الذوق في تطبيق السنة
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الذوق في تطبيق السنة
الذوق في تطبيق السنة
الكـاتب : محمد بن إبراهيم الحمد
قرأت كلمة في الشرح الممتع (3/90) لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين وهي قوله: "لا ينبغي للإنسان أن يفعل سُنَّة يؤذي بها غيره".
وهذه الكلمة الجميلة الرائعة من ذلك العالم الرباني تحمل في طياتها معانيَ تربويةً في تطبيق السنة النبوية. فالحرص على تطبيق السنة، والاقتداء بسيد الخلق -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- خصلةٌ عظيمةٌ، ومنقبةٌ جليلةٌ، تُنال بها الدرجات العلى، ويُتَقَرَّبُ بها إلى الله زلفى. وكلما زاد الحرص على تطبيق السنة كان ذلك أقرب إلى الكمال.
ولكن ثَمت مسألةٌ يحسن التنبه لها في ذلك الشأن، ألا وهي مسألة الذوق في تطبيق السنة، وذلك بأن تكون على بال الحريص على تطبيقها؛ حتى لا يَجْعَلَ من السنة ذريعةً لأذية الآخرين، أو تنفيرهم من الدين.
فمن الأمثلة على ذلك الحرصُ على السواك؛ ففي ذلك اقتداء، وحصول ثواب. ولكن لا ينبغي أن يترتب على ذلك أذية الآخرين بإصدار أصوات مزعجة، أو حركات مؤذية.
وكذلك الحال في عبادات الحج؛ كرمي الجمار، وتقبيل الحجر الأسود، وما جرى مجرى ذلك من العبادات التي يكثر عندها الزحام؛ فيحتاج المؤمن إلى استشعار روح العبادة، واستحضار روح الأُخُوَّة الإسلامية؛ فيحرص على تطبيق السنة، ويحرص -كذلك- على رعاية حقوق إخوانه، فيحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه؛ فإذا ترتب على فعل السنة المستحبة أذيةٌ فقد يكون تركها أولى.
وقل مثل ذلك في شأن تسوية الصفوف للصلاة، فتجد من الناس من يبالغ في ذلك، ويؤذي من بجانبه؛ بحجة الرغبة في تحاذي المناكب والأكعب، وربما عبس في وجه أخيه المسلم في الصلاة، وربما نهره إذا رأى منه توانياً في الاستجابة.
وكذلك الحال بالنسبة في سد الفُرج؛ فهو محمود؛ ولكن يتقدم إلى الصف الذي أمامه، وليس فيه فرجة، فيزاحم من أمامه، ويضيق عليهم حتى يوجدوا له فرجة.
ولا ريب أن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، ولكن لا يحسن أن تتم الصلاة بتكدير النفوس، وتنافر القلوب. وإنما تكون بلطف، وأدب، وذوق، لا أن تكون بإلغاء مَقْصِدٍ من أعظم مقاصد أداء الصلاة جماعة، ألا وهو تقارب القلوب، وزيادة المودة. وكذلك الحال بالنسبة لبعض الأئمة الذين يرغبون في تسوية صفوف جماعة مساجدهم، فهم مشكورون مأجورون في ذلك.
ولكن يحسن بهم أن يتدرجوا في ذلك، وأن يراعوا حال الجماعة، وخصوصاً كبار السن، والغرباء، فيجمل بالأئمة أن يحرصوا على تقوية الروابط معهم، وعلى ترغيبهم في السنة، وعلى ملاقاتهم بوجه طلق، ولسان رطب، وراحة كريمة، وأمرٍ بلطف، ونهيٍ بلا عنف؛ فذلك مما يرغب الناس بالسنة، ويزيدهم إقبالاً عليها.
وقل مثل ذلك في السلام؛ فقد يبذل بعض الناس التحية، فيُلقي السلام على إخوانه المسلمين، ولكن قد يكون ذلك مصحوباً بشيء من العبوس، وتقطيب الجبين، وخشونة العبارة؛ فيتمنى المُسَلَّمُ عليه أنَّ صاحبه لم يبادرْهُ بالتحية. ولو كان السلام مصحوباً بابتسامةٍ مشرقة، وراحةٍ كريمة، وعبارة ليِّنة لكان ذلك أجدى نفعاً، وأعظمَ ثواباً.
وقل مثل ذلك في رد السلام، فقد يُسَلِّم إنسان على أخيه، فيردُّ المُسَلَّم عليه السلام، ويظن أنه قد قضى حق التحية بمجرد الرد دون النظر إلى طريقته وأسلوبه؛ فقد يكون الرد مصحوباً بشيء من الجفاء، والكزازة؛ فيتمنى المسلِّم أنه لم يبدأ بالسلام.
واللائق أن تُقابَلَ التحيةُ بأحسن منها أو مثلها، وذلك بمقابلة المسلِّم بمزيد بشاشةٍ وإقبال، أو أن يُقَابَلَ المُسَلِّمُ -في الأقل- بمثل ما جاد به.
وكذلك الحال بالنسبة لبذل النصيحة، والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإكرام الضيف، ومعاملة الوالدين، وغير ذلك مما لا يمكن حصرُه مما يُحْتاج في القيام به إلى شيء من الذوق واللطافة.
الكـاتب : محمد بن إبراهيم الحمد
قرأت كلمة في الشرح الممتع (3/90) لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين وهي قوله: "لا ينبغي للإنسان أن يفعل سُنَّة يؤذي بها غيره".
وهذه الكلمة الجميلة الرائعة من ذلك العالم الرباني تحمل في طياتها معانيَ تربويةً في تطبيق السنة النبوية. فالحرص على تطبيق السنة، والاقتداء بسيد الخلق -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- خصلةٌ عظيمةٌ، ومنقبةٌ جليلةٌ، تُنال بها الدرجات العلى، ويُتَقَرَّبُ بها إلى الله زلفى. وكلما زاد الحرص على تطبيق السنة كان ذلك أقرب إلى الكمال.
ولكن ثَمت مسألةٌ يحسن التنبه لها في ذلك الشأن، ألا وهي مسألة الذوق في تطبيق السنة، وذلك بأن تكون على بال الحريص على تطبيقها؛ حتى لا يَجْعَلَ من السنة ذريعةً لأذية الآخرين، أو تنفيرهم من الدين.
فمن الأمثلة على ذلك الحرصُ على السواك؛ ففي ذلك اقتداء، وحصول ثواب. ولكن لا ينبغي أن يترتب على ذلك أذية الآخرين بإصدار أصوات مزعجة، أو حركات مؤذية.
وكذلك الحال في عبادات الحج؛ كرمي الجمار، وتقبيل الحجر الأسود، وما جرى مجرى ذلك من العبادات التي يكثر عندها الزحام؛ فيحتاج المؤمن إلى استشعار روح العبادة، واستحضار روح الأُخُوَّة الإسلامية؛ فيحرص على تطبيق السنة، ويحرص -كذلك- على رعاية حقوق إخوانه، فيحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه؛ فإذا ترتب على فعل السنة المستحبة أذيةٌ فقد يكون تركها أولى.
وقل مثل ذلك في شأن تسوية الصفوف للصلاة، فتجد من الناس من يبالغ في ذلك، ويؤذي من بجانبه؛ بحجة الرغبة في تحاذي المناكب والأكعب، وربما عبس في وجه أخيه المسلم في الصلاة، وربما نهره إذا رأى منه توانياً في الاستجابة.
وكذلك الحال بالنسبة في سد الفُرج؛ فهو محمود؛ ولكن يتقدم إلى الصف الذي أمامه، وليس فيه فرجة، فيزاحم من أمامه، ويضيق عليهم حتى يوجدوا له فرجة.
ولا ريب أن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، ولكن لا يحسن أن تتم الصلاة بتكدير النفوس، وتنافر القلوب. وإنما تكون بلطف، وأدب، وذوق، لا أن تكون بإلغاء مَقْصِدٍ من أعظم مقاصد أداء الصلاة جماعة، ألا وهو تقارب القلوب، وزيادة المودة. وكذلك الحال بالنسبة لبعض الأئمة الذين يرغبون في تسوية صفوف جماعة مساجدهم، فهم مشكورون مأجورون في ذلك.
ولكن يحسن بهم أن يتدرجوا في ذلك، وأن يراعوا حال الجماعة، وخصوصاً كبار السن، والغرباء، فيجمل بالأئمة أن يحرصوا على تقوية الروابط معهم، وعلى ترغيبهم في السنة، وعلى ملاقاتهم بوجه طلق، ولسان رطب، وراحة كريمة، وأمرٍ بلطف، ونهيٍ بلا عنف؛ فذلك مما يرغب الناس بالسنة، ويزيدهم إقبالاً عليها.
وقل مثل ذلك في السلام؛ فقد يبذل بعض الناس التحية، فيُلقي السلام على إخوانه المسلمين، ولكن قد يكون ذلك مصحوباً بشيء من العبوس، وتقطيب الجبين، وخشونة العبارة؛ فيتمنى المُسَلَّمُ عليه أنَّ صاحبه لم يبادرْهُ بالتحية. ولو كان السلام مصحوباً بابتسامةٍ مشرقة، وراحةٍ كريمة، وعبارة ليِّنة لكان ذلك أجدى نفعاً، وأعظمَ ثواباً.
وقل مثل ذلك في رد السلام، فقد يُسَلِّم إنسان على أخيه، فيردُّ المُسَلَّم عليه السلام، ويظن أنه قد قضى حق التحية بمجرد الرد دون النظر إلى طريقته وأسلوبه؛ فقد يكون الرد مصحوباً بشيء من الجفاء، والكزازة؛ فيتمنى المسلِّم أنه لم يبدأ بالسلام.
واللائق أن تُقابَلَ التحيةُ بأحسن منها أو مثلها، وذلك بمقابلة المسلِّم بمزيد بشاشةٍ وإقبال، أو أن يُقَابَلَ المُسَلِّمُ -في الأقل- بمثل ما جاد به.
وكذلك الحال بالنسبة لبذل النصيحة، والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإكرام الضيف، ومعاملة الوالدين، وغير ذلك مما لا يمكن حصرُه مما يُحْتاج في القيام به إلى شيء من الذوق واللطافة.
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ- نجم ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3052نقاط التميز : 5482الجنس :العمر : 25الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
شكرا على هذا الموضوع المميز
وهذه المعلومات القيمة والمفيدة
واصل التألق موفق إن شاء الله
وهذه المعلومات القيمة والمفيدة
واصل التألق موفق إن شاء الله
MarYam- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1419نقاط التميز : 2107الجنس :العمر : 37الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
كل الشكر لكـِ لهذا الموضوع
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى
New Post- مديرة ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 4133نقاط التميز : 6472الجنس :العمر : 25الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
مشكور على الموضوع الرائع
اتمنى لك المزيد من التالق والتميز
في سماء منتدانا الغالي
تقبل اجمل وارق التحيات
اتمنى لك المزيد من التالق والتميز
في سماء منتدانا الغالي
تقبل اجمل وارق التحيات
الإمبراطور- مراقب الرياضة العالمية
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3647نقاط التميز : 8215الجنس :العمر : 31الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
موضوع قيم ومميز
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى
تقبل تحياتي
موضوع قيم ومميز
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى
تقبل تحياتي
Nabil LacRiM- مراقب الكمبيوتر والانترنت
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 2639نقاط التميز : 4581الجنس :العمر : 28الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
مزيدا من البذل والعطاء
بارك الله فيكم جميعا وجزاكم الله خير الجزاء
تحياتي وتقديري للجميع
دمتم بألف خير
بارك الله فيكم جميعا وجزاكم الله خير الجزاء
تحياتي وتقديري للجميع
دمتم بألف خير
شموخ القوافي- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1461نقاط التميز : 1687الجنس :العمر : 32الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
شكرا جزيلا على المتابعة
بارك الله فيك
بارك الله فيك
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
رد: الذوق في تطبيق السنة
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
نجمة الكون- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1437نقاط التميز : 2154الجنس :العمر : 30الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
بـارك الله فيك
professeur- مراقب المنتدى
- تاريخ التسجيل : 31/08/2018المساهمات : 1825نقاط التميز : 3849العمر : 35الأبراج :
رد: الذوق في تطبيق السنة
كل الشكر لكـِ لهذا الموضوع
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى
القلب النابض- مشرف الهواتف والفضائيات
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1634نقاط التميز : 3364الجنس :العمر : 26الأبراج :
مواضيع مماثلة
» "الشعرى" نجم السنة الجديدة يزين قبة السماء بليل رأس السنة حتى الفجر
» من حدائق الذوق في المحادثة
» من وحي السنة
» من وحي السنة
» اذكار من السنة
» من حدائق الذوق في المحادثة
» من وحي السنة
» من وحي السنة
» اذكار من السنة
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى