حرب الأقدار ... رواية فانتازية *خيالية *

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

حرب الأقدار ... رواية فانتازية *خيالية *

مُساهمة من طرف New Post الأربعاء سبتمبر 05, 2018 12:09 am


الجزء الاول:



أنه يوم ٱخر، من مملكة مزهرة مثمرة، تستقطب السياح من كل بقاع الارض، منهم من يأتي للعمل هنا، منهم من يفضل ممارسة تجارته في هذا السوق، و هو أكبر سوق و جد على هذه الأرض..و منهم من يأتي فقط للاستجمام و الراحة، و قضاء عطلته في هذه البلاد الساكنة..

هذا ما يعتقده البعض، و يتمنوا لو كانوا سكانها الأصليين.. دعوني اخبركم من اكون، انا قيس، اعيش في هذه القرية الصغيرة مع والدتي، التي تمضي وقتها بجمع الحطب و بيعه لتجلب لنا قوت عيشنا، بعدما اختفى والدي منذ أول يوم لي في هذه الحياة..

و معي صديقي هانئ، نحن ايضا نعمل، لنمكن عائلاتنا من دفع الضريبة السنوية التي تفرضها العائلة الملكية على كل سكان البلاد، معي هنا بعض أرغفة الخبز و أمور أخرى علي بيعها كلها قبل المساء..

يمكنكم أن تروا أن الحياة هنا ليست حلما كما يعتقده البعض.. لكن هناك أمر واحد يجعلني اتمسك بهذه الحياة.. أنه ليس غريبا، أنه العلم! نعم فأنا أريد أن أكبر برصيد معرفي يساعدني على مواجهة قسوة العيش هنا.. و ربما انتقل انا ووالدتي لبلاد أخرى تكون أكثر عدلا! كم أطمح لذلك اليوم! و لا أراه بعيدا ابدا! نعم فكل هذا بفضل معلمي الحكيم!

لا بدّ من انكم تتساءلون من يكون، حتى انا لا اعرف كثيرا عنه غير أنه يمضي حياته سجينا في أحد الكهوف، و لا أحد يعرف عن أمره شيئا

غيري انا و هانئ ، أنه "الحكيم هارون".. لقد تعلمنا منه أمورا كثيرة..منذ أكثر من سنتين..

اترون هذه التحفة العظيمة الملتوية، أنه تمثال لاجمل نبتة على وجه الارض، و قد اتخذت رمزا لهذه البلاد..منذ زمن بعيد يقال بأنها لا تموت ابدا، فاتخذها الناس رمزا للخلود و البقاء، كما ترون هؤلاءالاشخاص حولها يتبركون بها و يتضرعون لها، لتشفيهم من امراضهم و تعيد لهم أرواح موتاهم..

للأسف أمي أيضا تأتي إلى هنا لتدعو لأبي ربما يعود لها يوما، لكن بالنسبة لي.. لقد أخبرنا الحكيم بأن هذا ليس إلا كذب و خرافة، و إن هذه النبتة ليست قادرة على فعل شيء مما يريدون، بل انها تموت ما أن يلمسها انسان ما.. و هذا التمثال اترونه؟ أنه لرجل وجد منذ زمن بعيد، يبدو كفارس في غاية الوسامة و هو يقدم سيفه أمامه في حركة اسطورية، تأتي إليه النساء من كل الأقطاب طلبا للرزق و الزواج، خاصة لمعالجة مشاكل العقر و الحصول على أطفال..

إلا أن الحكيم حذرنا من الاصغاء لمثل هذه الاكاذيب، أخبرنا بأنه ليس إلا رجلا عاديا مثلنا خلده الناس لبضعة انجازات قام بها..

لا بدّ من انكم تتساءلون ايضا لم كل هذا الهرج و المرج، حراس القصر يعبرون الطريق، و يجهزون المكان بكل الإعلام و الاضواء، و الناس ملتفين في كل مكان متلهفين لهذا الحدث، كلمة الملك المقدس! سيمر بعد قليل مع وزيره و مستشاره الاول و برفقة الأميرة الصغيرة.. كما يقام في هذا اليوم مسابقة لجميع سكان المملكة خاصة الشباب و الفتيات في مقتبل العمر, و هي لأجمل فتاة في المملكة و أقوى شاب فيها.. فترى الفتيات في كامل أناقتهن و زينتهن يتقدمن منصة الحكام و يتباهين بجمالهن.. أما الشباب, فيقومون طوال العام بعدة أشواط يتم فيها اختيار أقوى مترشحين, ليلتقيا في المرحلة الأخيرة في هذا اليوم و يتواجها خصما لخصم..انه ليوم فريد حقا..

هانئ: قيس..تعال اللى هنا اسرع! لقد وجدت مكانا رائعا للمتابعة!

قيس: هل أحضرت معك مرٱة؟

هانئ: انها معي! فقط تعال!

و ما هي إلا لحظات حتى ارتفعت أصوات الطبول و قرعت الاجراس في كل مكان، فيما لوحظ من بعيد تقدم الحرس بأحصنتهم في حركة استعراضية خلفها تسير ببطء عربة الملك و الأميرة ، و قد انحنى الجميع بما فيهم قيس و هانئ،هكذا هي الأوامر الملكية .. و لا يجوز مخالفتها، فهم بالنسبة للجميع الملائكة المقدسة, المخيرة من الروح السماوية، و كل من يتنكر لها، تقطع رأسه.

قيس بصوت منخفض: وجه مرٱتك..لمرآتي و راقب

هانى :حسنا..اوه انظر الى الأميرة..انها بشعة !!و ليست جميلة أبدا كما يدعون !
قيس : تماما..يبدو ان المعلم الحكيم لم يخطء ابدا عندما قال انهم بشر عاديون و لا حاجة لتقديسهم
*
في الجهة الأخرى من الطريق, حيث لم يصل بعد ذلك الموكب, تقدم بهدوء وسط ذلك الجمع الذي يهتف و يهلل بفارغ الصبر لقدوم الملك..لقد كانت سنة قاسية و عسيرة في ذلك الكهف, رغم أنه أمضى أكثر من خمس مئة عام داخله.. في كل عام يخرج مرة واحدة فقط, فرصة يغتنمها لرؤية ما اذا كان ذلك الانسان الشيطاني ! قد رافق الملك في جولته ام لا, ليعلم اذا ما كانت الأمور ستتخذ موازينها كما هو مقرر أم لا..
لفت انتباهه فجأة صراخ أمرأة مسكينة تبدو في العقد الثالث من عمرها, و علي وجهها كل علامات الفقر المدقع..و لكن ذلك لم يخف جمالها بشعرها الاسود القاتم و عينيها الليليتان، و قد دفعها الحارس بقوة فسقطت بركة ماء و ابتلت ثيابها و هي تصرخ: دعني اجلب نقودي! لقد سقطت مني

الحارس ببرودة: أنه ممر الملك و لئن اقتربت مرة أخرى لن تفلتي من العقاب!

اقترب ذلك الرجل بردائه الذي غطى رأسه و كل جسده: ألا تخجل من نفسك تتعرض لها و هي امرأة ضعيفة لا حول لها و لا قوة!

الحارس: ماذا؟ اعد ما قلت ليزج بكما معا في الزنزانة!!

الرجل صاحب الرداء و هو يساعد المرأة في النهوض و قد نظر لوجهها فلم تبد ملامحها غريبة عنه ابدا، و قد بدت قريبة جدا من ملامح أحد أصدقائه التلاميذ، فقال: لا تلق بالا له..

المرأة: نعم..شكرا لك سيدي..

*
قيس: اسرع يا هانئ يبدو أننا تأخرنا كثيرا.
هانئ: حسنا..انا اسرع..انتظرني..
وسط تلك الغابة الكثيفة، يتقدم قيس بسرعة خلفه هانئ إلى أن وصلا لكهف متهاو، دخلاه و القيا التحية..
فردها الحكيم هارون، الذي لم يكن سوى صاحب الرداء: اهلا بكم أصدقائي..كيف كان يومكم؟!
قيس: اه..كثير من الصخب!
هانئ: لقد تمكنا من رؤية الأميرة! تبا..شخص بمثل ذلك القبح لا يمكن ابدا ان يكون ملاكا! و لا حتى أميرا!
هارون: ههه..لا تقل هذا، لقد خلقت هكذا و هذا ليس ذنبها
قيس: قلي يا معلم، إلا زالت ٱثار السحر عليك و لا تستطيع الخروج من هنا؟
هارون بخطوات هادئة رزينة: ليس بعد..يوما ما و قريبا باذن الله، سنظهر و نجعل من بلدنا بلد الخير و العدل
قيس بضحكة طفولية: تتحدث كأننا سنكون أبطالا اسطوريين ههه
هارون في نفسه: و هو كذلك..عندما تنكشف الستائر..

*
هانئ و هو يدق الباب: قيس! قيس! هيا افتح!
و بعد مدة فتح قيس الباب بملامح حزينة، فقال هانئ: ما بك؟ اتريدنا أن تتأخر عن عملنا و لا نعود للمعلم حتى الليل؟!
قيس بصوت بائس: لن ٱتي معك..أمي مريضة..
هانئ: اه حقا؟ انا ٱسف..
قيس: لا عليك..لقد أصيبت بنزلة برد بعدما سقطت على بركة ماء شديدة البرودة..
هانئ: دعني اراها
دخل هانئ ذلك البيت الصغير ولمح والدة قيس مستلقية على السرير في تعب شديد
هانئ: شافاك الله يا خالة
الأم: أمين..شكرا لك يا صغيري..
اقترب قيس و هو يحمل كوب شاي، فقالت له: لا عليك بني..اذهب و اعمل مع صديقك لا تضيع وقتك
قيس: لكن..من سيهتم بك؟
الام : ساكون بخير لا تقلق
قيس: ثم إنه لا يوجد اي خبز معي لبيعه..
الام: اذهب و اجلب الحطب اذن..لكن لا تبتعد كثيرا! اجلب ما تيسر لك و لا تقترب من ضفة النهر ففيها دببة و حيوانات اخرى..
قيس: لا تقلقي ! يمكنك الاعتماد علي!!
الام: وفقك الله عزيزي

*
اتجه كل منهما في طريقه، هانئ ليبيع كعادته، أما قيس فاتخذ طريقه للغابة، و قد كانت طريقا أخرى غير التي يتبعها للقاء هارون..
فجأة، استوقفه صوت غريب قادم من الناحية الأخرى.. تردد قليلا في الذهاب نحوه، إلا أنه أخيرا قرر الذهاب و رؤية ما يحدث..
اختبأ وراء شجرة قريبة، و أخذ يصغي بهدوء تام، كانت الطبول تقرع بقوة حول تلك النار الملتهبة في الوسط، و رجال حولها يرقصون و قد غابوا عن الوعي و ٱخرون يرددون تعاويذ غريبة:تعال هيا! انزل هذه الليلة و اشعل فتيلك في كل القلوب التائهة! و أنر طريقنا أمام مفاتيحك المقدسة! انزل بضربة ربانية و افتح اكوانا لم يسبق لبشر أن رٱها و لا ملائكة..
بقي قيس يترقب في صمت و هو لا يفهم كلمة مما قالوا، و لا شيءا عن هذه الاكوان و المفاتيح..
و ما هي إلا لحظات حتى جاؤوا برجل و فتاة مكبلين و قد غطت عيونها و افواههما، لم يكن صعبا على قيس التعرف عليهما، لقد كانا الفائزين بتلك المسابقة..فتقدم أحد أولئك الرجال و سقط على ركبتيه و هو يتضرع و يستصرخ: قدمنا بما عندنا، و خير ما عندنا روحين من إجمل ارواحنا سنقتلع منهما نجاستهما..
و سيكونان خالصين لك وحدك..

فتكلفت مجموعة بذبحهما و ربطهما على عمودين طويلين، و اقتلعوا رجليهما بسكينين حادين ثم رموا الرجلين و السكينين في النار وسط صرخات الحاضرين فيما قيس يراقب بذهول غير مصدق ما يجري!
فتابعوا غناءهم و تهليلاتهم منتظرين نزول كل الدم من قدمي الشاب و الفتاة، و بعضهم يلتقطه في كأس و يوزعه على البقية فيشربون و يرمون ما تبقى في النار، ثم أخذوا في انتزاع اظافرهما بكلاليب حديدية و سلخ جلديهما، و رموا بجسديهما على النار و قد ازداد لهيبها، أما جلودهما فأخذوا في تعليقها و كتابة طلاسم غريبة عليها..
لم يحتمل قيس ما رأى وعلامات الدهشة و الصدمة تغطي وجهه، فانصرف مباشرة دون ان ينطق بكلمة واحدة

*
و في المساء ، بعدما انتهى هارون من حديثه معهم، غادر هانئ و بقي قيس وحده معه،
هارون: لم لم تذهب مع صديقك؟
قيس بعد تردد: هناك أمر اريد ان اطلعك عليه..
هارون باستغراب: اي امر؟ قل لي..
قيس بتوتر: اليوم في الصباح الباكر، ذهبت لجمع بعض الحطب.. لكنني تفاجأت بمجموعة أشخاص..
و روى له قيس كل ما حدث..فصمت هارون لعدة لحظات بدا غارقا في تفكيره، ثم تنهد بهدوء و قال: اسمع..سأخبرك أمرا..و ما سأقوله سيبقى سرا بيننا فقط مفهوم
اومأ قيس برأسه,

فتابع هارون: لعل هناك كثيرا من الأمور تبدو لك غريبة و غير منطقية..ادعاء العائلة الملكية و ثروات هذه البلاد التي يجهل الجميع مٱلها..عليك أن تعلم أن هناك مكانا ما في الارض، و بالتحديد في هذه المملكة، فيه توجد كل مقاليد القوى القادرة على اخضاعكم، و هي بيد أشخاص ٱخرين غير الملك الذي يدعي القدسية ليفعل ما يريد دون اعتراض منكم..ذلك المكان عبارة عن كهف في أحد الجبال، تحرسه تلك النبتة التي يظنونها مخلدة..إلا أنها ما أن تتمكن من الاقتراب منها دون خوف و اخذ ريشة الحبر في فمها حتى تختفي كرماد منثور ..و خلفها يوجد سبعة ابواب، لا اعرف كثيرا عنها إذ لم يسبق لي أن دخلتها يوما، لكن كل ما أعرفه أن لكل باب كونا عجيبا..الباب الأول به الشيطان ٱذيوس، يطلقون عليه شيطان القوة، و هو يمنحهم القوة لفعل ما يريدون، الباب الثاني هو باب الفقر، و هي بلاد شديدة الفقر قاحلة تتميز باشواكها و شمسها النارية شديدة الحرارة في قطب، و القطب الٱخر شديد البرودة..الباب الثالث اسمه باب الجنة، و هو بعكس الذي قبله كون زاهر فيه من كل الاشجار و الثمرات ما تلذ العين و تشتهي،و من كل خير ما لا يخطر ببال أحد..الباب الرابع هو جزيرة مفقودة، الباب الخامس هو باب الخيال، باب به قوم لا يؤتمن فيهم أحد,الباب السادس هو باب الأموات, و فيه تجد أرواح كل من ماتوا, و هم يرجون العودة من ذلك الباب للحياة من جديد, و من خلاله يمكنك العبور للباب السابع و الأخير, و الذي يجهل لحد الآن ما فيه, يقال بأن فيه مفتاح كل هذه الأبواب و هو المفتاح الذي يبحث عنه أولئك الحثالة, الذين يتحكمون في العائلة الملكية و ينتظرون الشهاب الذي يظهر مرة واحدة في القرن ليدلهم على مكانه..

فيضحون من أجله بأجمل فتاة و أقوى فتى عندهم

قيس: طيب الن نتمكن من القضاء عليهم؟

هارون:هذا ما انتظره منذ زمن بعيد, لكن الأمر ليس بهذه السهولة, اذ أن هناك طريقتين اما الحصول على المفتاح و ذلك بمعرفة التعاويذ التي يلقونها و قلبها, و الا فانه لن يكون امامنا الا دخول كل باب و مواجهة ما فيه لاغلاقه..سأطلب منك طلبا واحدا فقط..

قيس:عند امرك

هارون: طوال هذا الأسبوع, سيقومون بنفس الطقوسالتي قاموا بها هذا الصباح, سيقولون تعاويذ و كلاما سأطلب منك ان تذهب وتصغي لكل ما يقولون, احفظه كله عن ظهر قلب و دونه, فهو طريقنا لباب المفتاح..

قيس: حسنا, انا تحت أمرك

New Post
New Post
مديرة ستار ديس

تاريخ التسجيل : 24/08/2018
المساهمات : 4133
نقاط التميز : 6472
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : الميزان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: حرب الأقدار ... رواية فانتازية *خيالية *

مُساهمة من طرف New Post الأربعاء سبتمبر 05, 2018 12:09 am


الجزء الثاني :
مضى اسبوع كامل و قيس ينفذ ما امره به هارون كل صباح، و يدون كلماتهم بالتفصيل..و في اليوم الأخير اتجه مع هانئ كعادته اليه،
هانئ: ما هذه المخطوطة بيدك؟
قيس: لا شيء..اردت فقط ان اتعلم الكتابة بشكل احسن..
هانئ بضحكة مشاكسة: هههه و مع ذلك لا يزال خطك سيئا!
أعطى قيس الورقة الأخيرة لهارون، و بينما هارون يستعد لإلقاء كلماته عليهم إذا بالكهف يهتز بقوة و نيران تشتعل بقوة مغطية كل المدخل..
هارون: تراجعا!!
هانئ بخوف: ماذا هناك أيها الحكيم؟ هل علم أحد بأمرنا؟
قيس: الزم هدوءك هانئ.. سنكون على ما يرام
و بينما هم على ذلك الحال من التوجس، إذ دخل عليهم مجموعة رجال مخفين وجوههم بألوان غريبة و لا يرتدون إلا رداءا قصيرا يتدلى تحت بطونهم.. فتقدم احدهم و قال: هارون! انت تعلم انك ملعون! كيف تجرؤ على التجسس علينا أسبوعا كاملا و قد حرمت اي ارض عليك الا هذا الكهف!
هارون: انا لم اخلف بعهدي ابدا! و لم اخرج إلا لتحية الملك !
الرجل الغريب: اسمع! لن نؤذيك في شيء ! أعطنا كل مخطوطاتك و الصغيرين، و سنرحل من هنا كأن أمرا لم يحدث
صمت هارون فيما كان قيس يتابع في جزع وهانئ متكئ عليه و الدموع تملأ وجهه.. و على غفلة نظر هارون الى قيس ففهم أن عليه حمل كل الاوراق ثم قال له: هارون: قيس! هات لي ريشة الحبر التي أخرجتها من النبتة !
نظر الرجل إليه في جزع و رفاقه يتبادلون نظرات ممزوجة بالحيرة، فإذا كان قلم النبتة ذاك معه فإنهم لن يستطيعوا تدوين شيء على جدار ذاك الكهف ذو الابواب السبعة، و لن يصلوا لباب المفتاح المقدس، و لكن كيف يعقل أن هارون وصل إليه دون علمهم؟ في الحقيقة لم تكن تلك الى حركة مخادعة قام بها ليتمكن من تهديدهم..
هارون: اسمعوا! اخفضوا النيران و دعونا نتفاهم على حل سواء
الرجل الغريب بعد تفكير أمر رجاله باخفاض النيران، و بينما هم يتقدمون نحو هارون، سل هذا الأخير سيفه الذي كان يخفيه في غمد وراء ظهره..و بحركة خاطفة قفز نحوه و قسم رقبته نصفين، فيما رجاله حوله يراقبون في دهشة فثاروا كلهم لحظة واحدة و أخذوا بالتقاطر واحدا تلو الٱخر على هارون في محاولة يائسة لاصابته، إلا أنه كان أبرع و اسرع و بحركات أسطورية تمكن من القضاء عليهم جميعا فمنهم من ذبح و منهم من قسم جسده نصفين..و قد كانوا أكثر من مئة رجل.. بعدما انتهى، أعاد سيفه في مكانه تحت نظرات قيس و هانى المذهولة، فقال: اسمعا! يبدو أن الأمور لم تعد كسابق عهدها..و سيكون خطرا عليكما الحضور مجددا الى هنا ،لا تعودا لحين أن اخبركم متى تأتون مرة أخرى
هانئ: لكن أيها الحكيم!..
هارون: اسمعا جيدا كلامي و لا تراوغا..هذا احسن لصالحي و صالحكم
قيس و قد اقترب منه: من هؤلاء؟
هارون بنبرة هادئة: أنهم اعوانهم! جاءوا ليأخذوا ما دوناه، فهم لا يريدون لأحد أن يصل لما يبتغونه..
ثم اتجه نحوهما و حملهما على ظهره و قال: سٱخذكما لدياركما الٱن..و لا تنسوا كما اتفقنا !
اتجه هارون بهما الي منزليهما في تلك الليلة المظلمة فقد تأخرا، اوصل هانئ اولا ثم اتجه لبيت قيس،
قيس: شكرا لك !
هارون: لا عليك, اخبرتني أن والدتك مريضة، ربما ستحتاجون شيئا، أن احتجتم فلا تخرج وحدك سأذهب انا عوضا عنك..
قيس:ههه اعتدت الخروج وحدي ليلا
دق الباب و بعد قليل فتحت امه الباب، فعانقته: قيس! قلقت عليك أين كنت ؟
ثم رفعت رأسها فوجدت ذلك الرجل امامها، أنه الشخص نفسه! نظر هارون إليها فلم يستغرب ذلك الشعر القاتم و العينان الواسعتان، لقد كانت نفس المرأة التي وجدها بالسوق..
هارون بابتسامة: اعتذر سيدتي على تأخر قيس..كنت أرافقه و لم نشعر بالوقت إذ الليل قد خيم ..
فردت امه سمر: لا عليك سيدي..تفضل كل شيئا قبل أن تذهب..
هارون:شكرا لك..سأشرب ماءا فقط
دخل قيس و هارون، و بقي هذا الأخير مستغربا، لم يتوقع أن يكون بيتهم صغيرا بهذا الحجم، موقد بجانبه رفين أحدهما به بعض طعام و الٱخر به ثيابهم، يليه سرير قيس بجواره أريكة مهترئة حيث تنام والدته، جلس مع قيس، فيما ذهبت سمر خارج الغرفة لتحضر ماءا من البئر الواقع خلف البيت.. بقيا يتبادلان أطراف الحديث، و احيانا ينصتان لصوت وقعات المطر التي بدأت تنزل للتوفي انتظار والدة قيس التي تأخرت..
هارون:قيس اين ذهبت امك ؟
قيس:لا بدّ من انها لم تجد في الإناء فخرجت لتجلب القليل من البئر،
هارون: ماذا؟ لكنها مريضة! و الأمطار شديدة في الخارج ستصاب مرة أخرى!
قيس: دائما اطلب منها أن أحضر بدلا عنها لكنها ترفض و تخاف أن أسقط و انا ارفع الدلو ..
هارون ينهض من مكانه على الفور: سأذهب لاطمئن عليها..
اتجه هارون نحو الباب الداخلي المطل على فناء ذاك البيت الصغير، و فورما فتحه تفاجأ بسمرساقطة على جدار البئر مغمى عليها و قد ابتلت كل ثيابها على جسدها النحيل، فاتجه نحوها بسرعة و قد وضع رداءه عليها،
هارون: استيقظي سيدتي..اجيبيني..
إلا أنها لم ترد و قد ارتفعت حرارتها فحملها و اتجه بها إلى الداخل نحو سريرها،
قيس: امي! امي! هل انت بخير؟
هارون: سأحضر الماء ابق هنا معها ..
و ما هي إلا بضع دقائق حتى عاد بدلو ممتلئ، فأخذ في تحضير شاي ساخن لها..ثم ناوله لقيس فاخذ يشرب والدته بهدوء و هارون بجواره يراقبه و يحتسي كوبا هو الٱخر..
قيس: شكرا لك..
هارون: لا عليك..يبدو أنها لا تهتم بصحتها كما يجب..
قيس:تظل تعمل طول النهار و تقول إن هذا هو الأهم..
و بعد مرور ما يقارب الساعة قال هارون و قد مد مرٱة نحوه: لن اتأخر عليكم هنا..سأذهب و أن احتجت اي شيئ وجه هذه المرٱة الى السماء، و سٱتي في الحال.. قيس:لا تذهب..نم هنا..
وبينما هم على هذه الحال، تحركت سمر ببطء و استيقظت على كلماتهم,فنظرت حولها في محاولة منها لتذكر ما حصل..
قيس: امي! استيقظت أخيرا!
سمر: اه..يبدو انني بقيت نائمة هنا لفترة طويلة و لم احضر لكما شيئا لتأكلاه!
قيس: لا عليك المهم انك بخير.. انا سأحضر شيئا
ذهب قيس للمطبخ ليعد طعاما لهم..و بقي كل من هارون و سمرلوحدهما في صمت.. فهمت سمر بالوقوف للذهاب و مساعدة قيس و بينما نزعت الغطاء اذا بها تتفاجأ بملابسها المبتلة و قد التصقت على كامل جسدها مبرزة تفاصيلها.. فأعادت الغطاء بسرعة و قد احمر وجهها، القت نظرة على هارون, الذي بدى شاردا في تفكيره, و الى الغطاء الذي لم يكن سوى رداءه، هل رآها؟ جلست مكانها فانتبه لها و قال دون أن يلقي بالا لموقفها: هل تريدين شيئا؟ اجلبه لك؟
سمر بخجل: لا ابدا..
و ما هي إلا بضع دقائق حتى قدم قيس بصينية بها خبز محمص و صلصة خضار و اكواب لبن.. فابتسم و قال: تفضلوا..على فكرة امي، المعلم الذي اخبرتك بأنه علمني الكتابة هو هارون!
سمر: حقا؟ شكرا جزيلا، لطالما اردت ان اقرا عدة لائحات و كتب لكنني لم اقدر..يبدو أن قيس سيستطيع مساعدتي
هارون: أن شئت علمتك انا أو هو، سيفيدك ذلك كثيرا، سترون جوانب أخرى من الحياة لم يسبق لكم الاطلاع عليها
سمر: من دواعي سروري
و بعدما فرغ الجميع من الاكل .. استسلم قيس و كذلك هارون للنوم، فيما ابتسمت سمر و هي تراقبهما في هدوء و قد شعرت بامان كبير معهما، و قد التمست صدق هارون و طيبته.
في الصباح استيقظ كل من قيس و سمر، و لم يجدا اثرا لهارون، كان هذا الاخير قد استيقظ باكرا و اتجه إلى مكان بعيد، مكان غامض..لا يعرف عنه أحد في هذه المملكة و لا في العالم..عدا تلك الجماعة التي سترت نفسها خلف قناع العائلة الملكية، فتفعل ما تريد و متى تشاء خلف ستار الأوامر الملكية المقدسة.. صعد الجبل بخفة ثم ألقى نظرة علوية على المملكة كانت تبدو رائعة و مليئة بكل خيرات العالم، لكن خلف ذلك يختبئ ظلم شديد و فقر مدقع، أولئك الاوغاد هم فقط من يتمتعون بثرواتها... سقطت عينه على تمثاله الذهبي الكبير الذي نصب وسط البلاد، و النساء يركعن حوله من كل جهة و يتضرعن..
تذكر يوم أمرالشيطان ٱذيوس بصنعه من الذهب الخالص ليخلد امجاده على تلك البقعة من الارض، سخر من نفسه..تلك الامجاد التي لم تكن سوى اطلالا عن ارواح ابرياء قتلهم فنُهبت أرضهم و صارت ما هي عليه اليوم..
و هاهو الٱن سيدفع ثمن ٱثامه..
وصل الى عش أحد الطيور، مكانه الٱمن الذي يعرفه جيدا، استلقى بجانب تلك البيضات الكبيرة..و ما هو إلا زمن قصير حتى أطلت حمامة كبيرة فحطت على بيضها و قالت بنبرة هادئة: يبدو أن لدينا ضيفا قديما اليوم! كيف حالك هارون؟ أخشى انك أوقعت نفسك في مشاكل لا حصر لها!
هارون:زاهاديث ٱسف على ازعاجك..لكنني علمت خبرا ..
زاهاديث :خيرا ماذا هناك؟
هارون :سيقومون قريبا باستخراج المفتاح والسيطرة على كل الابواب ..
زاهاديث وقد تنهدت بعد صمت:و ماذا ستفعل؟ هل ستخضع لما يريدون و تعود معهم، ام انك تنوي اغلاق تلك الاكوان وحدك؟
هارون بغضب: لن اعود مع أولئك الحثالة ابدا! لكنني سأدخل الكهف و املي ما توصلت إليه بعد قلب تعاويذهم..
فجأة ظهر غبار غريب و تحولت زاهاديث إلى امرأة جميلة بشعر كستنائي حريري طويل و عباءة ريشية طويلة تمتد من اعلى صدرها الى أخمص قدميها و قد ابقت على كتفيها و ظهرها الرخاميين، من شدة بياضهما، عاريين و امتد جناحان ضخمان من وراءها.. فقالت: حسنا..كنت اعلم ان هذه اللحظة ستاتي لا محالة.. اتريد مني اي مساعدة؟
هارون:في الواقع هناك شخص اثق بأنه يستطيع مساعدتي في هذه المهمة الصعبة، لكن..
.. زاهاديث: لكن ماذا؟
تابع هارون: لا يمكنني ترك والدته وحدها تصارع ظلمة الحياة..و أخشى أن يحدث مكروه لابنها..لن تتحمل ذلك خاصة بعدما فقدت زوجها من قبل..
زاهاديث: تريده أن يأتي معك؟
هارون: نعم..
زاهاديث: اذن خذه! و لا تقلق بشأن امه..انا ساتولى امرها..

New Post
New Post
مديرة ستار ديس

تاريخ التسجيل : 24/08/2018
المساهمات : 4133
نقاط التميز : 6472
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : الميزان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: حرب الأقدار ... رواية فانتازية *خيالية *

مُساهمة من طرف New Post الأربعاء سبتمبر 05, 2018 12:10 am


الجزء الثالث:



اخذ قلما وورقة معه و اخذ في كتابة رسالة, ثم أعطاها لزاهاديث كي ترسلها لقيس، فقد قرر أخيرا خوض المغامرة و من غيره سيستطيع ايقاف أولئك الحثالة بمساعدة صديقه، و قد ترك لزاهاديث مهمة حماية والدته الى حين عودتهما..

حلقت عاليا في الهواء إلى أن وصلت لبيت قيس، و ما أن رٱها حتى انفرجت اساريره من شدة الدهشة إذ لم يسبق له يوما أن رأى حمامة بذلك الحجم، لمح الرسالة بمنقارها فاقترب و التقطها بهدوء و اخذ في قراءتها، لقد طلب منه هارون احضار كل النسخات التي دونها من تلك الطلاسم و اتباع هذه الحمامة في اسرع وقت ممكن، نزلت زاهاديث لمستوى الارض كي يتمكن من الصعود عليها، فصعد و هو لا يعلم مايجري و لا لماذا يريده هارون بهذه العجلة.. فانطلقت زاهاديث نحو عشها أين كان هارون بانتظارهما...

قيس: مرحبا ايها الحكيم، لقد جئت و انا تحت امرك

هارون ينظر لقيس: اهلا!شكرا على حضورك

ثم نظر لزاهاديث إشارة بأنه الوقت المناسب للذهاب لأمه، فغادرت فيما بقيا وحدهما..

هارون بنبرة جادة هادئة: اسمع يا قيس، اشكر لك حضورك، و ثقتك الكبيرة في..

قيس: العفو، هذا واجب..

هارون:في الواقع انا لا اريد ان اعرضك لأي خطر، لكنني اثق بأنك الشخص المناسب الذي يمكنه مساعدتي في هذا الأمر ..طبعا أن كان لديك أي اعتراض أو رفض فانا لا أجبرك على خوض المغامرة معي، لكن هذا في سبيلكم و في سبيل الكل..

قيس:قلي ما هذه المغامرة ، و سأكون معك بالتأكيد

هارون: اسمع لقد حان الوقت للذهاب و تحرير المفتاح من الكهف، و الا حصل عليه أولئك المشعوذين و حينها سنهلك جميعا.. لا تقلق كل ما سنفعله هو الذهاب هناك و املاء العبارات المضادة لتلك التعاويذ، و حينها سيفتح لنا باب المفتاح و نأخذه في ظرف ثلاثة أيام كاقصى تقدير..

قيس: هذا كل ما في الأمر؟ موافق! و مستعد لخوض المغامرة!

هارون: حسنا جيد اذن..لكن انتبه علينا الا نخطأ في أي خطوة مهما بدت صغيرة..فلكل حرف أهمية و مغزى في هذه القصة،

قيس: لا تقلق! هههه اعتمد علي!

هارون: طيب..سأعطيك الاوراق لتحملها، امسكها جيدا! احذر ان تسقط ايا منها، سأقوم انا بأخذ ريشة الحبر من النبتة ليظهر مخرج أمامنا و سأكتب فيما انت تملي علي..

قيس: حاضر! اعتمد علي..

*
كانت سمر في البيت تقوم بنسج بعض الاقمشة، و هو عمل أحبته و اعتادت عليه إضافة لعملها في البيع بالسوق، حينها تسللت زاهاديث بهدوء خلفها،و قد تحولت لهيئتها البشرية ووضعت يدها على خدها برفق، فارتخت الاخيرة بهدوء، فحملتها بهدوء و تحولت الى الحمامة الجميلة و قالت: ستكونين بامان معي، انها أيام فقط و ستعودين بسلام باذن الله..

ثم حلقت بها بعيدا عن بيتها فوق الغيم، إلى أن وصلت إلى عشها فوجدت هارون و قيس قد انطلاقا في مهمتهما فقالت: أرجو لكما التوفيق..

***

في ذاك الكهف البعيد المخفي وسط الجبل، يتقدم هارون و قيس حاملا تلك المخطوطات بيده، بينما هارون يزيح الصخر و الحجر التي تسد الطريق امامهم، هارون: احذر، لا تسقط اي واحدة منها و الا ضاع كل شيء..

إلى أن وصلا أخيرا أمام باب حجري ضخم تبدو عليه بعض النقوش، و في الجهة المقابلة تظهر نبتة صغيرة من ٱكلات اللحوم، قيس: تلك هي؟

هارون: نعم، ابق هنا و لا تهرب مهما حدث، انا ساقترب بهدوء منها و ٱخذ الريشة من فمها..

قيس: حاضر..

تقدم هارون منها و ما أن اقترب على بعد خطوتين حتى اخذت الارض بالارتجاج بقوة و بعض القطع الصخرية تتساقط من سقف الكهف، و ظهرت اشواك عديدة على تلك النبتة و قد كشرت عن انيابها بحركة مرعبة هارون: ابق حيث انت يا قيس لا تخف..

مد يده نحوها بهدوء و التقط القلم من فمها، و ما أن صار بحوزته، حتى توقفت زلزلة الارض و هوت النبتة رمادا منثورا على الارض..

قيس وقد تنفس الصعداء: انت رائع أيها الحكيم !

هارون: حسن، لننتقل الخطوة الأخرى لا وقت نضيعه، ستملي علي هذه الأوراق بهدوء و لا تنس حرفا واحدا!

قيس بتوجس: حاضر..لكن ماذا لو اخطأنا ..

هارون: أنها فرصتنا لننهي المهزلة التي يقومون بها على الأرض، سنأخذ المفتاح بعدما نفتح هذا الباب و ينتهي كل شيء، لكن إن اخطأنا..فسنهوى في كون ما و يضيع كل شيء، لذلك ركز معي جيدا..

قيس: حسنا بدأ قيس يملي تلك الطلاسم التي عمل هارون بكل جهده على عكسها و هو يدونها الٱن على ذلك الباب الحجري بتلك الريشة..

بعدما انتهى من كتابتها، بقي زمنا ينتظر فيه انفتاح البوابة إلا أن شيئا لم يحدث،

هارون: هل انت متأكد انك أمليت علي كل شيء؟

قيس: نعم..كل ما هو مكتوب قد قلته لك

هارون: هذا غريب..لم لم يفتح اذن!.

قيس: ا...حكيم..اعتقد بأنني نسيت شيئا..

هارون: ما هو؟؟

قيس : ما حدث في أول يوم..انا لم أكتبه فقد كنت مرتعبا بشدة و لم استطع تذكره..

هارون: اتقصد انك لم تمدني بكل التعاويذ؟

قيس: انا ٱسف حقا..والله لم انتبه لذلك ابدا..

و ما هي إلا بضعة لحظات حتى اهتز الكهف مرة أخرى أقوى من سابقتها و أخذ يتهاوى من كل جهة.. وقد ظهر نور غريب ساطع في كل أنحاء المكان، و بدأ كل من هارون وقيس يهويان و يبتعدان عن بعضهما..

فيما قيس يصرخ بقوته: أيها الحكيييم..لا تذهب..

*
صمت يغطي كل ذلك المكان..فتح هارون عينيه ببطء، فاذا به يجد نفسه في حديقة عظيمة، بها من كل الاشجار المختلفة في الأحجام و الألوان ما لا يخطر في البال، و من الورود و الأنهار, تسري حوله كأنه في جنة.. عبير منعش كان يملأ ذلك المكان فيشعرك كأنك لم تتألم يوما و لم تحزن يوما ..
و بينما هو على تلك الحال التفت جذورالشجرة من خلفه, حوله و كبلته أغصانها باحكام، فما عاد يقدر على الحراك.. و هو في محاولة منه للتملص منها اذا به يتفاجأ بثمانية فتيات متشابهات و قفن امامه، و هن يتهامسن و ينظرن إليه بغضب و استغراب ..

حاملات كل واحدة منهن عصا خشبية من لوح تلك الأشجار الفريدة.. و قد بدت ملامحهن بعيدة كل البعد عن الجنس البشري، ببشرة بيضاء ناصعة جميلة و شعر ذهبي لامع ..

اقتربت احداهن و سألته بنبرة غاضبة: من أنت و مالذي أتى بك الى هنا؟

هارون و هو ينظر إليها في دهشة و استغراب:ماذا؟..انا لا أعرف شيئا عن هذا المكان، و لا كيف اتيت الى هنا..

و في لحظة خاطفة قبضت احداهن بأظافرها الطويلة على رقبته، فكادت تخنقه و الدماء تنزف، و قالت: اسمع! اول قانون عليك أن تتعامل به هنا، هو أنه لا مجال للكذب!

هارون بالكاد أجابها: لم ٱت الى هنا طوعا..دعيني...

أرخت قبضتها فتقدمت الثانية و قالت: أن كل من يأت الى هذا المكان من البشر..غايته الوحيدة هي المفتاح المقدس، و نحن حراس هذا المفتاح! لن نسمح لك بمغادرة هذا المكان إلا بعدما نعرف لم تريده..

هارون: معك حق..جئت من أجله..لكن ليس من أجل سوء ابدا، اريد انقاذ ارضي فقط..

تبادلت الفتيات النظرات بينهن كأنهن يتحاورن بها، فقالت احداهن: لست وحدك من يريد انقاذ الكون الذي تعيش فيه، و نحن لن نسمح لعالم بأن يستحوذ على هذا المفتاح على حساب عالم ٱخر..

هارون و قد علم أنه لا مجال لمجادلتهن من أجل ذاك المفتاح: لقد كنت مع صديق لي ، أين هو الآن؟

إحدى الحارسات: صديقك ذاك لم يأت الى هنا، لقد ذهب لأحد الاكوان..اعتقد إلى عالم الشياطين

هارون و قد غطت ملامح الدهشة و القلق وجهه: ماذا؟ الا يمكن اخراجه؟

الحارسة: ربما..أن أراد..

هارون بغضب: فكوا قيدي الٱن! يجب أن أذهب إليه الٱن!

الحارسة و هي تعقد ذراعيها: لا يمكنك الذهاب الى أي مكان..

هارون: و هل سأبقى حبيسا هنا طول عمري!!

الحارسة: نعم..ربما..

هارون: سأفعل لكن ما تردن! فقط دعوني اذهب لمساعدته !

تبادلت الفتيات نظرة أخرى بينهن، و بعد مدة صغيرة بدا كأنهن اتفقن على فكرة ما.. فتكلمت احداهن: حسن اسمع، أن استطاع صديقك اغلاق الاكوان كلها، سنسمح لك بالذهاب..

هارون: و إن لم يستطع ماذا سنفعل؟ !

سكتت و نظرت خلفها فإذا بلوحة عريضة تظهر ، و قد ظهر من خلالها قيس، مرمي على الارض غائب عن الوعي..

*

فتح عينيه بصعوبة..فإذا به يدهش من ذلك المكان..كانت السماء قاتمة تماما كتربتها، و هو ملقى على تلك الأرض الوسخة، فنهض بسرعة من مكانه لا يدري أي شيء عما هو فيه، فجأة ظهر أمامه كائن مخيف بوجهه المرعب المتجلد و قرون ملتوية سميكة على جبهته، فيما هو مبتسم و اللعاب يتناثر من بين أنيابه القذرة الطويلة..

لم يستطع قيس تحمل رؤيته أمامه و نبضات قلبه تقفز من شدة الرعب، اخذ يجري بأقصى سرعته وسط تلك الطريق بلا أي هدف بلا وعي.. و هو يتوغل فيها و يرى ما لم يتقبله عقله البشري..

كان الشياطين في كل مكان منتشرون باشكالهم المرعبة المخيفة! وهم يوجهون اليه نظرات سخرية و البعض يقترب منه و يضحك, وقع نظره فجأة على أحد الجزارين و هو يحمل خنجرا حادا و في يده الأخرى رأسا بشريا ملطخا بالدماء, ارتعد مكانه و أخذ يسرع كمجنون هارب الى أن استدار في منعطف لاحد الازقة الضيقة و هو يتنهد بصعوبة، و يشعر بصداع غريب برأسه و وساوس غريبة، امسكه بيديه و بينما هو يرفعه ببطء ليرى المكان حوله، اذا به يتفاجأ بجمع من الشياطين مختلطين ذكورا و اناثا..و هم منغمسين في لذتهم و اعمالهم القذرة المخلة بالحياء..

لم يستطع تحمل ذلك المنظر اكثر و انظارهم كلها موجهة اليه ، فاخذ يركض في الجهة المعاكسة بكل ما اوتي من قوة، و هو لايدري شيئا عن ذلك العالم و لا كيف سيمضي حياته هناك... و الصداع يتزايد بحدة..

New Post
New Post
مديرة ستار ديس

تاريخ التسجيل : 24/08/2018
المساهمات : 4133
نقاط التميز : 6472
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : الميزان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع

لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان

سجل معنا الان

انضم الينا جروب تاج فعملية التسجيل سهله جدا ؟


تسجيل عضوية جديدة

سجل دخولك

لديك عضوية هنا ؟ سجل دخولك من هنا .


سجل دخولك

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى