النهضة عند مالك بن نبي
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
النهضة عند مالك بن نبي
اشكالية النهضة عند مالك بن نبي
المقدمة
ان الكتابة عن مالك بن نبي وامثاله من الذين تصدوا لمشكلة المسلمين في هذا العصر، وحاولوا ايجاد الحلول المناسبة هي ضرورية للأجيال، التي يجب أن تتعرف على أصحاب الخبرة والتجربة في مجال الصراع الفكري، فلم يعد مناسبا طرح الحلول العامة والعائمة، ولا بد من الدخول في التفاصيل ومعرفة أسباب التخلف وأسباب النهضة.
ان مالك بن نبي مفكر كبير والحديث عنه متشعب ذو أبعاد وذلك لغزارة انتاجه ولتعمقه في درس مشكلات العالم الاسلامي، وفي تحليل شخصية المسلم في عصور التخلف الحضاري، والمفكر هو الذي يدرس ويتأمل ويقارن ويحلل المشكلة الى اجزائها ثم ينسق ويركب ويجتهد في ايجاد الحلول.[1]
كان مالك بن نبي من مؤيدي الحركات الاصلاحية وهو الكاتب المتميز الذي دخل أعماق مشكلة المسلم النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وأثار قضايا كبيرة مثل الحديث عن الدورة الحضارية، ومسألة الحق والواجب والقابلية للاستعمار والفاعلية عند المسلم، كان عميقا في تحليله لواقع المسلمين، وعميقا في معرفته بخبايا الاستعمار والمستعمرين، ومعاناة الشعوب الإسلامية.
أصدر مالك بن نبي العديد من المؤلفات تحت عنوان مشكلات الحضارة، والتي حاول من خلالها وضع أسس ومبادئ في كيفية خروج المسلمين من الأمراض التي تصيبهم في جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والحضارية والنهضوية ..الخ، فقد درس بعمق بعض أسباب تخلف العالم الاسلامي، ولم يدرس حالة بعينها، بل درس العالم الإسلامي وهو يعيش في بؤرة الصراع مع الغرب، فقد تناول مالك بن نبي مشكلات النهضة بشقيها الداخلية والمتمثلة بالشلل الأخلاقي والفكري، والخارجي والمتمثل بالاستعمار
مشكلة الدراسة.
لا شك أن الفكر النهضوي لدى مالك بن نبي قد تم تناوله لدى العديد من المفكرين والمؤرخين، وكان هناك إشادة بدوره في النهضة ووضع علاج لأمراض المسلمين والمتمثلة بالتخلف والتراجع الفكري والحضاري.
لذا تتمحور اشكالية الدراسة في تناولها لاشكالية النهضة عند مالك بن نبي
أسئلة الدراسة
1.ما هو أثر مالك بن بني في النهضة الإسلامية ؟
2.كيف عالج مالك بن نبي معوقات النهضة الداخلية؟
3.كيف تناول مالك بن نبي العوامل الخارجية المؤثرة في عملية النهضة ؟
أهمية الدراسة
تنبع اهمية الدراسة من كونها تركز على شخصية إسلامية تناولت المعوقات التي تقف عائقا أمام النهضة الإسلامية في العصر الحديث، فمالك بن نبي هو أحد الذين تناولوا الأمراض التي تواجه النهضة على الصعيدين الداخلي والخارجي
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسةإلى:
1.التطرق الى أثر مالك بن بني في النهضة الإسلامية.
2.التعرف على علاج مالك بن نبي لمعوقات النهضة الداخلية.
3.ايضاح تناول مالك بن نبي العوامل الخارجية المؤثرة في عملية النهضة.
منهج الدراسة
بناءا على طبيعة الدراسة فإن الباحث سيستخدم المنهج الوصفي التحليلي والمتضمن تحليل الفكر النهضوي لدى مالك بن نبي.
المعوقات التي تواجه النهضة لدى العرب والمسلمين
لقد تطرق مالك بن نبي الى المعوقات التي تواجه النهضة لدى العرب والمسلمين وقد صنفها الى أمراض داخلي وأخرى خارجية، ويمكن تناولها على النحو التالي:
أولا: الأمراض الداخلية :
1.الشلل الأخلاقي :
تحتل الأخلاق حجر الزاوية في فكر مالك بن نبي ، فهي مرتبطة بالسياسة والحضارة والمجتمع ، وبفقدان الأخلاق تتحول السياسة إلى بولتيك ، والمجتمع المتحضر إلى مجتمع منحط " و إن أخطر مرض أصاب المسلمين هو الانفصام بين النموذج القرآني والتطبيق العملي ، انعدمت الدوافع التي حركت الرعيل الأول من الصحابة ، ويلخصها قول الشاعر الفرزدق للحسين بن علي – رضي الله عنه – واصفاً أهل العراق : " قلوبهم معك ، وسيوفهم مع بني أمية " .
وبدأ ضمير المسلم يتهرب من نصوص التنزيل ، وحركة الخوارج وفكر المعتزلة مثال على ذلك .
وازداد هذا المرض فشواً في القرون المتأخرة ، فأصبح المسلم نتيجة لغروره لا يعترف بأخطائه ، وأصبحت المعالة عنده : " بما أن الإسلام دين كامل ، وبما أنني مسلم ، فالنتيجة أنني كامل " ، وبذلك اختلت الحركة عنده ، فلا يزيد من جهوده للبناء والإصلاح ، ونتيجة لهذا الخلل ضعفت الروابط الاجتماعية ، فعالم الأشخاص لا يتألف ضمن منهج تربوي ، مع أن هذا التآلف مهم جداً ، قال تعالى : " لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " ( الأنفال ،63) .
ومبدأ المؤاخاة الذي قام بين المهاجرين والأنصار أصبح من الخطابات السعيدة ، والأخوة الإسلامية أصبحت كلاماً للزينة وشعوراً تحجر في نطاق الأدبيات ".([2])
2.الخلل الفكري :
أ.ذهان السهولة : يميل المسلم في تقويمه للأشياء إما للغلو فيها أو للحط من قيمتها ، ويتمثل هذا في نوعين من الأمراض : إما أن الأمور سهلة جداً ولا تحتاج إلى تعب ونصب ، ويسميه مالك : ( ذهان السهولة ) وأبرز مثال على مرض ذهان السهولة قضية فلسطين ، فقد قيل : إن إخراج اليهود من فلسطين سيتم خلال أشهر ، ولو نفخنا عليهم نفخة واحدة لطاروا ، ولكنهم في الحقيقة لم يطيروا ، وهناك من يظن أنه بخطبة رنانة يحل مشاكل المسلمين ، أو أن ننتظر البطل الرجل الوحيد ، الذي حمل كلا مشاكلنا ، وبعض المسلمين يكرهونه الذين يفكرون تفكيراً مؤثراً منطقياً.
أن أسر طريق لأصحاب السياسات الانتهازية أن يستخدموا كلمات طنانة ، مثل : الاستعمار والإمبريالية والوطنية للتغرير بالشعوب ، هذه الكلمات التي "تليق جداً لتشحيم المنحدر حتى يكون الانزلاق عليه نحو السهولة ميسوراً جداً ".([3])
ومما يؤكد كلام مالك عن ذهان السهولة عندما يكون المسلم في حالة تخلف : ما ذكره العلامة ابن خلدون عن العرب في حال بداوتهم أنهم لا يتغلبون إلى على البسائط ، وكل مستصعب فهم تاركوه إلى ما سهل ، بينما نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمد الصعوبة في الدعوة ، ففضل التربية الطويلة ، ولم يعتمد على المعجزة السهلة .
ولكن في العصور المتأخرة بدأ الحديث يكثر عن الكرامات وصارت حياة الأديب أو الشاعر تعتمد على التزلف السهل ، أو التهديم السهل ( المدح والهجاء ).
ب.أو أن يحدث العكس فيصاب بذهان الاستحالة ، فيرى المسلم أن الأمور مستحيلة ، ويقف عاجزاً أمامها ، وهي في الحقيقة غير مستحيلة ، ولكن ربما يضخمها عمداً حتى لا يتعب نفسه في إيجاد الحلول لها ، أو أنه يشعر بضعف همته فيحكم عليها بالاستحالة ، وقد مرت فترة فكانت بعض الشعوب تنظر إلى صعوبة إخراج المستعمر من بلادها ، وقد نجد من المسلمين من يعتقد استحالة استئناف حياة إسلامية في هذا العصر .
ت.طغيان الأشياء : عندما يكون مجتمع في حالة نهوض ، لا بد أن يحقق الانسجام والتوازن بين هذه العوالم ( الأشياء ، الأشخاص ، الأفكار ) ، ولكن الحقيقة أن النزعة الكمية هي المسيطرة ، فلا يسأل المؤلف عن الموضوع الذي تناوله ، وإنما يسأل عن عدد صفحات الكتاب ، وعندما تريد إحدى المصالح الحكومية تجهيز مقرها ، تزوده بعدد خيالي من المكاتب ، والموظف الكبير يحب أن يكون في مكتبه أربعة هواتف وخمسة أجهزة تكييف " وإذا كان مجتمع ما قبل التحضر فقيراً في عالم الأشياء ، فإن المجتمع ما بعد التحضر مكتظ بالأشياء ولكنها خالية من الحياة ".([4])
ث.طغيان عالم الأشخاص : عندما يتعلق الناس بالأشخاص أكثر من تعلقهم بالمبدأ ، فإنهم يرون الإنقاذ من الحالة التي هم فيها بالبطل القادم دون أن يقوموا بجهد يذكر ، فالخلاص لا يتم بتجمع أناس على مبدأ يدافعون عنه ويتفانون فيه ، بل بالرجل الذي يجمعهم ويوحدهم ، وقد تتجسد الأفكار بأشخاص ليسوا أهلاً لحملها ، فتحسب أخطاؤهم وانحرافاتهم على المجتمع الإسلامي ، أو على الإسلام ولذلك جاءت الآية القرآنية الكريمة حاسمة في هذا الموضوع : إن الواجب على المسلمين حمل الرسالة وقيادة الدعوة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم "( آل عمران ، 144).
ج.طغيان الأفكار : عندما يكون المجتمع في حالة تخلف قد يصل الأمر إلى طغيان عالم الأفكار ، فعندما لا يستطيع المسلم القيام بعمل مثمر يلجأ إلى البحث في الأفكار المجردة النظرية التي لا تأخذ طريقها إلى التطبيق ، وبدل أن يتكلم عن معاناة الناس ومشاكلهم والتخطيط لمجتمع أفضل ، فهو يتكلم عن الماضي الذي له صلة بالحاضر ، أو ينقل معارك وهمية ليكون هو أحد أبطالها ، وتدفع المطابع كل يوم بعشرات الكتب التي لا تمس الواقع ، بل هي هروب من هذا الواقع
ح.العقلية الذرية : وها مرض من ينظر إلى الأحداث والوقائع مجزأة ومنفصلة فردية ، " كأنما في مجموعها لا تكون حلقة من التاريخ ، وإنما كوماً من الأحداث ".([5])
هذه العقلية موجودة في أوساط المسلمين بسبب البعد عن الفعل الحضاري ، ومن مظاهرها أن جهودنا لا تتسم بالعمل المتواصل ، ولكن بالمحاولات المنفصلة ، فما إن يبدأ نشاط ما حتى يذهب فجأة كأنه وثبة برغوث ، ولنعتبر على سبيل المثال كم مجلة ظهرت في بلادنا ثم اختفت بنفس السرعة ؟
لماذا دورنا في الحياة منفصل عن دورنا في البيت ؟
ولماذا نحصل على ممتاز في مادة الأحياء ، ومقبول في مادة التاريخ ، ولا يخطر ببالنا أن هناك علاقة بين الاثنين ؟
ولو أننا تعودنا الربط والتعميم وتتبع الجزئيات وربطها بالكليات لما استغربنا تشابه المشكلات الخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي .
إن هذا العجز عن التعميم ليس من خواطر فكر المسلم كما يحاول أن يؤكده المستشرق (جب) ، بل هو طراز للعقل الإنساني بعامة عندما يقصر عن بلوغ درجة معينة من النضج ، بينما في حالة الحضارة نجد أن التراث العلمي الذي خلفته الحضارة الإسلامية يظل شاهداً على ما اتسم به العقل الإسلامي من القدرة على التركيب والإحساس بالقانون العام والبعد عن العقلية التجزيئية ، وعلم أصول الفقه أكبر دليل على ذلك .
ثانيا: الخطر الخارجي :
إن كان مالك لا يعلق أخطاء تقصير المسلمين على مشجب الاستعمار وحده ، بل يهتم بالعوامل الداخلية كما أسلفنا ، إلا أنه لا ينسى خطورة الاستعمار وأثره في إعاقة النهضة الإسلامية ، ومالك خبير بخفاياه ومواقفه من المسلمين ، ولذلك جاءت ملاحظاته وتعليقاته في هذا الجانب على درجة عالية من العمق والتحليل ، ومن هذا الجانب كانت مشكلة المسلمين ربما تختلف عن مشاكل الشعوب الأخرى ، فالإعاقة من جانبين : الجانب الداخلي ( التخلف الحضاري ) والجانب الخارجي ( الاستعمار ) الغربي .
لقد تدخل الاستعمار في كل شيء حتى لا يترك فرصة لأي بعث إسلامي ، وهو يتظاهر بأنه يحضر الشعوب المستعمرة ، بينما نجد الواقع أنه أفقر المستعمرات بنهب أموالها واستغلال خيراتها " وإذا أردنا أن نتقصى الحركة الاستعمارية في أصولها فلا بد أن ننظر إليها كعلماء اجتماع لا كرجال سياسة "([6]) ، فظاهرة الاستعمار من طبيعة الرجل الأوروبي ، فكلما وقع اتصال بين الأوروبي وغير الأوروبي خارج إطار أوروبة فهناك ( موقف استعماري) ، بينما نجد في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية أن رحلات ابن بطوطة وأبو الفداء والمسعودي وابن جبير لم تثر شهيتهم للاستعمار ، ورحلات مثل هذه تثير شهية الأوروبي ، " يقول منوني وهو الكاتب المتخصص بنفسية الاستعمار : إن الأوروبي يحب عالماً دون بشر ، ولو قال : إن الأوروبي يحب عالماً دون شهود على جريمته لكان هو الصواب ".([7])
يستخدم الاستعمار خبث منطق الفعالية مع الشباب المسلم وخاصة الذين يدرسون في الغرب ، وخلاصته : بما أنن نحن المسيطرون ونحن الأقوى ، إذن أفكارنا هي الصحيحة ، " ويعتبر هذا اللبس المفروش في أعماق نفسية هذا الشاب هو النواة التي تدور حولها جميع دسائس هذا الصراع الفكري ومناوراته ".([8])
ومن وسائله الماكرة التي ما يزال يتقن استعمالها : رميه للمسلم بشتى الاتهامات ، حتى يصبح المسلم وكأنه منبوذ هذا القرن ، وفي هذه الحالة تصبح تصرفات المسلم كلها ردود أفعال ، ويرتفع عنده توتر طاقات الدفاع ، فيعيش إما متَّهَماً أو متَّهِماً . ويخوض المسلم معارك وهمية طالما خاضها الأفغاني ومحمد عبده مع أرنست رينان وهانوتو بينما الحقيقة أن المشكلة ليست في الدفاع عن الإسلام ، بل في تعليم المسلمين كيف يدافعون عن أنفسهم .
الإقلاع باتجاه حضارة :
إن الاهتمام بالسنن الكونية التي ركز عليها القرآن ، والدراسة الشاملة عبر التاريخ ، هو ما مكن مالك بن نبي من إدراك الخطر الداخلي ، وأن يقدم الحلول التي تساعد على النهوض باتجاه حضارة ، وهذه بعض النقاط التي يمكن استخلاصها من فكره .
1.الإيمان العميق بالمبدأ الذي يعتنقه الإنسان : هذا الإيمان يعطيه قوة فوق قوته ، واحتمالاً فوق احتماله ، فيتغلب على المصاعب ويتحول هذا الإيمان إلى عاطفة قوية جارفة " فالروح وحدها هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم ، ومن يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير الجاذبية الأرضية ".([9])
والمسلم الذي يصل إلى درجة التوتر الروحي كما يعبر مالك ، يشعر بالسعادة الغامرة وهو يبني أول مسجد في المدينة ، وهذه الحالة تجعل بلالاً رضي الله عنه يصبر ويتحدى قريشاً وهو يردد أحد أحد .
وضع القرآن الكريم ضمير المسلم بين حدين : الوعد والوعيد ، والخوف والرجاء ، ومعنى ذلك أنه وضعه في أنسب الظروف ، قال تعالى : " فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون "(الأعراف ،99) ، وقال : " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ( يوسف ، 87).
يقول الدكتور إلكسيس كاريل معبراً عن هذه الحقيقة : " الإيمان هو الذي يدفع الإنسان إلى العمل وليس العقل ، والذكاء يكتفي بإنارة الطريق ولكنه لا يدفعنا إلى الأمام ".([10])
هذه الطاقة الإيمانية جعلت الفرد المسلم في عصر النبوة يقسم ثروته مع أخيه المهاجر ، وهي التي جعلت الصحابة يحفرون الخندق في أيام قليلة . وهذا معنى قوله تعالى : " يا يحيى خذ الكتاب بقوة ".( مريم ،12)
2.شبكة العلاقات الاجتماعية : إن المجتمع لا يتكون من كومة أفراد ، بل بعلاقات معينة بين هؤلاء الأفراد ، ففي عالم الحيوان نجد أنه كلما تعقدت المصلحة كانت الفاعلية أكثر ، هناك حيوان يعيش بمفرده ، ونشاطه يسد حاجات بيولوجية بسيطة .
فإذا نظرنا إلى حيوان يعيش في مستوى أعلى من هذا فإننا نرى العش الذي يبنيه الطير يعطي صورة للنشاط الاجتماعي ، ولكنه يبقى دون مستوى الحيوان الذي يعيش في نظام أوسع نطاقاً من الأسرة كالنحل ، الذي يتسم إنتاجه بالفاعلية في صورة مادية ، فهو ينتج أكثر من حاجات خليته ، وفي صورة معنوية لأن هذا الإنتاج يفرض على خليته حياة منظمة ، ونجد في هذا المجتمع البسيط ظاهرة تقسيم العمل .
إن الذي يخطط للنهوض بالمجتمع الإسلامي يحب أن تكون لديه أفكار جد واضحة عن العلاقات الاجتماعية ، فعملية بناء كيان اجتماعي ليس بالأمر السهل ، لأن العقد النفسية كما يؤكد العالم الأمريكي مورينو هي في العلاقة بين الأفراد ، وليس من داخل الفرد كما يقول فرويد ، والفرد في المجتمع الإسلامي اليوم وبسبب ضعف العلاقات الاجتماعية لا تقدم له الضمانات والمسوغات التي تجعله يقدم أقصى طاقاته .
3.الحق والواجب : يميل الفرد بطبيعته إلى نيل حقوقه ، وقد يتثاقل عن القيام بواجبه ، والأمة تصاب بمرض السهولة فإن من أهون الأشياء عليها والتي لا تكلفها كثيراً هو المطالبة بالحقوق ، ونسيان الواجبات ، وكان هذا منشأ سياسة الدجل التي يمارسها الزعماء الذين يتقنون خداع الجماهير بشعارات براقة " وللمطالبة بالحقوق إغراء شديد ، إنها كالعسل الذي يجذب الذباب ، ويجتذب الانتفاعيين ، بينما كلمة الواجب لا تجتذب غير النفعيين ، كلمة الواجب توحد وتؤلف ، بينما كلمة الحق تفرق وتمزق ، وهكذا ما خرجت دولة من العالم الثالث من ربقة الاستعمار إلا وتناحرت أحزابها على المطالبة بحق اقتسام الغنائم بدلاً من أن يتكلموا في الواجبات ".([11])
ومن الأمثلة التي ترويها ذاكرة مالك بن نبي حول هذا الموضوع : " شاهدت خلال بعض المواقف جيلاً من السياسيين يقفون من قضية الأمية موقفاً جديراً بالملاحظة ، فقد كتبوا المقالات الطويلة لشرح هذا المرض ، ويهاجمون الاستعمار في خطب حماسية ، ويستمرون في خطبهم حتى تنقطع أنفاسهم ، ولكن المشكلة لا تجد في مجهوداتهم حلاً ، لأنهم لم يدخلوا إلى المشكلة من طريق حلها ، وهو القيام بالواجب ، وهو تطوع كل ذي علم للمساهمة في محو الأمية ".([12])
وهذا المرض ما يزال مسيطراً على العقول ، فكثيراً ما نسمع في قرية من القرى أو حي من الأحياء من يطالب بفتح طريق أو تنظيف شارع أو فتح مدرسة ، وكان بوسعهم أن يتعاونوا لإنجاز مثل هذه الأعمال . والخلاصة أن الطريق الوحيد للحصول على الحقوق هو القيام بالواجبات .
ولا بد أن نذكر هنا أن الشيخ عبد الحميد بن باديس كان قد سبق مالك إلى الاهتمام بهذا الموضوع ، حين كان شعار مجلة الشهاب هو : الحق والعدل والمؤاخاة في إعطاء جميع الحقوق للذين قاموا بجميع الواجبات .
4.الفعالية : يركز مالك بن نبي كثيراً على هذا الموضوع : لماذا نجد المسلم رغم أنه يحمل أفكاراً صحيحة ، ولكنه لا يستطيع تطبيقها في دنيا الواقع ؟ إنه غير فعال " لقد افتقد الضابط الذي يربط بين الأشياء ووسائلها ، وبين الأشياء وأهدافها ، إنه لا يفكر ليعمل ، بل ليقول كلاماً مجرداً ".([13])
ومن هنا يأتي العقم ، أصبح المسلم كفريسة تعرضت للشلل حتى يسهل ابتلاعها ، وسبب ذلك أن البيئة التي تحيط به وتغذيه بثقافتها أصبح مثلها الأعلى هو الزهد الأعجمي والصوفية وأصحاب المرقعات ، ولا تتمثل بعمر بن الخطاب ، أو بعبد الله بن المبارك أو الإمام مالك ، بينما نجد عند الغربيين أفكاراً لا تثبت أمام النقد الموجه لها ، ولكنهم استخدموها إلى أقصى ما يستطيعون ، مثل فكرة (التقدم).
وإن المسلم الذي يحمل القرآن يجب أن يستفيد منه للتخطيط للنهوض . وإن التوازن الذي صاغ به القرآن شخصية المسلم من أكبر الأسباب التي تساعده على الفعالية ، كما أن الشريعة تحمله على التوسط بين التشدد والتساهل .
5.التكديس والبناء : عندما يكون الإنسان في حالة تخلف حضاري ، تغلب عليه النظرة للكم وتكديس الأشياء ، ويظن أن كثرة استيراد منتجات حضارة أخرى ينتج له حضارة ، وهذا يتصل بمرض الشيئية ، إن تكديس كومة من الطوب أو الحجارة ، وكومة من الإسمنت لا يعني أن بناء قد أصبح جاهزاً ، فالأمر بحاجة إلى مهندسين وبنائين وتخطيط ، بعد وجود المواد الأولية (التراب) الذي تكلم عنه مالك كثيراً .
6.رجل الفطرة : يرى مالك أن رجل الفطرة هو المهيأ أكثر من غيره للدخول في دورة الحضارة مرة ثانية ، ورجل الفطرة هو الذي لم تستعبده الأشياء ، ولم يخضع للطغيان فتفسد رجولته وبأسه ، ويقابل رجل الفطرة عند مالك : رجل القلة ، وهو الذي يرضى بالقليل أو المتعطل الذي لا يعمل شيئاً ، أو الموظف البسيط في إدارة حكومية ، هذا الرجل " تغلغلت في نفسه دواعي الانحطاط التي قضت على المدنيات المتعاقبة في بلاده ، فهو يحمل روح الهزيمة ، فقد عاش حياته دائماً في منحدر المدنية ، إذ هو دائماً في منتصف طريق وفي منتصف فكرة ، وفي منتصف تطور ، لا يعرف كيف يصل إلى هدف ، إذ هو ليس نقطة الانطلاق في التاريخ كرجل فطرة، ولا نقطة الانتهاء كرجل الحضارة ، بل هو نقطة التعليق في التطور الحضاري ، ويصدق عليه وصف رجل النصف الذي دخل في ميدان فكرة فمسخها نصف فكرة ، وأطلق عليها اسم السياسة لأنه لم يكن مستعداً إلا لنصف جهد ، ونصف اجتهاد ، ونصف طريق ، وإن كان رجل الفطرة لا يملك كثيراً من الأشياء فهو أفضل ممن يملك نصف شيء ".([14])
شاهد مالك رجل الفطرة في منطقة أوفلو في الغرب الجزائري عندما عمل مساعداً قضائياً هناك ، يقول عن انطباعاته : " الناس في المدن لا يستطيعون فهم هذه العقلية أو ذلك النبل الذي يجري في عروق البدوي ، كانت أوفلو بالنسبة لي مدرسة تعلمت منها أن أدرك فضائل الشعب الجزائري الذي لا يزال بكراً ، كانت هذه فضائله قبل أن يفسدها الاستعمار ... ".
نتائج البحث:
في نهاية البحث لا بد من تناول أبرز النتائج التي توصلت اليها:
1. إن ابن نبي يحّلل الحضارة من خلال مفكرين غربيين أمثال كسر لنج وفرويد ونيتشه، وذلك نتيجة تأثره بالفكر الغربي بينما كل من سيد قطب وأبى الأعلى المودودي وسعيد حوى يحلّلون مفهوم الحضارة من خلال الإسلام.
2. لقد حارب ابن نبِي الاستعمار الفكري، وكتب في ذلك أكثر كتاباته، وذلك نتيجة كرهه للاستعمار الفرنسي المحتل لبلده.
3. وضع ابن مالك العديد من الحلول للأمراض الداخلية التي تقف حجر عثرة أمام نهضة الأمة والمتمثلة بالشلل الأخلاقي والخلل الفكري حيث دعا إلى التلائم بين النموذج القرآني والتطبيق العملي
الهوامش:
[1]أسعد السحمراني، مالك بن نبي : مفكرا إصلاحيا، دار النفائس، بيروت،1986
[2]- مالك بن نبي: شروط النهضة: ترجمة عبد الصبور شاهين ،ط دار الفكر دمشق،عام 1960.
[3]- مالك بن نبي: ميلاد مجتمع : ترجمة عبد الصبور شاهين ، دار الفكر دمشق ، عام1974.
[4]- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، دار الفكر، دمشق، 1979.
[5]- مالك بن نبي: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ، دار الفكر المعاصر ، بيروت، 1990.
[6]- مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي، دار الفكر العربي، دمشق، 1985 .
[7]- مالك بن نبي: في مهب المعركة : ارهاصات الثورة ، دار الفكر العربي ، دمشق، 1981.
[8]- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، مرجع سابق
[9]- مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي ، مرجع سابق
[10]- علي القريشي: التغيير الإجتماعي عند مالك بن نبي : منظور تربوي لقضايا التغيير في المجتمع المسلم المعاصر، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1989 .
[11]- مالك بن نبي: بين الرشاد والتيه : طريق الثورة في قضايا الإستقلال، في السياسة، في قضية فلسطين، حول الإقتصاد في الصراع الفكري ، دار الفكر، دمشق، 1978.
[12]- مالك بن نبي: تأملات، دار الفكر، دمشق، 1977 .
[13]- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة ، مرجع سابق
[14]- مالك بن نبي: شروط النهضة ، مرجع سابق
المراجع:
1. أسعد السحمراني، مالك بن نبي : مفكرا إصلاحيا، دار النفائس، بيروت، 1986
2. علي القريشي: التغيير الإجتماعي عند مالك بن نبي : منظور تربوي لقضايا التغيير في المجتمع المسلم المعاصر، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1989 .
3. مالك بن نبي: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ، دار الفكر المعاصر ، بيروت، 1990.
4. مالك بن نبي: بين الرشاد والتيه : طريق الثورة في قضايا الإستقلال، في السياسة، في قضية فلسطين، حول الإقتصاد في الصراع الفكري ، دار الفكر، دمشق، 1978.
5. مالك بن نبي: تأملات، دار الفكر، دمشق، 1977 .
6. مالك بن نبي: شروط النهضة: ترجمة عبد الصبور شاهين ،ط دار الفكر دمشق،عام 1960.
7. مالك بن نبي: في مهب المعركة : ارهاصات الثورة ، دار الفكر العربي ، دمشق، 1981.
8. مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، دار الفكر، دمشق، 1979.
9. مالك بن نبي: ميلاد مجتمع : ترجمة عبد الصبور شاهين ، دار الفكر دمشق ، عام1974.
10.مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي، دار الفكر العربي، دمشق، 1985 .
المقدمة
ان الكتابة عن مالك بن نبي وامثاله من الذين تصدوا لمشكلة المسلمين في هذا العصر، وحاولوا ايجاد الحلول المناسبة هي ضرورية للأجيال، التي يجب أن تتعرف على أصحاب الخبرة والتجربة في مجال الصراع الفكري، فلم يعد مناسبا طرح الحلول العامة والعائمة، ولا بد من الدخول في التفاصيل ومعرفة أسباب التخلف وأسباب النهضة.
ان مالك بن نبي مفكر كبير والحديث عنه متشعب ذو أبعاد وذلك لغزارة انتاجه ولتعمقه في درس مشكلات العالم الاسلامي، وفي تحليل شخصية المسلم في عصور التخلف الحضاري، والمفكر هو الذي يدرس ويتأمل ويقارن ويحلل المشكلة الى اجزائها ثم ينسق ويركب ويجتهد في ايجاد الحلول.[1]
كان مالك بن نبي من مؤيدي الحركات الاصلاحية وهو الكاتب المتميز الذي دخل أعماق مشكلة المسلم النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وأثار قضايا كبيرة مثل الحديث عن الدورة الحضارية، ومسألة الحق والواجب والقابلية للاستعمار والفاعلية عند المسلم، كان عميقا في تحليله لواقع المسلمين، وعميقا في معرفته بخبايا الاستعمار والمستعمرين، ومعاناة الشعوب الإسلامية.
أصدر مالك بن نبي العديد من المؤلفات تحت عنوان مشكلات الحضارة، والتي حاول من خلالها وضع أسس ومبادئ في كيفية خروج المسلمين من الأمراض التي تصيبهم في جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والحضارية والنهضوية ..الخ، فقد درس بعمق بعض أسباب تخلف العالم الاسلامي، ولم يدرس حالة بعينها، بل درس العالم الإسلامي وهو يعيش في بؤرة الصراع مع الغرب، فقد تناول مالك بن نبي مشكلات النهضة بشقيها الداخلية والمتمثلة بالشلل الأخلاقي والفكري، والخارجي والمتمثل بالاستعمار
مشكلة الدراسة.
لا شك أن الفكر النهضوي لدى مالك بن نبي قد تم تناوله لدى العديد من المفكرين والمؤرخين، وكان هناك إشادة بدوره في النهضة ووضع علاج لأمراض المسلمين والمتمثلة بالتخلف والتراجع الفكري والحضاري.
لذا تتمحور اشكالية الدراسة في تناولها لاشكالية النهضة عند مالك بن نبي
أسئلة الدراسة
1.ما هو أثر مالك بن بني في النهضة الإسلامية ؟
2.كيف عالج مالك بن نبي معوقات النهضة الداخلية؟
3.كيف تناول مالك بن نبي العوامل الخارجية المؤثرة في عملية النهضة ؟
أهمية الدراسة
تنبع اهمية الدراسة من كونها تركز على شخصية إسلامية تناولت المعوقات التي تقف عائقا أمام النهضة الإسلامية في العصر الحديث، فمالك بن نبي هو أحد الذين تناولوا الأمراض التي تواجه النهضة على الصعيدين الداخلي والخارجي
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسةإلى:
1.التطرق الى أثر مالك بن بني في النهضة الإسلامية.
2.التعرف على علاج مالك بن نبي لمعوقات النهضة الداخلية.
3.ايضاح تناول مالك بن نبي العوامل الخارجية المؤثرة في عملية النهضة.
منهج الدراسة
بناءا على طبيعة الدراسة فإن الباحث سيستخدم المنهج الوصفي التحليلي والمتضمن تحليل الفكر النهضوي لدى مالك بن نبي.
المعوقات التي تواجه النهضة لدى العرب والمسلمين
لقد تطرق مالك بن نبي الى المعوقات التي تواجه النهضة لدى العرب والمسلمين وقد صنفها الى أمراض داخلي وأخرى خارجية، ويمكن تناولها على النحو التالي:
أولا: الأمراض الداخلية :
1.الشلل الأخلاقي :
تحتل الأخلاق حجر الزاوية في فكر مالك بن نبي ، فهي مرتبطة بالسياسة والحضارة والمجتمع ، وبفقدان الأخلاق تتحول السياسة إلى بولتيك ، والمجتمع المتحضر إلى مجتمع منحط " و إن أخطر مرض أصاب المسلمين هو الانفصام بين النموذج القرآني والتطبيق العملي ، انعدمت الدوافع التي حركت الرعيل الأول من الصحابة ، ويلخصها قول الشاعر الفرزدق للحسين بن علي – رضي الله عنه – واصفاً أهل العراق : " قلوبهم معك ، وسيوفهم مع بني أمية " .
وبدأ ضمير المسلم يتهرب من نصوص التنزيل ، وحركة الخوارج وفكر المعتزلة مثال على ذلك .
وازداد هذا المرض فشواً في القرون المتأخرة ، فأصبح المسلم نتيجة لغروره لا يعترف بأخطائه ، وأصبحت المعالة عنده : " بما أن الإسلام دين كامل ، وبما أنني مسلم ، فالنتيجة أنني كامل " ، وبذلك اختلت الحركة عنده ، فلا يزيد من جهوده للبناء والإصلاح ، ونتيجة لهذا الخلل ضعفت الروابط الاجتماعية ، فعالم الأشخاص لا يتألف ضمن منهج تربوي ، مع أن هذا التآلف مهم جداً ، قال تعالى : " لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " ( الأنفال ،63) .
ومبدأ المؤاخاة الذي قام بين المهاجرين والأنصار أصبح من الخطابات السعيدة ، والأخوة الإسلامية أصبحت كلاماً للزينة وشعوراً تحجر في نطاق الأدبيات ".([2])
2.الخلل الفكري :
أ.ذهان السهولة : يميل المسلم في تقويمه للأشياء إما للغلو فيها أو للحط من قيمتها ، ويتمثل هذا في نوعين من الأمراض : إما أن الأمور سهلة جداً ولا تحتاج إلى تعب ونصب ، ويسميه مالك : ( ذهان السهولة ) وأبرز مثال على مرض ذهان السهولة قضية فلسطين ، فقد قيل : إن إخراج اليهود من فلسطين سيتم خلال أشهر ، ولو نفخنا عليهم نفخة واحدة لطاروا ، ولكنهم في الحقيقة لم يطيروا ، وهناك من يظن أنه بخطبة رنانة يحل مشاكل المسلمين ، أو أن ننتظر البطل الرجل الوحيد ، الذي حمل كلا مشاكلنا ، وبعض المسلمين يكرهونه الذين يفكرون تفكيراً مؤثراً منطقياً.
أن أسر طريق لأصحاب السياسات الانتهازية أن يستخدموا كلمات طنانة ، مثل : الاستعمار والإمبريالية والوطنية للتغرير بالشعوب ، هذه الكلمات التي "تليق جداً لتشحيم المنحدر حتى يكون الانزلاق عليه نحو السهولة ميسوراً جداً ".([3])
ومما يؤكد كلام مالك عن ذهان السهولة عندما يكون المسلم في حالة تخلف : ما ذكره العلامة ابن خلدون عن العرب في حال بداوتهم أنهم لا يتغلبون إلى على البسائط ، وكل مستصعب فهم تاركوه إلى ما سهل ، بينما نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمد الصعوبة في الدعوة ، ففضل التربية الطويلة ، ولم يعتمد على المعجزة السهلة .
ولكن في العصور المتأخرة بدأ الحديث يكثر عن الكرامات وصارت حياة الأديب أو الشاعر تعتمد على التزلف السهل ، أو التهديم السهل ( المدح والهجاء ).
ب.أو أن يحدث العكس فيصاب بذهان الاستحالة ، فيرى المسلم أن الأمور مستحيلة ، ويقف عاجزاً أمامها ، وهي في الحقيقة غير مستحيلة ، ولكن ربما يضخمها عمداً حتى لا يتعب نفسه في إيجاد الحلول لها ، أو أنه يشعر بضعف همته فيحكم عليها بالاستحالة ، وقد مرت فترة فكانت بعض الشعوب تنظر إلى صعوبة إخراج المستعمر من بلادها ، وقد نجد من المسلمين من يعتقد استحالة استئناف حياة إسلامية في هذا العصر .
ت.طغيان الأشياء : عندما يكون مجتمع في حالة نهوض ، لا بد أن يحقق الانسجام والتوازن بين هذه العوالم ( الأشياء ، الأشخاص ، الأفكار ) ، ولكن الحقيقة أن النزعة الكمية هي المسيطرة ، فلا يسأل المؤلف عن الموضوع الذي تناوله ، وإنما يسأل عن عدد صفحات الكتاب ، وعندما تريد إحدى المصالح الحكومية تجهيز مقرها ، تزوده بعدد خيالي من المكاتب ، والموظف الكبير يحب أن يكون في مكتبه أربعة هواتف وخمسة أجهزة تكييف " وإذا كان مجتمع ما قبل التحضر فقيراً في عالم الأشياء ، فإن المجتمع ما بعد التحضر مكتظ بالأشياء ولكنها خالية من الحياة ".([4])
ث.طغيان عالم الأشخاص : عندما يتعلق الناس بالأشخاص أكثر من تعلقهم بالمبدأ ، فإنهم يرون الإنقاذ من الحالة التي هم فيها بالبطل القادم دون أن يقوموا بجهد يذكر ، فالخلاص لا يتم بتجمع أناس على مبدأ يدافعون عنه ويتفانون فيه ، بل بالرجل الذي يجمعهم ويوحدهم ، وقد تتجسد الأفكار بأشخاص ليسوا أهلاً لحملها ، فتحسب أخطاؤهم وانحرافاتهم على المجتمع الإسلامي ، أو على الإسلام ولذلك جاءت الآية القرآنية الكريمة حاسمة في هذا الموضوع : إن الواجب على المسلمين حمل الرسالة وقيادة الدعوة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم "( آل عمران ، 144).
ج.طغيان الأفكار : عندما يكون المجتمع في حالة تخلف قد يصل الأمر إلى طغيان عالم الأفكار ، فعندما لا يستطيع المسلم القيام بعمل مثمر يلجأ إلى البحث في الأفكار المجردة النظرية التي لا تأخذ طريقها إلى التطبيق ، وبدل أن يتكلم عن معاناة الناس ومشاكلهم والتخطيط لمجتمع أفضل ، فهو يتكلم عن الماضي الذي له صلة بالحاضر ، أو ينقل معارك وهمية ليكون هو أحد أبطالها ، وتدفع المطابع كل يوم بعشرات الكتب التي لا تمس الواقع ، بل هي هروب من هذا الواقع
ح.العقلية الذرية : وها مرض من ينظر إلى الأحداث والوقائع مجزأة ومنفصلة فردية ، " كأنما في مجموعها لا تكون حلقة من التاريخ ، وإنما كوماً من الأحداث ".([5])
هذه العقلية موجودة في أوساط المسلمين بسبب البعد عن الفعل الحضاري ، ومن مظاهرها أن جهودنا لا تتسم بالعمل المتواصل ، ولكن بالمحاولات المنفصلة ، فما إن يبدأ نشاط ما حتى يذهب فجأة كأنه وثبة برغوث ، ولنعتبر على سبيل المثال كم مجلة ظهرت في بلادنا ثم اختفت بنفس السرعة ؟
لماذا دورنا في الحياة منفصل عن دورنا في البيت ؟
ولماذا نحصل على ممتاز في مادة الأحياء ، ومقبول في مادة التاريخ ، ولا يخطر ببالنا أن هناك علاقة بين الاثنين ؟
ولو أننا تعودنا الربط والتعميم وتتبع الجزئيات وربطها بالكليات لما استغربنا تشابه المشكلات الخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي .
إن هذا العجز عن التعميم ليس من خواطر فكر المسلم كما يحاول أن يؤكده المستشرق (جب) ، بل هو طراز للعقل الإنساني بعامة عندما يقصر عن بلوغ درجة معينة من النضج ، بينما في حالة الحضارة نجد أن التراث العلمي الذي خلفته الحضارة الإسلامية يظل شاهداً على ما اتسم به العقل الإسلامي من القدرة على التركيب والإحساس بالقانون العام والبعد عن العقلية التجزيئية ، وعلم أصول الفقه أكبر دليل على ذلك .
ثانيا: الخطر الخارجي :
إن كان مالك لا يعلق أخطاء تقصير المسلمين على مشجب الاستعمار وحده ، بل يهتم بالعوامل الداخلية كما أسلفنا ، إلا أنه لا ينسى خطورة الاستعمار وأثره في إعاقة النهضة الإسلامية ، ومالك خبير بخفاياه ومواقفه من المسلمين ، ولذلك جاءت ملاحظاته وتعليقاته في هذا الجانب على درجة عالية من العمق والتحليل ، ومن هذا الجانب كانت مشكلة المسلمين ربما تختلف عن مشاكل الشعوب الأخرى ، فالإعاقة من جانبين : الجانب الداخلي ( التخلف الحضاري ) والجانب الخارجي ( الاستعمار ) الغربي .
لقد تدخل الاستعمار في كل شيء حتى لا يترك فرصة لأي بعث إسلامي ، وهو يتظاهر بأنه يحضر الشعوب المستعمرة ، بينما نجد الواقع أنه أفقر المستعمرات بنهب أموالها واستغلال خيراتها " وإذا أردنا أن نتقصى الحركة الاستعمارية في أصولها فلا بد أن ننظر إليها كعلماء اجتماع لا كرجال سياسة "([6]) ، فظاهرة الاستعمار من طبيعة الرجل الأوروبي ، فكلما وقع اتصال بين الأوروبي وغير الأوروبي خارج إطار أوروبة فهناك ( موقف استعماري) ، بينما نجد في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية أن رحلات ابن بطوطة وأبو الفداء والمسعودي وابن جبير لم تثر شهيتهم للاستعمار ، ورحلات مثل هذه تثير شهية الأوروبي ، " يقول منوني وهو الكاتب المتخصص بنفسية الاستعمار : إن الأوروبي يحب عالماً دون بشر ، ولو قال : إن الأوروبي يحب عالماً دون شهود على جريمته لكان هو الصواب ".([7])
يستخدم الاستعمار خبث منطق الفعالية مع الشباب المسلم وخاصة الذين يدرسون في الغرب ، وخلاصته : بما أنن نحن المسيطرون ونحن الأقوى ، إذن أفكارنا هي الصحيحة ، " ويعتبر هذا اللبس المفروش في أعماق نفسية هذا الشاب هو النواة التي تدور حولها جميع دسائس هذا الصراع الفكري ومناوراته ".([8])
ومن وسائله الماكرة التي ما يزال يتقن استعمالها : رميه للمسلم بشتى الاتهامات ، حتى يصبح المسلم وكأنه منبوذ هذا القرن ، وفي هذه الحالة تصبح تصرفات المسلم كلها ردود أفعال ، ويرتفع عنده توتر طاقات الدفاع ، فيعيش إما متَّهَماً أو متَّهِماً . ويخوض المسلم معارك وهمية طالما خاضها الأفغاني ومحمد عبده مع أرنست رينان وهانوتو بينما الحقيقة أن المشكلة ليست في الدفاع عن الإسلام ، بل في تعليم المسلمين كيف يدافعون عن أنفسهم .
الإقلاع باتجاه حضارة :
إن الاهتمام بالسنن الكونية التي ركز عليها القرآن ، والدراسة الشاملة عبر التاريخ ، هو ما مكن مالك بن نبي من إدراك الخطر الداخلي ، وأن يقدم الحلول التي تساعد على النهوض باتجاه حضارة ، وهذه بعض النقاط التي يمكن استخلاصها من فكره .
1.الإيمان العميق بالمبدأ الذي يعتنقه الإنسان : هذا الإيمان يعطيه قوة فوق قوته ، واحتمالاً فوق احتماله ، فيتغلب على المصاعب ويتحول هذا الإيمان إلى عاطفة قوية جارفة " فالروح وحدها هي التي تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم ، ومن يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير الجاذبية الأرضية ".([9])
والمسلم الذي يصل إلى درجة التوتر الروحي كما يعبر مالك ، يشعر بالسعادة الغامرة وهو يبني أول مسجد في المدينة ، وهذه الحالة تجعل بلالاً رضي الله عنه يصبر ويتحدى قريشاً وهو يردد أحد أحد .
وضع القرآن الكريم ضمير المسلم بين حدين : الوعد والوعيد ، والخوف والرجاء ، ومعنى ذلك أنه وضعه في أنسب الظروف ، قال تعالى : " فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون "(الأعراف ،99) ، وقال : " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ( يوسف ، 87).
يقول الدكتور إلكسيس كاريل معبراً عن هذه الحقيقة : " الإيمان هو الذي يدفع الإنسان إلى العمل وليس العقل ، والذكاء يكتفي بإنارة الطريق ولكنه لا يدفعنا إلى الأمام ".([10])
هذه الطاقة الإيمانية جعلت الفرد المسلم في عصر النبوة يقسم ثروته مع أخيه المهاجر ، وهي التي جعلت الصحابة يحفرون الخندق في أيام قليلة . وهذا معنى قوله تعالى : " يا يحيى خذ الكتاب بقوة ".( مريم ،12)
2.شبكة العلاقات الاجتماعية : إن المجتمع لا يتكون من كومة أفراد ، بل بعلاقات معينة بين هؤلاء الأفراد ، ففي عالم الحيوان نجد أنه كلما تعقدت المصلحة كانت الفاعلية أكثر ، هناك حيوان يعيش بمفرده ، ونشاطه يسد حاجات بيولوجية بسيطة .
فإذا نظرنا إلى حيوان يعيش في مستوى أعلى من هذا فإننا نرى العش الذي يبنيه الطير يعطي صورة للنشاط الاجتماعي ، ولكنه يبقى دون مستوى الحيوان الذي يعيش في نظام أوسع نطاقاً من الأسرة كالنحل ، الذي يتسم إنتاجه بالفاعلية في صورة مادية ، فهو ينتج أكثر من حاجات خليته ، وفي صورة معنوية لأن هذا الإنتاج يفرض على خليته حياة منظمة ، ونجد في هذا المجتمع البسيط ظاهرة تقسيم العمل .
إن الذي يخطط للنهوض بالمجتمع الإسلامي يحب أن تكون لديه أفكار جد واضحة عن العلاقات الاجتماعية ، فعملية بناء كيان اجتماعي ليس بالأمر السهل ، لأن العقد النفسية كما يؤكد العالم الأمريكي مورينو هي في العلاقة بين الأفراد ، وليس من داخل الفرد كما يقول فرويد ، والفرد في المجتمع الإسلامي اليوم وبسبب ضعف العلاقات الاجتماعية لا تقدم له الضمانات والمسوغات التي تجعله يقدم أقصى طاقاته .
3.الحق والواجب : يميل الفرد بطبيعته إلى نيل حقوقه ، وقد يتثاقل عن القيام بواجبه ، والأمة تصاب بمرض السهولة فإن من أهون الأشياء عليها والتي لا تكلفها كثيراً هو المطالبة بالحقوق ، ونسيان الواجبات ، وكان هذا منشأ سياسة الدجل التي يمارسها الزعماء الذين يتقنون خداع الجماهير بشعارات براقة " وللمطالبة بالحقوق إغراء شديد ، إنها كالعسل الذي يجذب الذباب ، ويجتذب الانتفاعيين ، بينما كلمة الواجب لا تجتذب غير النفعيين ، كلمة الواجب توحد وتؤلف ، بينما كلمة الحق تفرق وتمزق ، وهكذا ما خرجت دولة من العالم الثالث من ربقة الاستعمار إلا وتناحرت أحزابها على المطالبة بحق اقتسام الغنائم بدلاً من أن يتكلموا في الواجبات ".([11])
ومن الأمثلة التي ترويها ذاكرة مالك بن نبي حول هذا الموضوع : " شاهدت خلال بعض المواقف جيلاً من السياسيين يقفون من قضية الأمية موقفاً جديراً بالملاحظة ، فقد كتبوا المقالات الطويلة لشرح هذا المرض ، ويهاجمون الاستعمار في خطب حماسية ، ويستمرون في خطبهم حتى تنقطع أنفاسهم ، ولكن المشكلة لا تجد في مجهوداتهم حلاً ، لأنهم لم يدخلوا إلى المشكلة من طريق حلها ، وهو القيام بالواجب ، وهو تطوع كل ذي علم للمساهمة في محو الأمية ".([12])
وهذا المرض ما يزال مسيطراً على العقول ، فكثيراً ما نسمع في قرية من القرى أو حي من الأحياء من يطالب بفتح طريق أو تنظيف شارع أو فتح مدرسة ، وكان بوسعهم أن يتعاونوا لإنجاز مثل هذه الأعمال . والخلاصة أن الطريق الوحيد للحصول على الحقوق هو القيام بالواجبات .
ولا بد أن نذكر هنا أن الشيخ عبد الحميد بن باديس كان قد سبق مالك إلى الاهتمام بهذا الموضوع ، حين كان شعار مجلة الشهاب هو : الحق والعدل والمؤاخاة في إعطاء جميع الحقوق للذين قاموا بجميع الواجبات .
4.الفعالية : يركز مالك بن نبي كثيراً على هذا الموضوع : لماذا نجد المسلم رغم أنه يحمل أفكاراً صحيحة ، ولكنه لا يستطيع تطبيقها في دنيا الواقع ؟ إنه غير فعال " لقد افتقد الضابط الذي يربط بين الأشياء ووسائلها ، وبين الأشياء وأهدافها ، إنه لا يفكر ليعمل ، بل ليقول كلاماً مجرداً ".([13])
ومن هنا يأتي العقم ، أصبح المسلم كفريسة تعرضت للشلل حتى يسهل ابتلاعها ، وسبب ذلك أن البيئة التي تحيط به وتغذيه بثقافتها أصبح مثلها الأعلى هو الزهد الأعجمي والصوفية وأصحاب المرقعات ، ولا تتمثل بعمر بن الخطاب ، أو بعبد الله بن المبارك أو الإمام مالك ، بينما نجد عند الغربيين أفكاراً لا تثبت أمام النقد الموجه لها ، ولكنهم استخدموها إلى أقصى ما يستطيعون ، مثل فكرة (التقدم).
وإن المسلم الذي يحمل القرآن يجب أن يستفيد منه للتخطيط للنهوض . وإن التوازن الذي صاغ به القرآن شخصية المسلم من أكبر الأسباب التي تساعده على الفعالية ، كما أن الشريعة تحمله على التوسط بين التشدد والتساهل .
5.التكديس والبناء : عندما يكون الإنسان في حالة تخلف حضاري ، تغلب عليه النظرة للكم وتكديس الأشياء ، ويظن أن كثرة استيراد منتجات حضارة أخرى ينتج له حضارة ، وهذا يتصل بمرض الشيئية ، إن تكديس كومة من الطوب أو الحجارة ، وكومة من الإسمنت لا يعني أن بناء قد أصبح جاهزاً ، فالأمر بحاجة إلى مهندسين وبنائين وتخطيط ، بعد وجود المواد الأولية (التراب) الذي تكلم عنه مالك كثيراً .
6.رجل الفطرة : يرى مالك أن رجل الفطرة هو المهيأ أكثر من غيره للدخول في دورة الحضارة مرة ثانية ، ورجل الفطرة هو الذي لم تستعبده الأشياء ، ولم يخضع للطغيان فتفسد رجولته وبأسه ، ويقابل رجل الفطرة عند مالك : رجل القلة ، وهو الذي يرضى بالقليل أو المتعطل الذي لا يعمل شيئاً ، أو الموظف البسيط في إدارة حكومية ، هذا الرجل " تغلغلت في نفسه دواعي الانحطاط التي قضت على المدنيات المتعاقبة في بلاده ، فهو يحمل روح الهزيمة ، فقد عاش حياته دائماً في منحدر المدنية ، إذ هو دائماً في منتصف طريق وفي منتصف فكرة ، وفي منتصف تطور ، لا يعرف كيف يصل إلى هدف ، إذ هو ليس نقطة الانطلاق في التاريخ كرجل فطرة، ولا نقطة الانتهاء كرجل الحضارة ، بل هو نقطة التعليق في التطور الحضاري ، ويصدق عليه وصف رجل النصف الذي دخل في ميدان فكرة فمسخها نصف فكرة ، وأطلق عليها اسم السياسة لأنه لم يكن مستعداً إلا لنصف جهد ، ونصف اجتهاد ، ونصف طريق ، وإن كان رجل الفطرة لا يملك كثيراً من الأشياء فهو أفضل ممن يملك نصف شيء ".([14])
شاهد مالك رجل الفطرة في منطقة أوفلو في الغرب الجزائري عندما عمل مساعداً قضائياً هناك ، يقول عن انطباعاته : " الناس في المدن لا يستطيعون فهم هذه العقلية أو ذلك النبل الذي يجري في عروق البدوي ، كانت أوفلو بالنسبة لي مدرسة تعلمت منها أن أدرك فضائل الشعب الجزائري الذي لا يزال بكراً ، كانت هذه فضائله قبل أن يفسدها الاستعمار ... ".
نتائج البحث:
في نهاية البحث لا بد من تناول أبرز النتائج التي توصلت اليها:
1. إن ابن نبي يحّلل الحضارة من خلال مفكرين غربيين أمثال كسر لنج وفرويد ونيتشه، وذلك نتيجة تأثره بالفكر الغربي بينما كل من سيد قطب وأبى الأعلى المودودي وسعيد حوى يحلّلون مفهوم الحضارة من خلال الإسلام.
2. لقد حارب ابن نبِي الاستعمار الفكري، وكتب في ذلك أكثر كتاباته، وذلك نتيجة كرهه للاستعمار الفرنسي المحتل لبلده.
3. وضع ابن مالك العديد من الحلول للأمراض الداخلية التي تقف حجر عثرة أمام نهضة الأمة والمتمثلة بالشلل الأخلاقي والخلل الفكري حيث دعا إلى التلائم بين النموذج القرآني والتطبيق العملي
الهوامش:
[1]أسعد السحمراني، مالك بن نبي : مفكرا إصلاحيا، دار النفائس، بيروت،1986
[2]- مالك بن نبي: شروط النهضة: ترجمة عبد الصبور شاهين ،ط دار الفكر دمشق،عام 1960.
[3]- مالك بن نبي: ميلاد مجتمع : ترجمة عبد الصبور شاهين ، دار الفكر دمشق ، عام1974.
[4]- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، دار الفكر، دمشق، 1979.
[5]- مالك بن نبي: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ، دار الفكر المعاصر ، بيروت، 1990.
[6]- مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي، دار الفكر العربي، دمشق، 1985 .
[7]- مالك بن نبي: في مهب المعركة : ارهاصات الثورة ، دار الفكر العربي ، دمشق، 1981.
[8]- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، مرجع سابق
[9]- مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي ، مرجع سابق
[10]- علي القريشي: التغيير الإجتماعي عند مالك بن نبي : منظور تربوي لقضايا التغيير في المجتمع المسلم المعاصر، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1989 .
[11]- مالك بن نبي: بين الرشاد والتيه : طريق الثورة في قضايا الإستقلال، في السياسة، في قضية فلسطين، حول الإقتصاد في الصراع الفكري ، دار الفكر، دمشق، 1978.
[12]- مالك بن نبي: تأملات، دار الفكر، دمشق، 1977 .
[13]- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة ، مرجع سابق
[14]- مالك بن نبي: شروط النهضة ، مرجع سابق
المراجع:
1. أسعد السحمراني، مالك بن نبي : مفكرا إصلاحيا، دار النفائس، بيروت، 1986
2. علي القريشي: التغيير الإجتماعي عند مالك بن نبي : منظور تربوي لقضايا التغيير في المجتمع المسلم المعاصر، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1989 .
3. مالك بن نبي: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ، دار الفكر المعاصر ، بيروت، 1990.
4. مالك بن نبي: بين الرشاد والتيه : طريق الثورة في قضايا الإستقلال، في السياسة، في قضية فلسطين، حول الإقتصاد في الصراع الفكري ، دار الفكر، دمشق، 1978.
5. مالك بن نبي: تأملات، دار الفكر، دمشق، 1977 .
6. مالك بن نبي: شروط النهضة: ترجمة عبد الصبور شاهين ،ط دار الفكر دمشق،عام 1960.
7. مالك بن نبي: في مهب المعركة : ارهاصات الثورة ، دار الفكر العربي ، دمشق، 1981.
8. مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، دار الفكر، دمشق، 1979.
9. مالك بن نبي: ميلاد مجتمع : ترجمة عبد الصبور شاهين ، دار الفكر دمشق ، عام1974.
10.مالك بن نبي: وجهة العالم الإسلامي، دار الفكر العربي، دمشق، 1985 .
New Post- مديرة ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 4133نقاط التميز : 6472الجنس :العمر : 24الأبراج :
رد: النهضة عند مالك بن نبي
بارك الله فيك على المجهود القيم
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ- نجم ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 3052نقاط التميز : 5482الجنس :العمر : 24الأبراج :
رد: النهضة عند مالك بن نبي
بصراحــه رائع جدا هذا الموضوع
بصراحه انتي تمتلكي ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
بصراحه انتي تمتلكي ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى