المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ
المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ
التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح.
هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً واسعاً لنقد التاريخ وتحليله وتمييز أشخاصه وأحداثه، ولكنها في الوقت ذاته تؤكّد أن نقدنا هذا لا يصل إلى درجة إصدار الأحكام القطعية، لأن المعلومات التي نستند إليها لا يمكن أن تكتسب الموثوقية الكافية لإصدار الحكم، ذلك أننا نتعامل مع روايات ولا نتعامل مع أحداث ووقائع مشهودة، وهذه الروايات تخضع بكل تأكيد لمزاج الراوي وموقفه الديني أو السياسي ومدى استجابته للضغوط الخارجية، وها نحن اليوم نرى الأحداث المعاصرة بأم أعيننا ثم نقرأها بعد قليل بروايات مختلفة ومتناقضة، فكيف بالأحداث التي مرّت عليها القرون!
أذكّر هنا أن الحديث النبويّ الشريف -وهو المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم- قد تعرّض لحملة من عمليات الوضع والتدليس والخلط، بحيث إنه احتاج إلى جهود غير تقليدية لتمحيصه، وما زلنا إلى اليوم نختلف في صحة هذا الحديث أو ذاك، ونختلف كذلك في معناه ومغزاه، فكيف بالروايات التاريخية التي تعرضت لضغط كبير من التجاذبات والخلافات والتوجهات المتصارعة والمتشابكة، إضافة إلى حملات التشويه والتضليل وصناعة الخرافات والأكاذيب، التي تقوم بها جهات مشبوهة ومعادية لهذا الدين وأهله، ومن ذلك مثلاً خرافة كسر عمر بن الخطاب لضلع السيدة فاطمة، وبحضور زوجها علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين- وهي أكذوبة يقصد منها النيل من عليّ، كما يقصد بها النيل من عمر، ومن ثم النيل من ذلك الجيل كله، الذي هو قدوة كل الأجيال والمثل الأعلى لهم.
أقرأ مثلاً في صحيح البخاري شكوى أهل الكوفة من سعد بن أبي وقّاص، لأنه لا يحسن الصلاة! حتى قال فيه قائلهم: «لا يقسم بالسويّة، ولا يعدل في القضيّة»!، فإذا كان هؤلاء ثبت في الصحاح أنهم تجرؤوا على مثل سعد، مع أنه هو من أدخلهم في الإسلام، وهو أحد العشرة المبشّرين بالجنة، ومن السابقين السابقين، فكيف بهم إذا حدّثوك عن معاوية بن أبي سفيان أو عمرو بن العاص؟! مع ملاحظة أن الطعن فيهما إنما هو طعن في الخلفاء الراشدين وفي مبدأ الشورى نفسه، فمعاوية مثلاً لم يأتِ بانقلاب عسكري، ولا بمساعدة أو دعم من جهة خارجية، بل ولّاه الخلفاء الراشدون على الشام، وكذلك عمرو بن العاص الذي ولّاه الراشدون على مصر، وإذا كان الخلفاء الراشدون لا يتجاوزون الشورى فيقيناً أنهم قد عيّنوا هذين القائدين بمشورة بقية الصحابة، ثم إنه من المعروف والمؤكّد ولاء أهل الشام لمعاوية ومحبتهم له، وكذلك أهل مصر بالنسبة لعمرو، وهذا يعني أن ولايتهما منبثقة بالأساس من شرعية الخلفاء الراشدين أنفسهم، ومنسجمة كذلك مع إرادة الجماهير في الشام ومصر، ومن ثم كان الطعن في ولايتهما طعناً لازماً لمؤسسة الخلافة الراشدة ولمبدأ الشورى نفسه، أما إذا كان مستند الطاعنين ما حصل فيما بعد في مرحلة الفتنة، فهذا ينبغي أن يخضع لمعايير واضحة ومنضبطة، وللحديث بقية.
إسلام أون لاين
التاريخ بكل تأكيد لا تصنعه الملائكة، وإنما هو صناعة بشرية بأحداثه ومواقفه ورواياته وتدويناته وتحليلاته واستنتاجاته ومصادره، إلا ما ورد منه بآية قرآنية أو حديث صحيح.
هذه المقدمة -التي ينبغي ألا نختلف فيها- تفتح باباً واسعاً لنقد التاريخ وتحليله وتمييز أشخاصه وأحداثه، ولكنها في الوقت ذاته تؤكّد أن نقدنا هذا لا يصل إلى درجة إصدار الأحكام القطعية، لأن المعلومات التي نستند إليها لا يمكن أن تكتسب الموثوقية الكافية لإصدار الحكم، ذلك أننا نتعامل مع روايات ولا نتعامل مع أحداث ووقائع مشهودة، وهذه الروايات تخضع بكل تأكيد لمزاج الراوي وموقفه الديني أو السياسي ومدى استجابته للضغوط الخارجية، وها نحن اليوم نرى الأحداث المعاصرة بأم أعيننا ثم نقرأها بعد قليل بروايات مختلفة ومتناقضة، فكيف بالأحداث التي مرّت عليها القرون!
أذكّر هنا أن الحديث النبويّ الشريف -وهو المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم- قد تعرّض لحملة من عمليات الوضع والتدليس والخلط، بحيث إنه احتاج إلى جهود غير تقليدية لتمحيصه، وما زلنا إلى اليوم نختلف في صحة هذا الحديث أو ذاك، ونختلف كذلك في معناه ومغزاه، فكيف بالروايات التاريخية التي تعرضت لضغط كبير من التجاذبات والخلافات والتوجهات المتصارعة والمتشابكة، إضافة إلى حملات التشويه والتضليل وصناعة الخرافات والأكاذيب، التي تقوم بها جهات مشبوهة ومعادية لهذا الدين وأهله، ومن ذلك مثلاً خرافة كسر عمر بن الخطاب لضلع السيدة فاطمة، وبحضور زوجها علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين- وهي أكذوبة يقصد منها النيل من عليّ، كما يقصد بها النيل من عمر، ومن ثم النيل من ذلك الجيل كله، الذي هو قدوة كل الأجيال والمثل الأعلى لهم.
أقرأ مثلاً في صحيح البخاري شكوى أهل الكوفة من سعد بن أبي وقّاص، لأنه لا يحسن الصلاة! حتى قال فيه قائلهم: «لا يقسم بالسويّة، ولا يعدل في القضيّة»!، فإذا كان هؤلاء ثبت في الصحاح أنهم تجرؤوا على مثل سعد، مع أنه هو من أدخلهم في الإسلام، وهو أحد العشرة المبشّرين بالجنة، ومن السابقين السابقين، فكيف بهم إذا حدّثوك عن معاوية بن أبي سفيان أو عمرو بن العاص؟! مع ملاحظة أن الطعن فيهما إنما هو طعن في الخلفاء الراشدين وفي مبدأ الشورى نفسه، فمعاوية مثلاً لم يأتِ بانقلاب عسكري، ولا بمساعدة أو دعم من جهة خارجية، بل ولّاه الخلفاء الراشدون على الشام، وكذلك عمرو بن العاص الذي ولّاه الراشدون على مصر، وإذا كان الخلفاء الراشدون لا يتجاوزون الشورى فيقيناً أنهم قد عيّنوا هذين القائدين بمشورة بقية الصحابة، ثم إنه من المعروف والمؤكّد ولاء أهل الشام لمعاوية ومحبتهم له، وكذلك أهل مصر بالنسبة لعمرو، وهذا يعني أن ولايتهما منبثقة بالأساس من شرعية الخلفاء الراشدين أنفسهم، ومنسجمة كذلك مع إرادة الجماهير في الشام ومصر، ومن ثم كان الطعن في ولايتهما طعناً لازماً لمؤسسة الخلافة الراشدة ولمبدأ الشورى نفسه، أما إذا كان مستند الطاعنين ما حصل فيما بعد في مرحلة الفتنة، فهذا ينبغي أن يخضع لمعايير واضحة ومنضبطة، وللحديث بقية.
إسلام أون لاين
نجمة الكون- عضو ستارديس
- تاريخ التسجيل : 29/08/2018المساهمات : 1437نقاط التميز : 2154الجنس :العمر : 29الأبراج :
رد: المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ
كل الشكر لكـِ لهذا الموضوع
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى
New Post- مديرة ستار ديس
- تاريخ التسجيل : 24/08/2018المساهمات : 4133نقاط التميز : 6472الجنس :العمر : 24الأبراج :
رد: المعايير الناقصة والمغلوطة في محاكمة التاريخ
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق يا رب
وكل التوفيق يا رب
جون سينما- عضو نشيط
- تاريخ التسجيل : 07/09/2018المساهمات : 360نقاط التميز : 427العمر : 33الأبراج :
مواضيع مماثلة
» أسطورة نهاية التاريخ من منظور فلسفة التاريخ
» الصحافة الإلكترونية.. المعايير والضوابط
» قصص وعبر من التاريخ
» المستشفيات في التاريخ الإسلامي
» أوائل في التاريخ الإسلاميات و المسلمين
» الصحافة الإلكترونية.. المعايير والضوابط
» قصص وعبر من التاريخ
» المستشفيات في التاريخ الإسلامي
» أوائل في التاريخ الإسلاميات و المسلمين
سجل دخولك لتستطيع الرد بالموضوع
لابد تكون لديك عضوية لتستطيع الرد سجل الان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى