وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الفرقان (5)
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾
قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20].
تضمنت الآية بحسب ما ورد في سبب نزولها تعييرَ المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة، وجعلوا ذلك من المعايب التي يجب أن يتنزه عنها من يدعي النبوة.
وقد جاء الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ورده على ذلك التعيير الذي لا وجه؛ لأنهم يريدون مخالفة الفطرة البشرية في حق خير البرية صلى الله عليه وسلم، بثلاثة أمور:
الأول: قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾؛ وهذا جواب عن قولهم: ﴿ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان: 7]، فقد بيَّن الله تعالى أن هذه عادة مستمرة في كل رسله، فلا وجه لهذا الطعن. وقيل: معناه وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل لهم مثل هذا أنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق؛ كما قال في موضع آخر: ﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [فصلت: 43].
الثاني: قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ﴾ [الفرقان: 20]؛ وهذا احتجاج عليهم في تخصيص محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة مع مساواته إياهم في البشرية وصفاتها، فابتلى المرسَلين بالمرسل إليهم وأنواع أذاهم، على ما قال: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [آل عمران: 186].
ولما طعنوا في الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، وبأنه فقير، كانت هذه الكلمات جارية مجرى الخرافات، فإنه لما قامت الدلالة على النبوة لم يكن لشيء من هذه الأشياء أثرٌ في القدح فيها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأذى منهم؛ من حيث إنهم كانوا يشتمونه، ومن حيث إنهم كانوا يذكرون الكلام المعوج الفاسد، وما كانوا يفهمون الجواب الجيد، فلا جرم صبَّره الله تعالى على كل تلك الأذية، وبيَّن أنه جعل الخلق بعضهم فتنة للبعض.
الثالث: قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20]، ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله ﴿ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾؛ أي: وكان ربك أيها الرسول الكريم بصيرًا بأحوال النفوس الطاهرة والخفية، وبتقلبات القلوب وخلجاتها، فاصبر على أذى قومك، فإن العاقبة لك ولأتباعك المؤمنين، فهذا التذييل فيه ما فيه من التسلية والتثبيت لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ﴾:
قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ﴾؛ أي: إن الدنيا دار بلاء وامتحان، فأراد سبحانه أن يجعل بعض العبيد فتنة لبعض على العموم في جميع الناس مؤمن وكافر، فالصحيح فتنة للمريض، والغني فتنة للفقير، والفقير الصابر فتنة للغني، ومعنى هذا أن كل واحد مختبر بصاحبه، فالغني ممتحن بالفقير، عليه أن يواسيه ولا يسخر منه، والفقير ممتحن بالغني، عليه ألا يحسده ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق; كما قال الضحاك في معنى أتصبرون: أي على الحق، وأصحاب البلايا يقولون: لِمَ لم نُعافَ؟ والأعمى يقول: لِمَ لم أُجعل كالبصير؟ وهكذا صاحب كل آفة، والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره.. ألا ترى إلى قولهم: ﴿ لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]، فالفتنة أن يحسُد المبتلى المعافى، ويحقر المعافى المبتلى، والصبر: أن يحبس كلاهما نفسه، هذا عن البطر، وذاك عن الضجر، أتصبرون محذوف الجواب، يعني: أم لا تصبرون، فيقتضي جوابًا.
abdel_madjid- عضو جديد
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 52نقاط التميز : 150الجنس :العمر : 34الأبراج :
رد: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
وجـزآكــ الله خـيرا عـلى الطـرح المـفـيـد والنافع والـقـيــم
بَارَك الْلَّه فِيْك
وجـزآكــ الله خـيرا عـلى الطـرح المـفـيـد والنافع والـقـيــم
بَارَك الْلَّه فِيْك
New Post- مديرة ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 4133نقاط التميز : 6472الجنس :العمر : 24الأبراج :
رد: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف شكر على المشاركة الرائعة والمميزة
بانتظار القادم الاروع ان شاء الله
Nabil LacRiM- مراقب الكمبيوتر والانترنت
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 2639نقاط التميز : 4581الجنس :العمر : 28الأبراج :
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى