قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم

مُساهمة من طرف Derraz Boujemaa الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 12:54 am


قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم )

إذا علِمناعن رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-ما ذكرنا من قبل، فلا شكَّ أن القلوبقبل العقول تُسارِع شوقًا إلى معرفة المزيد عن الرسول - صلىاللهعليهوسلم-كيف كان؟ وكيف عاش؟ وكيف تَعامَل مع ربه؟وكيف تعامَل مع مَن حوله؟ كيف كان يمشي؟ كيف كان يأكل؟ كيف كان يشرب؟ كيفكان يدعو؟ كيف أوذِيَ؟ وكيف صبر؟ وكيف جاهَد؟ وكيف عبد؟ كل هذهوغيرها أسئلة تحتاج إلى إجابة، والإجابة التي نجعلها مِسك الختام هيتَطوافة في رَوْضة الحبيبِ المصطفى - صلىاللهعليهوسلم-مع سيرته، نعيشمعسيرتهمن خلال هذه السطور، والحقيقة أننا لا نملِك أن نوفِّي هذه السيرةبعض ما يجب، ولكنها رؤوس موضوعاتِ، وجُمُل يسيرة، قُصِد بها فتح الطريقأمام ناشئة المسلمين وشبيبتهم لدراسة أعمق لهذه السيرة النبويَّة الخالدة.

نسبه:
هو أبو القاسم محمد بن عبدالله بنعبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بنغالب بن فِهر بن عبدمالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بنمُضر بن نزار بن معدِّ بن عدنان.

هذا هو المُتَّفَقعليهفي نسبه، واتَّفقوا أيضًا أن عدنان من ولد إسماعيل -عليهالسلام.

أسماؤه:
عن جبير بن مطعم - رضياللهعنه - أنالرسول - صلىاللهعليهوسلم-قال: ((إن لي أسماءً، أنا محمد وأنا أحمدوأنا الماحي الذي يمحواللهبي الكفرَ، وأنا الحاشر الذي يُحشَر الناس علىقدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد))[1].

وعن أبي موسى الأشعري - رضياللهعنه -قال: كان رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-يُسمِّي لنا نفسه أسماء، فقال: ((أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة))[2].

طهارة نسبه:
اعلم - رحِمنياللهوإياك - أن نبيناالمصطفى على الخَلْق كله - صلىاللهعليهوسلم-قد صانهاللهمن زلةِالزنا، فوُلِد من نكاحٍ صحيحٍ ولم يولَد من سفاح؛ فعن واثلة بن الأسقع أنالنبي - صلىاللهعليهوسلم-قال: ((إناللهاصطفى كنانة من ولد إسماعيل،واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))[3].

وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نَسَب رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-فقال: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نَسبٍ،فكذلك الرسل تُبْعَث في نسَبِ قومها[4].

ولادته:
وُلِد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، وقيل: في الثانى منه، وقيل: في الثامن، وقيل: في العاشر، وقيل: في الثاني عشر.

قال ابن كثير: والصحيح أنه وُلد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعًا.

قال علماء السير: لما حمَلت به آمنة قالت: ما وجدتُ له ثِقلاً، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب.

وفي حديث العِرباض بن سارية قال: سمعترسولاللهيقول: ((إني عنداللهفي أم الكتاب لخاتَم النبيين، وإن آدملمنجدلٌ في طينته، وسأحدِّثكم تأويل ذلك، دعوة إبراهيم، دعاء ﴿ وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 129]، وبِشارة عيسى ابن مريم ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، ورؤيا أمي، رأتْ في منامها أنها وضعت نورًا أضاءت منه قصور الشام))[5].

وتُوفِّي أبوه وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل: بعد ولادته بأشهر، وقيل: بسنة، والمشهور الأول.

رَضاعه:
أرضعتْه ثويبة مولاة أبي لهب أيامًا، ثماسترضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وأقام عندها في بني سعدنحوًا من أربع سنين، وشُقَّ عن فؤاده هناك، واستخرج منه حظ النفْسوالشيطان، فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك.

ثم ماتت أمه (بالأبواء)وهو ذاهب إلى مكة وهو ابن ست سنين، ولما مرَّ رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-بالأبواء، وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح زار قبرَ أمه؛ كما يروي لناذلك أبو هريرة - رضياللهعنه - حيث قال: زار النبي - صلىاللهعليهوسلم-قبرَ أمه فبكى وأبكى مَن حوله، فقال: ((استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلميؤذَن لي، واستأذنته في أن أزور قبرَها فأذِن لي، فزوروا القبور فإنهاتذكِّر الموت))[6].

فلما ماتت أمه حضنتْه أم أيمن، وهي مولاتهورِثها من أبيه، وكفَله جده عبدالمطلب، فلما بلَغ رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-من العمر ثماني سنين تُوفِّي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالبفكفَله، وحاطه أتم حياطة، ونصره وآزره حين بعثهاللهأعزَّ نصر، وأتممؤازرة، مع أنه كان مستمرًّا على شِركه إلى أن مات.

صيانةالله-تعالى - له من دَنَس الجاهلية:
وكانالله-سبحانه وتعالى - قد صانهوحماه من صِغره، وطهَّره من دَنَس الجاهلية ومن كل عيبٍ، ومنَحه كل خُلُقجميل، حتى لم يكن يُعرف بين قومه إلا بالأمين؛ لما شاهَدوه من طهارته وصدْقحديثه وأمانته، حتى إنه لما أرادت قريش تجديدَ بناء الكعبة في سنة خمسوثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضِع الحجر الأسود اختلفوا فيمَن يضعه، ثماتفقوا أن يكون أول داخلٍ عليهم، فكان رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-فقالوا: جاء الأمين، فرضوا به، فأمر بثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كلَّقبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه[7].

زواجه:
تزوَّج خديجةَ وله خمس وعشرون سنة، وكانقد خرج إلى الشام في تجارةٍ لها مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره منشأنه، وما كان يتحلَّى به من الصدق والأمانة، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى،فرغبت إليه أن يتزوَّجها.

وماتت خديجة - رضياللهعنها - قبل الهجرةبثلاث سنين، ولم يتزوَّج غيرها حتى ماتت، فلما ماتت خديجة - رضياللهعنها -تزوَّج -عليهالسلام - سودةَ بنت زمعة، ثم تزوَّج عائشة بنت أبي بكرالصديق - رضياللهعنهما - ولم يتزوَّج بِكرًا غيرها، ثم تزوَّج حفصةَ بنتعمر بن الخطاب - رضياللهعنهما - ثم تزوَّج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضياللهعنهما، وتزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية - رضياللهعنها - وتزوجزينب بنت جحش- رضياللهعنها - ثم تزوج رسولاللهجويرية بنت الحارث - رضياللهعنها - ثم تزوج أم حبيبة - رضياللهعنها - واسمها رملة، وقيل: هندبنت أبي سفيان، وتزوج إثر فتْح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب - رضياللهعنها -ثم تزوج ميمونة بنت الحارث - رضياللهعنها - وهي آخر مَن تزوَّج رسولالله-صلىاللهعليهوسلم.

أولاده:
كل أولاده من ذكرٍ وأنثى من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم، فإنه من مارية القبطيَّة التي أهداها له المقوقس.

فالذكور من ولده: القاسم، وبه كان يُكنَى، وعاش أيامًا يسيرة، والطاهر والطيب.

وقيل: وَلَدت له عبدالله في الإسلام،فلقِّب بالطاهر والطيب، أما إبراهيم فولِد بالمدينة، وعاش عامين غير شهرين،ومات قبله بثلاثة أشهر.

بناته:
زينب وهي أكبر بناته، وتزوَّجها أبو العاصبن الربيع وهو ابن خالتها، ورقية تزوجها عثمان بن عفان - رضياللهعنه -وفاطمة تَزوجها علي بن أبي طالب - رضياللهعنه - فأنجبت له الحسن والحسين -رضياللهعنهما - سيدي شباب أهل الجنة، وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان -رضياللهعنه - بعد رقية - رضياللهعنهن جميعًا.

قال النووي: فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاثة على الصحيح.

مبعثه:
بُعِث لأربعين سنة، فنزلعليهالمَلَكبحراء يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وكان إذا نزلعليهالوحياشتدَّ ذلك عليه، وتغيَّر وجهه، وعرق جبينه، فلما نزلعليهالمَلَك قال له:اقرأ، قال: ((لست بقارئ))، فغطَّه المَلَك حتى بلَغ منه الجَهْد، ثم قالله: اقرأ، فقال: ((لست بقارئ ثلاثًا))، ثم قال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 1 - 4].

فرجع رسولاللهإلى خديجة - رضياللهعنها -يرتَجِف، فأخبرها بما حدَث له، فثبَّتته وقالت: أبشِر، كلا والله لايُخزيكاللهأبدًا، إنك لتصِل الرحم، وتَصدُق الحديث، وتحمِل الكَلَّ،وتُعين على نوائب الدهر، وتُكرِم الضيف[8].

ثم فتَر الوحي، فمكث رسولاللهما شاءاللهأن يمكُث لا يرى شيئًا، فاغتمَّ لذلك واشتاق إلى نزول الوحي، ثمتبدَّى له المَلَك بين السماء والأرض على كرسي، وثبَّته، وبشَّره بأنه رسولاللهحقًّا، فلما رآه رسولاللهخاف منه، وذهب إلى خديجة، وقال: ((زملوني،دثِّروني، فأنزلاللهعليه: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 1 - 4]))[9].

فأمراللهتعالى في هذه الآيات أن يُنذِرقومَه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر عن ساق التكليف، وقام في طاعةاللهأتمَّقيامٍ، يدعو إلىاللهتعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجالوالنساء، والأسود والأحمر، فاستجاب له عباداللهمن كل قبيلة ممن أراداللهتعالى فوزَهم ونجاتَهم في الدنيا والآخرة، فدخلوا في الإسلام على نورٍوبصيرة، فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصاناللهرسوله - صلىاللهعليهوسلم-وحماه بعمه أبي طالب، فقد كان شريفًا مُطاعًا فيهم، نبيلاًبينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-لما يعلَمون من محبَّته له.

قال ابن الجوزي: وبقي ثلاث سنين يتستَّر بالنبوَّة، ثم نزل عليه: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾ [الحجر: 94]، فأعلَنَ الدعوة.

فلما نزل قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾[الشعراء: 214]، خرج رسولاللهحتى صعِد الصفا فهتَف: ((يا صباحاه))،فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: ((أرأيتُم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرجمن سفْح هذا الجبل، أكنتم مُصدِّقي؟))، قالوا: ما جرَّبنا عليك كذبًا،قال: ((فإني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد))، قال أبو لهب: تبًّا لك ماجمْعتنا إلا لهذا،ثم قام فنزلت: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1][10].

صبره على الأذى:
ولقي الشدائد من قومه وهو صابر مُحتسِب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فِرارًا من الظلم والاضطهاد فخرجوا.

قال ابن إسحاق: فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسولاللهمن الأذى ما لم تَطمع به في حياته.

وعن عبدالله بن مسعود - رضياللهعنه -قال: بينما النبي - صلىاللهعليهوسلم-ساجد وحوله ناس من قريش جاء عقبةُبن أبي معيط بسلى جَذورٍ فقذفه على ظهرِ النبي - صلىاللهعليهوسلم-فلميرفع رأسه، فجاءت فاطمة - عليها السلام - فأخذته من ظهره، ودعتْ على مَنصنع، فقال النبي - صلىاللهعليهوسلم-: ((اللهم عليك الملأ من قريش))[11].

وفي رواية أخرى: أن عقبة بن أبي معيط أخذيومًا بمنكبه، ولوى ثوبَه في عُنقه فخنقه به خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكرفدفعه عنه وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟[12].

رحمته بقومه:
فلما اشتدَّ الأذى على رسولاللهبعد وفاةأبي طالب وخديجة - رضياللهعنها - خرج رسولاللهإلى الطائف، فدعا قبائلثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العِناد والسخرية والأذى، ورَمَوهبالحجارة حتى أدمَوْا عقبيه، فقرَّر الرجوع إلى مكة.

وتروي لنا أمنا عائشة - رضياللهعنها -أنها قالت للنبي - صلىاللهعليهوسلم-:هل أتى عليك يوم كان أشد من يومأحد، قال: ((لقد لقيتُ من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيتُ منهم يومالعقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلال، فلمْ يُجبني إلى ماأردت، فانطلَقتُ وأنا مهموم على وجهي فلم أستفِق إلا وأنا بقرن الثعالب،فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فنادانيفقال: إناللهقد سمِع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك مَلَكالجبال لتأمره بما شئتَ فيهم، فناداني مَلَك الجبال فسلَّم عليَّ ثم قال:يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئتَ أن أُطبِق عليهم الأخشبين، فقالالنبي: بل أرجو أن يُخرِجاللهمن أصلابهم مَن يعبداللهوحده لا يُشرِك بهشيئًا[13].

وكان رسولاللهيخرج في كل موسم، فيَعرِضنفسه على القبائل ويقول: ((مَن يؤويني؟ من يَنصُرني؟ فإن قريشًا قد منعونيأن أبلِّغ كلام ربي))[14].

ثم إن رسولاللهلقي عند العقبة في الموسمستةَ نفرٍ فدعاهم فأسلَموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشاالإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سرًّا فلماتمَّت أمَر رسولاللهمن كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجواأرسالاً.

هجرته إلى المدينة:
كانت هجرته - صلىاللهعليهوسلم-درسًاعظيمًا في الأخذ بالأسباب، ثم حُسْن التوكل علىاللهتعالى؛ حيث خرج هووصاحبه أبو بكر الصديق - رضياللهعنه - في رحلة الهجرة، والتي شهِدتأحداثًا كثيرة، سجَّلتها لنا كتبُ السير والتاريخ، حتى دخل المدينة فتلقاهأهلها بالرحب والسَّعة، فبنى فيها مسجدَه ومنزله.

غزواتــه:
بعد أن أسَّس النبي - صلىاللهعليهوسلم-المجتمع المسلم بالمدينة والذي بدأه بالمسجدِ، أخذ في إرسال الرسائلوالسرايا لمن حوله - صلىاللهعليهوسلم-وكانت غزواته التي شارَك فيهاالنبي - صلىاللهعليهوسلم-حافلة بالدروس والعِبر والتشريعات، ونقَل لناالصحابةُ من خلالها الكثير من أحاديث رسولالله-صلىاللهعليهوسلم.

وقد شارَك رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-في سبعٍ وعشرين غزاة؛ كما يروي لنا ذلك ابن عباس - رضياللهعنهما -قال: لما خرج رسولاللهمن مكة قال أبو بكر: أَخرَجوا نبيَّهم - إنا للهوإنا إليه راجعون - فأنزلالله-عز وجل -: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39]، وهي أول آية نزلت في القتال[15].

وغزا رسولاللهسبعًا وعشرين غزاة، قاتَلمنها في تسع: بدر، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح،وحنين، والطائف، وبعث ستًّا وخمسين سرية.

حج النبي واعتماره:
لم يَحُج النبيُّ بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع، وفيها نزلعليهقولاللهتعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾[المائدة: 3]، وفيها أشهَد رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-اللهعلىأمَّته أن بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، وكانت هذه الحجة بمثابة الموسوعةالتشريعيَّة للأمة؛ حيث بيَّن فيها رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-الكثير من التشريعات لصحابته الذين تجاوزوا المائة ألف يَسألونه ويجيبهم.

أما بالنسبة للعمرة؛ فالأولى عمرةالحديبية التي صدَّه المشركون عنها، والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرةالجِعرَّانة، والرابعة عمرته مع حجته.

صفتـه:
كان رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-رَبْعَة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون - أي: أبيض بياضًا مُشربًابحمرة - أشعر، أدعج العينين - أي: شديد سوادهما - أجرد - أى لا يُغطِّي شعرصدرَه وبطنه - ذو مسربة - أي: له شعر يكون في وسط الصدر والبطن.

أخلاقـه:
كان أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعًا، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

وكان أشجع الناس وأعفَّ الناس وأكثرهمتواضعًا، وكان أشد حياء من العذراء في خِدرها، يَقبَل الهدية ويُكافئعليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكانيأكل ما وجد، ولا يدَّخِر ما حضر، ولا يتكلَّف ما لم يَحضُره، وكان لايأكل متكئًا ولا على خِوان، وكان يمرُّ به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ومايُوقَد في أبياته نار، وكان يُجالِس الفقراء والمساكين، ويعود المرضى،ويمشي في الجنائز.

وكان يمزح ولا يقول إلا حقًّا، ويضحك منغير قهقهة، وكان في مؤنة أهله؛ فعن عائشة قالت: قال رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))[16].

وقال أنس بن مالك - رضياللهعنه -: خدمتُرسولالله-صلىاللهعليهوسلم-عشر سنين، والله ما قال لي أف قط، ولاقال لي لشيء: لمَ فعلتَ كذا، وهلا فعلتَ كذا[17].

وما زال يَلطف بالخَلْق ويُريهم المعجزات،فانشقَّ له القمر، ونبَع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجِذع، وشكاإليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.

فضلـه:
فضَّلهاللهتعالى على سائر خلقه بفضائل كثيرة، منها:
ما رواه مسلم عن جابر بن عبدالله أن النبي -صلىاللهعليهوسلم-قال: ((أُعطيتُ خمسًا لم يُعطَهنَّ أحدٌ قبلينُصِرتُ بالرُّعب مسيرة شهر، وجُعلِت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجلمن أمتي أدركتْه الصلاة فليصلِّ، وأُحلَّت لي المغانم، ولم تحل لأحد قبلي،وأعطيتُ الشفاعة، وكان النبي يُبعَث إلى قومه خاصَّة، وبُعِثت إلى الناسعامة)) [18].

وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي أنهقال: قال رسولالله-صلىاللهعليهوسلم-: ((أنا أكثر الأنبياء تَبَعًايوم القيامة، وأنا أول مَن يقرَع باب الجنة))[19].

وفي أفراده من حديث أبي هريرة - رضياللهعنه - عن النبي - صلىاللهعليهوسلم-أنه قال: ((أنا سيد ولَد آدم يومالقيامة، وأول مَن ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفَّع))[20].

عبادته ومعيشته:
قالت عائشة - رضياللهعنها -: إن نبيالله-صلىاللهعليهوسلم-كان يقوم من الليل حتى تتفطَّر قدماه، فقالت عائشة: لمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفَراللهلك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟!

قال: ((أفلا أحب أكون عبدًا شكورًا))[21].

وقالت: وكان مَضجعه الذي ينامعليهفي الليل من أدم محشو ليفًا!!

وفي حديث ابن عمر - رضياللهعنه - قال: لقد رأيت رسولاللهيَظلُّ اليوم يلتوي ما يَجِد دَقَلاً [22]يملأ بطنَه[23].

ما ضرَّه من الدنيا ما فات، وهو سيدالأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفَّقنا لطاعته، وحشرناعلى كتابه وسُنَّته، آمين، آمين.
المصدر / الالوكه




التوقيع

_________________
 قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم 13352848165
Derraz Boujemaa
Derraz Boujemaa
مؤسس ستار ديس

تاريخ التسجيل : 20/08/2018
المساهمات : 5189
نقاط التميز : 9415
الجنس : ذكر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم

مُساهمة من طرف منصورة الأحد أكتوبر 06, 2019 1:41 am


كل الشكر والإمتنان
على روعة طرحك
وروعة ماقدمت لنا
من معلومات وإفادة
كتبها الله في ميزان حسناتك
وثبتك الاجر والثواب




التوقيع

_________________
 قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم 4c7135addaea2fc517978c2cd32a9b40
منصورة
منصورة
عضوية موثوقة

تاريخ التسجيل : 25/08/2018
المساهمات : 966
نقاط التميز : 1132
الجنس : انثى
العمر : 61
الأبراج : الدلو

http://www.manssora.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رد: قطوف من سيرته صلى الله عليه وسلم

مُساهمة من طرف ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ الخميس ديسمبر 05, 2019 10:06 pm


بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ

وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ

لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ

وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ

ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
ᴛʜᴇ ʀᴇᴅ ғʟᴏωᴇʀ
نجم ستارديس

تاريخ التسجيل : 29/08/2018
المساهمات : 3052
نقاط التميز : 5482
الجنس : انثى
العمر : 24
الأبراج : السرطان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع

لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان

سجل معنا الان

انضم الينا جروب تاج فعملية التسجيل سهله جدا ؟


تسجيل عضوية جديدة

سجل دخولك

لديك عضوية هنا ؟ سجل دخولك من هنا .


سجل دخولك

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى