الحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة
الحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة
مما يلتفت إليه طالب الحديث أيضًا: وجوب الحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وإشاعتها بالرواية بين الناس، أو العمل بها وبما فيها من أحكام وعظات، دون الرجوع إلى جهابذة الحديث والفقه والسنة الثقات الأعلام.
• أما الحديث الضعيف: فهو ما أخل بشرط من شروط القبول، ولا يقبل منه إلا بشروط شرطها أهل العلم، إذا لم يكن شديد الضعف، فإن جماعة من أهل الحديث أجازوا رواية الحديث الضعيف والعمل به في غير العقائد والأحكام، وممن قال بذلك: الإمام أحمد، وعبدالرحمن بن مهدي، وابن المبارك، وغيرهم. وقال بعض أهل العلم: ويجوز العمل بالحديث الضعيف، إذا لم يكن شديد الضعف والاضطراب، وإذا كان موافقًا أصلا شرعيًا صحيحًا، وإذا كان العمل به في فضائل الأعمال، وذهب فريق آخر منهم إلى منع العمل بالحديث الضعيف مطلقاً، سواء أكان شديد الضعف أو غير شديد، كما منعه الإمام أبو بكر بن العربي.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى": "ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب، وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروى حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً، ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع، فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب، ولكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا المجهول حاله" اهـ.
وقال العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله: "من أراد الاحتجاج بحديث من السنن أو المسانيد إن كان متأهلا لمعرفة ما يحتج به من غيره فلا يحتج به حتى ينظر في اتصال إسناده وأصول رواته، وإلا فإن وجد أحدًا من الأئمة صححه أو حسنه فله تقليده، وإلا فلا يحتج به".
وأما الحديث الموضوع:
إذا كان في إسناده كذاب أو متهم بالكذب، وقيل: الكذب المختلق المصنوع على النبي فذلك الموضوع، لأن في رواية هذه الأحاديث مخالفة صريحة لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في الصحيحين عن علي رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار». وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه مرفوعًا: «إن كذباً علي ليس ككذب على أحد، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار». وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين». قال الإمام النووي في "شرح مسلم": "إن تعمد وضع الحديث حرام بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع".
وقال الإمام أحمد عن المتعمد للكذب: "يفسق وترد شهادته وروايته ولو تاب وحسنت حالته تغليظاً عليه، وغالب الكذابين على النبي -صلى الله عليه وسلم- زنادقة".
وقال المناوي في "فيض القدير": "هذا وعيد شديد يفيد أن الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر"، وقال الذهبي: "وتعمد الكذب عليه من أكبر الكبائر، بل عده بعضهم من الكفر، وتعمد الكذب على الله ورسوله في تحريم حلال أو عكسه كفر محض".
وكذلك فإن بعض هذه الأحاديث تشتمل على منكرات تخالف صريح القرآن، وصحيح السنة الثابتة، وقد الإمام النووي رحمه الله "شرح مسلم":
"يحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعًا، أو غلب على ظنه وضعه. فمن روى حديثًا علم أو ظن وضعه ولم يبين حال روايته ووضعه فهو داخل في هذا الوعيد، مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه أيضًا الحديث السابق: "من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".
ولهذا قال العلماء: ينبغي لمن أراد رواية حديث أو ذكره أن ينظر؛ فإن كان صحيحًا أو حسنًا قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كذا، أو فعله، أو نحو ذلك من صيغ الجزم. وإن كان ضعيفاً فلا يقل: قال أو فعل أو أمر أو نهى وشبه ذلك من صيغ الجزم، بل يقول: رُوي عنه كذا، أو جاء عنه كذا، أو يروى أو يُذكر أو يُحكى أو يُقال أو بلغنا وما أشبهه. والله سبحانه أعلم " .
وقد تكلم أهل العلم على العلامات التي يعرف بها الحديث الموضوع من غيره فمن ذلك ما قال ابن القيم رحمه الله في "المنار المنيف": "اشتماله على المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: وهي كثيرة جدًا، كقوله في الحديث المكذوب: "من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرًا له سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة، يستغفرون الله له"، وأمثال هذه المجازفات الباردة، التي لا يخلو حال واضعها من أحد أمرين: إما أن يكون في غاية الجهل والحمق، وإما أن يكون زنديقًا قصد التنقيص بالرسول بإضافة مثل هذه الكلمات إليه".
وقال أيضًا: "أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء، فضلاً عن كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي هو وحي يوحى، كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَن الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ أي: وما نطقه إلا وحي يوحى، فيكون الحديث مما لا يشبه الوحي، بل لا يشبه كلام الصحابة: كحديث: "ثلاثة تزيد في البصر: النظر إلى الخضرة والماء الجاري والوجه الحسن".
وقال أيضًا: "ركاكة ألفاظ الحديث، وسماجتها، بحيث يمجها السمع، ويدفعها الطبع، ويسمج معناها للفطن: كحديث: "أربع لا تشبع من أربع: أنثى من ذكر، وأرض من مطر، وعين من نظر، وأذن من خبر".
ويقول الحافظ ابن حجر في "النكت":
"ومن جملة القرائن الدالة على الوضع الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير، وهذا كثير موجود في حديث القصاص والطرقية".
فطالب حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – يحذر مما ذكرنا أشد الحذر، لأنه تحمل أمانة العلم والتبليغ عن الله ورسوله، ولأن في ذلك صيانة للعلم والشريعة، وأداء للأمانة التي حملها، وإذا تعذر عليه معرفة الحديث الضعيف أو الموضوع، وتمييزه من الصحيح والحسن، فيمكنه الرجوع إلى كتب أهل العلم المشهورة، وأحبارهم المسطورة، التي جمعوا فيها الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة المشتهرة على ألسنة الناس، ومن ذلك: كتاب الإمام الشوكاني: "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة"، والإمام الألباني "السلسلة الضعيفة والموضوعة"، والإمام السيوطي: "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة"، وكتاب "الموضوعات"، و"العلل المتناهية" لابن الجوزي، و"المنار المنيف" لابن القيم، وغيرها من المصنفات. وإن العودة والمطالعة الدائبة في هذه التصانيف الماتعة، لتعطي للطالب ملكة ودربة عالية، في معرفة وتمييز الحديث الموضوع والباطل، من الصحيح المقبول، قال الإمام الذهبي - رحمه الله -:
"فبالله عليك إذا كان الإكثار من الحديث في دولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كانوا يُمنَعون منه مع صدقهم وعدالتهم وعدم الأسانيد - بل هو غَضٌّ لم يشب -، فما ظنك بالإكثار من رواية الغرائب والمناكير في زماننا، مع طول الأسانيد وكثرة الوهم والغلط؟! فبالحري أن نزجر القوم عنه، فيا ليتهم يقتصرون على رواية الغريب والضعيف، بل يروون - والله - الموضوعات والأباطيل والمستحيل في الأصول والفروع والملاحم والزهد، نسأل الله العافية. فمن روى ذلك مع علمه ببطلانه وغَرَّ المؤمنين: فهذا ظالمٌ لنفسِهِ، جانٍ على السُّنَنِ والآثار، يُستَتاب من ذلك، فإن أناب وأقْصَر وإلا فهو فاسقٌ، كفى به إثماً أن يحدِّثَ بكلِّ ما سمِع، وإن هو لم يعلم: فليتورّع، وليستعِن بمن يُعينُهُ على تنقية مروياته، نسأل الله العافية. فلقد عَمَّ البلاء، وشمَلت الغفلة، ودخل الدّاخل على المحدّثين الذين يَرْكَنُ إليهِم المسلمون، فلا عتبى على الفقهاء وأهل الكلام".
المصدر / الالوكه
MarYam- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1419نقاط التميز : 2107الجنس :العمر : 37الأبراج :
مواضيع مماثلة
» لاصحاب الاجهزة الضعيفة نسخة خام win xp sp2 english iso
» طرق تخريج الأحاديث ودراستها
» طرق تخريج الأحاديث ودراستها
» طرق تخريج الأحاديث ودراستها
» windows 7 starter لأصحاب الحواسب الضعيفة يعمل بامتياز
» طرق تخريج الأحاديث ودراستها
» طرق تخريج الأحاديث ودراستها
» طرق تخريج الأحاديث ودراستها
» windows 7 starter لأصحاب الحواسب الضعيفة يعمل بامتياز
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى