ركن الدين بيبرس وجهاده الصليبيين

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

ركن الدين بيبرس وجهاده الصليبيين

مُساهمة من طرف Nabil LacRiM الثلاثاء سبتمبر 11, 2018 6:16 pm


▪️ركن الدين بيبرس وجهاده الصليبيين

تولي السلطان الظاهر بيبرس السلطنة
بمقتل السلطان قطز، خرج أمراء المماليك الذين تآمروا عليه إلى الدهليز السلطاني بالصالحية وسلطنوا عليهم بيبرس سنة 658 هـ / 1260م؛ لأنه هو الذي قتله وأجلسوه مكانه على مرتبة السلطان، وبعد أن حلف له القادة بمن فيهم فارس الدين أقطاي، والجند يومين الولاء، دخل القاهرة ظافرًا.
ويعتبر بيبرس من أعظم سلاطين المماليك لما قام به من أعمال شملت تنظيمات وعمران وغير ذلك، وكان من أهم أعمال بيبرس إحياؤه الخلافة العباسية في القاهرة سنة 659هـ / 1260م، بعد أن قضي عليها التتار في بغداد. مما أكسبه سلطة شرعية مدعومة بموافقة الخليفة العباسي، كما استن نظام ولاية العهد في أسرته، بتعيين ابنيه السعيد بركه خان والعادل بدر الدين سلامش، وحفر الترع، وأصلح الحصون، وأسسِ المعاهد، وبنى المساجد، كما قوى الجيش واستحضر أعدادًا كبيرة من المماليك، وكرس همته في محاربة الصليبيين. ولذلك يعتبر المؤسس الحقيقي للدولة المملوكية في مصر، وتوفي في السابع والعشرين من محرم عام 676 هـ / 1277م في دمشق وهو عائد من وقعة قيسارية [1].

دور بيبرس في التصدي للصليبيين
لم ينس بيبرس لحظة عداوة الصليبيين وخطرهم على الشام ومصر، وهو الذي شارك في صدهم عن المنصورة ودمياط، ورأى محاولات لويس التاسع في تأجيج الصراع بين دولة المماليك الحديثة النشأة والملك الناصر ملك الشام، ثم تعاونهم مع الخطر الجديد القادم من الشرق، حيث رأوا فيه حليفا طبيعيا ساقه الله لنصرتهم، ألا وهو خطر المغول، فاتصلوا بهم، وعملوا أدلاء لجيوشهم وجواسيس يطلعونهم على عورات المسلمين، بل سمح بعضهم لبعض الحاميات المغولية بالنزول في حصونهم، فوقعوا هم أنفسهم تحت سيطرة ورحمة تلك الجماعات [1]، وكذلك تآمر الصليبيين الدائم مع الحشاشين الذي كانوا خطرا دائما يهدد كل مجاهد مسلم من زعماء المسلمين.
لهذا قرر بيبرس كما قلده في ذلك خلفاؤه أمثال قلاوون والأشرف خليل، اجتثاث الخطر الصليبي نهائيا من بلاد الشام [2].
وكتمهيد لتحقيق هذا الهدف تحالف بيبرس مع الإمبراطور البيزنطي باليولوجس عدو الصليبين، حيث عقد معه معاهدة دفاعية عام (660 هـ / 1262م) كما حالف مغول القفجاق المسلمين (القبيلة الذهبية) وهادن أعداء المسلمين مغول فارس الوثنيين [3].
بعد كل هذه الترتيبات توجه بيبرس نحو الشام عام (663 هـ / 1265م) قاصدا إعداد قواته وإعادة توزيعها، تمهيدا لتنفيذ غرضه، وعند ذلك أحس الصليبيون بالخطر الكائن في استعدادات بيبرس ونيته نحوهم، فأرسلوا إليه وفودهم تعرض عليه المسالمة، وتعبر عن حسن نيتها نحوه، ولكنه كان يردها قائلا: "ردوا ما أخذتموه من البلاد، وفكوا أسرى المسلمين جميعهم، فإني لا أقبل غير ذلك"، ثم يطردهم من حضرته [4].
وكان من حماس بيبرس في جهاد الصليبين، أنه لم يخل عام من الأعوام العشرة ما بين (659-669هـ / 1261- 1271م) إلا وكان يشن فيه حربًا، ويسترد أرضا من أرض إحدى الإمارات الباقية بأيديهم، وهي: أنطاكية، وطرابلس، وبعض مملكة القدس.
فبادر عام (661 هـ / 1263م) بمهاجمة مدينة الناصرة، ثم هاجم بنفسه مدينة عكا الحصينة، ولكنه لم يتمكن أن فتحها بسبب ما أقامه فيها لويس التاسع من تحصينات [5].
وفي عام (663 هـ / 1265م) حاصر مدينة قيسارية وفتحها رغم حصانتها، ثم غادرها جنوبا إلى قلعة أرسوف البحرية التي كَانت تحت سيطرة شرسان الاسبتارية المشهورين ببسالتهم، فقاموا بالدفاع المستميت عنها، ولم يمكنوا بيبرس من فتحها فلجأ إلى الحيلة، بأن اتفق معهم على أن يستسلموا مقابل تأملات حياتهم، ولكنه قام بنقلهم إلى القاهرة بعد أن أمرهم بهدم قلعتهم [6].
وبعد ذلك قام بفتح يافا وعتليت، ثم استولى في العام التالي على صفد وهونين وتبنبن والرملة، مما جعل الإمارات الصليبية في حالة احتضار يائسة دفعتها إلى معاودة استعطاف السلطان بيبرس طالبة مصالحته، أو على الأقل عقد هدنة معه، وفي هذه المرة رأى أنه من المناسب إجابة طلبهم، فصالحهم عَلى أساس المناصفة أو المشاركة، وذلك بأن تصبح له حصة في غلاتهم ومنتجاتهم [7].
ومن أطرف هذه الاتفاقيات بين بيبرس والإمارات الصليبية تلك الاتفاقية التي عقدتها معه ازابيلا، ملكة بيروت عام (667 هـ / 1268م) ومدتها عشر سنوات، فقد ذكر القلقشندي أن هذه الملكة قد وثقت ببيبرس إلى درجة أنها كانت عندما ترغب حب السفر إلى جهة ما، تذهب بنفسها إلى بيبرس وتستودعه بلادها [8]، وعندما خطفها الملك هيو الثالث ملك جزيرة قبرص قام بيبرس بتخليصها عن طريق توجيه تهديدات لهيو. لهذا اتخذت لنفسها حرسا من المماليك حتى ماتت عام 672هـ / 1274م، وقلدتها في هذه السياسة أختها وخليفتها حتى استولى المسلمون على بيروت [9].
أما عن موقف السلطان الظاهر بيبرس تجاه العدو الآخر والحليف الدائم لكل من الصليبين والمغول، وأعني به مملكة أرمينيا الصغرى (جنوب الأناضول) فقد وجه إليها في عام (665 هـ / 1266م) القائد قلاوون؛ بقصد تأديب ملكها على تحالفه مع التتار زمن هولاكو وأبقاخان، وتشجيعه لهما على مهاجمة الشام ومصر، والمساهمة في دعمهما بفرض حصار اقتصادي على دولة المماليك، حيث منع عنها مادتي الخشب والحديد [10].
وقامت قوات قلاوون بهزيمة الأرمن قرب دراساك، ودمرت مدن سيس وأضنه وطرسوس والمصيصة، وألحقت بها دمارا هائلا في هجومها الذي استغرق عشرون يوما فقط، وقتل قلاوون أحد أبناء ملك أرمينيا وأسر الابن الثاني، في حين كان الملك نفسه هيثوم الأول في زيارة للمغول في بلاد فارس. ولم يوافق بيبرس على إطلاق أسيره إلا مقابل تنازل والده عن عدة مواقع استراتيجية ودفع جزية سنوية [11].
ومنذ ذلك الحين أصبحت أرمينية الصغرى ضعيفة لم تسبب للمسلمين أي مشكلة، إلا مرة واحدة في عهد السلطان محمد قلاوون حيث أخضعها نهائيًا. وفي عام 666 هـ قام بأخذ يافا عنوة وأجلي أهلها إلى عكا، ثم استولى على حصن الشقيف وأجلي أهله إلى صور، ثم هاجم صور فنهب وأرعب، ثم هاجم حصن الأكراد ثم سار عنوة إلى حمص ومنها إلى حماه ثم إلى فامية [12].

[1] المقريزي: السلوك، 1/ 436.
ابن إياس: بدائع الزهور، 1/ 97- 98.
- ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، 7/ 84، 267.
[2] أحمد العباد، قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام، دار النهضة العربية، بيروت، 1969م، ص222.
[3] مفصل بن أبي الفضائل، النهج السديد، ص: 192. المقريزي، السلوك: 1/584_ 600.
- بيبرس الدوادار، زبدة الفكر: 9/262/9.
- المقريزي، السلوك: 1/ 465.
[4] المقريزي: السلوك: 1/485_ 486.
[5] ابن كثير: 13/244.
[6] المفريزي: السلوك: 1/529 " ولا يعتبر هذا غدرا منه لأن هؤلاء الفرسان جبلوا على الخيانة والغدر، وطالما غدروا بالمسلمين". ابن كثير: البداية: 13/244.
[7] ابن كثير: البداية: 13/249.
- القلقشندي: صبح الأعشى: 4/44- 51. أبو المحاسن: النجوم: 7/150.
[8] القلقشندي: نفسه: 4/39.
- تاريخ ابن الفرات: 7/35.
[9] يذكر رنسيمان runciman, a history of the crusades. (Cambridge1957) p. 342_ 343 أن بيروت سقطت بيد الأشرف خليل عام 1291م (690هـ) ، بينما يذكر المقريزي أنها سقطت بيد الناصر قلاوون سنة 688هـ (1289م) (المقريزي: السلوك: 1/646_ 647).
[10] سعيد عاشور: قبرص والحروب الصليبية، القاهرة، مكتبة النهضة، 1957م، 2/1147.
[11] أبو المحاسن: النجوم: 7/14. المقريزي: السلوك: 1/552.
[12] المقريزي: السلوك: 3/552. ابن كثير 13/251.

Nabil LacRiM
Nabil LacRiM
مراقب الكمبيوتر والانترنت

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 2639
نقاط التميز : 4581
الجنس : ذكر
العمر : 28
الأبراج : الدلو

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: ركن الدين بيبرس وجهاده الصليبيين

مُساهمة من طرف ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ الأربعاء سبتمبر 12, 2018 12:51 am


بارك الله فيكم وأرضاكم واصلوا اتحافنا بكل جديد ومفيد
لكم من الابداع رونقه ومن الاختيار جماله
رائع ماتقدموه من ابداع جميل
ننتظر المزيد منكم

ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
نجم ستارديس

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 3052
نقاط التميز : 5482
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : السرطان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع

لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان

سجل معنا الان

انضم الينا جروب تاج فعملية التسجيل سهله جدا ؟


تسجيل عضوية جديدة

سجل دخولك

لديك عضوية هنا ؟ سجل دخولك من هنا .


سجل دخولك

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى