عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
صفحة 1 من اصل 2 • شاطر
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
امحمد الخوجة
سواء كانت البدايةُ طينًا أو ترابًا، فإن الأصل هي الأرض، قال تعالى: ﴿ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ [الحج: 5]، وقال أيضًا: ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ﴾ [السجدة: 7]، وليس الأصلُ خليةً، أو قردًا كما زعم "التطوُّريون"، وقد أثبتت الأبحاث العلمية المعاصرة أن زعماء تلك النظرية باتوا في عِداد مَن يُنعَتون بالخَرَف المُزْمِن، وعلى فرض أن أصلَ الإنسان قردٌ، فلماذا لم تتطوَّر قِرَدَةُ اليوم لتصير بَشَرًا؟ وهل قردة عصرنا غيرُ قابلةٍ للتطور؟
مهما يكن، فإن كثيرًا من سكان المعمورة يعتقدون أن أصل الإنسان مِن تراب، هذا التراب الذي ينتج أصنافًا مِن الزروع والورود والنباتات...، ويحتوي على مَعادِنَ كالذهب والفِضة والنُّحاس، والتي كانت في خدمة الإنسان على مرِّ الأزمان والعصور.
تأمَّل كيف يتعايش الترابُ بعضه مع بعضٍ في تآلف وانسجام، واندماج وتماسُك:
لا يتأفف وإن داسَتْه الأقدام.
لا ينزعج وإن أُلقِيَت عليه القاذورات والأوساخ ومُخلَّفات بني البشر.
وتأمَّل مرة أخرى تجِدْ ذلك التراب مِطوَاعًا، تتشكَّل منه السهول الفيحاء، والهِضاب المستديرة، وبيوت الطين المريحة.
لكن عندما صار التراب أو الطين أجسادًا آدمية تكتنف العظام واللحم، والعروق الدموية، والأعصاب...، واستَشْرَتِ الحياةُ في تلك الأجساد - فَقَدَتْ خصائص التراب النبيلة التي ذكرناها آنفًا، ولقد أجاد إيليا أبو ماضي حين قال:
نسِي الطينُ ساعةً أنه طيـ ـنٌ حقيرٌ فصال تيهًا وعربَدْ
وكَسَا الخَزُّ جسمَه فتباهى وحوى الكيسُ مالَه فتمرَّدْ
تناسى الجسدُ الآدميُّ أصلَه وتنكَّر له، تحت تأثير متطلبات الأنا البغيضة، وأصبحَتْ "إنتاجاتُه" كراهيةً وبُغضًا وحقدًا.
وصارت المحبةُ والتآلف والاتحادُ عُملةً قديمة، لا مفعول لها إلا عندما نتظاهر بها لقضاءِ مآرِبِنا، التي سَرْعان ما يَعْتَريها الذَّوَبان في بحر الطمعِ، الذي تتلاطَمُ أمواجُه في كل لحظة وحين.
أصبح الجسدُ الآدمي - الذي أصلُه مِن ترابٍ - يَعِيثُ في الأرضِ - التي هي أصله - فسادًا، يدسُّ المكايد؛ يقتُلُ ويُبِيد الحياة التي تأسَّست على "كاهل التراب"، قال ربي عز وجل: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41].
فيا أيها الإنسان، أَمَا آن لك أن تعتَبِرَ وتستفيدَ مِن خصائص أصلِك؟!
يُقدِّم لك الترابُ الكثيرَ لتعيشَ وتحيا، ولا تُقدِّم أنت للحياة التي تسري على وجه هذا التراب إلا القليلَ!
أَمَا آن لك أن تتجاوز عن أخطاء الآخرين، كما يتجاوز هو عن إساءاتِك المتكررة له؟!
أَلَمْ تأخُذْ منه مَعدِنًا لتصنعَ به أسلحةً قاتلة مدمِّرة؟
أَلَم تصنَعْ مِن حديده حواجزَ وأسلاكًا شائكة؛ لتمنع تلاقي الأجساد والأبدان؟
أَلَمْ تتَّخِذ مِن التراب حقولًا لزراعة "القات والأفيون، والقنَّب الهندي"؛ لتُدمِّر العقول البريئة؟
وما ذاك إلا بُغيةَ الحصول على أموالٍ عَفِنةٍ، تدسُّها في جيبك "المثقوب"، الذي لا يستقرُّ فيه مال على حال، لتُعاوِدَ الكرَّة مراتٍ ومراتٍ، ذلك المال الذي تلهَثُ وراءه ليلًا ونهارًا، ولو سألتَ التراب عن مشروعية فعلِك، لصاح بملء فيه: (سترجع يومًا إليَّ، وسيستقرُّ جسدُك بين أحشائي، وحينَها ستَجنِي وبالَ عملِك المشؤوم)!
عن شبكة الألوكة
امحمد الخوجة
سواء كانت البدايةُ طينًا أو ترابًا، فإن الأصل هي الأرض، قال تعالى: ﴿ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ [الحج: 5]، وقال أيضًا: ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ﴾ [السجدة: 7]، وليس الأصلُ خليةً، أو قردًا كما زعم "التطوُّريون"، وقد أثبتت الأبحاث العلمية المعاصرة أن زعماء تلك النظرية باتوا في عِداد مَن يُنعَتون بالخَرَف المُزْمِن، وعلى فرض أن أصلَ الإنسان قردٌ، فلماذا لم تتطوَّر قِرَدَةُ اليوم لتصير بَشَرًا؟ وهل قردة عصرنا غيرُ قابلةٍ للتطور؟
مهما يكن، فإن كثيرًا من سكان المعمورة يعتقدون أن أصل الإنسان مِن تراب، هذا التراب الذي ينتج أصنافًا مِن الزروع والورود والنباتات...، ويحتوي على مَعادِنَ كالذهب والفِضة والنُّحاس، والتي كانت في خدمة الإنسان على مرِّ الأزمان والعصور.
تأمَّل كيف يتعايش الترابُ بعضه مع بعضٍ في تآلف وانسجام، واندماج وتماسُك:
لا يتأفف وإن داسَتْه الأقدام.
لا ينزعج وإن أُلقِيَت عليه القاذورات والأوساخ ومُخلَّفات بني البشر.
وتأمَّل مرة أخرى تجِدْ ذلك التراب مِطوَاعًا، تتشكَّل منه السهول الفيحاء، والهِضاب المستديرة، وبيوت الطين المريحة.
لكن عندما صار التراب أو الطين أجسادًا آدمية تكتنف العظام واللحم، والعروق الدموية، والأعصاب...، واستَشْرَتِ الحياةُ في تلك الأجساد - فَقَدَتْ خصائص التراب النبيلة التي ذكرناها آنفًا، ولقد أجاد إيليا أبو ماضي حين قال:
نسِي الطينُ ساعةً أنه طيـ ـنٌ حقيرٌ فصال تيهًا وعربَدْ
وكَسَا الخَزُّ جسمَه فتباهى وحوى الكيسُ مالَه فتمرَّدْ
تناسى الجسدُ الآدميُّ أصلَه وتنكَّر له، تحت تأثير متطلبات الأنا البغيضة، وأصبحَتْ "إنتاجاتُه" كراهيةً وبُغضًا وحقدًا.
وصارت المحبةُ والتآلف والاتحادُ عُملةً قديمة، لا مفعول لها إلا عندما نتظاهر بها لقضاءِ مآرِبِنا، التي سَرْعان ما يَعْتَريها الذَّوَبان في بحر الطمعِ، الذي تتلاطَمُ أمواجُه في كل لحظة وحين.
أصبح الجسدُ الآدمي - الذي أصلُه مِن ترابٍ - يَعِيثُ في الأرضِ - التي هي أصله - فسادًا، يدسُّ المكايد؛ يقتُلُ ويُبِيد الحياة التي تأسَّست على "كاهل التراب"، قال ربي عز وجل: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41].
فيا أيها الإنسان، أَمَا آن لك أن تعتَبِرَ وتستفيدَ مِن خصائص أصلِك؟!
يُقدِّم لك الترابُ الكثيرَ لتعيشَ وتحيا، ولا تُقدِّم أنت للحياة التي تسري على وجه هذا التراب إلا القليلَ!
أَمَا آن لك أن تتجاوز عن أخطاء الآخرين، كما يتجاوز هو عن إساءاتِك المتكررة له؟!
أَلَمْ تأخُذْ منه مَعدِنًا لتصنعَ به أسلحةً قاتلة مدمِّرة؟
أَلَم تصنَعْ مِن حديده حواجزَ وأسلاكًا شائكة؛ لتمنع تلاقي الأجساد والأبدان؟
أَلَمْ تتَّخِذ مِن التراب حقولًا لزراعة "القات والأفيون، والقنَّب الهندي"؛ لتُدمِّر العقول البريئة؟
وما ذاك إلا بُغيةَ الحصول على أموالٍ عَفِنةٍ، تدسُّها في جيبك "المثقوب"، الذي لا يستقرُّ فيه مال على حال، لتُعاوِدَ الكرَّة مراتٍ ومراتٍ، ذلك المال الذي تلهَثُ وراءه ليلًا ونهارًا، ولو سألتَ التراب عن مشروعية فعلِك، لصاح بملء فيه: (سترجع يومًا إليَّ، وسيستقرُّ جسدُك بين أحشائي، وحينَها ستَجنِي وبالَ عملِك المشؤوم)!
عن شبكة الألوكة
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي .....!!
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي .....!!
MED - BOX HD- مدير ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 1156نقاط التميز : 1969
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
مشكور على الموضوع
سلمت يداك
بارك الله فيك
واصل ابداعك
سلمت يداك
بارك الله فيك
واصل ابداعك
هلال- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 23/08/2018المساهمات : 259نقاط التميز : 260
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
شكرا على الموضوع الرائعع
دمت فخرا للمنتدى
التوقيع
_________________
جودي- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/08/2018المساهمات : 321نقاط التميز : 353الجنس :العمر : 21الأبراج :
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
شكرا على الموضوع القيم
فؤاد- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 19/09/2018المساهمات : 282نقاط التميز : 282العمر : 23الأبراج :
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
صباحك // مساؤك .. أمواج فرح لا تجف ,,
تحية محملة بباقة ورد جورية ,,,
أهديك أياها
يعطيك العافيه طرح رائع وانت دائما رائع في طرحك .
أنتظر جديدك بكل الشوق والود ,,,
تقبل مروري المتواضع
تحية محملة بباقة ورد جورية ,,,
أهديك أياها
يعطيك العافيه طرح رائع وانت دائما رائع في طرحك .
أنتظر جديدك بكل الشوق والود ,,,
تقبل مروري المتواضع
يورى الأمورة- مراقب أقسام
- تاريخ التسجيل : 17/09/2018المساهمات : 66نقاط التميز : 72الجنس :العمر : 19الأبراج :
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
شيكاغو- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 25/09/2018المساهمات : 336نقاط التميز : 336الجنس :العمر : 22الأبراج :
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
بصراحــه رائع جدا هذا الموضوع
بصراحه انت تمتلك ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجميل
دائما كلماتك ترتدي ثوب التميز والابداع الثقيلان
صح أحساسك ولسانك ودام توهجك
التوقيع
_________________
منتدى احلى تومبلايت
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
موضوع مميز جدا شكرا لك
MasTar- عضو مميز
- تاريخ التسجيل : 26/10/2018المساهمات : 602نقاط التميز : 606الجنس :العمر : 23الأبراج :
رد: عندما تناسى الجسد الآدمي أصله
بارك الله فيك وشكرا على المتابعة
التوقيع
_________________
Derraz Boujemaa- مؤسس ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 20/08/2018المساهمات : 5189نقاط التميز : 9415الجنس :
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى