، رغم أنها تناولت حادث الإفك، وواجهت مكايد المنافقين، وسعيهم لإشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلاميّ، وهي قضايا حدثت في زمن النبوة، ونعيشها الآن، واجهتها السورة وعالجتها بأحكامٍ قابلة للتجدُّد، وهذا يدلُّ دلالة واضحة، على أنَّ هذا القرآن مصلح لكلِّ زمان ومكان. وسُمِّيت السُّورة باسمٍ واحدٍ هو سورة النُّور، فلذا يجب ألا يفارق النُّور أعمالنا وتفكيرنا، وهذا هو التَّفاؤل المطلوب من المسلم، لأنَّ نور الإيمان الموجود في قلب المؤمن، يرشح على وجهه وجوارحه ومشاعره، فينتشر النُّور فيمن حوله، وفيمن يلوذ به. والنُّور مقابل الظَّلام، كيف نحوِّله إلى واقع، وليس مجرَّد تنظير؟ هذا ما ترسمه سورة النُّور من خلال آياتها؛ فنسأل الله ألا يحرمنا من هذا النُّور في الدُّنيا والآخرة. هذه السُّورةُ تُقيِّم حياتنا، وتدلُّنا على الطَّريق المستقيم، قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} [النور:63]. وقد شدَّد بعض العلماء في هذا المعنى، مستدلاً بهذه الآية، على لزوم النَّص الحرفيِّ لكتاب الله، وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، في المسائل الخلافيَّة، حرصاً على أمر الله الوارد في آية سورة النُّور.
نسأل الله التَّوفيق والعون والسَّداد.
رد: في رحاب سورة النور
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي .....!!
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي .....!!
MED - BOX HD- مدير ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 1156نقاط التميز : 1969
رد: في رحاب سورة النور
مشكور على الموضوع
سلمت يداك
بارك الله فيك
واصل ابداعك
سلمت يداك
بارك الله فيك
واصل ابداعك
هلال- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 23/08/2018المساهمات : 259نقاط التميز : 260
رد: في رحاب سورة النور
شكرا على الموضوع الرائعع
دمت فخرا للمنتدى
التوقيع
_________________
جودي- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/08/2018المساهمات : 321نقاط التميز : 353الجنس :العمر : 22الأبراج :
رد: في رحاب سورة النور
شكرا على الموضوع القيم
فؤاد- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 19/09/2018المساهمات : 282نقاط التميز : 282العمر : 24الأبراج :
رد: في رحاب سورة النور
صباحك // مساؤك .. أمواج فرح لا تجف ,,
تحية محملة بباقة ورد جورية ,,,
أهديك أياها
يعطيك العافيه طرح رائع وانت دائما رائع في طرحك .
أنتظر جديدك بكل الشوق والود ,,,
تقبل مروري المتواضع
تحية محملة بباقة ورد جورية ,,,
أهديك أياها
يعطيك العافيه طرح رائع وانت دائما رائع في طرحك .
أنتظر جديدك بكل الشوق والود ,,,
تقبل مروري المتواضع
يورى الأمورة- مراقب أقسام
- تاريخ التسجيل : 17/09/2018المساهمات : 66نقاط التميز : 72الجنس :العمر : 20الأبراج :
رد: في رحاب سورة النور
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
شيكاغو- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/09/2018المساهمات : 336نقاط التميز : 336الجنس :العمر : 22الأبراج :
رد: في رحاب سورة النور
بصراحــه رائع جدا هذا الموضوع
بصراحه انت تمتلك ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
رد: في رحاب سورة النور
موضوع مميز جدا شكرا لك
MasTar- عضو مميز
- تاريخ التسجيل : 26/10/2018المساهمات : 602نقاط التميز : 606الجنس :العمر : 23الأبراج :
رد: في رحاب سورة النور
بارك الله فيك وشكرا على المتابعة
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
مواضيع مماثلة
» في رحاب التوجيهات والوصايا النبوية
» ي رحاب التوجيهات والوصايا النبوية الشريفة
» لماذا نرى المكان بعد فترة من الوقت عند اطفاء النور ؟!
» نظارة ثورية تعيد النور لفاقدي البصر
» النائب الكوهجي: قانون البيئة بـ 129 مادة سيرى النور قريبا
» ي رحاب التوجيهات والوصايا النبوية الشريفة
» لماذا نرى المكان بعد فترة من الوقت عند اطفاء النور ؟!
» نظارة ثورية تعيد النور لفاقدي البصر
» النائب الكوهجي: قانون البيئة بـ 129 مادة سيرى النور قريبا
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى